الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

ننشر كلمة وكيل الأزهر الشريف في ندوة "الدين والوطن في قلب الأزهر"

الأربعاء 04/نوفمبر/2020 - 03:22 م
مصر تايمز

بدأت فعاليات ندوة "الدين والوطن في قلب الأزهر"، صباح اليوم الأربعاء، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، بحضور كل من الدكتور محمد الضويني، وكيل ‏الأزهر، والدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والشيخ صالح عباس، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، وعدد من علماء الأزهر ‏الشريف وقيادات القوات المسلحة.‏

واستهل الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، كلمته الافتتاحيه، بتوجيه التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بمناسبة المولد النبوي الشريف.

وإلى نص الكلمة:- 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلاةً وسلامًا على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدِنا محمدٍّ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آلِه وصحبِه ومَن تبعه بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، فضيلةَ الشيخِ صالح عباس، رئيسَ قطاعِ المعاهدِ الأزهريَّةِ، وفضيلةَ الدكتورِ نظير عياد، الأمينُ العامُ لمجمعِ البحوثِ الإسلاميَّةِ
السَّيِّداتُ والسَّادةُ الحضورُ،
الحفلُ الكريمُ،
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد

فيُسعدُني في البدايةِ أن أَتقدَّمَ بخالصِ التَّهنئةِ القلبيَّةِ للرَّئيسِ عبد الفتاح السِّيسي، رئيسِ الجمهوريَّةِ، وإلي الإمامِ الأكبرِ الدكتور أحمد الطَّيِّب، شيخِ الأزهرِ الشَّريفِ، وإلى حضراتكم جميعًا، بمناسبة ذكرى مولد النَّبيِّ الكريمِ، داعيًا المولى عزَّ وجلَّ أن يعيدَ على مصرِنا العزيزةِ وعلى الأمَّةِ العربية والإسلاميَّة والعربيَّة هذه الذكرى العطرةَ بالخيرِ واليُمنِ والبركاتِ.

الحفلُ الكريمُ،

أشرقَتْ الدنيا وأنار الكونُ وتحرَّرتْ الإنسانيةُ بميلاد سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وسَمَتْ بَمَقْدِمهِ البشريةُ وسادت بِبَعْثَتِه الأمةُ، فكانت خيرَ أمةٍ أُخرِجت للناسِ.

عاش رسولُنا صلى الله عليه وسلم يقدِّم لنا خيرَ أسوةٍ وأفضلَ قدوةٍ في كل مجالات الحياة، بالرغم مما لاقاه من استهزاءٍ واعتداءٍ في صورٍ متعددةٍ، فمن منكري نبوته مَن اعترض طريقَه، ومنهم من ألقى على ظهره الشريف سلا جزور، ومنهم مَن سبَّه، إلى آخر صور الإيذاء، ولكنه صلَّى الله عليه وسلم لاقى هذا كلَّه بتسامحٍ وسعةِ صدرٍ وحِلْمٍ وصبرٍ جميلٍ قَلَّ أن يوجدَ مثلُه.

ومن عجبٍ أنَّ الإساءةَ إلى جنابه الشَّريف صلَّى الله عليه وسلَّم لم تنقطع؛ فما زال عصرنا الَّذي يتغنى بالحريَّاتِ وحقوقِ الإنسانِ والتَّعايشِ والتَّسامحِ يطالعنا حينًا بعد حينٍ بإساءةٍ غيرِ مقبولةٍ، وحسبنا أنَّ اللهَ بالغُ أمرِه، وأنَّ اللهَ ناصرٌ دينَه ولو كره الكافرون.  

وإنَّا لَنَعجبُ العَجَبَ كُلَّهُ حينما يتناسَى هؤلاء المدَّعونَ مبادئَهم الَّتي يردِّدونها وينادون بها في محافلِهم ومؤتمراتِهم، بل ويتناسون قبلها فضلَ الإسلامِ ورسولِ الإسلامِ على الدُّنيا كلِّها بشكل عام، وعلى حضارتِهم وما وصلوا إليه بشكلٍ خاصٍّ.

ليطالعوا إن أحبُّوا كتابات بني جلدتهم من المنصفين عن فضلِ الإسلامِ على حضارةِ أوروبا؛ فهذا أحدُهم يصفُ مَا وصلت إليه إسبانيا من الحضارة والتمدُّن في عهد المسلمين بقوله «حلَّ العرب بإسبانيا خَالِينَ من الأحقاد الدينية غير مصحوبين بمحاكم التفتيش، بل أَتَوا بشيئينِ من أنفسِ الأشياءِ، وعليهما يدورُ محور مجد الأمم لأوجهٍ شتَّى، وهما: أولًا: التَّسامحُ في المعتقداتِ الدِّينيَّةِ، ثانيًا: الاعتناءُ بِنَشْرِ جميعِ العلومِ وإنشاءِ المدارسِ.  

الجمع الطيبُ،

إذا كنا نعيشُ فيوضاتِ ذكرى ميلادِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم؛ فإنَّنا يجب أن نستلهم –أفرادًا ومؤسساتٍ- من حياتِه الشَّريفةِ المثلَ الأعلى في الحرص على الدِّينِ ونشرِه، والحفاظِ على الوطنِ وصيانتِه.

ومن جميل الموافقات أنَّ عُنوانَ لقائِنا اليومَ (الدينُ والوطنُ في قلبِ الأزهرِ).

طَوالَ تاريخِه الحافلِ حالَ الأزهرُ الشَّريفُ دون انهيارِ العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ أمام جَحافِل الطُّغاةِ والمعتدين بدءًا بالصَّليبيين ومرورًا بالتَّتار وغيرهم وانتهاءً بتخريب المحتلِّين، وقد بَذَلَ شيوخُه وأبناؤه جهودًا عظيمةً في سبيلِ الحفاظِ على الهُويَّةِ العربيةِ والإسلاميةِ واللغةِ العربيةِ، ولا تزال جهودهم تؤتي ثِمارَها في سبيلِ إعلاءِ قِيَمِ الوسطيةِ والاعتدالِ التي بُعِث بها رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وتفنيدِ شُبَه الجماعات المتطرفة والردِّ على أباطليهم، وبيانِ الوجهِ الحقيقي للإسلامِ، وذلك انطلاقًا من أدوارِه الدينيةِ والوطنيةِ والاجتماعيةِ والإنسانيةِ. 

وأزهرنا عامر بهذه النَّماذجِ الثَّريَّة الَّتي هضمت واستوعبت وعلَّمت أنَّ الشَّرع أمر بإصلاح الإنسانِ والبنيانِ والأكوانِ، في دوائر متداخلة لا تتقاطع، ولا تتعارضُ؛ فالحفاظُ على الأوطانِ من الحفاظِ على الأديانِ.

السيداتُ والسادةُ الحضور،

ذَكَرتْ لنا كتبُ التاريخِ ولا نزال نرى بأعيننا: كيف أنَّ دورَ الأزهرِ الشريفِ لا يقتصرُ على الجانبِ الديني؛ إذ يضطلعُ الأزهرُ بدورٍ بالغ الأهمية في الجانبينِ الاجتماعيِّ والوطنيِّ، فقد كان الأزهر الشريف في مقدمة صفوف المدافعين عن وطنِنَا العربيِّ والإسلاميِّ، وقاد شيوخُه وأبناؤه الحركاتِ القوميةَ في مصرَ قديمًا وحديثًا.

وسيظلُ الأزهرُ الشريفُ بإذن اللهِ تعالى قائمًا على رسالته مضطلعًا بأدائها خادمًا للعالمين العربي والإسلامي، يُهدِي أنوار العلمِ الشَّرعيِّ والوسطيةِ والاعتدالِ إلى أقطار العالم، وسيظلُّ مَقْصِدَ طلابِ العلومِ الشرعيةِ والعربيةِ والثقافةِ الإسلاميَّةِ في مختلفِ الأممِ والشُّعوبِ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته