تقرير لشبكة CNN: جنود إسرائيليون يؤكدون رغبتهم في إنهاء الحرب على غزة
لا تبدو الصورة التي يريد الاحتلال ترويجها بأن هناك وحدة صف في كافة الأوساط الإسرائيلية عقب الهزيمة الساحقة التي تعرضت لها بلادهم في عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر كاملة، إذ هناك دوما ما يكسر هذا المشهد المزعوم.
فعلى مدار الأشهر الماضية، وعقب طوفان الأقصى، توالت الانتقادات والاتهامات بالتقصير للحكومة وقادة الأذرع الأمنية والعسكرية، وحاولت الأوساط السياسية إبعاد الجيش عن تلك السجالات، إلا أن العديد من الجنود أفادوا بشهادات مغايرة للتي أرداها قادة الاحتلال، ولعل من أبرزها محاكمة عناصر الاحتياط ممن قرروا عدم الاستجابة للاستدعاءات العسكرية بسبب عدم رغبتهم في المشاركة في عمليات القتال بغزة.
وكان آخر كسر لهذه المزاعم الإسرائيلية، تقرير نشرته شبكة (CNN ) استعرضت خلاله آراء عدد من جنود جيش الاحتلال، والذي أظهر وجهة نظر مغايرة تماما لقادة الحرب والاحتلال.
وقال جندي احتياط، يدعى عاموس شاني أتزمون، والذي جرى استدعاؤه عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، إنه لا يلوم الفلسطينيين في غزة على كرههم لإسرائيل في الوقت الحالي، مؤكدًا «لديهم أسباب وجيهة حقا.. عندما ترى المدن تشتعل فيها النيران وتتعرض للقصف… كان لدي صديق مقرب قُتل في غزة، وأنا أفكر في الأشخاص الذين قُتلت عائلاتهم بأكملها في القصف».
وأضاف أتزمون أنه «الرجل اليساري» في وحدته، ومثل عشرات الآلاف غيره، أمضى معظم الربيع والصيف الماضيين في الاحتجاج ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وخططه لإصلاح القضاء الإسرائيلي.
وأوضح أنه يريد أن تعمل إسرائيل على تحقيق حل الدولتين، مؤكدا: «الشعب الفلسطيني لن يتوقف أبدًا عن قتالنا حتى يحصل على حكم ذاتي خاص به. وأعتقد أن الهدف النهائي يجب أن يكون كذلك».
ولفتت التقرير إلى أنه يصعب في بعض الأحيان على شاب مثل أتزمون التوفيق بين آرائه السياسية وواقع كونه جنديًّا يقاتل نيابة عن حكومة لا يدعمها.
وأشار إلى أنه كان يصارع مع هذا الأمر منذ أن بدأ في تكوين آرائه السياسية في سن الخامسة عشرة تقريبًا، مترقبًا خدمته العسكرية.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن الجندي الإسرائيلي: «أنا محطم بسبب موت الناس في غزة، الأطفال والمسنين. ورجال بعمر 26 عامًا، مثلي، لا نريد أن نموت. ولكن لدي الحق في الدفاع عن نفسي والدفاع عن عائلتي وأصدقائي وأحبائي».
وشدد أتزمون على أنه يريد أن يغادر نتنياهو، الذي يحاكم بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، من منصبه بأقرب فرصة، متابعا: «كان ينبغي أن يستقيل في السابع من أكتوبر، أردت أن أستيقظ في اليوم الثامن وأشاهده على شاشة التلفزيون وهو يقول للناس: (آسف لقد خذلتكم.. أنا أتنحى)، لكن هذا لم يحدث».
وأشار إلى أن صديقه المقرب قتل في معركة بجنوب غزة في أواخر ديسمبر.
جندي آخر يدعى إيمانويل، يبلغ من العمر 35 عامًا ويخدم حاليًا في وحدة قتالية في قطاع غزة وما حوله، وهو شخصية يمينية.
وعلى عكس أتزمون، لا يزال إيمانويل في الخدمة الفعلية ولذلك طلب عدم نشر اسمه الكامل.
وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل ستحتاج إلى السيطرة على غزة لسنوات قادمة، متفقا مع نتنياهو الذي قال إنه يريد من إسرائيل أن تتحمل «المسؤولية الأمنية الشاملة» في القطاع لفترة غير محددة بعد انتهاء الحرب.
وقال إيمانويل لشبكة CNN في مقابلة عبر الهاتف، متحدثًا من قاعدته بالقرب من قطاع غزة: «يجب على الفلسطينيين أن يسيطروا على منطقتهم كما يفعلون في بعض الأجزاء من الضفة الغربية، ولكن حيث يمكن لإسرائيل الوصول إلى كل قرية وكل مدينة».
ويذهب بعض شركاء نتنياهو في الائتلاف إلى أبعد من ذلك، إذ يقترحون بناء مستوطنات يهودية في غزة، وفي هذا الصدد قال إيمانويل: «يجب علينا إنشاء مستوطنات جديدة، ليس لأننا نريد محو الفلسطينيين، لا، يجب أن نحقق انتصارًا واضحًا وحقيقيًّا على أعدائنا، وهو ما سيفهمه الجميع»، على حد تصريحه.
وقال إيمانويل، إنه يتعاطف أيضًا مع المدنيين الأبرياء، لكنه قال إنه يعتقد أن خوض الحرب بالطريقة التي تُدار بها حاليًّا هو الخيار الوحيد، معربا عن اعتقاده بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت مخطئة في الاعتقاد بأن إبقاء غزة مغلقة وتحت الحصار من شأنه أن يدير الوضع.
أما الجندي مندل، البالغ من العمر 19 عامًا، تبدو الخلافات السياسية بلا معنى إلى حد ما في هذه المرحلة، وقال لشبكة CNN: «السياسة… لا تهم حقًّا. أنت في الجيش وأنت هناك لحماية الناس وحماية بعضنا البعض. ولا يهم ما هو رأيك، أو ما تبدو عليه أو من أين أنت».
وقرر مندل، وهو أمريكي من لونغ آيلاند، الانضمام إلى جيش الاحتلال بعد أن عاش في إسرائيل لبضع سنوات.
وبخلاف إيمانويل وأتزمون، لا يتمتع مندل بخبرة عسكرية سابقة، وتم تجنيده قبل أشهر قليلة فقط من اندلاع الحرب وتم إرساله منذ ذلك الحين إلى غزة.
وأكد مندل، شعوره بقوة الظلم الرهيب الذي يتعرض له الأبرياء الذين يموتون، مضيفا «لا ينبغي للحروب أن تحدث، ما كان ينبغي لحماس أن تبدأ هذا ولم يكن ليحدث أي من هذا»، موضحا أنه يريد فقط أن تنتهي الحرب.