اليمن .. هل يكون معقل الإخوان؟
الأحد 10/أكتوبر/2021 - 02:50 م
بعد تساقطت فروع تنظيم الإخوان المسلمين في معظم الدول العربية بطريقة دراماتيكية، وبعد أن جردتها الشعوب من السلطة في دول أخرى، يبدو أن معقلا قد يكون الأخير لهذه الجماعة يتهاوى من بين يديها، يكمن في اليمن الذي يعاني حربا أهلية مدمرة في طريقه لتكمل عقدها الأول، وتمثل جماعة الإخوان المسلمين هناك أحد أطراف هذه الحرب او كانت كذلك قبل ضعف ويصيبها الوهن بسبب الهزائم التي تلقتها او بسبب عدم صمودها عندما كانت البلاد بحاجة اليها.
سيطرة حزب الإصلاح على السلطة
عام 2011 أسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح (الفرع اليمني لتنظيم الإخوان المسلمين) في إسقاط حكومة ونظام الرئيس علي عبدالله صالح، واظهر الحزب أو الجماعة آنذاك مليشيات مسلحة تابعة له كان ينفي وجودها، كما كشفت الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر (عراب الجماعة الإخوانية في اليمن) عن انتمائها الآيدلوجي والعضوي للجماعة وكادت ان تشعل حربا مع باقي فصائل الجيش داخل العاصمة صنعاء آنذاك.
حاول الإخوان اغتيال الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وكل قيادات الدولة تقريبا ففجروا المسجد الذي كانوا يؤدون صلاة الجمعة فيه بمن فيه، قتل كثيرون ونجا صالح لكنه أصيب بجروح بالغة، كان ذلك في الثاني من يونيو 2011
بعدها بأشهر تنازل الرجل عن السلطة وسلمها لنائبه الذي وقع في حبائل تنظيم الإخوان المسلمين بفعل عاملين هما: ضعف شخصيته وحاجته للاتكاء على جهة سياسية وعسكرية قوية، فكانت اختياه للجماعة وحزبها المسمى بالتجمع اليمني للإصلاح الذي كان في أوج قوته في ذلك الوقت.
بداية الفشل.. وتضييع البلاد
بعد خلع الرئيس صالح واستلام خصومه من الإخوان المسلمين لمفاصل الحكم بشكل مباشر وغير مباشر، بدا الحزب بأخونة قطاعات الدولة الإ ان تدهور الأوضاع المعيشية والسياسية وانتشار الفوضى السريع لم يسعفه، إذ انزلقت اليمن نحو هاوية الانفلات والغلاء الفاحش وانهيار هيبة النظام والخدمات وتكاثرت الأزمات.
تمكين المليشيا الحوثية
وهو الأمر الذي مكن المليشيا الحوثية من الزحف باتجاه العاصمة صنعاء للسيطرة عليها وهو ما حدث بالفعل في 21 سبتمير 2014، يومها بحث اليمنيون عن حزب الإصلاح وقواته وقادته العسكريين في الدولة وظن كثيرون أن الحزب الذي أصبح مسيطرا ويمتلك قوات قُدرت حينها في صنعاء وحدها ب 40 الف جندي، سيدافع عن العاصمة والمحافظات ويمنع وقوع البلاد في براثن الجماعة الإسلاموية الأخرى المدعومة من إيران.
لكن ذلك لم يحدث، بل على العكس سلم الإخوان صنعاء للحوثيين من دون قتال، ليظهر رئيس الحزب الإخواني محمد اليدومي وأمينه العام عبدالوهاب الآنسي في معقل زعيم جماعة الحوثيين يطلبون وده ويؤدون فروض الطاعة.
القفز من سفينة الحوثيين
كان ذلك قبل نحو 6 أشهر من انطلاقة التحالف العربي الذي قادته السعودية لتحرير اليمن، لكن وبعد نحو شهر من إعلان التحالف وتدخله في اليمن قفز الإخوان من سفينة الحكام الجدد لصنعاء واليمن إلى سفينة التحالف، واستطاعوا خلال السنوات التالية السيطرة على مفاصل الجيش لذي أنشأه التحالف ليحرر البلاد والذي سمي بالجيش الوطني.
هيمن حزب الإصلاح بشكل شبه كامل على ذلك الجيش حتى أن كثيرا من قادات ألويته جيء بهم من المعاهد العلمية وحلقات تحفيظ القرآن التابعة للتنظيم، بدلا من الاعتماد على قيادات عسكرية مؤهلة وهي كثيرة في اليمن، لكنها مرة أخرى سياسة الأخونة العمياء
دُعم ذلك الجيش بتسليح وتدريب كامل من السعودية ودول التحالف وفتحت له خزائن التحالف تمويلا وتدريبا وتسليحا حتى بلغ عدد أفراده نحو 400 الف فرد _ وفق بعض التقارير – ووصل في عام 2106 قبل ان تتم أخونته بشكل شبه كامل إلى مشارف العاصمة صنعاء، حينها كانت تقود المعارك قوات إماراتية وسعودية وبحرينية على الأرض وبالطبع بدعم وإسناد جوي مكثف.
هزائم أم تفاهمات تحت الطاولة
بعد نجاح حزب الإصلاح في أخونة الجيش تراجع مده بشكل كبير وخسر مناطق ومحافظات وجبهات وسلم بعضها للحوثيين من دون قتال فبعد أن كان يسيطر على مديريتين على الأقل في ريف صنعاء ها هو اليوم يدافع في مديرتين اثنتين من محافظة مأرب ومدينتها، بعد ان سلم بطريقة مريبة مناطق نهم في صنعاء ومحافظة الجوف ومعظم مارب وحجة وترك أسلحة كثير للحوثيين منسحبا يجر أذيال الهزيمة أحيانا والجُبن والهروب أحيانا أخرى وتسليم مناطق ومحافظات بدون قتا للحوثيين تنفيذا لما يقال أنها تفاهمات تمت برعاية إيران ودولة عربية بين الطرفين.
فقدان المؤيدين
النتيجة ان فقد اليمنيون بمن فيهم القواعد التي كانت يوما جماهير مؤيدة لحزب الإصلاح وأصبحت ترى فيه تنظيما تسبب بتدمير البلاد بشكل أو بآخر، وبالتالي فإن ذهاب البعض إلى اعتبار اليمن معقلا حاليا للإخوان المسلمين، في تصوري تقدير جانبه الصواب، وكان يمكن أن يقال ذلك في نهاية 2011 ومطلع 2012 عندما كانت إخوان اليمن يستلمون السلطة في صنعاء وكانت الجماعة الأم تحكم مصر .
لكن الام وربييتها قدمتا نموذجا غارقا في الفشل والاقصاء كما فعلت فروع أخرى في تونس والمغرب وغيرهما لكن فشل فرعي اليمن وليبيا كان كبيرا بحيث أسهم بالوزر الأكبر من إغراق البلدين في الحروب والفوضى والفساد والفقر الذي أوصل اليمن الى حافة المجاعة واصبح وود اليمن نفسه تحت هيمنة الاخوان والحوثيين أفقر بلدان العالم وصاحب أسوى أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة، وبدلا من حرب واحدة اصبح يعاني عدة حروب في ىن واحد بعد أن فتح تنظيم الإصلاح حربا رديفة مع المقاومة الجنوبية عام 2019 خسرت تحت وطاتها السلطة الشرعية الجنوب وأي تأييد لها من الجنوبيين ومعظم الشماليين.