الأزهر يهاجم مسلسل نيللي كريم: جريمة كبرى وإذكاء للأفكار المتطرفة
الجمعة 15/أبريل/2022 - 11:46 م
علق مركز الأزهر للفتوى على تناول صورة رجل الدين فى الأعمال الفنية والتى كان منها فى دراما رمضان 2022 مسلسل فاتن أمل حربي، حيث أكد المركز إنه يدعم الإبداع المُستنير الواعي، ويحذر من الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وهدم مكانة السنة النبوية، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالِم الدّين في المجتمع.
وتابع مركز الأزهر للفتوى ،" الضَّمائر اليقظة تدفع أصحابها نحو الإبداع المُستنير الواعي الذي يبني الأُمم، ويُحسِّن الأخلاق، ويُحقِّق أمن واستقرار المُجتمعات،ولا يصنع الصّراعات ، تشويه المفاهيم الدِّينية، والقِيم الأخلاقية، بهدف إثارة الجَدَل، وزيادة الشُّهرة والمُشاهدات؛ أنانيَّة ونفعيَّة بغيضة، تعود آثارها السَّلبية على استقامة المُجتمع، وانضباطه، وسَلامه، ولا عِلم فيها ولا فنّ.
وتابع المركز فى بيان له " تعمُّد تقديم عالِم الدّين الإسلامي بعمامته الأزهرية البيضاء في صورة الجاهل، الإمّعة، معدوم المروءة، دنيء النفس، عَيِيّ اللسان -في بعض الأعمال الفنيّة-؛ تنمُّرٌ مُستنكَر، وتشويه مقصود مرفوض، لا ينال من العلماء بقدر ما ينال من مُنتقصيهم، ولا يتناسب وتوقير شعب مصر العظيم لعلماء الدِّين ورجاله..لا كهنوتية في الإسلام، ولم يدَّعِ أحد من الأئمة والفقهاء العِصمة لنفسة على مرِّ العصور، بل كلهم بيَّن ما رآه حقًّا وَفق أدوات العلم ومعايير التخصُّص على وجه الإيضاح، لا الإلزام، ونسبة هذه الأوصاف الشائنة للعلماء تدليسٌ، ووصِاية، وخلطٌ مُتعمَّد؛ يهدف إلى تشويههم، وإسقاط مكانتهم ومقامهم، كما يهدف إلى تشويه مفاهيم الدين الحنيف، وتفريغه من مُحتواه.
وأكد المركز أن الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وتحريف معانيها عمّا وُضِعت له عمدًا، وعَرْض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة بهدف إثارة الجدل؛ جريمة كُبرى بكل معايير الدين والعلم والمهنية، وتَنكّرٌ صارخ للمُسلَّمات ..السُّنة النّبويّة الصّحيحة ثاني مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي له، وأُولَى أدوات فهمه واستنباط أحكامه، التي دلَّ القرآن على اعتبارها وحيًا إلهيًّا من قول سيدنا رسول الله ﷺ وفعله وتقريراته، ومحاولة تهميشها وتنحيتها؛ محاولةٌ لهدم عِماد من عُمُد الدين، واعتداءٌ مرفوض على مكانة صاحب السُّنة سيدنا ومولانا محمد ﷺ.
وأشار إلى أن إجماع العلماء المُتخصصين المُجتهدين في أحد العصور على حكم شرعي حُجَّة مُعتبرة، لا يجوز مخالفتها، لا لكون آحاد هؤلاء العلماء معصومًا كما يُزعَم، بل لاستحالة خطئهم مُجتمِعين في فهم نصٍّ، دلَّت على صِحَّته أدوات العلم والاستنباط، التي تخصَّصوا فيها وأتقنوها ، وأن شريعة الإسلام شريعة مُتكاملة معصومة تُصلِح كلَّ زمان ومكان، واجتهادات الفقهاء على مَرّ العصور رسَّخت منهجًا للفهم والتطبيق يستفاد منه في استخراج آراء جديدة تناسب تطوّر الواقع ومُستجداته، وتراعي مصالح النّاس.
وتابع أن تجديد الفكر وعلوم الإسلام حِرفة دقيقة يُحسنها العلماء الراسخون في المحاضن العلمية المُتخصصة، قبل نشره على الشاشات أو بين غير المُؤهَّلين، والفكر المتطرف في أقصى جهتيه جامد يرفض التجديد بالكلية في جهة، أو يُحوِّله إلى تبديد للشَّرع وأحكامه في الجهة الأخرى، وعند جمعِ النصوص الشّرعية المتعلقة بحكم من الأحكام الفقهية، نرى صورةً كاملةً من تشريعات حكيمة، قرّرت حقوقَ كلّ طرف فيها، وواجباتِه، في فقهٍ مَرنٍ ومُتكامل، يراعي المصلحة، ويزيل الضَّرر، ويجعل لكلِّ حالةٍ حُكمًا يُناسبها، ولا يكون ذلك إلا بجمع الأدلة الواردة في المسألة الواحدة، وباعتبار مُقرَّراتِ الدين وضوابطِه ومقاصدِه من قِبل أهل الفُتيا والاختصاص.
وقال المركز " أعطى الإسلام الأمَ حقَّ حضانة أولادها عند وقوع الانفصال حتى يستغنوا عنها إذا لم يكن عارض أو مانع من الحضانة، ولا ينبغي مطلقًا أن يكون الطفل بين يدي والديه أداة ضغط أو دليلَ انتصارٍ مُتوَهَّ ، إن لم يوجد نزاع، وتراضَى الوالدان على صورة معينة للحضانة تُحقِّق مصالح الطِّفل، وتُراعى حقوقه النَّفسية والتَّربوية وسلوكه المجتمعي، فإنَّ الشَّرع الحنيف يُقرُّ هذا التَّراضي، ولا يعترضه، أيًّا كانت حال الأم والأب، والمسلمون عند شروطهم.
وأوضح المركز إنه وفي حال النِّزاع، تميزت الشريعة الإسلامية بمرونة فائقة في مسائل حضانة الأولاد ورؤيتهم بعد انفصال الوالدين، وأعطت القاضي حق تقدير المواقف، كل حالة بحسبها، بما يراعي مصلحة الأطفال، دون جمود أو إهدار لمصلحة الطفل، أو حقوق كِلا والديه، على عكس ما يُروَّج له.
وأكد أن طرح القضايا الدينية والمجتمعية العادلة في قوالب مشبوهة يظلم هذه القضايا، واستخدام المنهج الانتقائي الموجه في عرض مشكلة مجتمعية، لا يعرضها من جميع جوانبها، ولا يساهم في حلها، بل يفاقمها، ويزيد الاستقطاب حولها، ويعكِّر السِّلم المُجتمعيّ، ويُصدّر للعالم صورة مُجتزأة وسلبية عن المجتمع المصري على غير الحقيقة والواقع، وأن الشَّحن السَّلبي المُمنهج في بعض الأعمال الفنيّة تجاه الدّين؛ بنسبة كل المعاناة والإشكالات المُجتمعية إلى تعاليمه ونُصوصه؛ تحيزٌ واضح ضدّه، واتهام له بضيق الأفق والقُصور، ونذير خطر يؤذن بتطرف بغيض فيه أو ضدّه، ويهدّد الأمن الفكري والسِّلم المجتمعي.
وشدد المركز على أن الزّواج في الإسلام منظومة راقية مُتكاملة تحفظ حقوق الرّجل والمرأة والطّفل، والترويج للعلاقات غير المُشروعة وتبريرها وتطبيعها طرح كريه مُناف للدّين والقِيم، وتغذيةُ روح العدائيَّة والنِّديَّة في الأسرة جريمة منكرة، وإذكاء للصّراعات الأسرية والمجتمعية، في وقتٍ تسعى فيه مُؤسسات الدولة للحفاظ على الأسرة، حجر الزاوية في المجتمع، وركنه الركين، وأن شهر رمضان شهر عبادة وطاعة وتوقير للدين، لا زمانًا لتشويهه، أو الافتراء على علمائه، أو تزيين المنكرات والفواحش.
وأوضح ان تقديم خطاب إعلاميّ يدعم الفكر المتطرف، و يصنع الصراعات؛ أو يثير الغرائز، ويهدد القيم والفضائل؛ يُخرِّج للأمة جيلًا مُشوَّه العقيدة والشَّخصية والهُويَّة ، وأن التستر خلف لافتات حقوق المرأة لتقسيم المجتمع، وبث الشقاق بين الرجال وزوجاتهم بدلًا من محاولة زرع الودّ والمحبة وعرض النماذج المثلى للأسرة الصالحة والمجتمع المصري، وتصوير بعض الأفراد للتراث الإسلامي كعدوٍ للمرأة، واستخدام الإعلام والدراما لتشويه هذا التراث؛ فكر خبيث مغرض يستبيح الانحرافات الأخلاقية ويحاول تطبيعها، كما يستهدف تنحية الدين جانبًا عن حياة الإنسان وتقزيم دوره، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية، بهدف ذوبان هُوُيَّتِها وطمس معالمها.
واختتم المركز قائلا " تغذية العُقول والنُّفوس بما يُسهم في بناء الإنسان، ويُعزِّز من منظومة القِيم والأخلاق، ويُشغِل الناس بالخير النافع، هو أهم أدوار الإعلام الواعي، ومسئولية دينية ووطنية مُشتركة، وأمانة سيسألنا الله عزَّ وجلَّ عنها يوم القيامة".