الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

محلل أمريكي: يتعين على بايدن أن ينأى بنفسه عن اليمين الإسرائيلي

الأحد 18/فبراير/2024 - 12:35 م
أرشيفية
أرشيفية

يرى المحلل الأمريكي جرى بريدي أنه في ظل احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم على رفح في غزة، يهدد مصير نحو مليون و300 ألف من اللاجئين الفلسطينيين ، سيواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن كارثة إنسانية وأضرارا لايمكن إصلاحها للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ما لم يوضح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي أن دعم الولايات المتحدة للحرب الحالية مشروط بتصرفات إسرائيل.

 

وأضاف بريدي الزميل البارز لشؤون الشرق الأوسط في مركز ناشونال انتريست أن السياسة الأمريكية الحالية تعتبر أساسا تفويضا مطلقا حيث يبدي بايدن إحباطه تجاه نتنياهو ويطالب بالمزيد من إمدادات المساعدات الإنسانية ، لكن مع التأكيد على أن الدعم الأمريكي الذي لا جدال فيه ليس مشروطا بأي تصرفات إسرائيلية محددة. ويتعين على إدارة بايدن إدراك أن الولايات المتحدة لها مصالحها الخاصة وأن يكون هناك التزام بمراعاة قانون الصراع المسلح المقبول. وينبغي على إدارة بايدن التخلي تماما عن هذه السياسة ووضع حواجز للحماية، بما في ذلك وضع شروط بالنسبة لامدادات الذخيرة المستمرة. وهذا ليس أمرا غير مسبوق. والوقت يمر الآن.

 

وأكد بريدي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يوضحون الآن أنهم يعتزمون التحرك عسكريا ضد رفح في المستقبل القريب. وهذه الخطوة ليست بدون مبرر عسكري، حيث أن هناك تشكيلات قتالية كبيرة تابعة لحماس في رفح، و هناك احتمال بتواجد قادة كبار لحماس في الأنفاق هناك. ولكن الطريقة التي خاضت بها إسرائيل هجومها في غزة حتى الآن أدت إلى وضع متفجر محتمل.

 

وقامت إسرائيل في البداية بتشجيع المقيمين في شمال ووسط غزة على مواصلة التوجه جنوبا، إلى خان يونس ثم إلى رفح و المواسي. وأكثر من نصف سكان غزة حاليا متواجدون في هذه المنطقة على الحدود المصرية، حيث يمكن لأي هجوم عسكري يتحرك جنوبا محاصرتهم ومن الممكن إرغامهم على الدخول إلى مصر. وقد تحدث العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين بصراحة تامة عن فكرة" الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، وهي فكرة أوضحت إدارة بايدن في وقت مبكر من الحرب أن الولايات المتحدة لن تدعمها .كما يبدو أن مستوى الأضرار التي لحقت بالمساكن في غزة مقصود لتصبح غير قابلة للإقامة فيها، حيث كانت هناك دلائل كثيرة على القيام بعمليات تفجير إسرائيلية محكومة لمنازل فارغة بعد أن هجرها سكانها.

 

ويضيف بريدي أن السياسات الإسرائيلية والتقاعس الإسرائيلي كانا وراء عرقلة وصول الإمدادات الغذائية وغيرها من الإمدادات الإنسانية إلى غزة، حيث أعلن برنامج الغذاء العالمي أن حوالي ربع سكان غزة يواجهون " جوعا كارثيا ومجاعة كارثية". وقد أثار بايدن مرارا وتكرارا في أحاديث هاتفية مع نتنياهو قضية انعدام الأمن الغذائي بالنسبة للفلسطينيين وأبدى شعوره بالإحباط إزاء ما يراه من عدم توفير إسرائيل التسهيل الملائم لتدفق المساعدات. وتردد أن وزير المالية الإسرائيلي عرقل دخول شحنة كبيرة من الدقيق ممولة من أمريكا في ميناء أشدود في الوقت الحالي، رغم تأكيدات نتنياهو بأنه سيتم السماح بدخول المساعدات الأمريكية.

 

وأكد بريدي أنه في ظل هذا التركيز الكبير للاجئين قرب الحدود ، بدون إمدادات غذائية كافية، من الممكن أن يمثل أي هجوم عسكري جنوبا ضغطا على الفلسطينيين للعبور إلى مصر. وقد أوضحت مصر أنها لن تقبل ذلك لكنها تأخذ التهديد على محمل الجد. ولا يعرف أحد نوايا حكومة نتنياهو بصورة مؤكدة، وقد نفى وزير الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت أنه سيتم دفع الفلسطينيين إلى الخارج. ورغم ذلك، فإنهم أوجدوا الظروف التي يكمن فيها تصور عقلاني بإمكانية نقل الفلسطينيين.

 

وأضاف بريدي أنه رغم سلبية إدارة بايدن تجاه إسرائيل في المدى القصير، تتسم سياساتها الحالية بعدة أوجه إيجابية. فهناك إدراك للحاجة إلى منع انتشار الصراع ومن الواضح أنه تم التحدث مع حكومة نتنياهو من أجل عدم خوض حملة استباقية متزامنة في لبنان ضد حزب الله، من شأنها أن تؤدي إلى احتمال المزيد من التصعيد. كما أن الإدارة الأمريكية ردت على الاستفزازات من جانب حلفاء إيران في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين في اليمن والميليشيات الموالية لإيران في العراق، بطرق محسوبة لتجنب أي تصعيد مع إيران.

 

والأهم من ذلك هو أن السياسات الأمريكية الحالية اعترفت بأن الاستراتيجية السابقة المتمثلة في تجاهل القضية الفلسطينية قد فشلت، وحددت السياسات هدفا واضحا للتحرك نحو إقامة دولة فلسطينية إلى جانب الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية. لكن هناك انفصالا كبيرا بين تلك الطموحات الأطول أجلا وسياسة أمريكية قريبة الأجل أوضحت أن إسرائيل لن تواجه أي عواقب لتحديها للنصائح الأمريكية فيما يتعلق بمعاملة الفلسطينيين في غزة ، رغم رغبة إدارة بايدن في أن يكون هناك وقف ممتد لإطلاق النار، يمكن أن يسهل التحرك نحو تلك الأهداف الأطول أجلا.

 

وأكد بريدي أنه يبدو حاليا أن حكومة نتنياهو سوف تتجاهل نصائح بايدن وتمضي قدما في تنفيذ هجوم رفح. وأي هجوم بدون الاستعدادات الملائمة يمكن أن يكون نقطة انحراف، ليس فقط ككارثة انسانية لكن أيضا فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية في المنطقة وفي أنحاء العالم.

 وإذا ما حدث تحرك كبير للفلسطينيين إلى مصر نتيجة لذلك الهجوم،حتى لو كان غير مقصود، فإنه ينطوي على احتمال تعريض معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر للخطر، وتقويض العلاقات الأمريكية في أنحاء العالم العربي. كما أن مثل هذا الهجوم يمكن أن يؤدي إلى صراع إقليمي شامل مع إيران.

 

وفي ختام تحليله قال بريدي إن استمرار عدم فرض الرئيس بايدن أي عواقب بالنسبة للتصرفات الإسرائيلية – على خلاف ما قام به رؤساء أمريكيون سابقون- يمكن أن يشجع نتنياهو على تجاهل قانون الصراع المسلح والمصالح الأمريكية على السواء.