جويتريش: العالم يحتاج إلى قادة الأديان للتوعية بأخطار المناخ وإلهامهم بنتائج COP28
شَهِدَت العاصمة الإماراتيَّة أبوظبي انعقاد فعاليات توقيع "النداء العالمي لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ"، وذلك الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، والدكتور سلطان الجابر، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر ممثلًا عن فضيلة شيخ الأزهر، والكاردينال بيترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، ممثلًا عن قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وأنطونيو غويتريش، الأمين العام لمنظَّمة الأمم المتحدة الذي شارك بكلمة مسجلةعبرتقنية الفيديو، والمستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إلى جانب عددٍ من قادة ورموز الأديان والأكاديميين والسكَّان الأصليين وخبراء البيئة حول العالم.
جويتريش: العالم يحتاج إلى قادة الأديان للتوعية بأخطار المناخ وإلهامهم بنتائج COP28
وخلال الجلسة الافتتاحية للقمة، قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش الإماراتي: إنَّ التزام قادة الأديان الواضح بحماية كوكب الأرض يلهمني ويملأني بالأمل والثقة، مشيرًا إلى أن COP28 سيجمع العالم من أجل تحقيق هدف مشترك وهو الحَدُّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من مستوياتها ما قبل الثورة الصناعية، والإسهام في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، مؤكدًا أن جميعنا نتشارك الواجب المقدس بحماية كوكب الأرض وقاطنيه لذلك تشكل القمة اليوم مثالًا على العمل الدوؤب الذي نحن مدعوون للقيام به، ووجَّه خطابه إلى الحضور من القادة الدينيين، قائلًا: "أنتم قادة العالم الديني ونأمُلُ أن تكون لمبادراتكم وحواراتكم اليوم دورًا بارزًا لمواجهة تحديات المناخ وحماية كوكبنا".
ولفت إلى أنَّ استضافة دولة الإمارات لـ COP28، تتَّسقُ مع رؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، الراعي الكريم لهذه القمة، تسعى دولة الإمارات بكل جِدٍّ ومثابرة لتكون النموذج العالمي نحو مستقبل مستدام، مشيدًا بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، ورئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لإرسال نداء من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العالم، من أجل مناصرة الأمل والسلام والعناية بالأرض وسكانها.
ودعا النداء، الذي وقَّعَ عليه ٢٨ من القادة والرموز الذين يمثِّلُون ١٨ ديانة وطائفة ومذهبًا دينيًّا حول العالم، المسئولينَ وقادةَ الحكومات إلى الاستجابة العاجلة من خلال التتبع السريع لتحولات الطاقة لضمان العدالة والإنصاف والامتثال للقيم الأخلاقية، وحث رجال الأعمال وصنَّاع السياسات على تبني تحولٍ سريع وعادل إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتشجيع الاستثمار فيها.
وأكَّد قادة ورموز الأديان في ندائهم التاريخي من أجل المناخ دعمهم لـ"جناح الأديان" في COP28 ، الذي ينظِّمُه مجلس حكماء المسلمين ورئاسة COP28 وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والكنيسة الكاثوليكية ووزارة التسامح والتعايش، وذلك للمرة الأولى في تاريخ مؤتمر الأطراف، والتشجيع على مواصلة الاجتماع في مؤتمرات الأطراف المستقبليَّة لإرسال رسالة أمل ودعوة إلى العمل، ودعم تطوير الخطاب البيئي القائم على الإيمان.
وناشد قادة الأديان ورموزها القادةَ صنَّاعَ القرار المجتمعين في مؤتمر الأطراف COP28 بضرورةِ العمل على اغتنام هذه اللحظة الحاسمة والتحرك بشكلٍ عاجلٍ، وتكوين نسيجٍ محكمٍ من العمل المشترك والمسؤولية العميقة، وبث الشعور بالأمل في نفوس الأجيال القادمة، وتعزيز الجهود المشتركة للشروع في هذه المسيرة نحو مستقبلٍ يتَّسم بالصمود والوئام والازدهار لكافة صور الحياة على كوكب الأرض.
كما شَهِدَ الشيخ نهيان مراسم التوقيع على "النداء العالمي لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ"، التي أُقِيمَت في الجلسة المسائيَّة لفعاليات اليوم الأول من القمة؛ حيث قام أبرز القادة والرموز الدينيين المشاركين بزراعة "شجرة الغاف" التي تمثِّل رمزًا لمكافحة التصحُّر وتقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، وهي أيضًا مرتبطة بالموروث الشعبي والبيئي والحضاري لدولة الإمارات، ثم قام قادة الأديان ورموزها بالتَّوقيع على النداء، وتسليمه إلى معالي الدكتور سلطان الجابر، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28 وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدِّمة بدولة الإمارات، ليسلمَه بدوره إلى قادة العالم الذين سيجتمعون في مؤتمر الأطراف COP28، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتَّحدة في الفترة من ٣٠ نوفمبر : ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣ .
عَقِبَ ذلك ألقى الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مؤتمر الأطرافCOP28، كلمةً أكَّد فيها أنه وفقًا لرؤية القيادة وتوجيهاتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحرص رئاسة مؤتمر الأطراف COP28، على تطبيق مبدأ احتواء الجميع وتوحيد الجهود والتعاون من أجل تحقيق التقدُّم المنشود في العمل المناخي العالمي، مشيرًا إلى أن البيان الذي وقَّعَ عليه رموز وقادة الأديان وجمع الأديان المتباينة يمثل إعلانًا للوحدة والتماسك والمسؤولية، والإيمان المطلق بأهمية دور الأديان ورموزها في حماية عالمنا الضعيف والهش.
وأكَّد دعم رئاسة COP28 للدعوة التي وجَّهها قادة ورموز الأديان العالميون للتكاتف وتوحيد الجهود وتفعيل المشاركة في العمل المناخي حرصًا على بناء مستقبل أفضل للبشريَّة في كل مكان، ووصف "بيان أبوظبي المشترك للأديان بشأن COP28" بأنَّه إعلان نوايا مهمٌّ يؤكِّد الحاجة الملحة إلى العمل والاتحاد والتكاتف، والأخذ بزمام المسؤولية والتحلي بالأمل، مشيدًا بقادة الأديان والمعتقدات الحاضرين الذين يجمعون الأديان حول رسالة واحدة للبشرية بأكملها، ويتولون مسؤولية رعاية معتقدات ودعم تطلعات الغالبيَّة العظمى من البشر، ويساهمون في إعلاء أصوات وآراء العديد من المجتمعات الهشة، موضحًا أن هذه القمة تؤكِّد قدرة البشرية على الاتحاد حول العمل المناخي برغم الانقسامات العالمية متعددة الأسباب، والجمع بين مختلف الأديان والمعتقدات لتوحيد الجهود وراء هدفٍ مشتركٍ، وتؤكد أيضًا أهمية دورهم في تحفيز البشر على حماية الطبيعة وكوكب الأرض من التهديداتِ المناخية.
وقال أنطونيو غويتريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في كلمة عبر تقنية الفيديو، إنَّ اجتماع قادة الأديان هنا اليوم يتزامن مع لحظة مهمة وحاسمة، وهي انطلاق فعاليات مؤتمر الأطراف COP28، الذي يشهد أول تقييم عالمي منذ اتفاق باريس، مشيرًا إلى أن المجتمعات بحاجة إلى إنجاز عمل ملموس لخفض درجات حرارة كوكب الأرض، والانتقال إلى حلول الطاقة المتجددة، وتحقيق العدالة المناخية، مؤكدًا حاجة العالم إلى قادة الأديان وأصواتهم الأخلاقيَّة للتوعية بأخطار المناخ، وإلهام القادة بما يجب أن يتوصل إليه COP28 من نتائج ومخرجات.
ودعا الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف في كلمةٍ ألقاها نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى أنَّه يجب علينا اتخاذ إجراءات حاسمة تُسهِمُ في التأثير على صنَّاع القرار العالمي لتعزيز العدالة المناخية وحماية البيئة، موضحًا أن انعقاد القمة العالمية لقادة الأديان من أجل المناخ هي خطوة تاريخية بالنسبة إلى العالم، مشيدًا بتنظيم مجلس حكماء المسلمين، ورئاسة مؤتمر الأطراف COP28 للقمة وجناح الأديان، ومُعربًا عن أمله أن يكون هناك تعاون أكبر بين كافة الأطراف والمعنيين، بما في ذلك صوت الأديان لإيجاد حلول عملية وفعَّالة تسهم في التخفيف من آثار التغير المناخيَّة.
و أكَّد الكاردينال بيتر بارولين، أمين سر حاضرة الفاتيكان، في كلمةٍ ألقاها نيابةً عن قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسية الكاثوليكية، أنَّ أزمة المناخ، ذات الجذور الأخلاقية العميقة، هي مثال واضح على "فشل الضمير والمسؤولية"، الذي لا يمكن قبوله الآن؛ لأنَّ تداعيات تغير المناخ تُلقِي بظلالها على الجميع وخاصة الشعوب الضعيفة، مشيرًا إلى أن المواجهة الفاعلة لأزمة المناخ تتطلَّب مشاركة الجميع وتعاونهم، مؤكدًا الحاجة الملحَّة لتطوير منظومة عمل تقدم استجابة جماعية حاسمة تهدف إلى العمل البنَّاء وحماية كوكب الأرض بيتنا المشترك.
في حين أشار قداسة البطريرك باثولوميوس الأول، البطريرك المسكوني ورئيس أساقفة القسطنطينية، إلى أنَّ العالم لا يزال غارقًا في تحديات أزمة المناخ، لكنَّ التعاون الدائم يمهِّد الطريق نحو إجراء التغيير الجذري المطلوب؛ حيث تصطفُّ مجموعات متنوعة لحماية الحضارة وصحة الكوكب بشكل غير مسبوق، موضحًا أن استدامة التعاون بين مختلف الأديان والشركاء في العلم والمجتمع، تتطلب وضع آلية مستمرة للتفكير والدعوة والعمل المشترك بشأن التَّحديات المرتبطة بالعدالة والاستدامة والتنمية البشرية، وترجمة النوايا القويَّة إلى أفعالٍ مؤثرة وهادفة؛ إذ يهدف هذا المسعى في النهاية إلى خَلْقِ مجتمع يزدهر بالتَّناغم مع الأرض، التي هي مصدر الرزق لنا جميعًا.
من جانبه، أشاد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، في كلمته التي سبقت مراسم التوقيع، بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ودعم سموه للحِرَاك العالمي الخاص بمواجهة الأزمة المناخية، والسعي لأن تكون استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف بداية حقيقية لمرحلةٍ جديدةٍ وحاسمةٍ لتعزيز الجهود العالمية في مواجهة هذا التحدي الوجودي، مؤكدًا حرص مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على توحيد صوت قادة ورموز الأديان في مواجهة التحديات العالمية وفي مقدمتها أزمة المناخ انطلاقًا من تأثيرهم الديني والروحي على ملايين البشر حول العالم، مشيرًا إلى أنَّ توقيع قادة وزعماء الأديان على هذا النِّداء اليوم يؤكِّد وحدة الرموز الدينية في إبلاغ رسالتهم إلى العالم؛ كي يتحمَّلَ مسئولياته في مواجهة التغير المناخي.
وانطلقت صباح الاثنين في العاصمة الإماراتية أبوظبي فعاليات القمة العالمية لقادة وزعماء الأديان التي ينظِّمها مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والكنيسة الكاثوليكيَّة ووزارة التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة عددٍ كبيرٍ من قادة ورموز الأديان والأكاديميين وخبراء البيئة، بحضور ممثلين عن السكان الأصليين والشباب والمرأة؛ وذلك بهدف بلورة رؤيةٍ مشتركةٍ لقادة الأديان وزعمائها نحو قضية التغير المناخي.
وقد تضمَّنت فعاليات القمة أيضًا عقد جلستين تحت عنوان "العلم والدين والمناخ" و"الإيمان ومستقبل كوكب الأرض"، فيما يشهدُ اليوم الثاني من القمة عقد خمس جلسات نقاشية هدفت إلى إلقاء الضوء على ما تضمنه البيان العالمي لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ، وآليات تنفيذه، وذلك بعنوان "مجلس صنَّاع التغيير: الإيمان والعلم .. ربط القلب بالعقل"، و"نحو نهج متكامل"، "القيادة النِّسائية عبر الأديان"، و"قادة الأديان الشباب"، و"نحو عمل موحَّد".