الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

79 فيتو أمريكي منهم 50 مرة لحماية دولة الاحتلال.. قصة «حق النقض الأمريكي» داخل مجلس الأمن... وللضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي الولايات المتحدة تغير رأيها حول هدنة غزة 

الثلاثاء 20/فبراير/2024 - 12:46 م
صورة ارشيفية غزة
صورة ارشيفية غزة

79 فيتو أمريكي منهم 50 مرة لحماية دولة الاحتلال.. قصة «الفيتو الأمريكي» داخل مجلس الأمن وللضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي الولايات المتحدة غيرت رأيها حول هدنة غزة  

 

لليوم الـ137، يواصل الاحتلال جرائمه ضد الفلسطينيين، الذين فقدوا ما يربو على 29 ألف شهيد، و69 ألف جريح، على مدى 4 أشهر من حرب الإبادة الجماعية، التي بدأت في يوم السابع من أكتوبر الماضي، بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل المقاومة ضد مستوطنات غلاف غزة.

 

وبينما ينشد من تبقى لديه ولو جزء من الضمير الإنساني سلاما كاملا غير منقوص لهؤلاء الفلسطينيين العزل، الذين أوقعتهم الظروف الصعبة بين مطرقة الاحتلال وآلياته العسكرية، وبين سندان الدعم الغربي الأعمى لجيش لا يعرف للإنسانية طريقا، لا يجد الفلسطينيون مفرا من تلك الحرب التي تلاحقهم أينما حلوا، علهم يتركون ديارهم وأرضهم التي لم يطأها العدو الصهيوني إلا وعاث فيها فسادا وإفسادا، على مرأى ومسمع من الجميع، لا سيما الولايات المتحدة، التي كانت وما زالت تقف للحيلولة دون مساءلة أو معاقبة الاحتلال على جرائمه ضد الإنسانية، سلاحها في ذلك هو حق النقض «الفيتو»، فما قصة الفيتو الأميركي، وكيف تستخدمه الولايات المتحدة لحماية إسرائيل؟

المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد

 


واشنطن تهدد بوأد مشروع قرار جزائري

 

يبرز الحديث عن الفيتو الأمريكي، في وقت هددت فيه واشنطن بوأد مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة»، وذلك بعدما طلبت الجزائر التصويت عليه، غدا الثلاثاء.

 

ونددت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، يوم السبت، في بيان، بقرار الجزائر إحالة النص إلى التصويت، واعتبرت أن الخطوة الجزائرية تهدد بتقويض المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية، لإرساء هدنة جديدة تشمل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين في غزة، وأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل.

 

وأضافت غرينفيلد، أن صفقة التبادل التي يجري التفاوض بشأنها هي أفضل فرصة للم شمل المحتجزين مع أسرهم، وتمكين وقف إطلاق النار لمدة طويلة.

 

وفي تهديد واضح باللجوء إلى حق النقض «الفيتو» لوأد النّص، قالت غرينفيلد: «إذا وصلنا إلى تصويت على المسودة الحالية، فلن يتم اعتمادها».

جو بايدن خلال اجتماع مع  بنيامين نتنياهو 


ليست الأولى خلال حرب غزة


وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى حق النقض «الفيتو»، خلال الحرب الحالية التي يشنها الاحتلال ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ سبق أن استخدمت أمريكا الفيتو بالفعل، ومنعت مجلس الأمن من تمرير قرارين يطالبان بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 

وبالنظر إلى مشروع القرار الأخير، الذي جرى التصويت عليه يوم الجمعة، 8 ديسمبر الماضي، فإن 13 دولة صوتت لصالح القرار، وامتنعت بريطانيا عن التصويت، فيما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ضد القرار.

 

حينها، ادعت الولايات المتحدة على لسان نائب المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن، روبرت وود، أنها استخدمت حق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار لأنه لا يدين حركة حماس، ولا يؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

 

79 فيتو أمريكي


وعلى مدى تاريخها، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» 79 مرة، منهم 50 مرة لحماية دولة الاحتلال.

 

واستخدمت أميركا الفيتو للمرة الأولى في عام 1970، حين عارضت إلى جانب بريطانيا مشروع قرار حول روديسيا التي أصبحت فيما بعد زيمبابوي.

 

وكانت المرة الأولى التي استخدمت فيها أمريكا حق النقض «الفيتو» لحماية دولة الاحتلال في عام 1973، عندما عارضت مشروعا يؤكد على حق الفلسطينيين، ويطالب بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها، وقبل العدوان على غزة، كان آخر فيتو أمريكي ضد القضية الفلسطينية، في 18 ديسمبر عام 2017، حينها عارضت واشنطن مشروع قرار مصري يرفض إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، وقد حاز المشروع المصري على تأييد 14 من أصل 15 دولة أعضاء في مجلس الأمن الدولي.

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا 

 


إلغاء الفيتو


ومع استمرار الولايات المتحدة في استخدام حق النقض «الفيتو» لحماية الاحتلال، والتستر على جرائمه، برزت مطالبات بإلغاء هذا الأمر.

 

فخلال الأسبوع الماضي، وبعد لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتهم الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إسرائيل بقتل النساء والأطفال في غزة بشكل غير مسبوق.

 

وطالب دا سيلفا، بوقف العمل بحق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، وإضافة دول أخرى من إفريقيا وأميركا الجنوبية إلى المجلس، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة لا تملك القوة الكافية لوقف عدوان إسرائيل على قطاع غزة.

 

وقال الرئيس البرازيلي إن إسرائيل تنتهك كل قرارات الأمم المتحدة، ولا يوجد أي رد فعل من الإدارة الأميركية على العدوان، لافتا إلى أن بلاده تدعم مبادرة مصر لمنطقة خالية من السلاح في الشرق الأوسط.

أعلام الدول الخمس دائمي العضوية بمجلس الأمن


ما هو حق النقض «الفيتو»؟


حق النقض «الفيتو» هو الحق الذي يتم منحه لـ5 دول دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهم: الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة.

 

بموجب الفيتو، يحق لهذه الدول أن ترفض بشكل فردي أي مشروع قرار يتم تقديمه لمجلس الأمن، حتى وإن كان مقبولا بالنسبة للدول الـ14 الأخرى المكونة للمجلس.

 

ولا يعوق امتناع أو غياب العضو الدائم عن التصويت اعتماد مشروع القرار.

 

لماذا غيرت أمريكا رأيها حول هدنة غزة 

 

بعدما تعهدت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري يدعو إلى وقف "فوري" لإطلاق النار، سيصوت عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، يبدو أن الولايات المتحدة عدلت رأيها.

 

فقد إقترحت  الولايات المتحدة مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، ويحذر من التوغل البري الإسرائيلي في رفح، حيث لجأ مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين خلال الحرب العنيفة.

 

في أقرب وقت

ووفقا لنص مسودة القرار، فإن واشنطن تدعو إلى "وقف مؤقت لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن عمليا"، وهو ما لا يتفق مع رغبات معظم أعضاء مجلس الأمن الآخرين الذين يريدون وقفا "فورياً" لإطلاق النار، حسب ما نقلت شبكة "سي أن أن"، اليوم الثلاثاء.

 

كما يحذر مشروع القرار من آثار الهجوم البري الإسرائيلي على رفح، قائلا إنه "سيؤدي إلى إلحاق المزيد من الضرر بالمدنيين واستمرارهم في النزوح، بما في ذلك احتمال نزوحهم إلى دول مجاورة، الأمر الذي ستكون له آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين".

 

ما الذي غير الموقف الأمريكي؟

أتت تلك الخطوة الأمريكية لترفع بعض التساؤلات عن سبب تغير الموقف الأمريكي.

 

إذ اعتبر بعض المراقبين أنه يأتي للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المتعنت في مواقفه، سواء من جهة اجتياح رفح أو الاعتراف بدولة فلسطينية أو وقف الحرب، ما أدى مؤخراً لاشتعال الخلافات بينه وبين واشنطن الحليف الأوثق لبلاده.

 

بينما رأى آخرون، ألا تغير كبيراً في موقف واشنطن، لاسيما أن القرار يدعو إلى وقف النار "في أقرب وقت ممكن"، وهي عبارة مطاطة، وحمالة أوجه.

 

في حين اعتبر البعض أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن الساعي إلى ولاية ثانية في البيت الأبيض، تدارك تراجع شعبيته بين صفوف الشباب الديمقراطي جراء تعامله ومقاربته للحرب، وفق آخر استطلاعات الرأي، وبدأ يبدي تغييراً تجاه الحرب، منتقداً بشكل أكبر مقاربة نتنياهو.

 

وقف فوري

وكان مشروع القرار الجزائري طالب في المقابل، بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، لأسباب إنسانية. وجدّد المطالبة بأن تمتثل جميع الأطراف بدقة لالتزاماتها فيما يتعلق بحماية المدنيين.

 

كما رفض التهجير القسري للسكان للفلسطينيين، ويطالب بوقف كل الانتهاكات وجميع الأعمال العدائية ضد المدنيين. وجدد التأكيد على الالتزام الثابت لدى المجلس برؤية حل الدولتين.

 

كذلك شدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية. ويطالب أيضا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

 

إلا أن واشنطن هددت سابقا باستخدام حق النقض ضد هذا المشروع، كما حدث خلال عمليات تصويت سابقة في منتصف أكتوبر الماضي، وأوائل ديسمبر على الرغم من الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي في مواجهة الأزمة الإنسانية في غزة.