البداية حرب والنهاية سلم .. في ذكرى توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.. رجل المهام الصعبة يتوجه إلى القدس .. وإتمام المعاهدة المعجزة
الأحد 11/أكتوبر/2020 - 07:24 م
تحل اليوم السبت الموافق 11 أكتوبر، ذكرى بدء مفاوضات اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بعد أن شنت كل من مصر وسوريا حربًا على إسرائيل عام 1973م، بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق ليوم 10 رمضان 1393 هـ بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان. وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريا او اقتصاديا، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22 أكتوبر عام 1973م.
البداية حرب والنهاية سلام
بعد أيام من اندلاع حرب أكتوبر1973، بدأت أولى جولات "معركة السلام"، وفق تعبير بطرس غالي، الدبلوماسي المصري الشهير والأمين العام السادس للأمم المتحدة، بالمفاوضات بين الجانبين المصري والإسرائيلي، التي عُرفت بمفاوضات الكيلو 101 في أوائل 1974، أعقبتها اتفاقيتا فض الاشتباك الأولى والثانية في عامي 1974 و1975، تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط، إذ تم التوقيع في 11 نوفمبر 1973 على اتفاق يضمن التزاماً بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق، ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، واُعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية مهمة في إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط.
توقيع اتفاقيات أولية لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل
تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل في يناير 1974، الذي حدد الخط، الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات، التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية، وأعقب ذلك التاريخ وتحديداً في سبتمبر 1975.
التوقيع على الاتفاق الثاني، الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة نحو 4500 كيلومتر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يُحسم بالقوة العسكرية، لكن بالوسائل السلمية.
رجل المهام الصعبة يتوجه إلى القدس
وبعد مفاوضات فض الاشتباك الأولى والثانية، التي كانت الأولى بين الجانب المصري والإسرائيلي، تجلَّى أول مظاهر السلام الفعلي، في كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تحت قبة مجلس الشعب، خلال دورة افتتاح المجلس، في التاسع من نوفمبر 1977، حين أعلن قائلاً "وستُدهش إسرائيل، حينما تسمعني الآن أقول أمامكم، إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى "الكنيست" ذاته، ليبدأ بعدها مشوار السلام، الذي أراده، وسط مقاطعة عربية ومعارضة داخلية، توجه الرئيس المصري إلى القدس لإجراء محادثات سلام، ليصبح أول رئيس عربي يزور الدولة العبرية.
المعاهدة المعجزة
وتوجت رحلته بعد عام بالتوصل إلى اتفاقيات كامب ديفيد بوساطة الولايات المتحدة، والتي وقعها السادات وبيغن في سبتمبر 1978، وتنص على التوصل إلى معاهدة سلام بين البلدين خلال ثلاثة أشهر.
بعد أن مرت ثلاثة أشهر دون التوقيع رسمياً على معاهدة سلام، قرر بيغن تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تنص عليه اتفاقات كامب ديفيد، ولإنقاذ معاهدة السلام زار كارتر البلدين، وأثمرت جهوده، ووقع بيغن والسادات على المعاهدة في 26 مارس خلال مراسم استغرقت عشر دقائق في البيت الأبيض وحضرها نحو الفي شخصية بارزة.
وقال كارتر الذي وقع على المعاهدة بوصفه شاهدا "لقد ربحنا أخيرا خطوة أولى باتجاه السلام، وخطوة أولى على طريق طويل وصعب، وعلينا عدم التقليل من شأن العقبات التي لا تزال تقف أمامنا".
وأشاد السادات بكارتر ووصفه بأنه "الرجل الذي صنع المعجزة".
إنهاء 30 عامًا من الحرب
أصبحت مصر أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل التي كانت في حالة حرب مع القاهرة وغيرها من الدول العربية منذ تأسيسها في 1948.
وأدت المعاهدة إلى استعادة مصر لشبه جزيرة سيناء في 1982 وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي كانت مقامة عليها.
وبالمقابل قدمت مصر لإسرائيل إنهاء العداوات وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية معها.
ونصت المعاهدة على العبور الحر للسفن الإسرائيلية في قناة السويس، وعلى أن يكون مضيق تيران وخليج العقبة ممرين دوليين.
رد فعل العالم العربي على اتمام اتفاقية السلام بين الطرفين
أغضبت المعاهدة العالم العربي الذي اعتبر أنها أخرت مصر من الصراع مع اسرائيل، وقوضت وحدة الموقف العربي، ووصف العرب المعاهدة بأنها خيانة تضرب حقوق الفلسطينيين.
وعلى الفور عُلّقت عضوية مصر في الجامعة العربية التي نُقل مقرها من القاهرة إلى تونس، واستدعت معظم الدول العربية سفراءها من القاهرة وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها.
وكذلك واجه السادات انتقادات واسعة في بلاده، وبعد ثلاث سنوات اغتاله متطرفون مصريون.
تعليق العالم على معاهدة السلام
أيد عدد كبير من دول العالم إنهاء حالة الحرب والصراع العربى الإسرائيلى بشكل سلمى، وبسبب الاتفاق تلقى السادات وبيجن جائزة نوبل للسلام لعام 1978 بالتقاسم، لدورهما فى إنهاء حالة الحرب بين الدولتين.
جزء من نص معاهدة السلام
تنتهي حالة الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما عند تبادل وثائق التصديق على هذه المعاهدة.
تسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.
عند إتمام الانسحاب المرحلي المنصوص عليه في الملحق الأول، يقيم الطرفان علاقات طبيعية وودية بينهما طبقا للمادة الثالثة.
أخر محطات المراوغة الإسرائيلية في الإنسحاب
وخلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982، تفجَّر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا، وعرضت مصر موقفها بوضوح، وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يُحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، وفي 13 يناير 1986، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين، وانتهت إلى التوصل إلى "مشارطة تحكيم" وقعت في 11 سبتمبر 1986، التي تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف، وفي 19 مارس 1989، رفع الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا المصرية معلناً نداء السلام من فوق أرض طابا.
مكاسب معاهدة السلام لمصر
أهم نتيجة إستراتيجية للحرب هي تنفيذ الهدف الأساسي للرئيس السادات وهي إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم في الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى كانت الحرب صدمة نفسية قاسية للشعب الإسرائيلي فقد أدرك الإسرائيليون أن قواتهم يمكن أن تقهر، وانتهت الحرب بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في يناير1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا والضفة الشرقية لقناة السويس لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية، وتم استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وجميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية، ومهدت الحرب الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في سبتمبر 1978م، و تم استرداد طابا عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989 .