باحث أمريكي: قرار بمجلس الشيوخ ينذر بانتشار نووي في الشرق الأوسط
" إن محاولات الكونجرس الأمريكي لمعاقبة السعودية قد تجعلها أقرب إلى التسلح النووي، بما ينطوي علي ذلك من عواقب كارثية".
كان ذلك تعليق الدكتور إريك بوردنكيرشر، وهو زميل باحث في مركز تنمية الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا على قرار مجلس الشيوخ رقم 109 ، الذي صاغه السيناتور الديمقراطي كريس مورفي وشارك في رعايته أعضاء مجلس الشيوخ بيرني ساندرز وإليزابيث وارن وديك دوربين ومايك لي.
وقال بوردنكيرشر في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إن هذا القرار بحاجة إلى أن يتم سحبه بشكل دائم، مشيرا إلى أنه يمثل أحدث محاولة في الكونجرس لإصلاح العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإنهاء التدخل الأمريكي في اليمن. ومع ذلك، فإن إعادة التعبئة المستمرة لكيفية إصلاح العلاقات وإنهاء المشاركة هي مسعى لا طائل من ورائه ينذر بمبادرة كارثية أخرى للسياسة الخارجية للكونجرس في الشرق الأوسط.
وعند اعتماده، يطلب القرار معلومات عن ممارسات السعودية في مجال حقوق الإنسان من وزير الخارجية. وإذا أظهرت المعلومات المطلوبة أن المملكة تنتهك حقوق الإنسان، يجب على الولايات المتحدة رفض المساعدات الأمنية. ويستلزم رفض المساعدة الأمنية إنهاء المساعدة الأمريكية للتدخل الذي تقوده السعودية في اليمن.
ويقول بوردنكيرشر إن أعضاء مجلس الشيوخ مورفي وساندرز ووارن ودوربين ولي لا يستطيعون تقدير الوضع الكامل في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن هوسهم بمعاقبة السعودية وتصحيح قضية ثانوية في السياسة الخارجية (دعم الولايات المتحدة للتدخل السعودي في اليمن) يعميهم عن مخاوف وأهداف السياسة الخارجية الأمريكية الأكبر والأكثر إلحاحا.
وأوضح أن إنهاء الدعم الأمريكي للتدخل الذي تقوده السعودية في اليمن يزيد من احتمال "سيناريوهات يوم القيامة"، لافتا إلى أن انتشار القدرات النووية في الشرق الأوسط يهدد أمن الولايات المتحدة، ويقوض المصالح الأمريكية، ويزعزع استقرار المنطقة، ويضع الاقتصاد الدولي على حافة الخراب.
وتعود العلاقة بين دعم المملكة في اليمن وانتشار القدرات النووية إلى عام 2015 عندما كان الرئيس الأسبق باراك أوباما في المراحل النهائية من التفاوض على خطة العمل المشتركة، والمعروفة أكثر باسم الاتفاق النووي الإيراني.
وأدت محاولة إدارة أوباما التوصل إلى تسوية بشأن طموحات إيران النووية إلى زيادة المخاوف من التخلي وزيادة الشعور بالتعرض للخطر في الرياض. ورأت المملكة العربية السعودية في خطة العمل الشاملة المشتركة تقاربا فعليا بين إيران والولايات المتحدة، وبالتالي خيانة حليف عمره ثمانية وسبعين عاما. ويتساءل بوردنكيرشر لماذا؟ ويقول إن السعودية تعتقد أن النظام الإسلامي في إيران يشكل تهديدا وجوديا للمملكة وقوة إقليمية مزعزعة للاستقرار. وتعد الإيديولوجية الثورية للنظام الإيراني وسعيه للحصول على قدرات نووية وعود بهذا الخطر. إن دعم الميليشيات التي تزعزع استقرار المنطقة هو مظاهره.
و في الأشهر التي سبقت توقيع الاتفاق النووي، هددت السعودية ودول عربية أخرى بمضاهاة قدرات التخصيب النووي التي توفرها الصفقة المقترحة لإيران. ولتأمين الاتفاق النووي مع الحيلولة دون انتشار القدرات النووية وتهدئة مخاوف السعودية، التزم الرئيس الأسبق أوباما بمواصلة دعم السعودية والدفاع عنها. ووفقا لأوباما، فإن "الحماية التي نقدمها كشريك (لدول الخليج) هي رادع أكبر بكثير يمكن أن يأملوا في تحقيقه من خلال تطوير مخزونهم النووي الخاص".
ويرى بوردنكيرشر أن المشاركة الأمريكية المحدودة في التدخل الذي تقوده السعودية في الحرب الأهلية اليمنية هي أحد جوانب هذا الالتزام بحماية المملكة. وتعتقد السعودية أن تدخلها أمر بالغ الأهمية لإحباط التهديد الإيراني على حدودها الجنوبية. ويسعى الحوثيون، وهم ميليشيا تمولها إيران وتلهمها، إلى تأكيد سلطتهم في اليمن. وتستمر الضربات الدورية بالطائرات المسيرة والصواريخ على السعودية من قبل الحوثيين في تحقيق صحة مخاوف المملكة ومبرراتها لاستخدام القوة العسكرية لسحق الميليشيا.
وتظهر الديناميكيات الجيوسياسية في الخليج أن تمرير القرار 109 من شأنه أن يولد تداعيات كبيرة.
إن سحب التزام الولايات المتحدة بالحماية في اليمن يزرع المزيد من انعدام الثقة في المملكة. ويتساءل بوردنكيرشر هل تأخذ الولايات المتحدة الأمن السعودي على محمل الجد؟ إذا تراجعت واشنطن عن كلمتها فيما يتعلق باليمن، فهل ستبقيها في مسائل أخرى تعتبرها الرياض حاسمة لأمنها؟
ويوضح أنه إذا تضاءل التزام أمريكا بأمن المملكة، فإن السعوديين سيسعون حتما إلى اتخاذ تدابير بديلة لحماية أنفسهم. أحد الاحتمالات هو السعي وراء القدرات النووية. وكما يتضح من بيان أوباما، تنظر المملكة إلى القدرات النووية كوسيلة لردع التهديد الإيراني.
إن سعي السعودية للحصول على قدرات نووية من شأنه أن يشعل سباقا نحو الانتشار النووي في الخليج. ومن شأن الإجراءات السعودية أن تحطم آمال أعضاء مجلس الشيوخ في إحياء الاتفاق النووي. ويمكن لدول عربية أخرى أن تحذو حذو السعودية وإيران. ويمكن أن يتبع تطوير الأسلحة النووية اكتساب القدرات النووية، وفقا لبوردنكيرشر.
ثم هناك إسرائيل. فلا يمكن لحكومة بنيامين نتنياهو أن تتسامح مع إيران نووية. وستضطر إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية. ماذا بعد ذلك؟ ربما حرب إقليمية.
وستمتد تداعيات تمرير القرار 109 إلى الأسواق العالمية. إن انتشار القدرات النووية في الخليج يضع الاقتصاد الدولي على وضع محفوف بالمخاطر بشكل متزايد. وتظل منطقة الخليج محورا للرفاهية الاقتصادية في العالم كمصدر مهم للنفط والغاز. إن عدم الوصول الموثوق به إلى احتياطيات النفط والغاز الهائلة في المنطقة سيكون أقل مخاوف الولايات المتحدة في حالة حدوث انتشار نووي.
ويخلص بوردنكيرشر إلى أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة. وقال إن قرار السيناتور مورفي ومحاولة الرعاة المشاركين لإصلاح العلاقات وتصحيح قضية ثانوية في السياسة الخارجية الأمريكية، هو قصير النظر. إنه في الواقع يزيد من تعقيد البيئة الجيوسياسية الصعبة. ومن شأن تمرير القرار أن يجعل المؤيدين متواطئين باعتبارهم نذيرا لشرق أوسط يعج بالانتشار النووي. ولذلك، يلزم سحب القرار 109 بشكل دائم.