الحب والموت في لندن (3)
الإثنين 28/ديسمبر/2020 - 06:59 م
اللقاء الأول بين علي فهمي، و"ماجي" كان في فندق سميراميس.
وفي مذكراتها بشأن زواجها من علي كامل فهمي -وهي المذكرات التي تسابقت الصحف على نشرها بعد محاكمتها- تقول مارجريت ليبير، وشهرتها ماجي ميلر، إنها كانت في القاهرة حين بدأ الرجل الذي سيصبح لاحقـًا زوجها، في التودد إليها.
حدث ذلك في أثناء سهرة كانت فيها الحسناء الفرنسية تجلس مع الخواجة والمصرفي اليهودي موصيري، وكانت بينه وبين علي كامل صلة بسيطة، تعمَّد الأخير أن يقويها في تلك الليلة.
بطبيعة الحال، تأثرت مارجريت بعبارات الغزل والإعجاب التي نالتها من الوجيه الشاب، "وقد أخذ غرام فهمي بك يقوى ويشتد، فرأيتُ أمامي حياةً كالحياة التي قرأت وصفها في كتاب "ألف ليلة وليلة" وسمعتُ كلامـًا ينم عن هيامٍ شديد ويدل على ما تستطيع مثل هذه الثروة الطائلة أن تكفله من السعادة".
قدَّمت مذكرات مارجريت صورة عن سخاء وبذخ زوجها؛ إذ كانت لديه ثلاثة هواتف في غرفته بالفندق، موضوعة بشكل معيّن بحيث توفر عليه مشقة التنقل في الغرفة.
وكان لديه قاربٌ سريع مزود بمحرك قوته 450 حصانـًا كان يندفع به على سطح نهر النيل بسرعةٍ مخيفة وخطيرة "وكان الخطر الذي ينشأ عن ذلك عظيمـًا، حيث الدهبيات التي تتعرض لتموجاتٍ تهتز منها فتصطدم بالشواطئ وتتكسر الأواني فيها، فيصعد الناس على ظهورها وينهالون على راكبي الزورق بالشتائم".
رأى علي فهمي "ماجي" أول مرة في القاهرة، وبعد ذلك في باريس، ودعاها الى القاهرة، عام 1922.
وبعد مراوغاتٍ من المرأة اللعوب التي تنقلت بين الأثرياء، وافقت على الزواج منه، وعُقِدَ الزواج المدني في 26 ديسمبر عام 1922، وفي 11 يناير 1923 أشهرت مارجريت إسلامها وحملت اسم والدة زوجها منيرة، وعقد زواج آخر ديني كان مهرها فيه ألفي جنيه مقدم وستة آلاف مؤخر.
وكما نُشِرَ في مجلة "اللطائف المصورة" عدد 23 يوليو عام 1923، فإن علي كامل فهمي أنفق 120 ألف جنيه في تأثيث القصر الذي بناه على النيل في الزمالك (مجمع الفنون الآن) عشية زواجه من مارجريت في فبراير بعد أن أسلمت وأطلقت على نفسها اسم "منيرة" هانم، وابتاع لها في باريس مجوهرات بمبلغ 200 ألف فرنك أمنَت عليها بمليون ومئتي ألف فرنك. ووصفت المجلة آنذاك صورة مارجريت بأنها "صورة الشيطان في جسم ملاك".
انتقلت «ماجي ميلر» أو «منيرة هانم» في موكب شبه ملكي من فندق سميراميس، بعد حفل الزفاف الأسطوري، إلى قصر الرخام الوردي، وعندما صعدت إلى غرفة نومها وجدت صورتها الفوتوغرافية على منضدة بجوار السرير داخل إطار من الذهب المطعم بالألماس والأحجار الكريمة، والحرفان الأوليان من اسمها قد حفرا بالماس على أدوات الزينة الخاصة بها، والتي كلها من الذهب الخالص، من المبارد الصغيرة حتى فرش الشعر وزجاجات العطور.
جلست على مقعدها بجوار سريرها غارقة في الجو الرومانسي الذي أحاط بها منذ لحظة الزفاف، في انتظار وصول «علي كامل فهمي» بعد أن يودع آخر المدعوين في حفل الزفاف، ثم فوجئت بدخوله عليها ليسحبها من ذراعها -بلا تمهيد- ليلقي بها على الفراش، فأدهشها أن الرجل الذي كان يقطر رقة وعذوبة في ليالي شهر العسل الأولى في باريس وإسبانيا قد انقلب وحشـًا حين دخلت مغارته، وأذهلها أنه كان يعاملها كعشيقة باحترام يليق بزوجة، فلما أصبحت زوجته عاملها في ليلة زفافهما الأولى، بفحش يليق بالبغايا.