حكم إنساني من "الإدارية العليا": إعانة اجتماعية لأسرة طفل كفيف توفى بسكتة قلبية
الأحد 28/نوفمبر/2021 - 10:54 ص
أثبتت شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا فى نوفمبر 2021 الموقف النبيل لوزير التربية والتعليم بعدم حصول طعن منه على الحكم الإنسانى التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة بإلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدي إلى الورثة الشرعيين للتلميذ الكفيف المرحوم (أ.م.ا.م) الحد الأقصى للإعانة الاجتماعية ومقدارها عشرة آلاف جنيه لتأمين التلاميذ ضد الحوادث عن وفاة التلميذ عقب عودته من مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع الإعدادية إلى منزله نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية والقلب عقب وصوله لمنزله لطول المسافة التى يمشيها إلى المدرسة والعودة منها؛ وألزمت الوزارة المصروفات.
وسجلت المحكمة (7) مبادئ لحق تلاميذ المدارس فى الحصول على إعانة اجتماعية من وزارة التعليم فى التأمين ضد الحوداث، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً .
وقد فجرت القضية مبدأ عاماً لصالح جميع تلاميذ المدارس من أخطار الحوادث وأكدت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على (7) مبادئ لحق تلاميذ المدارس فى الحصول على إعانة اجتماعية من وزارة التعليم فى التأمين ضد الحوداث وهى:
1- نظام التأمين على التلاميذ ضد الحوادث تسرى على التلاميذ الأصحاء وأوجب سريانها على التلاميذ ذوي الإعاقة وإعفائهم من رسوم الاشتراك.
2- الإعانة الاجتماعية عشرون ألف جنيه عن حادث الوفاة أو العجز الكلي , وبنسبة العجز فى حالة العجز الجزئى , وعشرة اَلاف جنيه للوفاة الطبيعية بعد البحث الاجتماعي للأسرة.
3- الإعانة الاجتماعية تصرفها وزارة التعليم ويمول حساب نظام التأمين على الطلبة من الاشتراكات التي يسددونها بشأن الرسوم ومقابل الخدمات الإضافية التي تحصل منهم بمراحل التعليم المختلفة.
4- شرط صرف وزارة التربية والتعليم للإعانة الاجتماعية أن تكون الوفاة أو العجز أثناء تواجد التلميذ بالمدرسة أو في رحلة مدرسية أو معسكر مدرسي ، أو خلال ذهابه أو عودته من المدرسة.
5- يعفى من سداد الاشتراكات طلاب مدراس التربية الخاصة والفصل الواحد والمجتمع والصديقة للفتيات والصديقة للأطفال في ظروف صعبة والمتحررين من الأمية الملتحقين بالمدارس والمعاقين و6 حالات أخرى أهمها أبناء الشهداء ومصابى الثورة و يتامى الأب وأبناء المرأة المعيلة ومهجورة العائل والمطلقة.
6- وزارة التعليم أجرت بنفسها بحثاً اجتماعيا كشفت عن حالة الفقر والعوز التي تعيش فيها أسرة الطفل الكفيف المتوفى وما كان ينبغي عليها أن تطيل الانتظار لتقرر صرف الإعانة الاجتماعية لها -- كابدوا في حياته لعلاجه رغم ضيق ذات اليد ، وعانوا مرارة فراقه بعد وفاته وهو في مقتبل العمر.
7- مكانة الوطن وقوته ينافيها الإخلال بقدر الفرد ودوره في تشكيل بنيانه حتى ولو به عوار في قدرته البدينة أو العقلية وتضافر جهود المجتمع مع الدولة لدعم التلاميذ ذوى الإعاقة أكثر لزوماً لهم إعمالاً لمبدأ التكافؤ في الفرص بينهم وبين أقرانهم الأصحاء.
وتعود وقائع القضية حينما كانت المحكمة مكتظة بالمتقاضين تقدم ولى أمر التلميذ الكفيف المرحوم (أ.م.ا.م) ووالدته وأخواته الصغار أمام القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وقال للمحكمة " سيدى القاضى إبنى مولود كفيف وكان تلميذ بالصف الثاني الإعدادي بمدرسة الأمل للصم وضعاف السمع الإعدادية ببندر كفر الدوار التعليمية ,وكان تلميذ نجيب وحافظ للقراَن , وأثناء عودته من المدرسة توفي بالسكتة القلبية لهبوط حاد بالدورة الدموية والقلب عشان طول المسافة التي يمشيها من المدرسة إلى المنزل والعكس " . وأضاف والد التلميذ للمحكمة " أحنا غلابة ونستحق صرف مبلغ إعانة اجتماعية من وزارة التربية والتعليم , لكنها رفضت تمنحنا الإعانة الاجتماعية بعد ما أجرت بحثاً اجتماعيا عن حالتنا الفقيرة " ثم قدم والد الطفل الكفيف للمحكمة تقرير بحث الحالة الاجتماعية الذي قامت به وزارة التعليم تفيد أنه " فقير" فنطق القاضى بالحكم لصالح هذه الأسرة البسيطة , وبعد نطق القاضى بالحكم بكى رب الأسرة الفقير واحتضن أطفاله الصغار وزوجته فى موقف مؤثر أبكى من فى القاعة .
قالت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن رعاية المشرع لطلبة المدارس لم تقتصر على ضمان توفير وسائل التعليم الحديث ، والارتقاء بجودته ، كما لم تقتصر تلك الرعاية على توفير تأمين صحي مناسب يقدم الرعاية الصحية اللازمة ضد ما قد يصيب التلاميذ من الأمراض ، وإنما امتدت رعاية المشرع فوق كل ذلك إلى تأمين التلاميذ ضد الحوادث التي قد يتعرضون لها طبقاً لقرار وزير التربية والتعليم بشأن نظام التأمين على الطلبة ضد الحوادث وتعديلاته , بشرط أن تكون الوفاة أو العجز نتيجة حادث وقع أثناء تواجد التلميذ بالمدرسة أو في رحلة مدرسية أو معسكر مدرسي ، أو وقع خلال ذهابه أو عودته من المدرسة ولا يتخلل رحلة الذهاب أو العودة توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي . فتكون الإعانة الاجتماعية عشرون ألف جنيه إذا نشأ عن الحادث وفاة أو عجز كلي مستديم يصرف مبلغ التأمين بالكامل , أما العجز الجزئى فتكون الإعانة الاجتماعية بنسبة العجز وفقا لقرار المجلس الطبى المختص عن طريق الصحة المدرسية , وتكون الإعانة الاجتماعية عشرة اَلاف جنيه للوفاة الطبيعية بعد تحري الظروف الاجتماعية للأسرة .
وأضافت المحكمة أن يمول حساب نظام التأمين على الطلبة من الاشتراكات التي يسددونها بشأن الرسوم ومقابل الخدمات الإضافية والتي تحصل من طلبة وطالبات المدارس بمراحل التعليم المختلفة و يعفى من سداد الاشتراكات طلاب مدراس التربية الخاصة ومدارس الفصل الواحد ومدارس المجتمع والمدارس الصديقة للفتيات والمدارس الصديقة للأطفال في ظروف صعبة والمتحررين من الأمية الملتحقين بالمدارس والمعاقين , كما يضاف إلى حالات الإعفاء من سداد الاشتراكات ومقابل الخدمات المقررة بالمدارس بمختلف المراحل التعليمية مايلى:
1- أبناء الشهداء، 2- أبناء الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي والمساعدات والمعاشات المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي من تلاميذ المدارس الحكومية بجميع أنواعها 3- الطلاب يتامى الأب 4-أبناء المرأة المعيلة ومهجورة العائل والمطلقة، 5- أبناء المكفوفين غير القادرين بعد إجراء البحث الاجتماعي، 6- أبناء مصابي الثورة بعد تقديم المستندات الدالة على ذلك، 7-أبناء مصابي العمليات الحربية بعجز كلي أو جزئي والمفقودين في الحرب.
ويتحمل حساب رعاية اليتامى بالمدرسة والإدارة والمديرية والإدارة العامة للتربية الاجتماعية، سداد الرسوم المقررة بقوانين واشتراك التأمين على الطلبة ضد الحوادث نيابة عن طلاب الفئات المعفاة، وفي حالة وجود فائض بحساب رعاية اليتامى بالمدرسة في نهاية العام الدراسي يتم توريده لحساب رعاية اليتامى بالإدارة التعليمية.
وذكرت المحكمة أن هذا التأمين – وإن كان اختيارياً – إلا أنه يستند إلى اعتبارات التضامن الاجتماعي ، واتصال مجتمع التلاميذ وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيراً ، وشركاء في المسئولية ، فتتضافر جهودهم لتكون للجميع في النهاية الفرص ذاتها ، ودون إخلال بالحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار . لذلك فإن التأمين على التلاميذ ضد الحوادث يعتبر صورة من صور التضامن لحمايتهم وتأمينهم ضد أخطار الحوادث ، فيكون مبلغ التأمين سنداً وعوناً لهم على تكاليف وأعباء العلاج ، أو سنداً – ولو ضئيلاً – لأسرة المتوفى .
وأوضحت المحكمة أن القواعد التي تضمنها القرار الوزاري بشأن نظام التأمين على الطلبة ضد الحوادث إذا كانت تسرى على التلاميذ الأصحاء فالأولى أن تسرى على التلاميذ ذوي الإعاقة الذين قرر المشرع إعفاءهم من تحمل رسوم الاشتراك في نظام التأمين ضد الحوادث ، أخذاً في الاعتبار احتياجاتهم الخاصة وعجزهم وحقهم في الحصول على الرعاية الاجتماعية والصحية اللازمة ، تأكيداً على حقهم في الحياة اللائقة ، بحسبان أن مكانة الوطن وقوته ينافيها الإخلال بقدر الفرد ودوره في تشكيل بنيانه حتى ولو به عوار في قدرته البدينة أو العقلية بسبب قصور خلقي أو غير خلقي . ولذلك فإن تضافر جهود المجتمع مع الدولة لدعم هؤلاء هو أمر أكثر لزوماً لهم من غيرهم ، إعمالاً لمبدأ التكافؤ في الفرص بينهم وبين أقرانهم الأصحاء .
وأشارت المحكمة أن جهة الإدارة ذاتها أجرت بحثاً للحالة الاجتماعية لأسرة التلميذ الكفيف المرحوم انتهى إلى أن " الأسرة مكونة من الأب والأم وأربع أخوة للتلميذ المتوفى ، وأن الأب هو العائل لأسرته الكبيرة بدخل شهري لا يجاوز 460 جنيهاً ، بينما تبلغ جملة مصاريف الأسرة الأساسية من إيجار السكن ومقابل استهلاك مرافق المياه والكهرباء ومصروفات أخرى 650 جنيهاً ،" وأثبتت جهة الإدارة في التقرير الاجتماعى أن " مرض الطالب المتوفى كبَّد الأسرة مصاريف كثيرة ، وأن دخل الأسرة من معاش الأب لا يكفي احتياجاتهم المعيشية خاصة وأن الأم ربة منزل ولا تعمل والأبناء الأخرين صغار بمراحل التعليم المختلفة ، وبحاجة إلى مصروفات للمأكل والملبس والتعليم" . ومن ثم يكون تقرير الحالة الاجتماعية قد كشف عن حالة الفقر والعوز التي تعيش فيها أسرة الطفل الكفيف ، خاصة مع وجود فرد فيها بحاجة إلى رعاية خاصة بسبب إعاقته وقد توفاه الله ، مما كان ينبغي معه على جهة الإدارة ألا تطيل الانتظار من وقت حدوث الوفاة لتقرر صرف الإعانة الاجتماعية لأسرة التلميذ المتوفى ، الذين كابدوا في حياته لعلاجه رغم ضيق ذات اليد ، وعانوا مرارة فراقه بعد وفاته وهو في مقتبل العمر .
وانتهت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن التلميذ المرحوم كان كفيفاً مقيداً بالصف الثاني الإعدادي بمدرسة الصم وضعاف السمع التابعة لإدارة بندر كفر الدوار التعليمية ، وتوفي بمنزله عقب عودته من المدرسة نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية والقلب , وهو كفيف من ذوي الإعاقة ضمن الفئات الخاضعة لنظام التأمين على الطلاب ضد الحوادث المقرر بالقرار الوزاري ، ومعفياً من سداد الاشتراكات المقررة لهذا التأمين .
وأن وفاة التلميذ لم تكن جراء حادث راجع إلى سبب أجنبي ، بل كانت وفاته طبيعية عقب عودته من اليوم الدراسي ، فإن المحكمة لا تملك أكثر من إلزام الوزارة بصرف الحد الأقصى للإعانة الاجتماعية لأسرته المقررة للتلاميذ الذين تقع لهم حوادث أو المتوفين وفاة طبيعية ولا ينطبق عليهم شرط من شروط التأمين ، وذلك بعد أن ثبت للمحكمة الظروف الاجتماعية الصعبة للأسرة التى تصل لحد العدم .