رئيس مجلس الدولة: القضاء قدّم اجتهادات حول التدابير المرتبطة بـ "كورونا" ترسيخا للمفهوم الإصلاحي للمشروعية
الأربعاء 16/مارس/2022 - 12:20 م
أكد المستشار محمد حسام الدين رئيس مجلس الدولة، أن القضاء الإداري، عربيا وعالميا، قدّم اجتهادات كبيرة وواسعة في شأن التدابير والإجراءات الاستثنائية التي أصدرتها سلطات الدول وانطوت على قيود أثرت على بعض الحقوق الأساسية للمواطنين بهدف حماية الصحة العامة ومنع تفشي وباء كورونا، في إطار العمل على ترسيخ المفهوم الإصلاحي لمشروعية قرارات الإدارة العامة مع حماية حقوق الأفراد وحرياتهم.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس الدولة، اليوم، خلال افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الثالث للاتحاد العربي للقضاء الإداري حول (أحكام القضاء الإداري الصادرة بشأن الإجراءات الاستثنائية في ظل وباء كورونا) بحضور رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار بولس فهمي، ورئيس هيئة قضايا الدولة المستشار حسين مصطفى، ورؤساء المحاكم العليا ومجلس الدولة ومحاكم الاستئناف بالدول العربية والأوروبية، ومشاركة البعض الآخر منهم افتراضيا من خلال تقنية الفيديو كونفرانس.
وأوضح المستشار محمد حسام الدين أنه إذا كانت نصوص القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، تكفل حقوق المواطنين وحرياتهم وتحظر المساس بها، فإنها في ذات الوقت تمنح الحكومات سلطة تقييدها بمقتضى بعض اللوائح التي تتضمن قيودا على الحريات والحقوق العامة، باعتبارها سلطة استثنائية، بالقدر اللازم لمواجهة حالات الخطر وخلال فترة وجوده، وبما يتناسب مع درجة هذا الخطر وخضوع هذه الإجراءات الإدارية للرقابة القضائية لضمان التزامها بالضوابط.
وأشار إلى أن دول العالم عملت على تلازم الإجراءات والتدابير المتخذة في مواجهة هذا الظرف الاستثنائي، المتمثل في ظهور فيروس كورونا، في حين اجتهد القضاة في تناول اللوائح والقرارات والتدابير والإجراءات التي أصدرتها الجهات الإدارية (السلطات) إبان الأزمة الصحية العالمية، وخاصة تلك التي أثرت بصورة مباشرة على الحقوق الأساسية للمواطنين، ومنها الحق في التنقل والسفر وحق التعليم والعمل وغيرها.
وقال: "هذا الموضوع يمثل تجسيدا لأهمية القضاء الإداري في مجال مراقبة مشروعية أعمال الإدارة في حالة الضرورة، وهو أحكام القضاء الإداري الصادرة في شأن الإجراءات الاستثنائية في ظل وباء كورونا".
وأضاف: "لقد قامت كافة الدول بفرض إجراءات تقييدية صارمة في محاولة منها للمحافظة على الصحة العامة، والحد من تفشي وباء كورونا واحتوائه ومنع انتشاره والتخفيف من حدة أثاره، حيث صدر من جميع الدول التي تضررت من الأزمة الصحية العالمية، قرارات وتدابير تضمنت إجراءات مؤقتة بمنع التجمعات الكبيرة للمواطنين، ووصلت أحيانا إلى الحظر الكامل لبعض الوقت، وصدرت ضوابط تقيد ممارسة بعض الأنشطة ذات الكثافة".
وتابع قائلا: "وفي ضوء تطورات الحالة الصحية، قامت الدول لاحقا بمراجعة قراراتها وإجراءاتها في أوقات متتالية، بهدف الحد من حظر بعض الأنشطة والتخفيف من التدابير التي فرضتها بحسب انتشار أو انحسار الفيروس وحدته، كما عملت الجهة الإدارية على تلازم الإجراءات والتدابير المتخذة في مواجهة ذات الظرف الاستثنائي".
ولفت إلى أن المؤتمر سيستعرض خلال جلساته أحدث الأحكام الصادرة من المحاكم الوطنية في الدول المشاركة في أعمال المؤتمر، والوقوف على ما إذا كان هناك تباين بين التطبيقات الوطنية وبعضها البعض، وما صدر من تطبيقات لكل دولة، لتكتمل الرؤية والصورة.
من جانبه، أكد المستشار محمد حمد البادي رئيس المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن بلاده تولي أهمية قصوى للصحة العامة وصحة الأفراد، موضحا أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا منذ إعلان الجائحة.
وأشار إلى أن الإمارات طبقت مع بدء انتشار فيروس كورونا، إجراءات التقاضي باستخدام الوسائل الإلكترونية والاتصال عن بُعد مع الحرص على مراعاة ضمان أمن المعلومات.
وشدد على أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة، أثمرت عن احتواء الجائحة بالتعاون مع كافة القطاعات ووفقا لأفضل المعايير الدولية، على نحو أدى إلى انخفاض ملحوظ في حالات الإصابة بالفيروس، ومن ثم تخفيض الإجراءات والتدابير الاحترازية والعودة التدريجية لكامل الطاقة الاستيعابية لمختلف الأنشطة.
وقال: "استطاعت الإمارات أن تكون في المركز الأول عربيا في الدول الأكثر أمانا من جائحة كورونا، وفي المراتب المتقدمة عالميا في عدد من المؤشرات المتعلقة بالتعامل مع الفيروس بدءا من المعالجة إلى التعامل وتجاوز الكثير من الأمور والتداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية".
وأكد المستشار البادي أن الدول تتولى صيانة النظام العام بعناصره الثلاثة (الأمن العام، والسكينة العامة، والصحة العامة) وأن الأخيرة يُقصد بها صحة الأفراد ووقايتهم من الأمراض ومنع انتشار الأوبئة، وفقا للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمدته الأمم المتحدة.
وشدد على أن الحق في الصحة يُلزم بعلاج الأمراض من خلال لوائح وإجراءات معينة، مشيرا إلى الوضع القانوني في الإمارات استقر منذ صدور الدستور على العمل بذات المقتضى، كما أكدت أحكام المحكمة الاتحادية العليا بالإمارات، على دستورية ومشروعية العمل عن بُعد في ظل وباء كورونا باستعمال وسائل التقنية الحديثة.
ولفت إلى أنه تم تسهيل الإجراءات الخاصة بالمتعاملين خلال الجائحة، بما يؤدي إلى تحقيق حاجة المجتمع، كما استمر العمل بالمحاكم في الإمارات دون أي صعوبة أو عقبات، حيث استمر مباشرة الدعاوى القضائية في ظل الجائحة، مشيرا إلى أنه قد ساعد على تحقيق ذلك، وجود البنية التشريعية والقانونية والإلكترونية والتعاون المثمر بين جميع القطاعات.