أحمد خُزَيِّم لـ"مصر تايمز": تعويم الجنيه لن يكون الأخير.. ماحدث منذ 10 سنوات لا يسمى إصلاحا اقتصاديًا.. حرب غزة ستؤثر على 3 دول.. وديون مصر الداخلية تخطت 7 تريليونات جنيه (حوار)
أكد المستشار الاقتصادى الدكتور أحمد خُزَيِّم، رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أن الأزمة الاقتصادية الحالية لن يتم حلها والخروج منها إلا بالتوجه إلى زيادة الناتج القومى واستغلال كافة الموارد والامكانات التى تمتكلها مصر، وتحدث "خُزَيِّم" في حوار لـ "مصر تايمز"، عن ما حدث منذ 10 سنوات بشأن الإصلاح الاقتصادي، ومدى التحكم في آلية التسعير للسلع، وإلى نص الحوار:
أحمد خزيم لـ"مصر تايمز": تعويم الجنيه لن يكون الأخير.. ماحدث منذ 10 سنوات لا يسمى إصلاحا اقتصاديًا.. حرب غزة ستؤثر على 3 دول.. وديون مصر الداخلية تخطت 7 تريليونات جنيه (حوار)
خلال الشهر الجارى حدث ارتفاع غير مسبوق فى كافة أسعار السلع.. هل هذا يعنى حدوث تعويم؟
التعويم قائم بالفعل، ما يحدث منذ 10 سنوات لا يسمى إصلاحا اقتصاديًا بل إصلاحا ماليا أو نقديا، الدولار فى البنك المركزي يقف منذ 10 أشهر عند 30.95 جنيهًا لا قيمة لهذا الرقم، هناك 5 أسعار للدولار فى مصر والحد الأدنى فى السوق الموازية اقترب من 60 جنيها، وفى مصر 60 % من المواد الغذائية يتم استيرادها من الخارج بالدولار، الحكومة ستذهب للتعويم ولن يكون الأخير، فمنذ 2016 حدث أول تعويم وتم بعده 4 تعويمات.
ماهى آليات التحكم فى ارتفاع الأسعار المبالغ فيه؟
التحكم فى الأسعار لا يأتى إلا من خلال زيادة الإنتاج، فى أى دولة العملة هي مخزن القيمة وبها ترتفع قيمة هذا المخزن مثل الانتاج الزراعى أو الصناعى وغيره، وهنا يأتى دور الحكومة وليس المواطن.
هل تتوقع تشكيل حكومة جديدة؟
القضية ليست فى الأسماء، هناك مدرستان الأولى المدرسة الإيرادية أو الجباية وهى مدرسة الحكومة الحالية والنتيجة ديون خارجية وداخلية فى سابقة هى الأولى فى مصر، أما المدرسة الثانية فهى تقوم على التنمية والقيمة المضافة تساعد على رفع الناتج القومى.
كيف تُقَيِّم أزمة الارتفاعات المبالغ فيها في تسعير الذهب؟
هناك قاعدة تقول إن ارتفاع الدولار يؤدى إلى انخفاض الذهب والعكس صحيح إلا فى مصر فإن ارتفاع الدولار يؤدى إلى ارتفاع الذهب.
كان من الطبيعى أن الفارق بين سعر الدولار الرسمى وفى السوق الموازية تبلغ نحو 10 جنيهات؛ وذلك نتيجة لانخفاض الطلب عليه من المصانع وهكذا، دخول الحكومة أيا من كان يمثلها فى الحصول على الدولار بكميات كبيرة أدى إلى ارتفاع الطلب عليه.
يتجه التجار فى السوق الموازى إلى الذهب للحفاظ على قيمة أموالهم، وبالتالى فإن القفزات السريعة فى أسعار الذهب هى نتيجة استخدام الجنية الذى تقدمه الحكومة فى السوق الموازى للحصول على الدولار.
"إس آند بي غلوبال" أعلنت أن هجمات البحر الأحمر تفاقم نقص العملة الأجنبية في مصر.. ما رأيك؟
هذا أمر طبيعى بعد 40 عامًا فى الاقتصاد الريعى منذ عهد مبارك كان هناك 3 مصادر رئيسة منها تحويلات المصريين فى الخارج والسياحة ودخل قناة السويس، وبالتالى فإن هجمات البحر الأحمر أثرت على دخل قناة السويس والسياحة، وأتوقع المزيد من المؤثرات فى الفترة المقبلة.
هل تزيد اضطرابات البحر الأحمر الوضع سوءًا لظروف التمويل فى مصر؟
بالطبع، قلنا هذا الكلام منذ عام فى تحويلات المصريين وفى بداية الأزمة أنها ستؤثر على مداخل قناة السويس وعلى سلاسل الامداد والشحن، شح الدولار سيزداد أزمة أكثر وبخاصة فى 3 سنوات التى من المفترض أن يتم فيها تسديد القروض القصيرة وطويلة الأجل.
"فيتش" قالت إن توسع حرب غزة يزيد من التحديات الاقتصادية أمام مصر والأردن .. ما تعليقك؟
حرب غزة ستؤثر على 3 دول وهى مصر ولبنان والأردن، إن كانت الحالة الاقتصادية قبل أحداث غزة مستعصية ما بالنا بعدها، لا أحد يعلم إلى أين ستصل
أعلنت الحكومة فى يونيو الماضى عن تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية والذى يشمل بيع 35 شركة تملكها الدولة لمستثمرين مصريين أو أجانب أو فى البورصة.. ماذا عن بيع هذه الأصول؟..وهل سيحل أزمة ديون مصر؟
هذا الأمر ليس بجديد، الحكومة بدأت منذ عامين فى تنفيذ برنامج الطروحات تحت عنوان "إعادة استخدام الأصول غير المستغلة"، وأنشأت صندوق مصر السيادي على أن يستهدف 40 مليار دولار 10 عن كل سنة لمدة 4 سنوات، كى تستقبل الأزمة الحالية ومواعيد سداد الديون والقروض منذ عام 2023 وحتى 2026، ولم يتحقق من هذا الأمر سوى 2 مليار دولار فقط فى المرحلة الأولى.
ما يحدث أمر خاطئ، إذ يتم إعادة تدوير للأفكار ذاتها والتى لم تحقق النتيجة المرجوة منها، مما يؤدى إلى تآكل الأصول وضياعها بلا فائدة، وعند الوقوف لما أعلنه وزير المالية محمد معيط أن الدولة قامت فى آخر عاميين ماليين بتسديد 52 مليار دولار من القروض، وفى الوقت ذاته البنك المركزى أفاد أن إجمالى القروض الخارجية والتى تقدر ب 164 مليار دولار لم ينقص منها دولار واحد، وهذا يعنى أنه يتم تسديد القروض بديون جديدة دون خصم من الايرادات الدولارية المصرية.
كم تبلغ حجم الديون الداخلية؟
حجم الديون الداخلية أراها بنفس خطورة حجم الديون الخارجية، إذ تخطت الـ7 تريليون جنيه، وتكمن خطورتها أن هذه الديون من مدخرات الشعب المصرى التى من المفترض أن تقوم البنوك بعملية التنمية بها وليس إقراض الحكومة فى صورة أذون الخزانة، ودليلى فى هذا أن التصنيفات الائتمانية لبنوك الحكومية المصرية وصلت فى مرحلة خطيرة نتيجة حجم الأصول فى الديون، حيث أن كمية الإقراض التى تتم عليه تضاعفت أكثر من مرة فى مقابل ديون حكومية لا تسدد.
أكبر مقترض من البنوك المصرية هى الحكومة المصرية،وبالتالى يتم تآكل المدخرات فى موازنة دائما بها عجز فى الانفاق وصل فى موازنة عام 2023 -2024 إلى 824 مليار جنية.
هل هذا يعنى أن المصريين سيعانون من التضخم بشكل أسوأ عن ذى قبل؟
بالطبع.. لأن التضخم صناعة قامت فى مصر بنسبة 70% من البنك المركزى نتيجة طباعة الجنية، منذ عام 2015 بشكل مبالغ فيه تجاوز 100 مليار جنيه مصرى، وهذا هو الأساس فى ضياع قيمة العملة وانخفاض قيمة الجنيه فى ظل غياب الغطاء من أى عملية إنتاجية أو تصديرية.
هناك توقعات بقيام البنك المركزى المصرى رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم ماتعليقك؟.. وفى حالة إذا ما تحققت هذه التوقعات ما النتائج المترتبة على ذلك؟
ما الجديد فى هذا! .. البنك المركزى هو مَنْ يدير السياسة المالية والنقدية وفقا للدستور والقانون، والسياسة المالية فى مصر توسعية فى حين أن السياسة النقدية انكماشية، حيث يضطر إلى اللجوء إلى رفع سعر الفائدة، منذ أول برنامج 3 نوفمبر 2016 زادت 100 نقطة أساس 10% على الفائدة ولم تؤدِ إلى انخفاض التضخم بل ارتفع وأيضا لم تُحسن من قيمة الجنيه.
هل تتوقع أن يرفع البنك المركزى متطلبات الاحتياط الإلزامى؟
نعم سيتطلب الأمر قيام البنك المركزى برفع متطلبات الاحتياط الإلزامى؛ لسبب بسيط جدا وهو أذون الخزانة، أن البنك المركزى يرفع هذه المتطلبات لدى البنوك التجارية فى الوقت الذى يضخ فيه نقود مطبوعة ثم يعيد تجميعها فى رفع فائدة ورفع الاحتياط الالزامى.
إدارة البنك المركزى هى السبب الرئيس فيما نحن فيه من كل هذه الظواهر، ارتفاع سعر الدولار لا يصل إلى هذا الحد فى أوقات قصيرة وبهذا الفارق إلا إذا كان هناك تدخلا من جهة البنك المركزى أو الحكومة أو وزارة المالية، هناك كمية طلب غير عادية للدولارات، والتى بدورها تؤدى إلى ارتفاع الأسعار.
هل هناك حلول جذرية في إنهاء أزمة الدولار بالتوازي مع اتفاق "صندوق النقد"؟
أزمة مصر فى شح الدولار ليس لها إلا حل واحد فقط، الذهاب إلى نادى باريس وإعادة جدولة الديون المصرية وذلك مع وجود برنامج لحكومة طوارئ اقتصادية تعلن عن محفزات تعمل على تنشيط الناتج القومى، وأيضا تنشيط الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب فتح المجال أمام القطاع الخاص، فضلا عن طرح مبادرات واعدة للسياحة، إضافة إلى إنشاء بنك يسمى بنك الأرض تابع لوزارة المالية يقوم بطرح قطع أراضى فى الصحراء الشرقية تساعد على رفع الانتاجية الزراعية، هذا بخلاف تنشيط السياحة ما بين الوادى والبحر الأحمر، خلاصة القول كل ما يحدث سيؤدى إلى آثار اجتماعية لا يمكن أن يتحملها المواطن المصرى.
هل مؤسسات التصنيف المالي تؤثر اقتصادياً على قرارات الاستثمار بالعالم أم أن هناك أمور سياسية ربما تتعلق بآرائها؟
الحالتين.. من المفترض أن هذه المؤسسات المالية تعلن تقاريرها بناءا على الأوضاع الاقتصادية لكن هذه المؤسسات لديها أجندات واختراقات سياسية وهى تتبع صندوق النقد الدولى، ومصر متعثره فى سداد القرض 3 مليار دولارو الذى ارتفع إلى 6 مليار أو أكثر بالرغم من أنه الحالة الاقتصادية أكثرا سوءا بعد المراجعات وبالتالى هذا أثر سياسى وليس أثر اقتصادى، لكن لا يجب الاعتماد على هذا فالمؤثرات الاقتصادية للاقتصاد المصرى واضحة للعيان فى أكثر من دالة سواء فى التضخم أو ثبات سعر الصرف أو مايحدث فى الأسواق وغيرها.
ما شكل مسار التشديد النقدى المقبل؟
طالما ظلت الحكومة خاضعة للنقاش مع صندوق النقد الدولى بلا روشتة مصرية، فهو فى النهاية لا يتعامل إلا فى جانب واحد فقط لكل الدول وهو جانب الانفاق، لم يصدر عن الصندوق أنه رفع من قيمة وإيرادات أى دولة فى العالم، وبالتالى مهما قللت من الانفاق سواء كان رفع دعم أو تخفيض أعداد الموظفين أو بيع أصول، غير ذلك طالما لم تهتم مصر بالإيراد فإنها تدخل فى الدائرة الجهنمية لم تنتهى من رفع الديون وزيادة العجز.
مصر لم تتعثر مسبقاً في التزمات مع "النقد الدولي" نريد تحليلك للوضع الحالي في ظل تسارع وتيرة الأحداث الاقتصادية؟
إذا كان تسديد القروض يؤدى إلى بيع أصول الدولة فهذا أمر شديد الخطورة، مصر دخلت البريكس منذ شهر وهو عكس صندوق النقد، وهنا نسير فى اتجاهين عكس بعضهما البعض، أؤكد أن بيع الأصول يؤدى إلى خسارة قيمة الأصل بلا أى عوائد على الاقتصاد.
المسألة ليست ريعية أو رقمية بل قيمة مضافة، وبالتالى فإن هذا يعد عارضا ولم نعالج أصل المرض والمتمثل فى حكومة لا تستطع استغلال موارد مصر الزراعية والصناعية والبحرية وخدميا وسياحيا كما يجب.
برأيك فى ظل الأزمة الحالية هل سيتجه المستثمرون للأوعية الاستثمارية الآمنة وفى مقدمتها الذهب وسوق السندات؟
بالطبع تدهور الوضع الاقتصادى وضبابية سعر الصرف وعدم التحكم فى الأسعار أدى إلى هروب المستثمرين، وعلى الجانب الآخر فإن الأوعية الادخارية التى تعرضها البنوك المصرية وصلت من 18% إلى 25 % إلى 27 % تقتل أية عملية تنمية ويتحول الجميع إلى هذه الأوعية، وبالتالى يذهب الجميع إلى أسعار العملات الأجنبية، وإلى الذهب وإلى المخازن الآمنة للقيمة طالما أن الجنيه ينهار، وهذا يعنى انتظار الكثير من الركود و خروج الكثير من المنشآت من السوق والمزيد من البطالة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
فى نظرك كيف نعيد الثقة للاقتصاد المصرى مرة أخرى بعد خروج مستثمرين مصريين وعرب للاستثمار بالمنطقة العربية؟
لن يتم إعادة الثقة للاقتصاد المصرى، فى ظل حكومة تعلن ليل نهار عن تدهور الوضع الاقتصادى بالرغم من مواردها وامكاناتها الكبيرة، لا يوجد دولة تقوم على القروض والديون، الأزمة فى مصر ليست اقتصادية بل سياسية إذا لم يتم المحاسبة والمراقبة ومعرفة كيفية استغلال مواردها سنظل فى هذه الدوامة.
تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى حوالي 17.5 مليار دولار في الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالي الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.. هل سيستمر هذا الانخفاض؟ وما تأثيره على الاقتصاد؟
أعلنت العام الماضى إلى أن مصر ستخسر 10 مليار دولار من تحويلات المصريين بالخارج قبل الحدوث، وذلك نتيجة تغير سعر الصرف، كل ما يرتفع الفارق ما بين سعر الصرف فى البنك المركزى والسوق الموازية ستزيد المشكلة.
هل ربط الجنية بسلة العملات من الممكن أن يساهم فى حل أزمة الدولار؟
ربط الجنية وهو يسقط بأى عمله يؤدى إلى ضياعه وانهياره.
"فيتش" ذكرت أن الاضطرابات الحادثة قد تتزامن مع خروج محتمل لمليارى دولار أموال ساخنة من مصر..كيف ترى هذا؟
هى خرجت بالفعل، قد نبهنا فى عامي 2017 و2018 وقبل جائحة كورونا من خروج المال الساخن واعترف بهذا وزير المالية ورئيس الوزراء بأنه اخطأوا فى لعدم التوجه للصناعة.