سيد زيان.. أصابته دعوة أمه "ربنا يفرج عليك خلقه"
الأحد 31/أكتوبر/2021 - 01:46 م
كثيراً ما يمر بنا في ذاكرتنا فنانين و لكن قليلا ما نتوقف عند فنان بعينه نتوقف إما لفنه أو لحياته الخاصة أو لكلاهما وها نحن نتوقف اليوم مع فنان تجري الكوميديا في دمه حتي حياته الخاصة تجعلنا نتعجب منها.
هو سيد زيان عطية سليمان إبن محافظة الشرقية الذي ولد في 17 أغسطس عام 1943، تخرج من مدرسة الميكانيكا التي تخصصت في تخريج الأفراد المتخصصين في صيانة طائرات سلاح الطيران وعمل وأجاد حتي أنه كاد أن يقدم في إمتحانات الطيارين و لكنه قدم إستقالته بعد ما عشق المسرح وهوي الفن.
بدأ في المسرح العسكري وقدم عدد من المسرحيات في ذلك الوقت الا ان رأه فؤاد المهندس ليقدمه في دور صغير في مسرحية { سيدتي الجميلة } عام 1969 و كانت شهادة ميلاده الفنية بعدها إنطلق سيد زيان بسرعة الصاروخ في عالم المجد والشهرة والأضواء.
أصبح أيقونة الكوميديا في نصف افلام السبعينيات والثمانينيات فلم يكن يظهر في الفيلم ظهور عابر ولكن كان يحرص المنتجين علي ان يكون في الفيلم سيد زيان ودوره يكون مساحته كبيرة وقد كان ، فهو فنان موهوب و ذكي ويستطيع أن يخدم الدور وان كان صغيراً و أي مخرج يتمني هذا فلم يكن عاله علي الفيلم كما كان غيره كثير من نجوم الكوميديا حتي أصبح نجم شباك أول برغم أن دوره ثاني في الفيلم ونذكر اهم هذه الافلام { أريد حلا } مع فاتن حمامة و{ أين عقلي } مع سعاد حسني ، و{ المتسول و وكالة البلح والضائعة وطابونة حمزة والعسكري شبراوي وشاويش نص الليل وعفواً أيها القانون وغضب الحليم وآنسات وسيدات }، قدم البطولة المطلقة في السينما في افلام { شاويش نص الليل } مع ماجدة الخطيب ، و{ حظ من السما } مع عفاف شعيب ، و{ نص دستة مجانين } مع مني عبد الغني .
ونال جوائز عن ادواره في افلام { أبناء الصمت } و{ البيه البواب } و{ السكاكيني } و{ الجراج } و{ شوارع من نار } و{ أصدقاء الشيطان }.
المسرح في حياة سيد زيان كان له طابع خاص فهو نجم مسرح أول ينافس عادل إمام وسعيد صالح وسمير غانم ومحمد صبحي ، فبرغم من ان سيد زيان نجم ثاني في السينما لكنه نجم شباك ، اما المسرح فهو نجم شباك و بطل اول منفرد فكان مسرحه ممتلئ علي آخره شهور الصيف كلها محجوز وعليه لافتة { كامل العدد } وكان الحجز من جميع الدول العربية الخليجية لدرجة أنهم كانوا يأتون إليه خصيصاً حتي ان أحد أهم رجال الأعمال الخليجيين قال له { ما تيجي عندنا شوية } وبالفعل سافر سيد زيان لدول الخليج لعرض مسرحياته هناك وحقق نجاحاً كبيراً في سابقة تعد الاولي من نوعها.
وقدم سيد زيان ما يقرب من 50 مسرحية طيلة حياته الفنية من اهمهم { البرشوت و الفهلوي والعسكري الأخضر و أبو زيد و واحد لمون والتاني مجنون و مين ميحبش زوبة والقشاش والبيه السباك وخد الفلوس واجري والحرامية وتيجي تصيده } فكانت مسرحياته ملئ السمع و البصر حتي ان معظم المسرحيات تعلق عملها في موسم الشتاء وهو وعادل إمام الوحيدان اللذان يقدما مسرحياتهما حتي في موسم المدارس والشتاء وبنجاح ساحق فكان منافسا شرسا للزعيم.
ويذكر أن سيد زيان هو أول من قدم الفنان محمد هنيدي في مسرحية { أبو زيد } عام 1985 و من بعده قدمه في عدة مسرحيات معه حيث تنبأ له بمستقبل فني كبير و قد كان وأيضا قدم الفنان أحمد آدم في بداياته و ساعده حتي نال البطولة.
أما في التليفزيون قدم نجاحاً اخر ولكن بشكل مختلف فقد تميز سيد زيان بموهبة جعلته يتقن جميع الادوار والشخصيات ليست فقط الكوميديا بل والتراجيدي واللغة العربية الفصحى فقدم في التليفزيون مسلسل { الراية البيضاء } في دور النونو مع سناء جميل و جميل راتب و مسلسل { وكسبنا القضية } مع يونس شلبي و عمر الحريري ، و { المال و البنون } في دور القص مع عبدالله غيث و يوسف شعبان ، ودوره في مسلسل { عمر بن عبدالعزيز } مع نور الشريف وهو الدور الذي برع فيه و اجاد باللغة العربية الفصحى ولأول مرة في تاريخ الدراما الدينية يقدم فنان كوميدي دورا فيه خلطة الكوميديا والتراجيدي معا وبنجاح جعله يحصد جائزة أفضل ممثل في مهرجان الاذاعة والتلفزيون في سابقة لم تحدث من قبل، ويذكر أن نور الشريف كان يبكي من أدائه في خاصة في مشاهد التوبة.
يعد سيد زيان غير أن ممثل كبير موهوب سواء في الكوميديا او التراجيدي إلا أنه يمتلك صوتاً جميلاً معبراً فقد كان والده يعده ليكون مقرئا للقرآن الكريم فقد حفظ القرآن الكريم كله وهو صغيراً وكان صوته قوي يشكله كيف يشاء في تلاوة القرآن الكريم الا ان حبه للفن جعله يترك او يبتعد بعض الشئ عن هذا الطريق وكان يقول ان والدته رحمها الله كما غضبت منه تدعو عليه قائلة { ربنا يفرج عليك خلقه }، فاستجاب الله لدعوة أمه وأصبح خلق الله يتفرجون عليه من خلال اعماله سواء في السينما او التليفزيون او المسرح.
وكان يحب أن يغني في بعض افلامه السينمائية و التليفزيونية وكان شرطاً أساسياً ان يغني على خشبة المسرح في مسرحياته فقد يكون يجيد فن الموال حتي ان الجمهور يصفق مهللا ان يعيد و يزيد في الغناء والمواويل
تزوج الفنان سيد زيان وله خمسة ابناء سامية وإيمان وحنان ومحمد وداليا ، وفي عام 2003 سقط فريسة لجلطة دماغية منعته من الحركة والكلام وأصيب بشلل نصفي ، لتبدأ رحلة جديدة أخرى في حياته وهي رحلة عودة سيد قارئ القرآن ، ولعل الله أراد بمرضه الخير لانه اطلع على ما في قلبه لانه كان قبل مرضه يذهب متخفياً لحضور دروس دين ومجالس لمشايخ و قد أدي فريضة الحج اكثر من مرة و قام بعمل العمرة لأكثر من مرة أيضاً.
وبعد مرضه ابتعد عن الوسط الفني بمرضه وتفرغ لاستعادة حفظه لكتاب الله وهو على فراش المرض لمدة 13 سنة كاملة ، وبعد أن اتم استعادة ما كان يحفظه من القرآن عن ظهر قلب جاءته منحة الشفاء من الله فتحسنت حالته وبدأ يقف على قدميه ويمشي وبعد فترة قدر إنه يتكلم شوية، الأمر الذي ادهش الاطباء لأن كل التقارير الطبية كان بتقول يستحيل ده ، وقرر سيد زيان بعد تماثلة للشفاء، التفرغ للعبادة و التقرب من الله.
وأصبح لا يفارق القرآن لسانة ويقرأه دايماً حتى لما كان مبيقدرش يتكلم وأصبح قارئاَ للقرآن وكأن الله منحه المرض كمنحه آلهيه ليتجه إلي الله ويختم فيها حياته واستمر رفيقاً للقرآن حتى توفي في ابريل 2016 بعد ما نطق الشهادتين، وقد قال في تصريح له بعد تماثلة للشفاء { القرآن الكريم كان طبيبي } رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.