مفهوم العلم الكشفي.. وزير الأوقاف يشرح أنواع العلم
الأحد 02/يناير/2022 - 11:28 م
نشر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، منشورًا حول مفهوم العلم الكشفي، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
قال فيه: عندما نتحدث عن العلم من جهة كونه كسبيًا وكشفيًا، فإننا نؤكد أن العلم المطلق لله وحده، حيث يقول سبحانه: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"، ويقول سبحانه: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا"، ويقول سبحانه: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَااتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"، ويقول سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
وفي حق الخلق العلم نوعان: الأول كسبي، ويتأتى بالجهد والاجتهاد والتحصيل، وفيه يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ".
والنوع الثاني هو العلم الفيضي أو الكشفي أو اللدني، حيث يقول سبحانه: "وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، ويقول سبحانه في شأن العبد الصالح المعروف بالخضر: "آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا"، ويقول سبحانه في شأن سيدنا سليمان (عليه السلام): "فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ"، ويقول سبحانه في شأن سيدنا يحيى (عليه السلام): "وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا"، ويقول سبحانه في شأن سيدنا إبراهيم (عليه السلام): "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولم تزل هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله"، وكان الصحابة يقولون لنبينا (صلى الله عليه وسلم) نحن بنو أب واحد، ونراك تكلم وفود العرب بما لا نعلم فمن علمك يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "أدّبني ربي فأحسن تأديبي" والمراد بالتأديب هنا التعليم.
ولما جاء وفد بني تميم إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قالوا: يا محمد جئنا لنفاخرك فأخرج لنا خطيبك وشاعرك، فلما تحدث خطيب رسول الله بزّ خطيبهم وتحدث شاعرهم فأجابه سيدنا حسان بن ثابت فأحسن وأبلغ وأفحم شاعرهم فقال القوم: والله إن هذا الرجل لمؤتى له "أي لموفق بمدد رباني"، لخطيبه أبلغ من خطيبنا وشاعره أشعر من شاعرنا.
على أننا نفرق بين العلم الفيضي أو الكشفي الذي يمن الله به على عباده المتقين الصالحين الذين يعملون بما يتعلمون، وبين أدعياء الصلاح والتقوى والولاية، فالعلم الذي لا يبنى على معرفة أصول الشريعة وفروعها، وعلى الفهم الثاقب المستنير لدين الله (عز وجل) فهو علم الدخلاء والأدعياء الذي لا يعتد به ولو طار صاحبه في الهواء أو مشي على الماء.
والخلاصة أن العلم الكشفي هو ما يمن به الله عز وجل على العلماء العاملين المخلصين، غير الأدعياء المتاجرين بادعاء الصلاح والتقوى المتربحين بذلك.