الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

الأزهر: ستبقى فلسطين أبيَّة على الطغاة مهما طال الزمن

الخميس 01/يوليو/2021 - 09:55 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

واصلت حملة "القدس بين الحقوق العربية والمزاعم الصهيونية"، والتي أطلقها المركز الإعلامي للأزهر الشريف؛ نصرة للقدس والقضية الفلسطينية، إصدارًا مرئيًا جديدًا، يوضح كيف استغلت الصهيونية قوى الاحتلال لتنفيذ أهدافها الخبيثة لسرقة الأراضي الفلسطينية؟وكيف تلاقت مصالح المحتل مع مصالح الصهاينة لتهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية؟وأي جرم – لا يغتفر - فعله المحتل حين ساهم في تشكيل عصابات صهيونية مدججة بـ أعتى الأسلحة لارتكاب المجازر الوحشية تجاه سكان القدس وإرهابهم وإجبارهم على ترك مساكنهم وأراضيهم؟


وسرد الفيديو الأحداث التي قامت بها العصابات الصهيونية بعد أن رفض السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رفضًا قاطعًا مطالب الصهاينة شراء أراضٍ حول مدينة القدس مقابل تسديد ديون الدولة العثمانية، فقد تحالف زعماء الصهيونية العالمية مع الدول الغربية على خلعه وعزله عن الحكم عام 1908م.. لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من المخططات الصهيونية الإجرامية بحق فلسطين والقدس بالتعاون مع المحتل الإنجليزي بداية من عام 1917م.

فمع انطلاق الحرب العالمية الأولى ثم وضوح رجحان كفة الحلف الذي به بريطانيا عقد زعماءُ الحركة الصهيونية تحالفًا مع الحكومة البريطانية، ينطلق من مساندة اليهود والصهاينة للحكومة البريطانية ماليًا في احتلالها وسيطرتها على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط في فلسطين ومصر وقناة السويس، في مقابل تعهد بريطانيا بتنفيذ إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي عام 1916م تم عقد اتفاقية (سايكس- بيكو) بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم ممتلكات الدولة العثمانية بينهما، فتم الاتفاق على أن تكون فلسطين ومصر والعراق تابعين للنفوذ البريطاني، وعلى أثر ذلك أصدر وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في الثاني من نوفمبر1917م تصريحًا لزعماء الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فيما يعرف بـ (وعد بلفور)، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

وفي سبيل تحقيق بريطانيا التزامها تجاه زعماء الحركة الصهيونية اجتاحت القوات البريطانية فلسطين ومدينة القدس في التاسع من ديسمبر من عام 1917م, وتم اتخاذ مدينة القدس عاصمة للحكم البريطاني في فلسطين..


وفتح الاحتلال باب الهجرة اليهودية إلى القدس على مصراعيه.. وتم السماح للألاف من اليهود بالهجرة إلى مدينة القدس والمكوث بها.. وتزامنا مع مؤتمر الصلح نهاية الحرب العالمية الأولى شنَّت الصهيونية العالمية حملة دعائية بضرورة وضع فلسطين والقدس تحت الانتداب البريطاني، وفي تحدٍ صارخ قرر أعضاء المؤتمر الاعتراف بوعد بلفور وإقرار الانتداب البريطاني على فلسطين!!!
وأصبحت فلسطين والقدس تحت الانتداب البريطاني منذ عام 1920م، وصدَّقت عصبة الأمم المتحدة على ذلك رسميًّا في يوليو 1922م، ويكاد يكون صك الانتداب نسخة مكررة من وعد بلفور.


ليتم بعدها مباشرة تعيين اليهودي الصهيوني البريطاني "هربرت صموئيل" كأول مندوب سامي بريطاني لحكم فلسطين في عام 1920م، في إشارة واضحة لتنفيذ وعد بلفور والذي قام بتهيئة المناخ السياسي والإداري لتسكين اليهود بمدينة القدس، تمهيدًا لتسليمها لهم لإقامة وطن قومي فيها..

وقامت السياسة البريطانية في مدينة القدس طوال فترة الانتداب على العمل بكافة السبل على محاولات تهويد المدينة وطمس هويتها العربية والإسلامية وتحويل هويتها إلى اليهودية، وذلك بدعوة يهود العالم للهجرة إلى فلسطين، وتمكينهم من امتلاك الأراضي وتوليهم الشئون الإدارية والعسكرية في مدينة القدس وسك عملات عبرية يتعامل الصهاينة بها فيما بينهم، وإرهاب العرب سكان المدينة والتضييق عليهم واغتصاب حقوقهم وممتلكاتهم عنوة لصالح اليهود والمنظمات الصهيونية، وذلك بعد أن ساعدهم المحتل في تكوين عصابات ومنظمات صهيونية مسلحة في مدينة القدس مدججة بشتى أنواع الأسلحة والذخائر لتقوم بارتكاب العديد من المجازر البشرية الوحشية تجاه سكان مدينة القدس الأصليين والتضييق عليهم والإرهاب المتواصل لهم؛ لإجبارهم على ترك مساكنهم وأراضيهم، والهجرة خارج المدينة، فقتلوا النساء والأطفال والشيوخ، وأحرقوا المنازل، واغتالوا الشباب، وأبادوا العديد من القرى، وقاموا بتخريب وإحراق المقدسات وهدم وتغيير معالم الأحياء الإسلامية وطمس هويتها، وتفجير الأسواق، وتبوير الأراضي.. في انتهاكٍ صارخ لكافة المواثيق والأعراف وحقوق سكان المدينة الأصليين.


ثم رأت العصابات والمنظمات الصهيونية عقب نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م أن الوقت قد حان للإعلان عن قيام الوطن اليهودي، واتجهت للتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعهدت والتزمت بتقديم كافة أنواع الدعم العسكري واللوجستي والسياسي والاقتصادي للمنظمات الصهيونية في القدس وفلسطين في سبيل إعلانهم إقامة الدولة اليهودية المرتقبة وعاصمتها القدس، مما دعى العصابات الصهيونية المسلحة إلى التمادي بقوة في جرائمهم الوحشية ضد سكان مدينة القدس؛ حتى أجبروا الكثير منهم على تركها قسرًا، وأصبحوا يمثلون قوة عسكرية وعصابات مسلحة وأكثرية سكانية بسبب التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية فيها، كما مارسوا ضغوطًا كثيرة على الحكومة البريطانية التي تحكم المدينة, بلغت درجة تهديدهم القادة البريطانيين بالاغتيال إذا لم يعلنوا قيام الوطن اليهودي، مما دفع السلطات البريطانية إلى تكوين لجان لدراسة الوضع الأمثل لفلسطين حين انتهاء انتدابها عليها، وكان أعضاء تلك اللجان من أنصار الصهيونية العالمية والتابعين لها، لذا لم يكن من المستغرب أن تكون رؤيتهم التي انتهوا إليها هي تقسيم فلسطين بين العرب واليهود !!!.

وتم إحالة القضية الفلسطينية ومدينة القدس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكانت الصهيونية العالمية قد هيئت الأجواء لصالحها بمعاونة الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بالتواصل مع أعضاء الجمعية وممارسة ضغوطها لضمان التصويت على قرار التقسيم لصالح الدولة اليهودية، والضغط على من أبدى تحفظًا أو اعتراضًا على قرار التقسيم بصورته المقدمة بتقديم الإغراءات الاقتصادية والوعود السياسية أو التهديد السياسي والاقتصادي، وقامت بحملات دعائية بين أعضاء الجمعية لضمان إصدار القرار لصالحها، كما تواطأ السيد "تريجفي لي" السكرتير العام للأمم المتحدة –حينئذ- مع الصهيونية، وقام بدور كبير في التأثير على أعضاء الجمعية من خلال موظفيه.

وفي 29 نوفمبر 1947م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها النهائي وكان يحمل رقم (181) بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وتدويل مدينة القدس، بموافقة 33 دولة، ورفض 10 دول، وامتناع 13 دولة عن التصويت..

وبالنظر في خريطة التقسيم يُلاحظ أن: 
-الجزء الأكبر من فلسطين أصبح خاضعًا للكيان الصهيوني، ويتميز بخصوبة الأراضي، وامتداد السواحل.
-كما يلاحظ في الحدود بأنها متعرجة, وليست مستقيمة؛ حتى تسمح بالامتداد والتوسع الصهيوني داخل المناطق العربية.
-أن المناطق العربية مجزَّأة ومشتتة وغير محصورة في جزء واحد، مما يجعلها ضعيفة غير متحدة، ويسهل احتلالها واغتصاب أرضها.

وقد رفض الفلسطينيون والعرب قرار التقسيم.. في الوقت الذي أعلنت فيه بريطانيا – بالتنسيق مع الكيان الصهيوني- إلغاء انتدابها على فلسطين في 14 مايو 1948م, فأعلن رئيس المنظمات الصهيونية ديفيد بن جوريون في اليوم التالي مباشرة قيام كيان يهودي على أرض فلسطين تحت اسم "إسرائيل" وانتخاب الزعيم الصهيوني حاييم وايز مان كأول رئيس للكيان الصهيوني، الأمر الذي دفع الشعب الفلسطيني لمواصلة المقاومة بكل قوة والدفاع عن أرضهم ودولتهم التي يتم اغتصابها، وقامت الدول العربية بإرسال جيوشها إلى فلسطين؛ للدفاع عنها وعن القدس, وانتهت الحرب بهزيمة العرب وسيطرة اليهود على القدس الغربية وأجزاء كبيرة من أرض فلسطين؛ بدعم بريطاني وأمريكي كبيرين.


واختتم الفيديو الذي نشرته الصفحات الرسمية للأزهر بأن الصهيونية نشأت كنبتة شيطانية خبيثة، تغذَّت على سفك الدماء، وشبَّت على العدوان وسلب حق الغير واغتصاب أرضه ووطنه، لتُصبح كائنًا مشبوهًا اتخذ من الإرهاب الدموي والكذب والتضليل وطمس الحقائق والتحالف مع قوى البطش والاحتلال، سبيلًا لتنفيذ مخططاته الخبيثة في سرقة الأراضي الفلسطينية.. ولكن ستبقى فلسطين أبيَّة على الطغاة مهما طال الزمن.. وكل احتلال إلى زوال


يُذكر أن المركز الإعلامي للأزهر الشريف أطلق حملة بعنوان "القدس بين الحقوق العربية والمزاعم الصهيونية"، باللغتين العربية والإنجليزية، تضامنًا مع القدس والقضية الفلسطينية، يفند من خلالها المزاعم المغلوطة والأباطيل التي يروجها الكيان الصهيوني والتصدي لما يتم ترويجه من قبل الأذرع الإعلامية الصهيونية من شبهات ومزاعم مغلوطة حول القدس و عروبتها، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها حي "الشيخ جراح" ومحاولة تهويده عبر التهجير القسري لسكانه من الفلسطينيين لطمس عروبته والاستيلاء عليه.