الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

تونس على حافة الإنفجار.. التونسيون بين مطرقة شلل الحياة السياسية وسندان تردي الأوضاع الإقتصادية جراء تداعيات جائحة كورونا.. تعديل وزاري مرتقب.. نواب البرلمان: "فليغير الوزراء نموذج الحوكمة أو ليرحلوا"

الثلاثاء 26/يناير/2021 - 11:04 م
المظاهرات التونسية
المظاهرات التونسية

أعادت مشاهد تظاهر مئات التونسيين اليوم الثلاثاء قرب البرلمان الذي يصوت فيه النواب التونسيون الثلاثاء على تعديل وزاري واسع، نفس اللحظات التي عاشها الشعب التونسي قبيل عشر سنوات لما اطلق عليه "ثورة "الياسمين" أحد انواع ما أطلق عليه الغرب بوجه عام "الربيع العربي"، التي اشتعلت نتيجة صفع شرطي "راع غنم"، زغم ان إنتشار الفيديو بالواقعة على السوشيال ميديا وانفجار الأوضاع قد لا يرتقي أبدا بواقعة التعدي والتي لا يفهم أبعادها حتي الان، لكن الان ما يحدث من أضطرابات وتظاهرات هي نتاج ارث سياسي غير محسوب يتحمل عواقبه التوترات السياسية بين الرئيس التةنسي قيس سعيد وأعضاء البرلمان .


ومع تجمع آلاف المتظاهرين قرب البرلمان بدعوة من حوالى ثلاثين منظمة غير حكومية فى تونس للاحتجاج على السياسات الأمنية للدولة التونيسية خاصة في المناطق المهمشة، اضافة لانضمام عدد من نواب البرلمان للاحتجاجات، داعين إلى مزيد من الحوار في بلد تأثر كثيرا بتفشي فيروس كورونا المستجد وتداعياته لاجتماعية، وردد المتظاهرون "حرية وكرامة للأحياء الشعبية" و"فليسقط النظام" واطلقوا شعارات معادية للحكومة أو الكتلة الرئيسية في البرلمان، حزب "النهضة" المحسوبة على جماعة الأخوان المصنفة دوليا بالإرهابية .


كما نظمت تظاهرات في مدن تونسية عدة احتجاجا على سياسة القمع وللمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلا وبإطلاق سراح مئات المحتجين الذين اعتقلتهم الشرطة بعد الاشتباكات، وعلى مدى ليال، هاجم شبان الشرطة المنتشرة لفرض حظر التجول بعيد حلول الذكرى العاشرة للثورة التي أسقطت في 14 يناير 2011 الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في السلطة، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واعتقلت أكثر من ألف شاب، في وقت أثرت القيود التي فرضت لمحاربة الوباء أثرت خصوصا على الفئات الأكثر ضعفا، إذ تسببت بإلغاء عشرات الآلاف من الوظائف وعرقلت التعليم.


وفى تقرير لوكالة الانباء الفرنسية تقول يسرى فراوس رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات "المسؤولون السياسيون ينتهجون الاستراتيجيات نفسها التي لم تفض إلى الان سوى لإخفاقات"، وأضافت "فليغيروا نموذج الحوكمة أو ليرحلوا عن السلطة!".


من المقرر أن يصوت أعضاء البرلمان على تعديل وزاري طرحه في 16 يناير رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الذي قام بتغيير 11 وزيرا من بينهم وزراء الداخلية والعدل والصحة، حيث قال المشيشي الثلاثاء إن الهدف هو الحصول على فريق "أكثر كفاءة" من أجل تحقيق الإصلاحات في البلاد التي تشهد أزمة صحية واقتصادية وسياسية واجتماعية.


وتسجل تونس أكثر من ألفي إصابة وأكثر من 50 وفاة اضافية بكوفيد-19 يوميا، وقد حذر أطباء من الصعوبات المتزايدة في العثور على أماكن في اقسام الانعاش، لكن الرئيس قيس سعيد انتقد بشدة هذا التعديل مساء الإثنين معربا عن أسفه لعدم استشارته، وأشار الى أنّ "بعض المقترحين في التحوير الوزاري تتعلق بهم قضايا أو لهم ملفات تضارب مصالح"، كما أعرب عن استيائه "من غياب المرأة عن قائمة الوزراء المقترحين".


وهذه الاحداث تنذر كل ذلك بتوترات جديدة حول تشكيل الحكومة، التي باتت مهمة شاقة منذ الانتخابات التشريعية في العام 2019 التي أسفرت عن تشتت البرلمان بين عدد لا يحصى من الأحزاب التي تشكل تحالفات هشة، وبعد فشل الحكومة الأولى في الحصول على ثقة النواب في يناير 2020 واستقالة الحكومة الثانية في تموز/يوليو بعد بضعة أشهر في السلطة، أصبحت الحكومة الحالية موضع تجاذبات منذ توليها الحكم في سبتمبر.

وكان المشيشي، وهو تكنوقراطي عينه الرئيس قيس سعيد، شكل فريقا يضم العديد من المسؤولين والأكاديميين من بينهم بعض المقربين من الرئيس، واكتسب ثقة النواب الذين كانوا يواجهون خطر حل البرلمان إلا أنهم ما لبثوا أن طالبوا لاحقا بتغييرات، لذلك، أعاد المشيشي تشكيل فريقه بدعم من حزب "النهضة" المتحالف مع حزب "قلب تونس" الليبرالي وائتلاف الكرامة الإسلامي، لكن الرئيس سعيد وهو أكاديمي مستقل ومنتقد للديموقراطية البرلمانية ومنخرط في مواجهة مع "النهضة"، يحاول قلب لعبة سياسية غير مستقرة مخاطرا بتفاقم العداوات التي تشلّ العمل السياسي، في وقت تضررت تونس بشدة من وباء كوفيد-19 وتداعياته الاجتماعية.