مصير حل الدولتين بين الزخم الدولي والرفض الإسرائيلي.. و80% من الفلسطينيين في الضفة الغربية يؤيدون هجوم 7 أكتوبر.. نتنياهو: "جائزة الإرهاب لن تجلب السلام ولن تمنعنا من هزيمة حماس"
يواجه حل الدولتين لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اختبارا ربما هو الأصعب في ظل الجولة الأحدث والأطول في تاريخ هذا الصراع، والتي شهدت تحولات جذرية سواء ما يتعلق بالمواقف الدولية من هذا الحل أو رغبة تل أبيب في استبعاده تماما.
ومع مرور جولة التصعيد الحالية بمراحل عدة بدءا من هجوم السابع من أكتوبر وما تلاه من حرب إسرائيلية دخلت شهرها الثامن، تبدلت مواقف العديد من دول العالم.
فمن الدعم والتعاطف الكبير الذي اكتسبته بعد تعرضها لهجوم 7 أكتوبر وسقوط أكثر من 1200 قتيل، إلى مواقف منادية بوقف الحرب على قطاع غزة التي أوقعت عشرات الآلاف من الفلسطينيين بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، وجدت تل أبيب نفسها في وضع جديد صنفه مراقبون على أنه خسارة سياسية غير مسبوقة.
وربما الغضب الشعبي المتنامي الذي جسدته المظاهرات الطلابية التي اجتاحت عشرات الجامعات في الولايات المتحدة والعديد من دول العالم الغربي مثلت عامل ضغط على حكومات تلك الدول لاتخاذ موقف واضح للتحرك من أجل وقف نزيف الدم في غزة.
ووجدت إسرائيل ، في ظل حكومتها اليمينية الأكثر تطرفا ، نفسها أمام المحكمة الجنائية الدولية تواجه اتهامات بالإبادة الجماعية، ومطالبات بتوقيف رئيس حكومتها ومسؤولين آخرين، وهو تحول كبير ترافق مع إصرار حتى من قبل حلفاء تقليديين لتل أبيب على ضرورة تطبيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط.
ويرى مراقبون أن رد الفعل الإسرائيلي على إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية يبرهن على عدم رغبة تل أبيب في تحقيق حل الدولتين.
ففي أول تعليق له على قرار إسبانيا والنرويج وأيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين، اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "مكا فأة للإرهاب".
وقال إن "80% من الفلسطينيين في الضفة الغربية يؤيدون مجزرة 7 أكتوبر الرهيبة... ستكون هذه دولة إرهابية وستحاول تكرار مذبحة 7 أكتوبر ولن نوافق على ذلك".
وأضاف نتنياهو : "جائزة الإرهاب لن تجلب السلام ولن تمنعنا من هزيمة حماس أيضا".
وجاء تعليق نتنياهو في وقت صادق فيه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت على إلغاء قانون فك الارتباط، مما يدخل القرارات المتعلقة بعودة الاستيطان شمال الضفة الغربية حيز التنفيذ بشكل يتعارض مع تمسك المجتمع الدولي بحل الدولتين.
واعتبر مراقبون أن هذا القرار "ينسف" حلم إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
كما قوبلت خطوة الإعلان عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بتحرك من قبل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تمثل في اقتحامه المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، في خطوة وصفت من الجانب الفلسطيني بالاستفزازية.
ولم يقف الرد الإسرائيلي عند هذا الحد، بل وصل إلى درجة إعلان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعتزامه عدم تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية ومطالبته بإلغاء امتيازات الشخصيات رفيعة المستوى في السلطة وفرض عقوبات اقتصادية عليهم وعلى عائلاتهم، بالإضافة إلى بناء مستوطنة مقابل كل دولة تعترف بفلسطين وبناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية.
وانضمت الدول الأوروبية الثلاث، إسبانيا والنرويج وأيرلندا، الأربعاء إلى عشرات الدول التي اعترفت بدولة فلسطين ليصل العدد الإجمالي إلى 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونقلت صحيفة هآرتس العبرية عن وزير الخارجية النرويجي إسبن بارت إيده قوله : "اعترفنا بالدولة الفلسطينية بسبب سياسات حكومة نتنياهو"، بينما تحدثت صحيفة معاريف عن مساع إسرائيلية "لتجنيد دول في الاتحاد الأوروبي للاعتراض على الاعتراف بدولة فلسطينية".
ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قرار الدول الأوروبية الثلاث الاعتراف بدولة فلسطين بأنه "فشل سياسي غير مسبوق لإسرائيل".
وبينما راحت حكومة نتنياهو تبحث عن إجراءات عقابية للرد بها على هذه الخطوة من قبل الدول الثلاث، تعهد منسق السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالعمل "بلا هوادة" مع جميع الدول الأعضاء في التكتل لتعزيز موقف مشترك على أساس حل الدولتين.
ويرى محللون أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على المضي قدما في حربها بقطاع غزة، مع العودة لمخططات الاستيطان في الضفة الغربية، ينذر بتصعيد خطير ستخسر بموجبه تل أبيب ما حققته على مدار سنوات على صعيد التعايش في سلام مع جيرانها في المنطقة.
وربما يعزز هذا الطرح تزايد الانتقادات الداخلية من قبل المعارضة في إسرائيل لطريقة إدارة الأمور التي تتعامل بها حكومة نتنياهو مع الحرب في غزة ومساعي تحرير الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس.
وفي ظل انضمام متوقع لمزيد من الدول للاعتراف بدولة فلسطين، وتفكير حكومة نتنياهو فقط في كيفية تهديد ومعاقبة الدول التي تقدم على هذه الخطوة واستبعاد أي إمكانية لتطبيق حل الدولتين، تتعالى الأصوات المعارضة للحكومة الإسرائيلية المتشددة للمطالبة برحيلها وإجراء انتخابات مبكرة، ليظل حل الدولتين بانتظار إرادة دولية قوية لفرضه ووضع حد لصراع طال أمده.