معلم في دائرة النسيان.. محلج محمد علي من النهضة إلى الخراب.. تدهور أقدم محلج في الشرق الأوسط.. استوطنته الخفافيش والكلاب الضالة وتحول من محلج الذهب الأبيض إلى موقع تصوير أفلام
الأحد 12/ديسمبر/2021 - 09:06 م
ظل محلج محمد علي القائم في منطقة القناطر الخيرية يلفت أنظار المار من أمامه لما له من مساحة واسعة وتصميم معماري فريد لافت يسمي (الماروطي) وأهمية اقتصادية كبيرة إلى أن تحول المحلج الذي كان ينتج سنويًا حوالي 200 ألف قنطار من القطن إلى خرابة وملجأ للكلاب الضالة والخفافيش فأضحي فريسة لعوامل الزمن!
شيد المحلج في عهد محمد علي باشا عام 1847م في إطار مشروع النهضة الذي ارتكز علي الزراعة والصناعة وهو من أقدم محالج القطن في الشرق الأوسط، وتبلغ مساحتة حوالي 6 أفدنة ويضم عنبرًا كبيرًا مقسمًا من الداخل إلى مساحات مربعة بها ماكينات صغيرة متصلة بماكينة أكبر مازات إلى الأن موجودة.
كما يضم ورش خاصة بتصنيع أخشاب المحلج وقطار مخصص لنقل بالات القطن وأيضا محاط بأبراج يقال إنها كانت للمراقبة وللحماية ضد أي عدو قادم من النيل، واستراحتان إحداهما تستخدم كمخزن والأخري إسطبلًا للخيول، ومدخنة تستخدم لإخراج بخار الماكينات، وظل لعقود طويلة ينتج قطن يمتاز عن غيره من أقطان العالم بالجودة والمتانة وهو الآن ملكًا لشركة الدلتا لحليج الاقطان.
تعرض المحلج منذ غلقه في تسعينيات القرن الماضي لأزمات مادية وإهمال شديد أدى إلى ديون متراكمة للبنوك فبيع في مزاد لسد هذه الديون رغم احتواء المحلج على ماكينة سويسرية يرجع تاريخها إلى عام 1900م وكانت تدير الكثير من دواليب المحلج وماكينة أخري مصنوعه في إنجلترا مر عليها أكثر من 100 عام.
وتعرض المحلج لحادثين الحادث الأول هو سرقة للمكان من قبل 3 عاطلين تسللو للمحلج واستولوا علي بعض أجزاء الماكينات الأثرية إلا أن تم القبض عليهم من قبل الحراس والحادث الثاني تعرض للتنقيب عن الآثار حيث تم اكتشاف حفرة عميقة بداخلة واتخذت الإجراءات اللازمة لمعرفة الفاعل بذلك.
تعددت التصريحات عن البدء بترميم المحلج واستغلاله في عمل مركز ثقافي أو تحويله إلى متحف لتاريخ حلج الأقطان وآخرها كان عن تحويله إلى فندق سياحي.
تواصلنا مع الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الآثار الإسلامية، وقال إنه بعد ثورة يوليو 1952 وضعت الثورة بعض المبادئ منها قانون الإصلاح الزراعي وطبق في عهد الرئيس جمال عبدالناصر أخذت الأرضي من كبار الملاك ووزعت علي الفلاحين من 5 إلى 10 فدادين لكل فرد فأصبح الفلاح غير قادر على تكلفة المبيدات وزراعة الأرض.
وأضاف حسام الدين: فمحصول القطن أو كما أطلق عليه البعض بـ"الذهب الأبيض" لما له من أهمية اقتصادية كبيرة لكنه يحتاج جهدًا كبيرًا ومصاريف كثيرة والفلاحين الآن يبحثون عن الأعمال السهلة والمحصول السريع الذي سيجني منه مالًا فضلًا عن بناء السد العالي الذي قلل من خصوبة نهر النيل مما أثر علي الأراضي الزراعية.
متابعًا: فلابد أن يكون هذا حال المحالج الآن والطريقة الوحيدة لاستغلاله هي قيام متحف عن مراحل إنتاج القطن كما في أمريكا حيث يصل حجم المتحف أكبر من المتحف المصري.
وأوضح أن عدم قيام أي أعمال ترميم أو بناء متحف أو فندق سياحي ليس تقاعسًا من المسئولين ولكنه لعدم تنفيذ القوانين واستيلاء بعض الأشخاص علي بعض من الأماكن الأثرية بعد ثورة يناير فأصبح المفتشين الآن ليس لديهم يد السلطة فضلًا عن عدم ثقافة ووعي بعض أفراد المجتمع بأهمية المناطق الأثرية والحفاظ عليها.
وبسؤاله عن استغلال المناطف الأثرية لتصوير الأفلام كما تم في محلج محمد علي من تصوير مشاهد لفيم "حملة فرعون" وتصوير أفلام قديمة كفيلم "أدهم الشرقاوي" الذي صور كاملًا داخل المحلج، وفيلم "العوامة رقم 70" بطولة أحمد زكي، عن معاناه الكثير من العمال داخل أحد المحالج.
وقال إن الاستغلال يكون جيد جدًا إذا استخدم في تنشيط السياحة لكن نحن نستخدمها في أشياء لا تروج على مستوى عالمي حيث كانت مصر في فترة الخمسينيات من أشهر السينمات العالمية وتشارك في جميع المهرجانات لكنها تدمرت بعد تأميمها، فلابد من العمل على تطوير واستغلال جميع الأماكن الأثرية المهملة والعمل على ترميمها مرة أخرى.