الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

"شارلي إيبدو".. تاريخ طويل من التدليس.. الخداع منهجًا.. تزييف الحقائق وامتهان الكذب.. والحكومة الفرنسية تتواطأ

الثلاثاء 01/سبتمبر/2020 - 06:12 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"شارلي إيبدو".. صحيفة هزلية فرنسية ساخرة، صاحبة أكبر تاريخ ملطخ بالتدليس في الصحافة العالمية، تُعيد الصحيفة نشر رسوماتها الكاريكاتيرية المُسيئة للنبي محمد (ص)، والتي زعمت زورًا أنها تسبيت في مقتل 12 شخصًا من محرريها في 2015، على أيدي مسلحين مجهولين، لكن لم تكن تلك الواقعة هي الأولي، إذ تعمدت إثارة الرأي العام العالمي، من خلال معالجتها الغير أخلاقية للموضوعات الخاصة بالاسلام والمسلمين.


البداية  "شريعة إيبدو"

أظهرت الصحيفة الفرنسية على غير استحياء العداء للإسلام حينما نشرت عددًا خاصًا تحت عنوان "شريعة إيبدو"، والذي أثار موجة احتجاحات لإعلانها أن رسول الإسلام هو رئيس تحريرها، فجاء الرد غاضبًا وألقيت قنبلة في مقر الصحيفة، حيث دُمر تمامًا، وقالت الشرطة حينها أنّ "الحريق الذي قد يكون اندلع "حوالي الساعة الواحدة صباحا" بعد إلقاء زجاجة مولوتوف في مقر الصحيفة لم يوقع إصابات".

 

بررت الصحيفة هذا العداء الواضح بأنها أصدرت العدد إحتفاءً بفوز حزب النهضة الاسلامي في الانتخابات التونسية، لكن بدا التدليس واضحا لكل من قرأ الصحيفة حينها، ولم تفلح محاولاتها في إخفاء ما في بطن ممولي إيبدو، الذين يسعون إلى تحقيق أهدف، غير معلنة.


استكمال مسيرة "يلاندس بوستن الدنماركية"

 في 30 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة يلاندس بوستن الدنماركية، 12 كاريكاتور مسيئًا للنبي محمد (ص)، تُظهر النبي يعتمر قنبلة بدلا من العمامة، أو كشخصية مسلحة بسكين محاطة بامرأتين منتقبتين، في تعبير واضح عن التدليس الذي كانت تتخذه الصحيفة منهجًا، وبعد أقل من أسبوعين وفي 10  يناير 2006 قامت الصحيفة النرويجية Magazinet والصحيفة الألمانية دي فيلت والصحيفة الفرنسية France Soir وصحف أخرى في أوروبا بإعادة نشر تلك الصور المسيئة، لكن "تشارلي إيبدو" كانت صاحبة السبق في التطاول على الرسول محمد، وأفردت صفحاتها لمعاجة الرسوم بشكل غير أخلاقي.

 

نشر هذه الصور جرح مشاعر الغالبية العظمى من المسلمين وقُوبِل بموجة عارمة على الصعيدين الشعبي والسياسي في العالم الإسلامي، وأقبلت الصحيفة على نشر التهديدات التي زعمت أنها تلقتها نتيجة ما وصفته بممارسة حرية الصحافة، في محاولة فاشلة لتحسين صورتها الملطخة بالعداء والعنصرية. 


لماذا لم تسخر "تشارلي إيبدو" من ديانات أخرى غير الإسلام ؟

سؤال يضع الصحيفة  الفرنسية في ورطة كبيرة، لأنها دهست الموضوعية بحذائها حين نشرت سلسلة من الرسوم الساخرة عن النبي (ص) أُدرجت داخل مقال عن الديانات الرئيسية الثلاث (الإسلام، المسيحية، اليهودية)، لكن المقال لم يهاجم إلا نبي الإسلام، وحتي هجومها لم يمت للمهنية أو الموضعية بصلة، فكل ما أعتمدت عليه الصحيفة هو التدليس بالرسوم دون الاستناد إلى أية معلومات موثقة.. وحيال ذلك رفضت الحكومة الفرنسية اتخاذ أي إجراءات في سبتمبر 2012، حيث اجتاحت المظاهرات عددًا كبيرًا من الدول منها، هونغ كونغ وتركيا واليونان والسعودية وإيران وبنجلاديش، ضد المجلة، ورأت أنها لم تقترف ما يسمى بـ"إهانة الديانة الإسلامية"، وأن عملها يندرج تحت حرية التعبير، داعية من يشعر بالإساءة للجوء إلى القانون.

 

"سيرة محمد" كتاب مسيء كُتب خصيصا لـ"شارلي إيبدو"

لم تكتف المجلة الفرنسية بمهاجمة الإسلام عن طريق الرسوم، فهي تُظهر نيتها المبيتة للعداء الغير مبرر، فكان عليها التفكير في طريقة أخرى تستطيع من خلالها ممارسة التدليس بشكل لا يعرضها للمساءلة الدولية، ولأن محاولتها في إيجاد نصًا واحدًا مغلوطًا في القرءان الكريم بآءت بالفشل.

لجأت الصحيفة إلى حيلة جديدة وهي تكليف عالم اجتماع فرنسي من أصل تونسي، بتأليف كتاب مصور نشرته المجلة في 2013 بعنوان "سيرة محمد" وجعلت صورة الغلاف للنبي وهو يقود جملًا في الصحراء، وأصر ناشر المجلة الأسبوعية "ستيفان شاربونييه" على أن الكتاب الجديد عمل تربوي أنتج بعد الكثير من البحث، "لا أعتقد أن العقول المسلمة المتقدمة ستجد أي شيء مسيء".. كان تصريح "شاربونييه" عقب إصدار الكتاب، واعترف أن الفكرة راودته في 2006 عندما نشرت صحيفة دنماركية رسومًا للنبي، وأعادت صحيفته نشرها.

 

تزييف الحقائق

اعتادت الصحيفة الفرنسية تزييف الحقائق، فعندما تعرضت لاطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين ثم هربا سريعا في سيارة سوداء وأسفر الحادث عن مقتل 12 شخصا بينهم صحفي وضابط، نشرت الصحيفة في صدرها عبارة " انتقمنا للرسول" ووضعت عليها صورة مسلحين ملطخين بالدماء، في إشارة وأضحة بأن الإسلاميين أصل الأرهاب.

 

بينما الحقيقة نشرتها صحيفة "لوفيجارو الفرنسية" حين قالت إن "صحيفة "شارلي إيبدو"، التي تُعرف بعدائها للإسلام، نشرت مؤخرًا صورًا مسيئة لأبوبكر البغدادي، زعيم "داعش"، وإحصائيات لمركز "كويليام" البريطاني، المتخصص في مراقبة المواقع الجهادية، عن إن 700 من الفرنسيين يقاتلون في صفوف "داعش"، وظهر بعضهم وهم يمزقون جوازات سفرهم، ويحرضون من سموهم بالذئاب المنفردة، على القيام بعمليات إرهابية، ردًا على مشاركة فرنسا في التحالف الدولي الذي يشن غارات على "داعش"، وذلك كان سببب الهجوم الذي تعرضت إليه.

 

كل ذلك كان من أجل هذا

في أكبر عملية تدليس أقبلت صحيفة شارلي إيبدو على افتتاح عددها الأسبوعي  في صفحتها الأولي بعنوان "كل ذلك من أجل هذا" وأرفقت رسما كاريكاتوريا للنبي محمد (ص) بقلم رسام الكاريكاتير كاب، الذي قُتل في هجوم 7 يناير 2015.

 

حاولت الصحيفة النيل من الإسلام وارسال رسالة موجهة بأغراض خبيثة إلى العالم بأن كل ما تعرضت له من هجوم كان بسبب المسلمين، الأمر الذي قوبل برفض شديد، ونُظمت احتجاجات حاشدة في بلدان عربية وأجنبية للمطالبة بوضع حدا لتلك الصحيفة التي تهاجم الرمز الأول للإسلام.

 

مستمرون في الكذب

مستمرون في الكذب.. شعار ترفعه "شارلي إيبدو" دائما دون أن تُعلن عنه صراحتا، فالصحيفة التي أفردت مساحاتها لمهاجمة الرسول قالت هيئة تحريرها في مقال "كثيرا ما طُلب منا منذ يناير 2015، نشر رسوم كاريكاتورية أخرى لمحمد. لكننا كنا نرفض القيام بذلك، ليس لأن ذلك محظور، فالقانون يسمح لنا بذلك، ولكن لأنه يلزمنا سبب وجيه للقيام بذلك، سبب يحمل معنى ويضيف شيئا ما إلى النقاش".

 

بتلك الكلمات أوهمت الصحيفة قرائها كذبا بأنها لا تسعي لمهاجمة النبي محمد (ص) بغرض الهجوم، لانها ترى في ذلك الهجوم هدفا نبيلا وسببا في معالجة الرسوم المسيئة.. لكنها تكذب وتتحرى الكذب، وتعيد نشر الكاريكاتور اليوم، بحجة القصاص  من منفذي الهجوم الإرهابي على مقرها يناير 2015 في يوم محاكمتهم، وقال فريق "شاري إيبدو" "أن هذا يبدو أمر ضروري بالنسبة لنا".. ليبقى السؤال: هل نفذ النبي محمد، هجومًا على "شاري إيبدو"!!