الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

تداعيات الحرب في غزة.. إقتراب دول أوروبية كبري من الاعتراف بدولة فلسطين.. الهزيمة الاستراتيجية لإسرائيل.. ضرب القوات الأمريكية بالمنطقة.. تصاعد وتيرة الدعم الشعبي عالميا للفلسطينيين

الأحد 11/فبراير/2024 - 05:43 م
صورة ارشيفية غزة
صورة ارشيفية غزة

طرحت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تجاوزت الشهور الأربعة، بارقة أمل للفلسطينيين والعرب، بشأن إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها دوليا.

 

ولوحت دول عدة، خصوصا من المعسكر الغربي، باحتمالية الاعتراف بدولة فلسطينية، بصرف النظر عن سير المفاوضات، أو الموقف الإسرائيلي إزاء ذلك الاعتراف.

 

وذكر موقع أكسيوس، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طلب من مساعديه تقديم مقترحات وإجراء مراجعة بشأن احتمالية الاعتراف بدولة فلسطينية.

 

بينما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده وحلفاءها، بما في ذلك الأمم المتحدة «سيفكرون في الاعتراف بالدولة الفلسطينية كجزء من التحرك الدبلوماسي الذي سيؤدي إلى تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين».


وسبقت بلجيكا بريطانيا في التوجه نحو التفكير في الاعتراف بدولة فلسطينية.

 

كما قال رئيس الوزراء الإسباني بيرو سانشيز إن بلاده تحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بدولة فلسطينية بغض النظر عن موقف إسرائيل من ذلك.

 

وحاليا، تعترف 139 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة بالدولة الفلسطينية، معظم الدول التي لا تعترف بفلسطين هي دول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا ومعظم دول أوروبا الغربية.

 

وبات السؤال المطروح حاليا: لماذا جنحت تلك الدول، التي لطالما كانت داعمة لدولة الاحتلال، إلى احتمالية الاعتراف بدولة فلسطينية؟

 

الهزيمة الاستراتيجية لإسرائيل


في ديسمبر 2023 قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن «في هذا النوع من الحروب يجب الاهتمام الشديد بالمدنيين وإذا تم دفعهم فى أحضان العدوان، «حماس»، فإن ما ستحققه إسرائيل من نصر تكتيكى سوف يتحول إلى هزيمة استراتيجية».

 

وفشلت الجيش الإسرائيلي في إلقاء القبض على قادة حماس، أو استعادة أي من المحتجزين، عدا عن أن المقاومة الفلسطينية لا تزال قادرة على توجيه الضربت لإسرائيل سواء لجيش الاحتلال لمتواجد داخل غزة أو في الداخل الإسرائيلي عن طريق الصواريخ.

 

وسبق للمحلل والمنظر العسكري الألماني كارل فون كلاوزفيتز أن قال عن الحروب إنها «عمليات مستمرة من العلاقات السياسية لكنها تقوم على وسائل مختلفة»، والغرض منها هو أن يفرض المنتصر رغبته على الطرف الآخر. ويبدو أن صمود غزة أمام العدوان الإسرائيلي أوصل رسالة للغرب حول ضرورة «إعادة تنظيم الجغرافية السياسية بالمنطقة».

 

الضغوط الشعبية


أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأحد، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى  28176 شهيدا و67784 مصابا منذ 7 أكتوبر

وأثار ارتقاء هذا العدد الهائل من الشهداء، وجلهم من النساء والأطفال، موجات من الغضب العالمي، لا داخل الدول العربية والإسلامية فقط، وإنما على مستوى الغرب أيضا.

 

وخرجت المظاهرات الداعمة للفلسطينيين في العديد من العواصم الغربية، ولم تقتصر تلك الضغوط على التجمع والتظاهر، إذ تجاوز الأمر هذا الحد، وبدأ بعض الغاضبين في مقاطعة خطابات الرئيس الأميركي بايدن.

 

ومع تصاعد وتيرة الدعم الشعبي عالميا للفلسطينيين، ومع تضاؤل حجم الدعم الشعبي لإسرائيل، باتت الدول الغربية الفاعلة في مواجهة حقيقة أن هناك بوادر انفصال بين القيادات، والشارع، ومن هنا بدأت بعض تلك الدول الغربية في التفكير جديا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

 

قرار محكمة العدل الدولية


بعد سنوات طويلة من الإفلات من العقاب، تم جر إسرائيل للمثول أمام القضاء الدولي، وتحديدا أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي، بعد دعوى تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا تتهم فيها دولة الاحتلال بممارسة «إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين.


وأصدرت محكمة العدل الدولية حكما لصالح طلب جنوب إفريقيا فرض إجراءات طارئة ضد إسرائيل بسبب حربها في غزة، لكنها لم تصل إلى حد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.

 

ووضع هذا القرار الكثير من الدول الداعمة لإسرائيل بشكل غير مشروط، أمام مأزقين، قانوني، وأخلاقي، مما أسهم في تعديل المواقف الغربية المتحجرة بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية.

 

معادلات الانتخابات الرئاسية الأمريكية


تقام في نوفمبر المقبل، الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وتشير المؤشرات الاولية إلى تراجع كبير في شعبية الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن، لا على خلفية الأحداث الجارية في ولاية تكساس وأزمة الحدود، وإنما أيضا بسبب موقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة.

 

وسبق لبايدن أن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برغبته في تقليص الحرب في غزة، كما نوه موقع أكسيوس، إلى أن أحد مساعدي بايدن قال للموقع إن إدارة الرئيس الأميركي تخشى من خسارة أصوات الناخبين الشباب الذين ينحازون الآن للفلسطينيين في حرب الإبادة التي يتعرضون لها على يد الجيش الإسرائيلي.

 

وأثناء زيارة الرئيس بايدن إلى ولاية ميشيغان، ضمن مساعيه لإعادة انتخابه، قوبل الرجل باعتراضات جادة، من قبل أهالي الولاية، وعلى رأسهم الأميركيين من أصول عربية.


وقبل لقاء عمال مصانع السيارات، سار حوالي 100 متظاهر في شارع باتجاه موقع النقابة مرددين هتافات تقول «جو المؤيد للإبادة الجماعية يجب أن يرحل». وأخذوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية.

 

الضغط السعودي

 

أكدت وزارة الخارجية السعودية،الأربعاء الماضي أن موقف المملكة ثابت تجاه القضية الفلسطينية، مشددة على ضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.

 

وأوردت الوزارة في بيان أن «المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة».


أسباب اقتصادية وتجارية


أثناء قمة العشرين التي عقدت في العاصمة الهندية نيودلهي، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن مشروع «الممر التجاري بين آسيا وأوروبا» والذي ينطلق من الهند، ويمر بشبه الجزيرة العربية، ويصل إلى موانئ إسرائيل، ومنها ينطلق إلى الموانئ الأوروبية.

 

وفي ظل الوضع القائم الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك في ظل كون إسرائيل النقطة الأخيرة قبل أن تصل البضائع التي ستمر عبر الممر التجاري إلى أوروبا، باتت الحاجة ملحة إلى ضمان أكبر قدر من الاستقرار في المنطقة، ولن يتأتى ذلك طالما استمر العدوان الإسرائيلي على غزة.

 

وبات الاعتراف بدولة فلسطينية، ركنا رئيسا في تلك المعادلة التي ستضمن الاستقرار في المنطقة وتحد من الاشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

أزمة البحر الأحمر


تتواصل هجمات الحوثيين في اليمن، على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، منذ أن أعلنت الجماعة اليمنية دعمها لغزة أمام العدوان الإسرائيلي.

 

وتطور الأمر إلى تشكيل الولايات المتحدة لتحالف عسكري «حاس الازدهار» للتصدي للحوثيين، وبالفعل نفذ الطيران الاميركي، والبريطاني، ضربات عدة على مدن يمنية.

 

إلا أن تلك الضربات لم تؤثر على قدرات الحوثيين في مواصلة مهاجمة السفن في البحر الأحمر، الأمر الذي يكبد الاقتصاد العالمي خسائر كبيرة جراء إجبار شركات الشحن على تغيير مسار السفن للالتفاف حول رأس الرجاء الصالح.

 

ويبدو أن الضغوط الحوثية، كان عنصرا فعالا في إرغام الدول الغربية على الاقتراب من الاعتراف بدولة فلسطينية، ما يضمن توقف هجمات الحوثيين، وبالتبعية، عودة البضائع للتدفق عبر الممر الملاحي الأهم في العالم.

 

ضرب القوات الأمريكية بالمنطقة


تلقت القوات الأميركية في كل من العراق، سوريا، الأردن، ضربات عدة خلال الفترة الماضية.

 

وتشن جماعات مسلحة في العراق هجمات بطائرات مسيرة ضد القواعد الأميركية بالعراق، وكذلك سوريا.

 

إلا أ نالضربة الكبرى وقعت عندما قُتل 3 جنود أمريكيين إثر هجوم بطائرة مسيرة استهدف قاعدة أميركية عند الحدود السورية الأردنية.

ويبدو أن الولايات المتحدة بدأت تدرك بشكل تدريجي حاجتها إلى تغيير خطابها في المنطقة، سيما وقد تزايدت الضربات الموجهة لجنودها وسفنها، في البحر الأحمر والعراق وسوريا والأردن.

 

هذه الضغوط العسكرية قد تدفع أمريكا وحلفاءها إلى السعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.