زواج رغم أنف الملك (8)
الثلاثاء 22/يونيو/2021 - 12:10 ص
تحدثت الملكة نازلي والأميرة فتحية أمام الصحفيين للتعليق على القرارات الصادرة من مجلس البلاط في مصر إزاءهما.. وقالت وكالة أنباء يونايتد بوست إن الأميرة فتحية سُئِلَت عن رأيها في معارضة الملك فاروق لزواجها من رياض غالي، فقالت: "إن غايتي الوحيدة أن أجعل زوجي سعيدًا، وأن أنجب له عددًا كبيرًا من الأطفال".
سُئِلَت الأميرة تحديدًا عن وقع قرارات مجلس البلاط في نفسها، قالت: "حسنٌ.. هذا ما كنت أريده من زمن".
وكانت تبدو على وجوه الملكة الوالدة وفتحية ورياض غالي دلائل الاستهتار وعدم المبالاة بقرارات مجلس البلاط، وعندما سُئِلَت الملكة نازلي عن رأيها في هذه القرارات، أجابت بقولها: "لقد كنت أتوقع هذا الأمر، لذلك فهو لا يهمني في شيء".
وسُئِلَ رياض غالي -ابن بشاي غالي- في الموضوع فقال: "إن هذه القرارات لا تهمني، ولا تهم زوجتي في شيء، ولكن اهتمامنا الآن منصب على ما يمس جلالة الملكة نازلي من هذه القرارات" (كانت الملكة نازلي قد اعتبرت أن فاروق قد انتهز الفرصة ليستولي على ثروتها من الأرض والعقارات والأثاث والتحف والأموال السائلة).
واستطرد رياض غالي قائلًا: "وعلى أي حال فإن لدينا من المال ما يكفينا بعض الوقت، أما في ما يتعلق بالزواج الديني، فإننا نعد العُدة الآن لإتمامه في غضون بضعة أيام".
هذا وقد أُشيع وقتها أن مكتب الهجرة الأميركي في سان فرانسيسكو طلب من رياض غالي أن يغادر الولايات المتحدة في مدة أقصاها 25 مايو 1950، دون أن يُعيَّن له الجهة التي يقصدها.
وكانت السفارة المصرية في واشنطن قد سحبت من رياض غالي جواز سفره الدبلوماسي قبل تصعيد الأزمة بعامين عندما رفض الأوامر الصادرة إليه من وزارة الخارجية بالعودة إلى مصر، لذلك أصبحت إقامته في الولايات المتحدة في العامين الأخيرين غير قانونية.
ولما سُئِلَ رياض غالي عما يعتزمه الآن بعد أن تلقى إنذار مكتب الهجرة بضرورة مغادرة البلاد في مدةٍ لا تتجاوز 25 مايو 1950، قال إنه يفكر مع زوجته فتحية في السفر إلى جزر هاواي حيث لا تزال تقيم الأميرة فائقة مع زوجها فؤاد صادق.. لكنه لم يكن يدري أن فائقة ستتراجع وتعود مع زوجها إلى مصر.
أما في ما يتعلق بقرار مجلس البلاط الخاص بالتفريق فورًا بين فتحية ورياض غالي بوصف أن زواج المسلمة من غير المسلم باطل بطلانـًا أصليـًا ولا يترتب عليه أي أثر من آثار الزوجية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن السلطات الأميركية رأت أنه لا يمكن اتخاذ خطوة عملية في سبيل تنفيذه.
وكان من رأي هذه السلطات أن كل ما تستطيع أن تفعله الحكومة الأميركية هو أن تطلب إلى الملكة الأم وابنتها فتحية مغادرة البلاد إذا طُلب إليها أن تفعل ذلك، ولكنها لا تستطيع تسليمهما رغم إرادتهما إلى السلطات المصرية أو حتى تعيين البلد الذي تسافران إليه عند مغادرتهما الولايات المتحدة.
في القاهرة، كانت الأخبار المتضاربة عن هذه الزيجة والتحولات الدينية لأطرافها تزيد الوضع سوءًا.
فقد قالت الملكة نازلي في حديث لصحيفة "أخبار اليوم" إن فتحية بزواجها من رياض غالي تكسب ثواب الذي كسب لدينه مؤمنـًا جديدًا، في حين قالت الصحيفة إن والد رياض في مناحة لأن ابنه اعتنق الإسلام مع أن جده لأبيه قسيس، وجده لأمه هو وهبة مينا بك مدير البطركخانة القبطية سابقـًا. لم يتخلف بشاي أفندي غالي والد رياض في التعبير عن موجة الغضب، فقال للصحف إن الإسلام والمسيحية لا يقران ما حدث ولا يباركانه، وأضاف: "دين الإسلام لا يقر زواج المسلمة من المسيحي، وشريعتنا لا تجيز تكليل المسيحي المعمد إلا بمسيحية، فما أنا وأسرتي وآلي إلا من بعض هذا الشعب الذي يدين بالولاء لـ"فاروق" وأسرته، ولكن هكذا أراد الله ووقع ما لم يكن لي دخل فيه".
ونشرت جريدة "المصري" حوارًا مع والد رياض حرص فيه على تأكيد إخلاصه للعرش، وفي الوقت نفسه أبدى اعتراضه على ما فعله ابنه ووصفه بأنه "لا بدَّ وقد فقد عقله"!
وفي ظل هذا الاحتقان الطائفي، توجه بطريرك الأقباط الأنبا يوساب الثاني إلى قصر عابدين على رأس وفد من كبار رجال الأسر القبطية، وطلبوا رفع فروض الولاء للسدة الملكية، وإبلاغ صاحب الجلالة أسفهم واستنكارهم الشديد لما جرى.
والمعلومات المتوافرة تقول إن فتحية -المولودة في 17 ديسمبر عام 1930- تزوجت زواجـًا مدنيـًا من رياض غالي -المولود في 11 فبراير عام 1919- في فندق فيرمونت في سان فرانسيسكو في 25 أبريل عام 1950، ثم أجريت مراسيم دينية للزواج في 10 مايو عام 1950، وأثمرت هذه الزيجة عن ثلاثة أبناء هم: رفيق (المولود في 29 نوفمبر 1952) ورائد (20 مايو 1954- 26 يوليو 2007) ورانيا (المولودة في 21 أبريل 1956).
كانت نتيجة هذه التصرفات جميعـًا مأساوية لفاروق، حتى وإن لم يعش ليراها.