الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

فيلوفوبيا

الأربعاء 30/يونيو/2021 - 11:06 م

تعود أكرم أن يقضي سهرة الخميس كل أسبوع مع أصدقائه القدامى، أخذت منهم الدنيا الكثير، لم يتبقى لهم سوى القهوة التي تجمعهم أسبوعيا في محاولة للحافظ على لم الشمل بعد أن أنشغل كل منهم بحياته الخاصة، يعود أكرم لمنزله بعد يوم عمل طويل ثم سهرة حتى مطلع الفجر ليجده كالعادة ساكنا لا تدب فيه حركة أو روح  بعد أن قرر منذ سنوات أن يعيش بمفرده، جيدة حياة العزوبية لكنها قاتلة في نفس الوقت، جيدة لأنك تملك قرار نفسك لا تحمل الكثير من المسؤوليات، قاتلة لأنك أنسان وتحتاج لشريك في حزنك قبل فرحك، لكنه تعود هنا أن يشارك نفسه الحزن والفرح واختار وحدته بإرادته .


أكرم مراسل بإحدى القنوات الفضائية الشهيرة، وجهه معروف نوعا ما للجمهور لأنه كان صاحب واقعة شهيرة انتقد فيها وزير الصحة أثناء مؤتمر عن الأسعار الجديدة للدواء مما استفز الوزير ورد عليه بشكل غير لائق وبلفظ خارج وتطورت الأحداث وأضافت مواقع التواصل الاجتماعي البنزين الكافي لإشعالها إلى أن استقال بعدها الوزير أو بمعنى أدق تمت إقالته، حياته الشخصية لا تشغل حيزا كبيرا في تفكيره، متى سيتزوج، لماذا لم يدخل في علاقة حب منذ سنوات؟ كلها أسئلة تشغل من حوله لكنها لا تشغله هو شخصيا .


الأثنين ٨ مايو

انتهى أكرم من تصوير تقرير خارجي عن حالة المواطنين الحالية في ظل الغلاء وقرر أن يلبي احتياج معدته للطعام الذى لم يعد من اهتمامته، توجه لأقرب متجر يبيع وجبات غداء، مكان ضخم به الكثير من أقسام المأكولات لكنه توجه لقسم الوجبات الجاهزة.


- لوسمحت عاوز وجبة فيها فراخ ورز

- تمام يا فندم هستأذن حضرتك تحجز رقم وتدفع فلوس الأكل وترجع تستلمهم

- تمام


تذكر أكرم بعد أن حصل على الطعام آخر مرة أكل فيها وسط مجموعة من الناس، رمضان الماضي في بيت عمه، سنة تقريبا


وهو يأكل يوميا بمفرده، يتحدث مع نفسه، يفكر وحيدا في ما سيأتي دون أي شريك، الوحدة طبعت أثارها القاسية عليه، أصبح الأقتراب من البشر عبئا عليه، عاد مرة أخرى لسيارته ليتناول طعامه ثم فجأة


- ايه دا ، بيتزا ؟ فين الأكل ؟ دا مش أكلي

- يبحث عن الرقم الذي استلم به طعامه من المتجر

- يا الله ، أكيد غلط واداني أكل حد تاني

يعود مرة أخرى لعامل المتجر الذي ينتظره أيضا بعد أن عادت الفتاه التي حصلت على طعامه بالخطأ  

- اسفين جدا يا جماعة ، اتفضل دي شنطتك ودي شنطتك أنتي

- على فكرة أنا كنت جعانة جدا وهاكل الفراخ ، بس يلا حظك حلو أني رجعتهم

- ينظر لها في دهشة

- اتفضلي الفراخ والبيتزا ، اللي يعجبك فيهم خديه

- لا خلاص أنا هاخد أكلي وأنت حلال عليك الفراخ

- حلال عليا ! ماشي شكرا جدا


يعود لسيارته مرة أخرى وقرر بعد أن انتهى من وجبته الباردة بسبب ما حدث أن يتحرك تجاه منزله لتبدأ رحلته الصامتة بين آثاث البيت التي يتحدث إليها أحيانا من كثرة الملل، تفاجأ أثناء خروجه من المكان الخاص بالسيارات بها، تنتظر على الطريق، فكر قليل قبل أن يتوقف وينقلها معه، ودار في عقله "ممكن تحرجني، أنا عمري ما قولت لواحدة ممكن أوصلك، بس الشمس راحت وهي لوحدها، هخسر أيه، هقولها " وقطع أحبال تفكيره بعد أن اتخذ قرارا بالضغط على فرامل السيارة ثم يقترح عليها أن ينقلها في طريقه.


- لو تحبي أنا ممكن أوصلك في طريقي

- أنا أكيد أحب ، بدل الوقفة دي ، بس أنا حاسة أنك أنت اللي مش حابب

- طب ممكن نناقش الموضوع دا في الطريق


استقلت معه السيارة، من فترة طويلة ولم ينشغل المقعد المجاور له، أحد أصدقائه أو زميل له في العمل، لكن فتاة وجميلة مثلها، هذا لم يحدث من سنوات.


- أنا عارفاك على فكرة، ساعات بشوفك، بس مش فاكرة أسمك

- أنا أكرم عبد المنعم مراسل في قناه الحوار

- أنا مها الشيمي ، مهندسة ديكور وفنانة تشكيلية ، تقدر تعتبرني فنانة شاملة


ينظر لها وهي تتحدث بخفة ظل لم يعتاد عليها، لأول مرة لا يشعر بطول الطريق إلى منزله، لا يتحدث لنفسه، لم يتذكر كل الأحداث السيئة في حياته، يرجع لها الفضل في كل هذا، شعر فجأة أن الحاجز المنيع الذي صنعه لنفسه يتهاوى، وهو ما دفعه للرد بشكل عنيف وإنهاء الحوار دون أي أسباب واضحة، قرر فجأة أن يستكمل الطريق دون كلام، وصلا لمنزلها، شكرته وغادرت السيارة دون أن تفهم سبب سكوته المفاجئ، هل تجاوزت حدودها، هي فقط تصرفت بطبيعتها، كلها أسئلة تدور في رأسها لكنها لم تصل لإجابة، أسئلة أخرى كانت تدور في رأسه، لماذا يشعر بالسعادة، هل لانه لم يتعامل مع الجنس الآخر خارج العمل منذ فترة طويلة أم لأن هذه الفتاه تحمل طاقة إيجابية تتسلل لمن حولها دون أن يعلم، لكنه لم يبحث عن إجابات حتى الإجابات لن تفيد كثيرا، موقف وانتهى ولن يجمعهما مواقف أخرى، هكذا اعتقد .


مر أسبوعان على أكرم بعد مقابلة مها، لم يتغير الحال كثيرا ينتهي من عمله ليذهب لمنزله ويقضي نهاية الأسبوع مع أصدقائه، ليبدا أسبوعا جديدًا بنفس أحداث الأسبوع الماضي، هو لا يخشى السعادة بالعكس، هو يبحث دائما عنها، يبحث عن سعادته في نجاحه ومع أصدقائه وبين أشعاره العامية التي يكتبها بين حين وآخر، لكنه لا يبحث عن السعادة في الحب، في الحقيقة هو لا يخشى السعادة لكنه يخشى الحب، الاهتمام بشخص أخر، تغيير روتينه اليومي من أجل فتاة ما قد لا تستحق، يشبه كثيرا الشخص الذي يخشى المرتفعات مهما رأى غيره يتسلقون قمم الجبال، الفوبيا لا تخص المرتفعات أو الأماكن المظلمة فقط، هناك فوبيا من الحب أيضا "فيلوفوبيا"، الفيلوفوبيا تستقر في عقله كأنه دون شعورا منه، وهي التفسير المنطقي للعديد من أفعاله المفاجئة الغريبة، لم يكن هكذا قديمًا، كان مقبلاً أكثر على الحياة، يكتب أشعارًا مبهجة بها غزل، الآن وبعد إنتهاء أول قصة حب له نهاية فاشلة، أصبح يكتفي بنفسه فقط لا يريد سواها، أحيانا يدخل على الصفحة الألكترونية الخاصة بحبيبته السابقة، تزوجت وأصبح لديها طفلاً، لم تتوقف حياتها  لكن حياته توقفت، الكثيرون تفشل أولى قصصهم في الحب ولكنهم يمضوا في طريقهم، لماذا هو بالتحديد تملكت منه الفيلوفوبيا.


السبت ٢٣ مايو

ذهب لقسم المونتاج لمتابعة تقريره الخاص عن اجتماع جامعة الدول العربية الأخير، أثناء اندماجه في العمل سمع صوتا يناديه من أول الغرفة، هي، صوتها الذي لم يسمعه كثيرا لكنه حفر في ذاكرته، لم يصدق أفكاره حتى التفت ورائه رأها أمامه


- سألت عليك عرفت أنك هنا قولت أجي أسلم

- ازيك ، هو أنتي جاية تزوري حد هنا ؟

- لا ، أنا المسؤولة عن ديكور البرنامج الجديد اللي هتقدمه القناه الشهر الجاي

- طب كويس جدا ربنا يوفقك ، طالما بقينا زملا لو فيه أي حاجة أقدر اقدمهالك قوليلي

- الخدمة اللي تعملها فيا اننا نتغدا سوا ، مبعرفش أكل لوحدي أبدا يا أكرم

صمت للحظات ثم قال لها

- تمام ، نتغدا سوا ، هخلص بس التقرير دا وهنزلك الاستوديو

- متفقين


تركته وذهبت لمباشرة عملها بالاستوديو، لم يعد يشغله مصير التقرير الذي سيذاع بعد ساعات على الهواء، يشغله فقط هذا الترتيب القدري العجيب، السعادة التي يشعر بها عندما يلتقي تلك الفتاة، أذن لم تكن سعادة وليدة اللحظة، أنها تلك الطاقة الإيجابية تسللت أليه مرة أخرى .


انتهى من عمله وتوجه للاستوديو لرؤيتها، انتظرها قليلا حتى انتهت من متابعة تركيب قطع الديكور الخاصة بالبرنامج الجديد، ينظر إليها دون أن تراه، يختلس نظرات لعينيها وتركيزها وشعرها المنساب في عشوائية جذابة فوق كتفها، طبيعية جدا غير متكلفة عكس الكثير من فتيات هذا الزمان، تدير عملها كأنها رجل، تبتسم كأنها أجمل نساء الدنيا، اقترحت عليه الذهاب لمطعم قريب من عملهما يقدم طعاما على الطريقة الصينية.


بعد أن اختارت له الطعام قال لها

- أنا أول مرة أكل سوشي ، في الحقيقة هي أول مرة من سنة تقريبا أكل مع حد

- ازاي ؟ أمال فين الناس اللي أنت عايش معاهم

- عايش لوحدي من فترة طويلة ، والدي ووالدتي في البلد وأنا هنا بحكم شغلي

- ومبتروحش خالص

- بروح بس قليل جدا ، الشغل واخد كل وقتي

- خلاص من هنا ورايح مش هاكل من غيرك ، أيه رأيك ؟

نظر لها وابتسم ثم قال

- أنتي كدة ممكن متاكليش خالص ، أنا الأكل مش دايما في اهتمامتي

- لا أنسى بقى الكلام دا ، ويلا وصلني الوقت اتاخر


لم يتحدثا بكلمة طوال الطريق، كان يشعر أن يريد استكمال يومه معها لا يعلم لماذا، هذه المرة الثانية لهما، يختلس النظر لها ولشعرها المتطاير بفعل الهواء، يشعر وكأن قلبه هو الذي يتطاير، ومع ذلك فضل الصمت والتعامل بجفاء أثناء الطريق، الفيلوفوبيا تسيطر على عقله وتصارع مشاعره وأحيانا تصارعه .


غادرت مها السيارة بعد أن شكرته، بعد ثواني من تحركه من تحت منزلها وجد رقمها على شاشة هاتفه 


- الو

- بقولك صحيح أنت فاضي بكرة ؟

- فاضي الصبح

- حلو جدا ، أنا رايحة أنقي فستان عشان فرح واحدة صاحبتى، أيه رأيك تيجي معايا ؟

- بس أنا مبفهمش في لبس الستات

- وماله فرصة تفهم ، أنت ناسي أني مهندسة ديكور ولا أيه ؟

- خلاص تمام ، هعدي عليكي بعد الضهر

- اتفقنا


قررا في صباح اليوم التالي الذهاب لأحد المولات المجاورة لمنزلها في مدينة السادس من أكتوبر لاختيار فستان لها


- أيه رأيك في دا؟

- حلو أوي ولونه جميل أنا بحب الازرق

- بس دا مش أزرق ، دا لبني

- أها أنا نسيت أقولك أني كمان معرفش أسامي الألوان أوي

- طب واللي جنبه ، بحب النبيتي جدا

- قصير أوي

تنظر له وهي تخفي ابتسامتها

- أنت قلتلي أنت منين ؟

- من المنيا

- صعيدي  ممممم

- عندك مشكلة مع الصعايدة ولا ايه

- لا يا سيدي دول أحسن ناس


بعد اختيار الفستان ذهبا معا لتناول الطعام، اختار هو المطعم هذه المرة، مطعم يقدم بيتزا ومكرونات على الطريقة إيطالية ، يعلم أنها تحب البيتزا من لقائهما الأول .  


انتهى اليوم ومر يومان بعده دون أي اتصال أو لقاء، انشغلت في التحضيرات لفرح صديقتها وكانت تحاول اختبار رد فعله، في المقابل كان يحاول هو أن يعود لروتين يومه والبعد عن ذلك المرتفع الذي يصعب عليه تسلقه، مرتفع الحب والمشاعر التي استهلكها جميعها في الماضي، نصحه ذات مرة الطبيب النفسي أن يربي حيوانا أليفا في منزله، كلب أو قطة ، ليخرج قليلا من الوحدة التي يعيش فيها، يشعر أن هناك روحا معه بين أسوار منزله، يعلمه الاهتمام بشئ أخر غير عمله، بالفعل عمل بالنصيحة لمدة شهرين، ثم تبرع بالكلب لأحد جيرانه، ينظر لتليفونه كل دقيقة على أمل أن يجد منها رسالة أو مكالمة، في اليوم الثالث استيقظ على صوتها.


- أنت نايم ، الساعة بقت 11 أصحى

- أنتي كنتي فين اليومين اللي فاتوا

- لما تيجي هقولك

- أجي فين

- الزمالك ، عندي مييتنج شغل الساعة 3 تعالي نفطر سوا قبلها

- تمام نص ساعة وهبقى عندك


ارتدى ملابسه، قميص أزرق على بنطلون رمادي اللون ونظر لنفسه في المرآة، يشعر وكأن روحه عادت من جديد، يزداد خوفه من الأقتراب ومع ذلك يقترب، قرر أن يعتبرها صديقة مقربة ليس أكثر، هذا حلا مريحا يجعله يقترب منها ولا يخشى الوقوع في حبها، باعتباره لم يقع بالفعل !  


تنتظر في مطعم على كورنيش الزمالك، رأها من بعيد وهي تنظر لشاشة تليفونها، ظل ينظر لها للحظات، انفعالتها وهي تقرأ من الشاشة، تبتسم أحيانا، تداعب شعرها بأناملها أحيانا، لاحظت وجوده فأشارت له 


- واقف عندك ليه تعالي ، طلبتلك أكل على ذوقي ، رخمة أنا صح

- بالعكس أنا كدة كدة مبفطرش ، يعني كنت هخليكي تطلبيلي فعلا


تناولا فطارهما سريعا حتى تلحق باجتماعها وينتهي هو من تصوير تقرير جديد له، أثناء خروجهما قابلت أحد أصدقائها


- مها ، أنتي فين يا بنتي مختفية ليه

- كريم ازيك ، والله يا بني شغل، المهم أنت عامل ايه

- كويس والله ، لما نتجمع هكلمك

- ماشي


مرت لحظات سلامهما كأنها سنوات عجاف على أكرم، يشعر وكأن قلبه يشتعل، حاول أن يبدوا طبيعيا حتى ذهبت مها لعملها،  أغلق هاتفه المحمول بعد أن أبلغ إدارة القناة برغبته في أجازة اسبوع لظروف طارئة، ذهب لمنزله، يكاد عقله ينفجر، كيف وقع في حبها، لماذا يغير عليها وهو يعتبرها صديقته، قرر الانسحاب من المشهد بأكمله، قرر ممارسة الفيلوفوبيا كما قال الكتاب.


يكاد أن يذهب عقله، أين ذهب، أين اختفي، أي ظروف هذه التي تجعله يبتعد عن عمله أسبوع بأكمله، استطاعت أن تصل لعنوانه عن طريق أحد العاملين بالقناه بحجة أنها تحتاج رأيه في عمل خاص بها، قررت بعد خمسة أيام أن تذهب إليه.


قاطع جرس الباب نومه العميق، أصبح ينام طوال اليوم دون سبب واضح، فتح الباب وجدها أمامه شاحبة اللون على غير عادتها


- أنت فين وازاي تاخد أجازة من غير ما تقولي

- عادي ، كنت تعبان شوية قولت ارتاح

- وتليفونك مقفول ليه ، سيبلي حتى رسالة

- محبتش اشغلك

- تشغلني ، وهو اللي انت عملته دا مشغلنيش ، تختفي فجأة وتسبني بدور عليك وتقولي محبتش اشغلك

- اللي حصل بقى ، وبعدين هو فيه حاجة ضرورية عشان تدوري عليا

- وهو أنا لازم أكلمك لما يبقى فيه حاجة ضرورية، أنت أناني يا أكرم ، وعامل عبيط ، واحدة بتسيب شغلها وكل اللي وراها عشانك تفتكر ليه ؟ عموما أنا بس حبيت أطمن أنك كويس ، سلام


عاد لعمله في اليوم التالي بعد انتهاء الأجازة، لأول مرة لحيته طويلة وكأنه لم يحلقها منذ سنوات، تغير كثيرا، أصبح شاحب اللون قليل الضحك، حاول بالوقت أن يعود لروتينه اليومي، عمله ثم المنزل وأصدقائه القدامى، وجد نفسه يذهب لأماكن لقائهما، يطلب نفس الطعام، تبحث عيناه عنها في كل مكان، انتهى عملها في القناه ولم تعد تأتي .


يقولون دائما أن علاج الخوف الشديد من شي ما يكمن في مواجهته، تخشى الأماكن المظلمة عليك أن تنام في الظلام كثيراً، تخشى من الأماكن الضيقة من الممكن أن تستخدم المصعد أكثر من مرة حتى تنهي هذا الخوف، المواجهة دائما هي الحل.


تلقى أكرم مكالمة من إدارة القناة تعلمه بالموافقة على فكرة برنامجه الذي قدمها منذ شهور، حلم جديد تحقق وسوف يصبح مذيعا، يشعر أن فرحته ناقصه، تمنى أن يشاركها هذا الخبر، لكن أين هي الآن ؟


استعاد الكلب مرة أخرى من جاره وقرر الاعتناء به، قرر أن يواجه مخاوفه، الاهتمام صفة لا يجيدها الكثيرين، وهو قرر أن يجيدها .


ينشغل كثيرا هذه الفترة بتجهيزات برنامجه، عقله في مستقبله، لكن قلبه مازال هناك، معها، يتذكر ابتسامتها فيبتسم، قرر أن  يظهر في أولى حلقات برنامجه المتبقي عليه أسبوعين بقميص نبيتي، اللون الذي تعشقه، يتابع تجهيز الحلقات مع المعدين، يتواصل يوميا مع مدير البرامج، يهاتفه يوميا لمشاورته في التفاصيل الدقيقة 


- ازيك يا كبير

- أكرم ، أيه الاخبار ، الشغل تمام ؟

- كله تمام ، بس أنا كان ليا عندك طلب كدة

- اتفضل


في اليوم التالي، كان يعاين آخر تطورات البرنامج، بدء التجهيز في ديكورات البرنامج، يذهب للاستوديو وهو على علم أنه سيراها، وجدها منهمكة في عملها كالعادة


- حلو أوي لون الديكور دا

- أكرم ، أزيك ، أها حلو اللون فعلا

- على فكرة أنا كنت عارف أنك هنا ، مش صدفة يعني

- وعرفت منين ، إذا كان أنا نفسي عرفت امبارح الصبح

- عرفت منين ،،، مش هقولك

- بطل سخافة بقى قول

- أنا اللي طلبت من مدير البرامج أنك تمسكي ديكور البرنامج

- وأنت بتطلب منه على أي أساس ؟

- على أساس أن أنا المذيع بتاع البرنامج دا، الإدارة وافقت على فكرتي أخييرا


ابتسمت له وظهرت علامات الفرح على وجهها في محاولة منها لاخفائها

- والله مبروك ، وطلبت ليه بقى أني أكون موجودة ؟

- عشان قررت أبطل أعمل عبيط، أبطل أخاف، أنا يمكن مش عارف أنا عاوز أيه بالظبط، بس أنا متأكد أني عاوز أفضل جنبك ، أها صح أنا عازمك النهاردة على الغدا.

- كمان

- اها كمان

- وهتأكلني أيه بقى

- هناكل سوشي