ما مصير الكنوز الثقافية والأثرية في هايتي وسط المأزق الأمني؟
يرجع تاريخ الكنوز الوطنية في هايتي المتمثلة في مدافع إلى القرن الثامن عشر، وتوجد بمختلف الأوزان والأحجام.
تحيط المدافع ذات الحجم الكبير المصبوبة من الحديد، بالنصب التذكاري المسمى قلعة هنري الكائنة على قمة أحد الجبال، في بلدة ميلوت الريفية على مشارف مدينة كاب هايتيان الشمالية، أما المدافع الأصغر حجما والمصبوبة من البرونز، فقد تم وضعها في أمان خلف أبواب مغلقة، في متحف يفتح أبوابه فقط لكبار المسؤولين والدبلوماسيين وغيرهم من الشخصيات المهمة، بحسب صحيفة ميامي هيرالد.
وتعد مجموعة المدافع في القلعة من بين الأكبر في العالم، وهي الغنيمة الثمينة لكفاح هايتي الصعب والطويل من أجل الحرية. وتم الحصول عليها من الإنجليز والإسبان والفرنسيين، بعد أن تمرد العبيد في الجزيرة التي كانت تعرف باسم سان دومينيجو وأطلقوا ثورة هايتي عام 1791.
والآن اختفى اثنان من المدافع الأصغر حجما دون أن يتركا أي أثر، من داخل قاعة العرض بالمتحف المحكم إغلاقه بقلعة هنري.
وتم رصد حادث السرقة لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين. ولكن لم يتم الإعلان عن السرقة إلا مؤخرا بعد أن بدأ المواطنون يتبادلون النقاش حولها على منصات التواصل الاجتماعي. وحتى وقت قريب لم يكن هناك بلاغ رسمي عن الحادث، لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، التي تنظر إلى المدافع الأثرية على أنها جزء من السبب في إدراجها للقلعة والعديد من المعالم التاريخية الأخرى، الواقعة داخل متنزه التاريخ الوطني في بلدة ميلوت، على قائمة التراث الثقافي العالمي.
وأرجع البعض السبب في تأخير إبلاغ اليونسكو بالسرقة إلى تردي الأوضاع الأمنية الحالية في هايتي، هذه الدولة التي مزقها عنف عصابات الجريمة.
وهناك احتمال أن يكون المدفعان لا يزالان على أراضي هايتي، ويتوقف ذلك على ما إذا كانت السرقة بغرض الحصول على المال من بيع معدنهما الثمين، أو بهدف بيعهما كعمل فني يهم هواة اقتناء القطع الأثرية، وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن أن يكون قد تم تهريبهما إلى الخارج.
ويقول نيت أخيل مدير معهد المنطقة الشمالية في هايتي، المسؤول عن حماية القلعة إن السرقة هي عمل داخلي.
ويضيف أخيل "إن أحد الموظفين على الأقل تواطأ لتسهيل السرقة، أو نفذها بمفرده لأنه من المتعذر أن يخرج المدافع من مكانها أشخاص من الخارج. ثانيا تقع المدافع في منطقة من القلعة مغلقة أمام الجمهور، وآخر زيارة شهدتها المنطقة كانت منذ ثلاث سنوات، ولم يدخل أحد فيها باستثناء الموظفين العاملين بالقلعة، الذين يتوجهون إليها للقيام بأعمال النظافة أو الحراسة".
ويوضح أخيل أن أكثر من عشرة أشخاص يعملون حاليا في القلعة، وتم سجنهم في إطار التحقيق الجاري.
وتقول دومينيك دوبوي مندوبة هايتي لدى اليونسكو إنه إذا لم تتم استعادة المدفعين فإن اختفائهما، يمكن أن يشكل "تهديدا لوضع القلعة، ولتصنيف المتنزه الوطني كموقع للتراث العالمي".