انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية يفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين.. مصر تهدف لتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات مع الشركاء في العالم.. الاستثمارات العراقية بمصر 500 مليون دولار
يفتح انعقاد اجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الشقيقين، لتنمية العلاقات في مختلف المجالات، لاسيما عقب القمة الرئاسية الثلاثية التي عقدها رؤساء مصر والأردن والعراق خلال أغسطس الماضي، لبحث الملفات المشتركة ودفع أطر التعاون بين الأشقاء، وعقدت اللجنة للمرة الأولى عام 1989.
وتنطلق في وقت لاحق، اليوم السبت، اجتماع اللجنة العليا المشتركة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء عن الجانب المصري، والدكتور مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء عن الجانب العراقي، للتوقيع على عدد من الاتفاقيات المهمة، التي تم تجهيزها في اجتماعات الخبراء والاجتماع التحضيري على المستوى الوزاري.
وبدأت الأربعاء الماضي اجتماعات اللجنة العليا المشتركة على مستوى الخبراء بمشاركة وفد مصري يضم ممثلي العديد من الوزارات والجهات واختتمت أعمالها الخميس، كما انضمت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي للاجتماعات التحضيرية أمس الجمعة لعقد الجلسة الوزارية، وعقدت جلسة مباحثات ثنائية مع الدكتور خالد بتال وزير التخطيط ونائب رئيس الوزراء العراقي.
وخلال الأشهر الماضية؛ شهدت المباحثات المصرية العراقية عددًا من الاجتماعات للتجهيز لاجتماعات اللجنة، فبخلاف القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، التقت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، سفير العراق بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أحمد نايف رشيد الدليمي عبر الفيديو في شهر يوليو الماضي، واستقبلته في وزارة التعاون الدولي في اجتماع آخر خلال سبتمبر الماضي، لبحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين ومناقشة الاستعدادات للجنة العليا المشتركة.
• اللجنة تحقق المصالح المشتركة للبلدين
وتأتي اللجنة العليا المشتركة في وقت تسعى فيه مصر لتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات مع الشركاء في المنطقة والعالم، لاسيما على المستوى الاقتصادي، خاصة وأن اتفاقية إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين البلدين تم توقيعها في عام 1988 لكن رغم ذلك لم تعقد اللجنة سوى مرتين فقط في عامي 1988 و1989، وهو ما يعزز اللجنة في دورتها الحالية.
كما تنعقد اللجنة تزامنًا مع سعي العراق لمعالجة الآثار التي خلفتها الظروف السياسية والاقتصادية التي حدثت طوال السنوات الماضية نتيجة الحرب على الإرهاب، الأمر الذي أثر سلبًا على بنيتها التحتية، وهو ما يمثل فرصة قوية لمصر لتعزيز التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية وفتح فرص الاستثمار للشركات المصرية للمشاركة في إعادة إعمار العراق انطلاقًا من الخبرة المتراكمة في مشروعات البنية التحتية المنفذة في مصر طوال السنوات الماضية.
وكان العراق قد أعلن عن خطة لإعادة الإعمار عقب الحرب على داعش بقيمة قدرت بـ100 مليار دولار في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل والزراعة، ونشرت بيانات 157 مشروعًا تسعى لجذب الاستثمارات إليها، وذلك على هامش مؤتمر إعادة الإعمار الذي عُقد بالكويت في 2018.
• تعزيز التبادل التجاري
كما تعتبر اللجنة فرصة لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين الذي يمتد لعقود، حيث أنه رغم توقيع بروتوكول لإقامة منطقة التجارة الحرة بين البلدين في 2001 والتي تحرر كافة السلع المتبادلة المنشأة داخل البلدين من القيود الجمركية وغيرها، إلا أن حجم التبادل التجاري لا يعكس ضخامة السوقين المصرية والعراقية على مستوى الاستهلاك والإنتاج.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن حجم التبادل التجاري بين مصر والعراق خلال الربع الأول من العام الجاري بلغ 220 مليون دولار فقط، بينما سجل في 2019 كاملة 544 مليون دولار، انخفاضًا من 1.6 مليار دولار في 2018 ونحو 1.18 مليار دولار في 2017.
كما كشفت بيانات المجلس التصديري للحاصلات الزراعية أن العراق استورد 3% من إجمالي الصادرات الزراعية المصرية، وذلك في الفترة من سبتمبر 2018 حتى نهاية يونيو 2019.
• الاستثمارات العراقية في مصر
وتشير إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بشأن شركة الاستثمار العربية والأجنبية العاملة في مصر إلى أن العراق يأتي في المرتبة الـ25 على مستوى قائمة الجنسيات المشاركة في تلك الشركات، حيث تبلغ الاستثمارات العراقية نحو 500 مليون دولار في 3500 شركة بنهاية سبتمبر 2019، يبلغ رأسمالها المصدر نحو 750 مليون دولار.
وتأتي معظم الاستثمارات العراقية في القطاع الخدمي، والزراعة، والصناعة والإنشاءات والقطاعات التمويلية، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وفي بيان صادر أمس عن وزارة التعاون الدولي؛ أكدت الدكتورة رانيا المشاط خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية للجنة التحضيرية الوزارية للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة وجود إرادة قوية مدعومة برؤية واضحة من القيادتين السياسيتين في مصر والعراق، بالعمل على إزالة كافة المعوقات نحو تعزيز التعاون المشترك بين الدولتين وتحقيق التكامل الاستراتيجي على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثماري.
وأوضحت أن اللجنة ناقشت التعاون في عدة مجالات من أهمها التبادل التجاري والتعاون الصناعي، واتخاذ الترتيبات لإنشاء منطقة لوجيستية لتخزين البضائع المصرية على الحدود العراقية الأردنية، وإنشاء مركز تجاري للمنتجات المصرية في بغداد، وتنمية الصناعات المحلية والابتكار وريادة الأعمال، وتبادل المعلومات التجارية وبيانات المصدرين والمستوردين، وحرية انتقال السلع المصرية للسوق العراقية ودخول الشاحنات المصرية للأراضي العراقية.
وفضلا عن تطبيق اتفاقية الدول العربية على منفذ طريبيل، مرورًا بالتوافقات المهمة للتعاون في مجالات البترول والغاز والكهرباء والطاقة والإسكان والمقاولات والنقل (براً وبحراً وجواً)، وانتهاء بتنظيم التعاون المشترك في مجالات التنمية البشرية من صحة وتعليم وتعاون ثقافي وإعلامي ورياضي وشبابي وتمكين المرأة، ونقل الخبرة المصرية في مجال التحول الرقمي، حيث تزداد أهمية التعاون هذا المجال في ضوء ما تعانيه البشرية من جائحة كورونا.