الحب والموت فى لندن (6)
فى إفادتها أمام جهات التحقيق، قالت مارجريت إن زوجها "علي كامل فهمى" كان يسيء إليها جسديـًا ويحبسها فى يخته أثناء رحلة شهر العسل، وفى الأقصر، جعلها ترقد فى مقبرة فرعونية فارغة لالتقاط صورة لها، وحين وصلا فندق "سافوى" بعد بضعة أشهر، وصلت العلاقة بينهما إلى نقطة الفراق، بعد رفضه دخولها مستشفى لإجراء عملية جراحية كانت تحتاجها.
في غضون ذلك، بدأ "علي كامل فهمى" يتحلل من تعهداته والتزاماته تباعـًا، فقد كان قد تعهد لها، أثناء مفاوضات الزواج، بألا يجبرها على وضع الحجاب على وجهها، كما كان شائعـًا بين زوجات الأعيان المصريين، إلا أنه أخبرها ذات مرة بأنه لا يليق أن تظهر سافرة فى المحكمة الشرعية، ومرة أخرى بأنها تبدو أجمل باليشمك، وثالثة بأن أقاربه يعيبون عليه عدم التزام زوجته بالتقاليد المصرية.
وقامت بينهما مشاجرة ذات يوم لرفضه السماح لها بالخروج للتسوق، وحينما عاندت وأصرت ثار فى وجهها قائلًا: إن كل سيارات القصر مشغولة بمهام عاجلة، وأضاف متحديـًا أنها تستطيع إذا أصرت على الخروج أن تستخدم الترام، وقبلت التحدى ببساطة، فأوقعته فى مأزق لم يجد له حلًا إلا بإرسال حارسين معها، واستقلت "منيرة هانم" عربة الحريم بخط الترام الذى يربط الزمالك بوسط البلد، وعادت بالطريقة نفسها، ولأن "علي فهمى" كان يظن أنه بهذه الطريقة يقوم بإذلالها، فقد تكرر ذلك عدة مرات، رغم تنبيه الحارسين له بأن مراقبة الهانم داخل الترام عسيرة؛ إذ إنها تستقل عربة الحريم التى لا يحق لهما ركوبها، إلى أن حدث ما كانا يخشيانه، فقد هربت من المراقبة ذات صباح وذهبت إلى إحدى دور السينما بوسط المدينة، وأثناء الاستراحة التقت بصديق زوجها الوجيه الشاب "مختار بك" الذى دعاها -بعد انتهاء العرض- لكى تستقل سيارته حين لم يجد فى انتظارها سيارة، فاستجابت لدعوته دون تردد، وما كادا يغادران السيارة عند باب القصر حتى وجدا الزوج "علي كامل فهمى" في الانتظار، وبعد أن استمع إلى قصتهما شكر ضيفه على مروءته، واقتاده إلى البهو، وأمر له بفنجان من القهوة، واستأذنه فى أن يغيب عنه قليلًا، ثم سحب "منيرة هانم" من يدها وصعد بها إلى الدور العلوى، وبعد نصف ساعة كانت صرخات "ماجى" خلالها تتصاعد، نزل إلى ضيفه وعلى فمه ابتسامة واسعة ليكرر ترحيبه به ويشكره ويلح عليه فى البقاء لكى يتناول الغداء معه!
لم تكن "ماجى ميلر" امرأة سهلة أو ضعيفة.. ولأن نزوعها للسيطرة عليه لم يكن يقل درجة عن نزوعه للسيطرة عليها، فقد خاضت المعركة ببسالة، بلسانها وأحيانا بيدها، فإذا ما شتمها ردت الإساءة، وإذا ما صفعها صفعته أو عضته، لكن رده الباطش وقوته البدنية المفرطة أقنعاها بالعدول عن استخدام سلاح الاشتباك الجسدى، وقد ذكرت فيما بعد أنها عضته فى إصبعه أثناء إحدى مشاجراتهما، فلم يكف عن ضربها حتى كادت تفارق الحياة، بل وحبسها فى غرفتها لمدة 18 يومـًا، قضت منها يومين بلا طعام تحت حراسة كان يتناوب عليها خدمه وحراسه "الباش أغا" و"كوستا" و"يوسف"، وأضافت "ماجى" أنها لم تفكر جديـًا فى طلب الطلاق منه سوى تلك المرة، وقد ناقشت ذلك مع محاميها، لكنها سرعان ما عدلت عن الفكرة!
كانت آخر مناسبة مصرية عامة يظهر فيها "علي كامل فهمى" هى مهرجان الزهور الذى أقيم بنادى المختلط "الزمالك حاليـًا" فى 23 أبريل 1923؛ إذ كان أحد أعضاء لجنة تحكيم المهرجان، الذى اشترك فيه عدد من المؤسسات التجارية والشركات الصناعية بعربات مزينة بالزهور الغالية والنادرة، ثم سافر مع زوجته إلى مسقط رأسها بباريس وبصحبة شقيقتيه وزوجيهما وأيضـًا أحد كبار أعيان المنيا ومحاميها بناءً على طلبها حتى يكونوا صمام أمن يحول دون انفجار الموقف بينهما، لكن الأمور ساءت هناك أكثر عندما اكتشف "علي كامل" أنها روت لإحدى صديقاتها بعض شؤونهما الخاصة فتشاجر معها فى بهو الفندق، وأخذ يصيح فى وجهها بأن نهايتها ستكون على يد خادمه "كوستا" وهي تكيل له السباب.
وفى ليلة أخرى كانا يجلسان فيها فى ملهى "الفولى بيرجير" حين لفت نظره أنها أحنت رأسها لشاب كان يجلس فى الطرف الآخر من الملهى، فثار فى وجهها وتبادلا الشتائم وقبض على كفها لكنها سحبته منه بقوة، وظل يجذبها وهى تقاوم إلى أن وقع على الأرض، بعد أن خرج السوار من كفها، فتعالت ضحكات المحيطين بهما.