الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

معركة الخرائط.. كيف استردت مصر "طابا" رغم أنف إسرائيل؟

الجمعة 18/مارس/2022 - 11:22 م
طابا
طابا

تحل علينا اليوم الموافق 19 مارس، ذكرى استرداد أرض طابا، أحد الأيام التاريخية التي رفرف فيها علم مصر على ذلك الجزء النفيس من تراب الوطن، بعودة آخر شبر من جنة سيناء بعد استرداد أغلب أراضيها عقب حرب أكتوبر 1973، إلا أنه تم استخدام القنوات السياسية، بديلا عن الصراع المسلح الذي لم يعد وحده قادرا على حسم تحقيق نصر كامل في ظل العلاقات الدولية المعاصرة.
 ‏
ولأول مرة في منطقة الشرق الأوسط يتم تسوية نزاع حدودي بين إسرائيل ودولة عربية عن طريق المحاكم الدولية، حيث تمثل أهمية استراتيجية كبيرة لإسرائيل، حيث تبعد طابا عن مدينة شرم الشيخ حوالي 240 كم جنوبًا، وتمثل مثلثًا قاعدته في الشرق على خليج العقبة، وضلع شمالي بطول ألف متر، وآخر جنوبي بطول حوالي ألف مترًا، ويتلاقى الضلعان عند النقطة؛ التي تحمل علامة 91.

أهمية طابا لإسرائيل
وتقع طابا في على بعد 7 كيلومترات من ميناء "إيلات" الإسرائيلي شرقا باعتبارها أضيق جبهة إسرائيلية في المنطقة، تطل على العقبة؛ لذا كانت محاولات الاستيلاء على طابا لتوسيع إيلات التي تعتبر المنفذ البحري الوحيد لها على البحر الأحمر.

ومن هنا تتمكن إسرائيل من الإشراف على طريق البحر الأحمر من سيناء إلى باب المندب، أيضا تعتبر المدخل الوحيد لمضيق تيران، ومنطقة للإطلاع على ما يجرى في المنطقة، كما تعد كارت لعزل سيناء شمالها عن جنوبها.

دبلوماسية مصر
استخدمت مصر الدبلوماسية في جمع الوثائق التي تكشف كذب الرواية الإسرائيلية، وتمكنت وزارة الخارجية من تقديم حوالي 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا، من الأرشيف المصري والبريطاني والتركي.

كما قدمت 10 خرائط من الأرشيف الإسرائيلي لإثبات ملكيتها لمصر، بينما قدمت إسرائيل ست خرائط فقط، وتم تكثيف التحركات الدولية لإثبات تبعية لذك الجزء لسيناء، وقدمت مصر الوثائق والخرائط التي تثبت تبعية طابا للأراضى المصرية، وأشارت إلى انسحاب إسرائيل من سيناء - بما فيها طابا- إلى الحدود الدولية عقب عدوان 1956.

تعنت إسرائيلي
لكن الحكومة الإسرائيلية أكدت على أن موقفها قائم على وجود خطأ فى تعليم الحدود وفق اتفاقية 1906 الخاصة بتعيين الحدود بين مصر والدولة العثمانية، وأن موقفها يسعى لتصحيح هذا الخطأ، فبحسب معاهدة السلام في مارس 79 أكدت على ضرورة انسحاب إسرائيل من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين.

إلا أن إسرائيل قررت توسيع الأقاليم التي تحيط بميناء إيلات، وشرعت في إقامة فندق سياحي في طابا، واستمرت المفاوضات لأكثر من أربع سنوات وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية تم الاتفاق في 1986 على اللجوء لهيئة تحكيم دولية تعقد في جنيف بسويسرا، لتحقيق هدفين هما:
أ- تلتزم إسرائيل بالتحكيم بجدول زمني محدد بدقة.
ب- تحدد مهمة المحكمة بدقة بحيث تكون مهمتها الوحيدة والمسندة إليها هي تثبيت الموقع الذي تراه صحيحا، وترفض الموقع الذي اقترحه الطرف الآخر مع اعتبار الحكم نهائي يلزم تنفيذه دون تراجع.

حكم تاريخي 
وفي عام 1988 أصدرت هيئة التحكيم التي تم عقدها في جنيف بالإجماع حكمها لصالح مصر، وقضت أن طابا مصرية، لكن إسرائيل أكدت على أن التنفيذ لن يتم إلا برضاها، وتم حسم الموقف عن طريق اتفاق روما التنفيذي في 29 نوفمبر 1988 بحضور الولايات المتحدة، وتم الاتفاق على التالي:

أولا: اتفاقية تختص بالنشاط السياحي، وذلك بتعويض إسرائيل بمبلغ 37 مليون دولار وبأسعار ذلك الوقت تدفعه مصر مقابل تسليمها المنشآت السياحية في فندق "سونستا طابا" والقرى السياحية، وذلك على غرار ما حدث في كل من: دهب ونويبع وشرم الشيخ من قبل .

ثانيا: كان الاتفاق الثاني يختص بتحديد موعد الانسحاب الإسرائيلي النهائي من طابا وتوصيل خط الحدود إلى شاطئ الخليج ( النقطة 91) وتحدد 15 مارس 1989.

ثالثا: الاتفاق الثالث فقد كان يتعلق بنظام مرور الإسرائيليين إلي ومن طابا إلي جنوب سيناء، فقد اتفقت الأطراف علي السماح للسياح الإسرائيليين بالدخول لطابا وفي حالة دخول السيارات يتعين أن يلصق علي السيارة كارت خاص، كذلك يسمح بالدخول والخروج من طابا إلي إيلات في زيارات متعددة خلال 14 يوما، وأن يحمل كل سائح جواز السفر الخاص به وأن يقوم بملأ بطاقة بيانات تختم بمعرفة السلطات المصرية في طابا وتكون صالحة لمدة 14 يوما.

ثم تم رفع علم مصر فوق طابا في أثناء وجود الرئيس الراحل محمد حسني عام 1989 بعد معركة سياسية ودبلوماسية استمرت لأكثر من سبع سنوات.