محللون: البشير جعل السودان مركزًا لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب
الخميس 23/سبتمبر/2021 - 06:29 م
وضعت السلطات السودانية، اليوم الخميس، يدها على عدد من الأصول والممتلكات المربحة التي وفرت الدعم على مدار عقود لحركة حماس، وهو الأمر الذي سلط الضوء على الدور الذي لعبه سودان عمر البشير كملاذ للحركة الفلسطينية.
وتساعد سيطرة السلطات السودانية على ما لا يقل عن 12 شركة يقول مسؤولون إن لها صلة بحماس في التعجيل بمواءمة وضع السودان مع الغرب منذ الإطاحة بالبشير في 2019.
كان السودان خلال العام الماضي قد تم إخراجه من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب واقترب من الحصول على تخفيف أعباء ديون تتجاوز 50 مليار دولار.
وقال محللون سودانيون وفلسطينيون إن حركة حماس فقدت قاعدة خارجية كان من الممكن لأعضائها وأنصارها العيش فيها وجمع المال وتهريب السلاح الإيراني والأموال من خلالها إلى قطاع غزة.
وتبين التفاصيل التي قدمتها مصادر رسمية سودانية وكذلك مصادر إستخباراتية غربية عن الثروات التي تمت السيطرة عليها مدى اتساع عمل هذه الشبكات.
ويقول مسؤولون من مجموعة عمل شُكلت تحت اسم "لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة"، والتي تهدف لتفكيك نظام البشير إن هذه الثروات تشمل عقارات وأسهما في شركات وفندقا في موقع ممتاز في الخرطوم وشركة صرافة ومحطة تلفزيونية وأكثر من مليون فدان من الأراضي الزراعية.
وقال وجدي صالح أحد الأعضاء البارزين في مجموعة العمل تلك إن السودان أصبح مركزا لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مضيفا أن النظام تحول إلى "غطاء كبير ومظلة كبيرة داخليا وخارجيا".
وقال مصدر في جهاز مخابرات غربي إن الأساليب التي استخدمت في السودان شائعة في أوساط "الجريمة المنظمة"، فقد كان مساهمون مفوضون يرأسون الشركات وكان يتم تحصيل الإيجارات نقدا وإجراء التحويلات من خلال مكاتب الصرافة.
وكان البشير يؤيد حماس صراحة وربطته علاقات ودية بقادتها، وقال عضو في اللجنة مشترطا إخفاء هويته: "حصلوا على معاملة تفضيلية في المناقصات والإعفاء من الضرائب وسُمح لهم بتحويل الأموال إلى حماس وغزة بلا قيود".
كانت رحلة تحول السودان من دولة منبوذة تتهم برعاية الإرهاب إلى حليف أمريكي تدريجية، ففي الـ10 سنوات التي تلت استيلاء البشير على السلطة في 1989 أصبح السودان مركزا للمتطرفين، ووفر المأوى لأسامة بن لادن لعدة سنوات وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بسبب صلاته بالمتشددين الفلسطينيين.
حاول البشير بعد ذلك أن ينأى بنفسه عن التطرف فعزز من التعاون الأمني مع واشنطن، وفي 2016 قطع السودان علاقاته مع إيران وفي العام التالي تم إسقاط العقوبات التجارية الأمريكية على الخرطوم بعد أن قبلت واشنطن بتوقف دعم الدولة لحماس، غير أن الشبكات التي تدعم الحركة ظلت قائمة حتى سقوط البشير.
ويقول مسؤول بلجنة تفكيك نظام 30 يونيو إن استثمارات حماس في السودان بدأت بمشروعات صغيرة مثل مطاعم للوجبات السريعة قبل أن تمتد إلى العقارات وقطاع الإنشاء، ومن الأمثلة على ذلك شركة حسان والعابد التي بدأت كشركة للأسمنت وتوسع نشاطها إلى مشروعات كبرى في التطوير العقاري.
وتقول اللجنة إن هذه الشركات كانت ضمن شبكة بها حوالي 10 شركات كبرى أخرى تتداخل ملكية الأسهم فيها وترتبط بعبد الباسط حمزة حليف البشير وكانت تحول مبالغ كبيرة من خلال حسابات مصرفية في الخارج.
أكبر هذه الشركات كان شركة الرواد للتطوير العقاري التي تأسست عام 2007 وتم إدراجها في سوق الخرطوم للأوراق المالية ولها شركات تابعة قال مصدر المخابرات الغربي إنها كانت تغسل الأموال وتتعامل في العملات لتمويل حماس.
صدر حكم على حمزة في أبريل بالسجن 10 سنوات بتهم فساد وتم نقله إلى السجن المحتجز به البشير في الخرطوم، وقالت اللجنة إن ثروته تصل إلى 1.2 مليار دولار.
وكانت شبكة ثانية تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار تدور حول قناة طيبة التلفزيونية وجمعية خيرية منتسبة لها اسمها المشكاة.
ويقول ماهر أبو الجوخ الحارس الذي تمت الاستعانة به لإدارة طيبة إن القناة كان يديرها اثنان من أعضاء حماس حصلا على الجنسية وامتلكا مصالح أعمال وعقارات، مضيفا أن القناة التلفزيونية كانت تهرب الأموال من الخليج وتولت غسل ملايين الدولارات.
ونفى سامي أبو زهري المسؤول في حماس أن للحركة استثمارات في السودان لكنه سلم بوجود تداعيات للتحول السياسي في السودان قائلا: "للأسف يوجد العديد من الإجراءات التي أضعفت حضور الحركة في البلد وحدت من العلاقات معها".
عمل السودان خلال العام الماضي باستماته على الخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو ما كان يمثل شرطا لتخفيف أعباء الديون والحصول على الدعم من جهات الإقراض الدولية، وتحت ضغط من الولايات المتحدة انضم السودان إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب في الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وذلك رغم بطء تحركاته لتنفيذ هذا الاتفاق.
وقال دبلوماسي أمريكي سابق تخصص في شؤون السودان في إدارة ترامب إن إغلاق شبكة حماس كان محور المفاوضات مع الخرطوم، كما سلمت الولايات المتحدة السودان قائمة بالشركات التي يتعين إغلاقها وفقا لما قاله مصدر سوداني ومصدر المخابرات الغربي.
وقال المسؤول بلجنة تفكيك نظام 30 يونيو إن العديد من الشخصيات التي تربطها صلات بحماس توجهت إلى تركيا ببعض الأرصدة السائلة غير أنها تركت خلفها حوالي 80% من استثماراتها.
وقال المحلل السوداني مجدي الغزولي إن قيادات المرحلة الانتقالية في السودان "يعتبرون أنفسهم النقيض المباشر للبشير على الصعيد الإقليمي"، مضيفا أنهم "يريدون تسويق أنفسهم كأحد مقومات النظام الأمني الجديد في المنطقة".
وقال المحلل الفلسطيني عدنان أبو عامر أن "الانقلاب ضد البشير خلق مشكلة حقيقية لحماس ولإيران"، مشيرا: "حماس وإيران أصبح عليهما التفكير في بدائل، بدائل لم تكن موجودة لأن الانقلاب على البشير كان مفاجئاً".