بايدن يطيح بالمادة الأولي من الدستور الأمريكي.. الهجوم ضد اليمن يثير غضباً في الكونجرس.. نواب يعتبرون الخطوة “غير دستورية”.. والرئيس الأمريكي يزعم في سياق تبريره أنها "عمل دفاعي"
شنَّت الولايات المتحدة وبريطانيا سلسلة من الضربات الجوية على اليمن خلال الساعات الأولى من اليوم الجمعة ، فدقَّت هذه الخطوة أجراس الخطر في جميع أنحاء العالم، وأثارت مخاوف من أن تؤدي عواقب هذه الهجمات إلى تأجيج خطر الصراع الإقليمي المشتعل، وأعقب الأمر اعتراضات وتشكيكات من نواب في الكونغرس الأمريكي في حيازة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتخويل القانوني الذي يسمح له بتنفيذ مثل هذه الهجمات من دون موافقة الكونجرس قبلها، حسب ما نشره موقع The Intercept الأمريكي.
في غضون ذلك، فإن الضربات الأمريكية في اليمن تعني إشراك الولايات المتحدة إشراكاً مباشراً في حرب الاحتلال الإسرائيلي على فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله والحوثيين، وغيرها من الجماعات التي تدعمها إيران في المنطقة.
الرئيس الأمريكي جو بايدن
وزعم بايدن في سياق تبريره لهذه الضربات أنها "عمل دفاعي" -أي إنها تندرج في إطار السلطات الرئاسية الممنوحة له- وتعهَّد باتخاذ مزيد من الإجراءات لتأمين البحر الأحمر.
غضب في الكونجرس من خطوة بايدن
ومع ذلك، لم تكد تمضي بضع ساعات إلا وشكَّك نواب في الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في دستورية الهجوم الأمريكي. وقالت عايدة شافيز في موقع Just Foreign Policy، "إنه لأمر رائع أن نرى معارضة الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لهذا الأمر، ومعارضة من اليسار التقدمي واليمين الشعبوي في الوقت نفسه"، و"من المروع أن إدارة بايدن بدلاً من أن تعمل على وقف جرائم الحرب الإسرائيلية، اختارت أن تُلحق مزيداً من الضرر بسمعتِنا العالمية ونظامِنا الدستوري بالزحف نحو صراع آخر لا شرعية له، في اليمن".
فيما تصدَّر النواب الديمقراطيون التقدميون في الكونجرس تصريحات التشكيك في دستورية هجوم بايدن، لكن نواباً ديمقراطيين محسوبين على تيارات أكثر توسطاً، وطائفة من النواب الجمهوريين سرعان ما شرعوا في انتقاد الهجوم أيضاً.
نشرت رشيدة طليب، النائبة الديمقراطية عن ولاية ميتشغان، تغريدة على موقع إكس، قالت فيها: "خالف رئيس الولايات المتحدة المادة الأولى من الدستور بشنِّه غارات جوية في اليمن من دون موافقة الكونجرس، لقد سئم الشعب الأمريكي حالة الحرب التي لا تنتهي".
فيما قال النائب الديمقراطي رو خانا: "كان يتعيَّن على الرئيس أن يعرض الأمر على الكونجرس قبل أن يهاجم الحوثيين في اليمن ويشركنا في صراع آخر في الشرق الأوسط. هذا ما تنص عليه المادة الأولى من الدستور الأمريكي. وهذا ما سأطالب به، سواء أكان الرئيس في البيت الأبيض ديمقراطياً أم جمهورياً".
وأوضح رو خانا رأيه في تغريدة أخرى بالقول: إن"البند (2ج) من قانون صلاحيات الحرب في الدستور واضح المضمون: لا يجوز لرئيس الولايات المتحدة إدخال أمريكا في نزاع عسكري إلا بعد الحصول على موافقة الكونغرس، أو في حالة الطوارئ الوطنية التي يستدعيها تعرض الولايات المتحدة لخطر هجوم وشيك. ولا يكفي إبلاغ الكونغرس، إنها ضربة عسكرية انتقامية وهجومية".
النائبة الديمقراطية باربرا لي بدورها كتبت: "لهذا السبب دعوت إلى وقف مبكر لإطلاق النار. ولهذا السبب صوَّتُّ بعدم الموافقة على شنِّ الحرب في العراق"، "العنف لا يولد إلا مزيداً من العنف. علينا أن نوقف إطلاق النار الآن لئلا يتفاقم العنف إلى تصعيد مهلك وكارثي وباهظ الأثمان في المنطقة".
أبدى نواب جمهوريون تأييدهم لما قاله النائب الديمقراطي رو خانا، فقال السيناتور الجمهوري مايك لي : "أنا أتفق تماماً مع ما قاله رو خانا. ومن المهم أن تلتزم بالدستور، بصرف النظر عن الانتماء الحزبي".
وقال النائب الجمهوري توماس ماسي: "الكونغرس هو الجهة الوحيدة التي لديها سلطة إعلان الحرب"، و"ينبغي لي هنا أن أثني على النائب رو خانا لتمسُّكه بالمبادئ المتفق عليها، إذ قلما تجد أحداً يدلي بمثل هذه التصريحات ورئيسٌ من حزبه يتولى الرئاسة في البيت الأبيض".
فيما قالت النائبة الجمهورية اليمينية المتطرفة مارغوري تايلور جرين : "كان على الرئيس أن يأتي إلى الكونغرس للاستئذان قبل الذهاب إلى الحرب. لا يجوز لبايدن أن يقرر وحده قصف اليمن".
في المقابل، أعرب عدة نواب في الكونغرس عن تأييدهم الشديد للضربات الأمريكية في اليمن، لا سيما النواب الجمهوريين الذين طالبوا مراراً بمواجهة عسكرية أوسع نطاقاً لإيران وحلفائها.
ضربات جوية استهدفت الحوثيين في اليمن
وقال النائب الديمقراطي سيث مولتون ، إن الهجوم كان مبرراً: "هذه الضربات ضرورية، وتأتي في سياق الرد المتناسب، وليست خطوة تصعيدية". و"الرئيس بايدن له الحق في اتخاذ هذا التصرف، "إن هجمات الحوثيين تعرِّض الاقتصاد العالمي للخطر، وتزيد من خطر توسيع نطاق الحرب".
وقال النائب الجمهوري ماكس ميلر: "لقد طال انتظارنا للضربات الجوية الأمريكية على وكلاء إيران. على الولايات المتحدة أن ترد بقوة على مهاجمة الأمريكيين أو مصالحهم، لا سيما حرية الملاحة".