داخل جدران سجن صيدنايا.. قصص مروعة من قلب الجحيم السوري
في عالمٍ تُحاكي فيه الأفلام مشاهد الرعب، تظهر شهادات المعتقلين في سجن صيدنايا بسوريا كجرائم تفوق الخيال، بين غرف التعذيب، وأقبية الموت، وأشكال الإذلال النفسي والجسدي، تعرضت أجسادٌ ونفوسٌ للانتهاك الذي لا يوصف، حيث كان الهدف ليس فقط إنهاء حياتهم، بل تحطيم إنسانيتهم.
هنا حيث يصبح الموت رحمة أمام التعذيب، تتجلى قصص لمعتقلين عاشوا الرعب في أبشع صوره، لتروي للعالم ما خلفته آلة القمع الوحشية من أهوالٍ ودمار.
على كرسي صغير وتحت شمعة متوهجة، كان المعتقل يجلس في انتظار مصيره، لم تُطفأ الشمعة إلا بعدما ذاب جزء من جلده، ليتناثر على الأرض، ثم يُعاد إلى المهجع حيث يعاني جراحه في صمت.
إحدى المعتقلات كانت تقرأ آيات من القرآن يوميًا، لكنها عوقبت بما لا يمكن وصفه. بعد تعذيب وحشي، كان الخيار أمامها: "الضابط أم حفلة جديدة من التعذيب؟" كانت تختار الضابط، ليقوم باغتصابها أثناء تشغيل الآيات التي كانت تحفظها، بعدها، جلسات نفسية مكثفة أقنعتها بأنها زانية باختيارها.
خرجت من المعتقل، لكنها لا تزال تعيش على المهدئات النفسية منذ أربع سنوات، تحاول إقناع نفسها بأنها كانت ضحية وليست مذنبة.
أما الأطفال، فلم يسلموا من جحيم سجن صيدنايا طفل من "داريا"، لم يتجاوز 16 عامًا، عُذّب حتى ذابت ملامح وجهه بواسطة اللحام الساخن، ثم أُعيد إلى زملائه في المهجع وهو يقطر دمًا، ظلوا يحاولون تخفيف ألمه بالماء، لكنه توفي بعد يومين.
وفي زاوية أخرى من هذا الجحيم، كان أحد المعتقلين يُجبر على العيش في مكان أطلقوا عليه "بيت الكلبة"، مساحة متر واحد فقط، حيث كان يقضي حاجته ويأكل هناك، لم يُسمح له بالطعام إلا إذا نبح كالكلاب.
ولم تكن النساء بمعزل عن هذه الفظائع، إحدى المعتقلات، وهي طالبة في السنة الثالثة بكلية الطب، تم اغتصابها أمام صديقتها، لتُحطم إنسانيتها في لحظات، لم يكن الألم ينتهي بانتهاء التعذيب الجسدي، بل كانت العذابات النفسية تلاحقهم طيلة الوقت.
في مشهد آخر، أُجبر معتقل على البقاء في "غرفة الملح" مع جثث متعفنة، يُطلب منه أن يأكل منها، ومع كل رفض كانت التهديدات تصاعد: “إن لم تأكل، سنشوي ابن أختك ونطعمه لك”.
تقدر رابطة معتقلي سجن صيدنايا أن 30 ألف معتقل قُتلوا في الفترة بين 2011 و2018. الشهادات المروعة التي خرجت من بين جدران هذا السجن كشفت عن أبشع أنواع التعذيب التي يمكن أن يتخيلها عقل بشري.
لكن الأسوأ من ذلك، أن هذه القصص ليست مجرد أحداث من الماضي، بل حقائق تجسد جريمة مستمرة ضد الإنسانية.
"الموت لم يكن مرعبًا.. كان الخلاص الوحيد، أما التعذيب، فكان له ألف وجه.