كيف يمكنك التحكم في مستوى الكوليسترول دون تناول عقار "الستاتين"؟
بالرغم من فعالية الستاتين كدواء لتخفيض مستويات الكولسترول، يواجه العديد من الأفراد مشكلة في تحمل آثاره الجانبية. وينصح الخبراء بنظام غذائي نباتي كبديل لفوائده الكبيرة في تقليل مستويات الكولسترول في الجسم، فكيف يمكن ذلك؟
بدأت جوليا كيم، التي تعمل كمتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات في بوسطن، رحلتها مع تناول أدوية مضادة للكولسترول قبل أكثر من 30 عامًا، تاركة وراءها تاريخ أسرتها المليء بمشاكل ارتفاع الكولسترول.
وذكرت صحيفة ميامي هيرالد أنه منذ ستة أشهر، شعرت كيم بالملل من تناول هذا الدواء وآثاره الجانبية، فقامت بالإقلاع عنه، وخلال ثلاثة أيام، اختفى ألم الظهر المزمن الذي كانت تشعر به منذ عقود. ولكونها عداءة متحمسة، فهي تشعر بالسعادة لعدم إحساسها بالألم، ولكنها في وضع حرج فيما يتعلق بكيفية التحكم في مستوى الكولسترول.
وقالت كيم" أشعر إنني أفضل مما كنت عليه خلال الـ30 عاما الماضية، لكن مستوى الكولسترول لدي يرتفع". وأضافت "لا أريد السيطرة على مستوى الكولسترول من خلال الأدوية، كل دواء له آثار جانبية. أنا بحاجة لطريقة طبيعية للتعامل مع هذا الأمر". وكيم ليست الوحيدة في ذلك، فالكثيرون لا يريدون تناول عقاقير لخفض مستوى الكولسترول، أو توقفوا عن تناولها.
ويشار إلى أن عقار الستاتين فعّال، ويعد آمنا بالنسبة لمعظم الأشخاص. رغم ذلك، قد تمتد آثاره الجانبية، إلى التسبب في آلام في العضلات ومشاكل في الكبد، والضباب العقلي واحتمالية الإصابة بداء السكري.
وقال دونالد هينسرود، أستاذ مساعد في التغذية والطب الوقائي في كلية مايو كلينك للطب "لا يريد أي شخص البدء في تناول الدواء"، مضيفا " نحن جميعا نكبر في العمر، وعادة ترتفع أمور مع السن: الكولسترول والوزن وضغط الدم. وفي وقت ما، يتعين علينا مواجهة هذا الأمر". ويعد الكولسترول مادة شمعية، مشابهة للدهون توجد في الدم، وينتجها الكبد ومن الطعام الذي نتناوله. وهناك نوعان من الكولسترول: البروتين الدهني منخفض الكثافة، وهو النوع السيئ، والبروتين الدهني مرتفع الكثافة، وهو النوع الجيد.
كما أن الدهون الثلاثية تعد نوعا آخر من الدهون، وتساهم في تراكم الكولسترول. ولا يعد الكولسترول سيئا بطبعه، إذ يستخدمه الجسم لصنع الخلايا والفيتامينات وهرمونات معينة، ولكن الكثير من البروتين الدهني منخفض الكثافة يمكنه التراكم داخل الشرايين، مما يزيد من خطورة حدوث أمراض القلب والسكتة الدماغية. في حين أن ارتفاع مستوى البروتين الدهني مرتفع الكثافة يساعد في حماية القلب من خلال حمل البعض من البروتين الدهني منخفض الكثافة بعيدا عن الشرايين وإعادته إلى الكبد، حيث يتكسر ويتم التخلص عنه.
التغذية الصحية
وبالنسبة للذين يرفضون الأدوية، يقول الخبراء إن أفضل وسيلة للسيطرة على الكولسترول هي النظام الغذائي المنضبط والعادات الصحية مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على قسطٍ كاف من النوم. ولكن هناك تحذير واحد: التأكد من استشارة الطبيب قبل الإقلاع عن الدواء. وفي خال تمّ ذلك لا بد من إجراء فحوصات دورية لمراقبة مستوى الكولسترول.
وقال ديفيد كاتز، الرئيس السابق للكلية الأمريكية لطب نمط الحياة و المدير المؤسس لمركز البحث الوقائي في جامعة ييل "عندما يكون الأشخاص على استعداد للالتزام بنظام غذائي مثالي، سيكون ذلك بلا شك أفضل من أي دواء توصلنا إليه".
وأوضح هينسرود أنه توجد منافع صحية أخرى، مثل خسارة الوزن وخفض " ضغط الدم وغلوكوز الدم، وهذا من شأنه الحد من خطورة الإصابة بأمراض القلب بصورة منفصلة عن الكولسترول".
ويوصى الخبراء باتباع نظام غذائي نباتي غني بالألياف القابلة للذوبان والشوفان ونخالة الشوفان والتفاح و البازلاء والحمضيات والفاكهة والجزر والشعير وبذور الكتان، بالإضافة إلى المكسرات و ستيرول النبات، وهو ما يوجد في كميات صغيرة من الفاكهة والخضروات و زيت الزيتون والمكسرات، كما يتم إضافته إلى اللبن والزبادي.
كما يحث الخبراء المستهلكين على تجنب الدهون المشبعة، خاصة الموجودة في اللحوم الدهنية والمصنعة و الزبد و الزيوت الاستوائية مثل النخيل وجوز الهند، واستخدام الزيوت غير المشبعة أو المشبعة المتعددة مثل الذرة والكانولا وعباد الشمس والسمسم. وقال الخبراء إن الدهون المشبعة تتسبب في رفع مستوى الكولسترول بصورة أكبر منالكولسترول الطبيعي الموجود في البيض والمحار.
وأشارت بعض الأبحاث بشكل مفاجئ إلى أن تناول الجبن غير المصنع بصورة معتدلة يخفض من خطورة الإصابة بأمراض القلب. وقال هينسرود " ربما يكون ذلك الاستثناء الوحيد لقاعدة خفض الدهون المشبعة، في حال عدم تناولها بإفراط".
بنظام بورتفوليو الغذائي
ويوصى الكثير من الخبراء بنظام بورتفوليو النباتي، الذي صممه ديفيد جينكيز، الأستاذ في إدارة علوم التغذية والطب في كلية تيميرتي للطب في جامعة تورونتو. ويركز هذا النظام على تناول الألياف القابلة للذوبان والستيرول، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة. وقد خلصت دراسة أجراها جينكيز وزملاؤه سابقا إلى أنه بالمقارنة بين تأثير حمية بورتفوليو لخفض الكولسترول والأدوية لم يتم رصد اختلافات كبيرة.
وقال جينكيز" علينا أن نركز أكثر على مساعدة الأشخاص على فهم الأنظمة الغذائية النباتية". وأضاف" البعض لم يتناولوا حساء العدس قط، يمكن أن يكون شهيا ومغذيا ومفيدا من أجل مستويات الكولسترول. نحن حريصون على تعليم الأشخاص كيفية تناول الطعام ضمن النظام الغذائي النباتي". وفيما يتعلق بالتحول لنظام غذائي نباتي، يقول جينكيز " يتعين البدء في
تناول أطعمة جديدة تدريجيا"، مضيفا أن الفكرة تكمن في "المضي لتبني نظام غذائي نباتي ليكون أسلوب حياة. ويشار إلى أن بعض الأشخاص لا يمكنهم خفض مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة لديهم بدون أدوية بسبب حالة جينية تجعلهم عرضة لارتفاع الكولسترول، بما في ذلك فرط كولسترول الدم العائلي، وهو مرض وراثي يتعلق بقدرة الجسم على معالجة البروتين الدهني منخفض الكثافة" وقال جينكيز" سوف يتعين عليهم تناول دواء ستاتين دائما" بالإضافة إلى أدوية أخرى، على الرغم من أن الذين يتبعون نظاما غذائيا وأسلوب حياة يتسم بالصرامة ربما يستفيدون من ذلك أيضا.
رغم التحديات والجدل حول مستويات الكولسترول وتأثير الأدوية، يظل التوجه نحو نمط حياة صحي وتناول طعام متوازن يمثل أفضل طريقة للحفاظ على الصحة وتجنب الآثار الجانبية الناجمة عن بعض العلاجات.