الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

كورونا تتسبب فى حظر تربية الثعالب والمنك بأوروبا..إعدام 15 مليون من حيوانات المنك بالدنمارك.. الفيروس قد يطيح بصناعات الفراء الأوروبية.. أمريكا تضع "الكلاب والنمور والأسود" كحيوانات ناقلة للفيروس

السبت 07/نوفمبر/2020 - 04:49 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حظر تربية الثعالب وحيوان المنك، وصناعة الفراء، هو الموضوعات الابرز بين مواطني الدول الاوروبية، فمع مزارع ينتشر فيها كوفيد-19 وذبح الملايين من الحيوانات، تأثر سوق الفراء بأزمة كورونا خاصة وان قطاع صناعة الفراء تلعب فيه أوروبا دورا رئيسيا بعد قرار بعض الدول ذبح ملايين حيوانات المنك .

 

وقد أعلنت ست دول هي الدنمارك وهولندا وإسبانيا والسويد وإيطاليا والولايات المتحدة أنها رصدت إصابات بفيروس كورونا المستجد مرتبطة بمزارع تربية حيوانات المنك لفروها، حسبما أعلنت منظمة الصحة العالمية.

 

وفقا لبيانات منظمة "هيومن سوسايتي إنترناشونال" غير الحكومية لمكافحة تجارة الفراء، فإن الصين والدنمارك وفنلندا وبولندا هي أكبر مربي الحيوانات التي يصنع منها الفراء ومنتجيها في العالم، ويقتل حوالى 100 مليون حيوان كل عام في العالم للحصول على فرائه، بما في ذلك 37 مليونا في الاتحاد الأوروبي. وفي القارة العجوز، في العام 2018 سجل مقتل 34,7 مليون منك و2,7 مليون ثعلب و166 ألف راكون و227 ألف تشنشيلا، وفقا للمنظمة.

 

وإذا كانت 21 دولة أوروبية موطنا لمزارع المنك، فإن الدنمارك (17,6 مليونا) هي التي تضم العدد الاكبر منها تليها بولندا (5 ملايين) وهولندا (4,5 ملايين) وفنلندا (1,85 مليون) وليتوانيا واليونان (1,2 مليون)، وفي فرنسا، تم إحصاء أربع مزارع حتى الآن تضم حوالى 15 ألف حيوان. وهذا الرقم أقل بكثير مما كان عليه قبل عقود عندما كان في البلاد 300 ألف منك تمت تربيتها في هياكل زراعية صغيرة اختفت مع مرور الوقت، وبشكل عام، تحتل أوروبا اليوم موقع الصدارة في إنتاج المنك مقارنة بالصين (20,7 مليون في المزارع) والولايات المتحدة (3,1 مليون) وكندا (1,7 مليون).

 

وفي المجموع، تتم تربية حوالى 60,5 مليونا من حيوانات المنك في أنحاء العالم، وفقا لجمعية "هيومن سوسايتي إنترناشونال" للرفق بالحيوان، فيما أعلنت الدنمارك الجمعة ذبح حوالى 15 مليونا من حيوانات المنك التي تربى ضمن أراضيها بسبب عدوى بشكل متحور من وباء كوفيد-19 انتقلت منها إلى 12 شخصا وهي تشكل تهديدا لفعالية لقاح محتمل في المستقبل.

 

وقبل ذلك، كانت منطقة أراغون الإسبانية قد أمرت في يوليو بذبح حوالى 100 ألف من المنك في مزرعة ثبتت فيها إصابة ما يقرب من 90 في المئة من الحيوانات بفيروس كورونا المستجد، واتخذت هولندا التي طالما اعتبرت من بين أكبر منتجي المنك في العالم، إجراءات مماثلة هذا الصيف. وأمرت بالإغلاق الدائم لكل مزارع المنك اعتبارا من العام 2021 لمنع القطاع من أن يصبح أرضا خصبة لكوفيد-19، ما قد يتسبب في نهاية صناعة فراء المنك في هذا البلد التي كانت مقررة أصلا في العام 2024.

 

ذبح ملايين حيوانات المنك لا يعني أن جلدها سينتهي في سوق الفراء الذي تبلغ قيمته الإجمالية حوالى 30 مليار دولار في العالم، ومع قرار الدنمارك، سيتم القضاء على العديد منها وخططت الحكومة لتعويض الخسائر في بلد كانت نسبة 53 في المئة من صادراته مخصصة للصين في العام 2019. لكن الناطقة باسم السلطة البيطرية قالت السبت إن عملية البيع ما زالت ممكنة بالنسبة إلى المزارع التي لم تتبين فيها إصابات والتي تقع بعيدا عن البؤر.

 

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، شدد ممثل للقطاع في فرنسا على أن تغير الأسعار ما زال صعب التوقع بسبب الافتقار إلى الوقت الكافي لدرس هذه المسألة، وقال بيار فيليب فريه الناطق باسم صناعة الفراء التي تمثل حوالى 100 شركة في فرنسا "سوق الفراء ليس وول ستريت".

 

وهكذا، فإن المنتجات الامريكية والأوروبية المصنفة وفق اللون والمقاس على سبيل المثال، تباع في مزادات علنية في هلسنكي وكوبنهاغن حيث يتم تفحصها وشراؤها من قبل محترفين (العلامات التجارية الفاخرة تجار الجملة) قبل انتقالها إلى مشاغل التصنيع كما شرح فريه، لذلك يتم تحديد الأسعار بناء على عوامل متعددة وليس الطلب فقط.

 

وقد أدى بروز قضية حقوق الحيوان خلال العقدين الماضيين إلى إعاقة صناعة الفراء في أنحاء العالم بشكل خطير خصوصا في أوروبا حيث اتخذت العديد من الدول تدابير تشريعية لحظر تربية الحيوانات المنتجة للفراء والتخلص التدريجي منها، ووفقا لمنظمة "بيتا" المعنية بحقوق الحيوان، قامت حوالى 15 دولة أوروبية بحظر هذه المزارع أو أنها بصدد حظرها من بينها صربيا ولوكسمبورغ والنمسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وسويسرا والسويد وإيطاليا وألمانيا، وفي الدنمارك، معقل صناعة الفراء، تم حظر تربية الثعالب وتم التخلي عنها تدريجا.

 

وذكرت الشرطة الدنماركية اليوم السبت أنها سوف تنهي إعدام حيوان المنك في منطقة نورث جوتلاند بغرب بنهاية البلاد الأسبوع الجاري، فى وقت قررت الحكومة الدنماركية، وفقا لوكالة الانباء الالمانية الأسبوع الماضي بإعدام كل حيوانات المزارع من المنك -نحو 15 مليون حيوان منك- بعد اكتشاف سلالة متحورة من فيروس كورونا انتقلت من المنك إلى الإنسان.

 

وكانت الحكومة الدنماركية قد أعلنت أيضا عن إغلاق منطقة نورث جوتلاند -التي تضم أغلب مزارع المنك في الدنمارك وعددها أكثر من 1100 مزرعة- حتى أوائل ديسمبر، ويتأثر بهذا الاجراء نحو 280  ألف شخص.

 

وقد جرى إعدام نحو 6ر1 مليون من حيوان المنك، حيث أكد رئيس الشرطة الوطنية ثوركيلد فوجد إن أفرادا من قوات الدفاع والإدارة البيطرية والغذائية الدنماركية والمزارع الخاصة شاركوا في عملية الإعدام، فيما أصيب 214 شخصا على الأقل بسلالة مختلفة من فيروس كورونا، ظهرت في حيوانات المنك في يونيو الماضي.

 

وقال المعهد إن خمس مجموعات لأشكال مختلفة للفيروس مرتبطة بحيوانات المنك، تم العثور عليها في الدنمارك، حيث ترتبط بمخاوف بالأساس بما تسمى بـ"المجموعة الخامسة " التي تبين أنها تضعف القدرة على تشكيل أجسام مضادة وربما تجعل اللقاحات غير فعالة في المستقبل.

 

وتم تشخيص 12 شخصا بالإصابة بسلالة من المجموعة الخامسة ، على الرغم من أنه لم تظهر عليهم أعراضا أكثر حدة عن تلك التي ظهرت على الآخرين.

 

ويمكن لبعض الحيوانات أن تصاب بكوفيد-19 ويمكن أن ينقل حيوان المنك الفيروس إلى البشر، لكن ليس هناك دليل في هذه المرحلة على أن العدوى بين الحيوانات والإنسان تفاقم الوباء، وفق ما قال علماء بعد إعلان الدنمارك ذبح ملايين من هذه الحيوانات المصابة بسلالة جديدة من كورونا يمكنها الانتقال إلى البشر.

 

وأعلنت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن الأربعاء ذبح كل حيوانات المنك في البلاد التي يزيد عددها عن 15 مليونا قائلة إن نسخة محورة من "سارس-كوف-2" قد تهدد فعالية أي لقاح في المستقبل، نقلتها هذه الحيوانات إلى 12 شخصا.

 

وكان لهذا الإعلان تأثير قنبلة في وسائل الإعلام العالمية في مناخ يسود فيه إحباط شديد في مواجهة كوفيد-19 الذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من 1,2 مليون شخص في أقل من سنة، لكن العديد من الخبراء كانوا حذرين، متسائلين عن حقيقة الأخطار المزعومة لهذه العدوى في غياب نشر بحث علمي.

 

وقالت أنجيلا راسموسن عالمة الاوبئة في جامعة كولومبيا في نيويورك على تويتر "أود حقا أن يتوقف هذا التوجه المتمثل في ممارسة العلوم من خلال بيانات صحافية. لا يوجد أي سبب يمنع مشاركة البيانات الجينية للسماح للمجتمع العلمي بتقييم هذه الادعاءات".

 

وتتحوّر فيروسات الحمض النووي الريبوزي، مثل فيروس كورونا الذي ظهر في الصين في نهاية العام 2019 طوال الوقت، دون أن يكون لها بالضرورة عواقب وخيمة. وإضافة إلى ذلك، لا تظهر أي دراسة علمية حتى الآن أن واحدة من التحورات العديدة لـ"سارس-كوف-2" يمكن أن تعدل من مدى العدوى أو الخطورة.

 

كما أن عدوى المنك ليست جديدة، إضافة إلى الدنمارك، وجدت هذه العدوى في العديد من المزارع منذ يونيو في هولندا والولايات المتحدة وإسبانيا، كما تم الإبلاغ عن حالات قليلة من انتقال عدوى المنك إلى البشر، لكن إعلان الدنمارك يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يصف انتقال سلالة مختلفة من الفيروس من المنك إلى البشر.

 

وقال جيل سالفا الخبير في وكالة الصحة الفرنسية "أنس" لوكالة فرانس برس "وفقا لمعلومات من السلطات الدنماركية، فإن هذا الفيروس ليس أكثر عدوى ولا أكثر أشكاله ضراوة"، لكن الخوف هو أنه "يظهر باعتباره ثاني فيروس سائد بين البشر تطوير لقاح لسلالة واحدة معقد أصلا، فكيف به إذا كان علينا القيام بذلك لسلالتين أو أربع أو ست سلالات" وفق الخبير الذي أوضح أن قرار ذبح الحيوانات "احترازي".

 

وقال البروفسور فرانسوا بالو من جامعة "لندن كوليدج"، "هذا الإجراء له ما يبرره تماما من وجهة النظر الصحية للقضاء على مصدر كبير لانتقال الفيروس، لكن "الإشارة إلى خطر أن يتسبب المنك في انتشار وباء ثانٍ تبدو متطرفة وعكسية في ظل المناخ المتوتر حاليا" وفقا لبالو الذي لفت إلى وجود حالات مماثلة من تحور الفيروس لكن على نطاق ضيّق.

 

وتابع "نحن نعلم أن هذا الفيروس ظهر في مزارع المنك وانتقل إلى البشر ولم ترتفع وتيرته مطلقا وما زال نادرا بين السكان" رغم أنه يقر بأنه ليس "من المستحيل" أن "ينتشر هذا النوع المتحور من الفيروس ويجعل اللقاحات أقل فعالية، من جانبه، أوضح جيمس وود أستاذ الطب البيطري في كلية الطب البيطري جامعة كمبريدج أن "الآثار الحقيقية للتغيرات" التي أحدثها التحور "لم يتم تقييمها من قبل المجتمع العلمي، وتابع "من السابق لأوانه القول إن هذا التحور سيؤدي إلى فشل اللقاحات" وفق ما نقلت عنه منظمة "ساينس ميديا سنتر" البريطانية.

 

بالإضافة إلى حيوانات المنك، تم تحديد إصابات بكوفيد-19 لدى حيوانات أخرى آكلة لحوم خصوصا القطط لكن أيضا لدى الكلاب والنمور والأسود في حديقة حيوانات نيويورك، في هذه المرحلة، "يعتبر خطر انتشار كوفيد-19 من الحيوانات إلى البشر منخفضا جدا" وفق المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، وبعد إعلان الدنمارك، دعت الأكاديمية الفرنسية للطب المصابين يوم الجمعة إلى "تجنب الاتصال" بحيواناتهم الأليفة.

 

وتشعر راسموسن بالقلق من انتشار الفيروس بين القطط غير المنزلية،  وقالت "القطط متلقية للعدوى وهناك ملايين القطط البرية في الولايات المتحدة وملايين أخرى حول العالم، وأضافت "إذا أصبحت القطط مستودعا دائما للفيروس، قد يبقى المرء يكافح سارس-كوف-2 لسنوات".

 

وكان جو بايدن، الذي يتمتع بفرص جيدة للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بالتصدي للجائحة "في اليوم الأول" له في البيت الأبيض، حيث سجلت الولايات المتحدة، الدولة الكثر تضررا في العالم من كوفيد-19، حصيلة قياسية جديدة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد في يوم واحد الجمعة مع 127 ألف إصابة.

أودى فيروس كورونا المستجد بحياة مليون و243 ألفا و513 شخصا على الأقل في العالم منذ ديسمبر، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس السبت 11,00 ت غ استنادا إلى مصادر رسمية، وتم تسجيل أكثر من 49 مليونا و316 الفا و540 إصابة مثبتة منذ أن ظهر الوباء.

 

والبرازيل هي البلد الأكثر تأثّرا بالفيروس بعد الولايات المتحدة إذ بلغ عدد الوفيات على أراضيها 162 ألفا و15 ثم الهند التي سجّلت 125 ألفا و562 وفاة والمكسيك حيث أعلنت 94323 وفاة وتليها المملكة المتحدة مع 48475 وفاة.

 

ومنعت بريطانيا السبت دخول جميع الأجانب غير المقيمين على أراضيها القادمين من الدنمارك، بعد رصد الفيروس المتحول المرتبط بمزارع المنك، في البشر.

 

وقررت الحكومة الإيطالية، ليل الجمعة السبت، إجراءات دعم جديدة للقطاعات الاقتصادية والأسر المتضررة من التدابير التقييدية الأخيرة، بقيمة 2,5 مليار يورو، وتم الإعلان عن اغلاق "مناطق حمراء" جديدة الجمعة، هي لومباردي وبييمونتي وفالي دا أوستا وكالابريا، ودخل فرض حظر التجول في جميع أنحاء إيطاليا الجمعة عند الساعة 22,00 (21,00 ت غ) ولغاية 3 ديسمبر.