الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

وزير الأوقاف: من أهم دروس الهجرة النبوية حسن التخطيط واعتماد الكفاءات

الأحد 08/أغسطس/2021 - 08:43 م
وزير الاوقاف
وزير الاوقاف

احتفلت وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد من رحاب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بمدينة القاهرة مساء اليوم الأحد ، بحضور السيد اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة نائبًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي والدكتور محمد عبدالرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.

وبحضور الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية , والدكتور محمد محمود هاشم أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب ، والدكتور هشام عبد العزيز رئيس القطاع الديني ، والشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة , والدكتور مهران عبد اللطيف مهران رئيس حي السيدة زينب , وعدد محدود من الحضور مع الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية ومراعاة التباعد الاجتماعي.

وفي كلمته وجه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خالص التهنئة والتحية والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي وللشعب المصري كله بمناسبة العام الهجري الجديد سائلًا الله (عز وجل) أن يجعله عام يمن وبركة وأمن وأمان على مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين.

وقد أكد وزير الأوقاف أن من دروس الهجرة النبوية حسن التخطيط واعتماد الكفاءات وتوظيف جميع طاقات المجتمع من رجال وشباب ونساء من مسلمين وغير مسلمين بلا استثناء ولا إقصاء فالوطن لأبنائه جميعا وهو بهم جميعًا وهذا ما نتعلمه من تخطيط سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتوظيفه للطاقات في رحلة الهجرة بدءًا من صحبة الصديق سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه) ومن تكليف الشاب الإمام علي (رضي الله عنه) أن ينام في مكان سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن تكليف سيدنا أبي بكر لخادمه عامر بن فهيرة أن يتتبع المسير بغنمه ليخفي آثار من يذهب إلى الغار كالسيدة أسماء عن أعين المشركين ، ومنها أن اختار النبي (صلى الله عليه وسلم) دليلا حاذقا غير مسلم لاعتماده على الكفاءة ، وكان في إمكانه أن يختار من الصحابة من يختار ، لكنه (صلى الله عليه وسلم) يضرب لنا المثل في اعتماد الكفاءات دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس ، فاختار عبد الله بن أريقط لخبرته بمسالك ودروب الصحراء. 

الدرس الثاني: حسن المعية وهنا سؤال يتبادر إلى الذهن رغم ما كان في الهجرة النبوية من مخاطر بحسابات البشر ، لماذا كانت رحلة الإسراء والمعراج بالبراق دون تعرض لهذه المخاطر ، ولم تكن الهجرة النبوية المشرفة كذلك ، وكان في الإمكان أن تكون كرحلة الإسراء والمعراج على براق أو بلا براق وبلا تعرض لما كان فيها مما علمناه في صفحات السيرة النبوية المباركة ، ولكن كان ذلك كذلك لنتعلم الأخذ بالأسباب ولنتعلم حسن التخطيط لكل أمورنا ولنتعلم حسن الثقة في الله وحسن الاعتماد عليه ، فمن الذي كان سينقل لنا ما كان في هذه الرحلة حين مر النبي (صلى الله عليه وسلم) بين أيدي المشركين حين جمعوا أربعين شابا يقفون بسيوفهم عند منام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليجهزوا عليه بضربة رجل واحد فإذا به (صلى الله عليه وسلم) يخرج من بين أيديهم وأمام أعينهم جميعًا ويأخذ حفنة من التراب ويقول باسم الله شاهت الوجوه فلا يبصره أحد منهم ، حيث أخذتهم جميعًا سنة من النوم أو النعاس فلم يدروا بما كان حولهم ، ثم يأتي المشركون إلى الغار وينظرون إليه ، حيث يراهم  الصديق (رضي الله عنه) على فتحة الغار فيقول للنبي (صلى الله عليه وسلم) يا رسول الله: لو نظر أحدهم تحت قدميه  لرآنا ، وقف المشركون ونظروا وكانت الأقدام على مقربة من الغار وقد انقطعت آثارهم فقالوا : لعلهم في الغار ، فيقول أحدهم عن العنكبوت التي نسجت خيوطها على الغار : لقد نسجت خيوطها على الغار من قبل ميلاد محمد

 وهنا يقول البوصيري (رحمه الله) : 
كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ
لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْ حالَ سناً مِنك دونَهم وسَناءُ
إنّما مَثَّلُوا صِفاتِك للناس كما مثَّلَ النجومَ الماءُ
أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ فما تَصدُرُ إلا عن ضوئِكَ الأَضواءُ
ويْحَ قومٍ جَفَوا نَبِيَّاً بأرضٍ أَلِفَتْهُ ضِبَابُها والظِّبَاءُ
وَسَلَوْهُ وَحَنَّ جِذعٌ إِليه وَقَلَوْهُ وَوَدَّهٌ الغُرَباءُ
وَكَفَتْهُ بِنَسْجِها عنكبوتٌ ما كَفَتْهُ الحمامةُ الحَصْداءُ
أبِذِكْرِ الآياتِ نوفيك حقًا أيْنَ مِنا وأَيْنَ منها الوفَاءُ

وفي هذه الرحلة يتبع سراقة بن مالك وكان لا يزال مشركا سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتغوص أقدام فرسه في الرمال ويقول له النبي (صلى الله عليه وسلم) في إعجاز نبوي : ارجع يا سراقة ولك سوار كسرى ، إنها الثقة في الله . 

هذه الثقة التي تجلت في قوله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكرٍ رضي الله عنه : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا وفي هذا يقول الله تعالى : "إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللّه معنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" فكلمة الكفار قد تعلو يوما ما لكن مصيرها (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) ، أما كلمة الله فهي عليا وستظل عليا ، ولم يقل وجعل كلمة الله هي العليا ، وجاء بالاستئناف : وكلمة الله هي العليا مهما كان إلى يوم القيامة .
 
وفي ختام حديثه حذر وزير الأوقاف من أمرين محرمين من الهجرة الأول الهجرة إلى جماعات التطرف إلى جماعات الإرهاب إلى جماعات الضلال التي تسوق عبر مواقع التواصل لأفكارها المتطرفة الهدامة . 

مؤكدا أنه للهجرة بعد فتح مكة ، فقد جاء صفوان بن أمية بعد فتح مكة وجاء إلى المدينة فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) ما الذي أتى بك؟ فقال يا رسول الله قيل لي : لا دين لمن لم يهاجر فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية " ، فالهجرة بمعنى الانتقال من مكان إلى مكان قد انتهت بفتح مكة ، والثاني الهجرة غير الشرعية بمصطلحنا العصري وهو من يعرض نفسه للمهانة والذل والهلاك

ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) " لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا وكيف يذل نفسه يا رسول الله قال يعرضها من البلاء مالا تطيق"  ، فالذين يخرجون معرضين أنفسهم للموت والهلاك والمذلة إضافة إلى مخالفات قانونية وشرعية آثمون ، ونؤكد دائما أن حرمة الدول كحرمة البيوت فكما لا يجوز أن تدخل  بيت أحد إلا بإذنه فلا يجوز لك أن تدخل دولة بدون الإذن القانوني المعتبر وهو تأشيرة الدخول أو ما تنظمه قوانين الدول فالهجرة غير الشرعية هي أمر غير شرعي وغير قانوني وذل كبير وهلاك مبين لمن يقع فيه هذا الهلاك.