الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

فرشاة رسامي الكاريكاتير تواجة سلاح البطش الإسرائيلي

الثلاثاء 07/نوفمبر/2023 - 09:54 م
صورة ارشيفية غزة
صورة ارشيفية غزة

دائماً ما كان لرسوم الكاريكاتير تأثير كبير في ما يتعلق بالأحداث السياسية الكبرى، فعلى مدار السنوات كانت واحدة من الوسائل التي يعرف من طريقها التوجه العام أو الفكر السائد بشكل بسيط غالباً عابر للثقافات واللغات ويصل إلى الناس في كل مكان، وبعض هذه الرسوم الكاريكاتيرية، حققت انتشاراً كبيراً في العالم كله لسهولة تداولها أخيراً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

 

فرشاة رسامي الكاريكاتير تواجة سلاح البطش الإسرائيلي 

 


ومع اندلاع الأحداث الأخيرة في فلسطين، عبرت رسوم الكاريكاتير في العالم كله عن رؤى وأفكار مختلفة لرساميها المتابعين للحدث، الذين حاولوا التعبير عن لمحات منه بفرشاتهم في رسوم مختلفة لا تقل في تأثيرها عن التحليلات والمقالات المطولة بل ربما تزيد باعتبارها تخاطب المشاعر والوجدان بصورة أكبر.

 

 

ولا يخفى على أحد، أن كثيراً من الصحف ترفض نشر رسوم معينة باعتبارها لا تتوافق مع التوجه العام الذي تسعى إلى تبنيه وتوجيه الجمهور إليه، فتواكباً مع الأحداث الأخيرة فصلت صحيفة "الجارديان" رسام الكاريكاتير البريطاني ستيف بيل بعد عمله معها لمدة 40 عاماً على إثر رسم كاريكاتير اعتبرته معادياً للسامية.

 

كان ذلك متعلقاً برسم كاريكاتيري يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرتدي قفازات الملاكمة ويضع خطوطاً على حدود قطاع غزة مع عبارة "يا سكان غزة أخرجوا الآن"، في دلالة عما يحدث من الرغبة في تهجير السكان من منازلهم.

 

 

ووفق تصريحين لبيل فإن نقاداً بالصحيفة اعتبروا أن العمل يشير إلى "شايلوك" المرابي اليهودي في المسرحية الشهيرة لويليام شكسبير الذي كان يطالب برطل من لحم الشخص الذي عجز عن تسديد الدين له، إلا أن الرسام أوضح أن العمل مستوحى من رسم كاريكاتيري للفنان ديفيد ليفين في الستينيات حين رسم الرئيس الأميركي ليندون جونسون وعلى جذعه أثر جرح على شكل فيتنام في وقت الحرب التي اندلعت هناك.

 

 

رسوم كاريكاتير من قلب غزة

 

 

من قلب مدينة غزة ومن بؤرة الأحداث لم تتوقف ريشة فنان الكاريكاتير الفلسطيني هشام شمالي عن الرسم فهو لا يرسم عن أحداث يسمع عنها أو يشاهدها على وسائل الإعلام المختلفة ولكنه يعايش التجربة فعلياً ويمر بتجارب القصف والنزوح والترقب.

 

على رغم صعوبة الاتصالات وضعف خدمة الإنترنت، تحدث شمالي عبر صفحته علي الفيس بوك قائلاً، "كرسام كاريكاتير فلسطيني من مدينة غزة ومن وحي المعاناة التي يعيشها أبناء شعبي ومن الآم يعانوها أحاول التعبير عن الحرب وأثرها السلبي باعتبار أن الخاسر الوحيد هم المدنيون الأبرياء ضحايا ويلات تلك الحرب، لذلك أحاول التركيز على الجانب الإنساني وما يتعلق بحقوق الإنسان المنتهكة وأحاول التعبير عنها برسومات كاريكاتيرية بسيطة لتوصيل الرسالة للمشاهد أو القارئ من خلال نشرها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وبعض القنوات الإخبارية العربية".

 

 

عشرات من رسوم الكاريكاتير نشرتها صحف عالمية لتعبر عن الأزمة بتوجهات مختلفة  ​​​​​​​
 

 

ويضيف "كل فنان له أسلوبه الخاص في التعبير عن الحرب ومعاناتها وله طريقته الخاصة في إخراجها من خلال الريشة أو الرسم الكاريكاتيري، وأحاول الاجتهاد للتعبير عن الحرب من خلال ريشتي المتواضعة بحيث أسعى أن تكون مؤثرة وتلامس الجانب الإنساني للمشاهد والعامة وتترك أثراً إيجابياً على رغم قساوة المشهد على ارض الواقع".

 

 

أهم رسوم الكاريكاتير عالمياً

 

عشرات من رسوم الكاريكاتير نشرتها الصحف العالمية الكبرى لتعبر عن الأزمة بتوجهات مختلفة، فنشرت صحيفة "واشنطن بوست" لرسام الكاريكاتير مايكل دي أدير رسوماً كاريكاتيرية عدة، صورت واحدة منها دبابة إسرائيلية محمولة على هرم من أوراق اللعب يمثل الدعم العالمي لتل أبيب، في حين جاءت عبارة على لسان الجندي قائد الدبابة بأنه لن يدوم للأبد.

 

 

ونشرت الصحيفة نفسها أيضاً لفنان الكاريكاتير نفسه رسماً آخر يصور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يطالع أخبار الأحداث بفلسطين في واحدة من الصحف، مستنكراً الأعداد الكبيرة من القتلى وكم الأرواح التي أزهقت وهو جالس في أوكرانيا على تل من جثث الأوكرانيين الذي قضوا في القصف الروسي عليها.

 

وفي كندا كان للرئيس الروسي أيضاً حضور في رسوم الكاريكاتير، إذ نشرت صحيفة "تورنتو ستار" لرسام الكاريكاتير ثيو موداكيس رسماً يصور الحرب بين إسرائيل و"حماس" كوحش كاسر يتهمه بوتين بأنه سرق منه أشياءه ويوحي بأنه سرق الاهتمام بالحرب في أوكرانيا.

 

 

بايدن ونتنياهو أبطال الكاريكاتير

اعتمد كثير من رسامي الكاريكاتير على كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتبارهما في مقدمة الأطراف الرئيسة في الأزمة، فظهرت العلاقة بينهما في كثير من الرسوم التي نشرتها الصحافة العالمية تجسيداً للدعم الكامل الذي يعطيه بايدن لإسرائيل للاستمرار في ضرباتها على قطاع غزة.

 

 

 

لم يسلم بايدن من رسومات الكاريكاتير في الصحف الأمريكية منذ أزمة غزة ونشرت صحيفة "إيكونوميست" رسوماً كاريكاتير عدة مرتبطة بالأحداث، من بينها رسم للفنان كيفين كالوجير صور بايدن برأسين أحدهما يوبخ نتنياهو على ما يحدث في غزة والآخر سعيد بأفعاله وداعم لها ويحمل عبارة إلى "الأمام يا إسرائيل"، ثم رسم آخر يعبر عن مجمل الأزمات والكوارث التي يعانيها الكوكب حالياً بتصوير الأرض وهي تقاوم جداراً على وشك الانهيار عليه يدفعه من الخلف أزمات متعددة من بينها الحروب والأوبئة وتغير المناخ.

 

 


توجهات مختلفة للكاريكاتير

 

 

توجهات مختلفة لرسوم الكاريكاتير المنشورة في العالم كله تحكمها معايير واعتبارات مختلفة تختلف من دولة لأخرى، وعنها يقول فنان الكاريكاتير المصري فوزي مرسي "تناولت رسوم الكاريكاتير الأزمة الفلسطينية الأخيرة من جوانب مختلفة، ونشرت الصحف العالمية رسوماً تتفق مع توجه الدولة أو توجه الصحيفة ومن يمولها فجاء كثير من الرسوم خصوصاً في أمريكا ودول أوروبا منحازة تماماً لإسرائيل ووجهة نظرها في الأحداث ومتجاهلة تماماً لكم الدمار والقتل والمجازر التي ارتكبت في حق الفلسطينيين".

 

ويرى مرسي أنه "بينما قدم الفنانون والصحافة في دول أخرى في مناطق مثل أمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا رسوماً داعمة للفلسطينيين ومستنكرة ما يحدث من إسرائيل، وللأسف فإن سيطرة اليهود على الإعلام الأمريكي تؤدي إلى نقل الصورة بشكل مغلوط وتؤدي إلى حجب كثير من الحقائق عن الناس".

 

 

ويمضي في حديثه، "تناولت رسوم الكاريكاتير مواضيع متعددة على رأسها التحيز الإعلامي والتعتيم على الحقيقة واستهداف الصحافيين والإعلاميين والتضييق على كل ما يخص القضية الفلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثير من الرسوم عكست الدعم المطلق لإسرائيل من أمريكا، وهناك جانب من فناني الكاريكاتير سواء عرب أو عالميين عملوا على تصوير المجازر ومعاناة الأطفال والجانب الإنساني للوضع في غزة".

 

 

أعمال الفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي 

 

كثير من فناني الكاريكاتير العالميين حرصوا على نشر أعمال لهم مرتبطة بالأحداث الفلسطينية الأخيرة، ومن بينهم رسام الكاريكاتير المكسيكي أنطونيو رودريجيز، ونشر رسماً يصور غزة كمهد لطفل رضيع تضع إسرائيل فوقه لعبة يتدلى منها صواريخ، حقق هذا الكاريكاتير انتشاراً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة أساسية في الصراع.

 

 

واعتمد الفنان الأمريكي روب روغرز فكرة مفادها بأن المدنيين من الطرفيين هم من يدفع الثمن في مثل هذا الصراع، ورسم كاريكاتير لأسرة فلسطينية تحمل لافتة أنهم ليسوا "حماس" وأمامها على الجانب الآخر من الطريق أسرة إسرائيلية تحمل لافتة بأنهم لا يؤيدون نتنياهو.

 

 

ازدواجية المعايير وتحيز الإعلام

 

فنان الكاريكاتير البرازيلي كارلوس لاتوف كان من أكثر الفنانين الذين تفاعلوا مع الأزمة الفلسطينية الأخيرة ونشر أعمالاً عدة مرتبطة بالحدث على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، حمل كثير منها أفكاراً تعكس ازدواجية المعايير في تعامل الإعلام العالمي مع الأزمة بتجاهل نقل الحقيقة، ومن بينها رسم يصور سيدة فلسطينية تحمل طفلاً وتجري من الانهيارات والقصف المتلاحق على عزة، فيما تدير كاميرات الإعلام العالمي وجهها إلى الجانب الآخر منها.

 

 

وتصور الفكرة ذاتها في رسم آخر، إذ تطلق كاميرات الإعلام العالمي القذائف إلى غزة مع الدبابات الإسرائيلية.

 

 

وصور لاتوف في كاريكاتير آخر الكرة الأرضية وكأنها شخص له أذن تقوم الدعاية الإسرائيلية بملئها بالأكاذيب في حين يدوس الجندي الإسرائيلي على طفل يصرخ ولا يصل صوته وفي عمل آخر عكس العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة فصور جنود إسرائيل وكأنهم لعبة يحشوها دافعو الضرائب في أميركا بالأموال حتى تستمر في إطلاق النار على غزة.

 

 

انتشار رغم التضييق

 

كثير من رسوم الكاريكاتير المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي حققت انتشاراً كبيراً وجرى تداولها على رغم كل ما يحدث من تضييق على هذا النوع من المحتوى حالياً.

 

رسوم كاريكاتيرية 

وهنا يقول فنان الكاريكاتير المصري فوزي مرسي فوزي أنه "على رغم كل التضييق الذي يمارس من وسائل الإعلام العالمية على نقل الحقيقة، إضافة إلى ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي من حظر للحسابات الداعمة للقضية ومن بينها حسابي الذي حظر لفترة، فإن هناك كثيراً من رسوم الكاريكاتير حققت انتشاراً ملحوظاً عالمياً، بخاصة الرسوم التي لا يصاحبها تعليق فهي تتجاوز حدود اللغة وتصل بفكرتها إلى الناس في العالم كله بسهولة بعكس المقالات والتحليلات المكتوبة.

 

 

 

الصحافة الإسرائيلية

 

الصحافة الإسرائيلية ذاتها تفاعلت مع الأحداث بكثير من رسوم الكاريكاتير، فنشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" كاريكاتيراً يصور نتنياهو وهو يفر من صاروخ كتب عليه كلمة المسؤولية إلى مكان محصن، في إشارة إلى أن الإسرائيليين يحملونه مسؤولية ما حدث وإلى أن هناك حالاً كبيرة من الغضب الشعبي على رئيس الوزراء في الداخل.

 

 

وأخيراً نشرت جريدة "هآرتس" كاريكاتيراً يعكس التأخير والمماطلة في العملية البرية التي أعلنها رئيس الوزراء، إذ يجلس الجنود أمام واحدة من الدبابات الإسرائيلية قائلين إنهم سيعرفون عن بدء الاجتياح البري لغزة من قنوات التلفزيون.