الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.. علامة فارقة في تاريخ الإمارات

الجمعة 13/مايو/2022 - 07:29 م
الشيخ خليفة بن زايد
الشيخ خليفة بن زايد

أعلنت دولة الإمارات العربية الشقيقة وفاة رئيسها المغفور له صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، صباح اليوم الجمعة، وفي السطور التالية نطلعكم على أبرز المحطات الفارقة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ساهم الشيخ خليفة بن زايد في تطويرها.



مولد الشيخ خليفة وأصوله
وُلد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 1948، واسمه الكامل هو خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح بن ياس، والشيخ خليفة هو النجل الأكبر للوالد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

وينتمي الشيخ خليفة إلى قبيلة بني ياس، التي تعتبر القبيلة الأم لمعظم القبائل العربية، والتي اصبحت تعرف اليوم باسم "دولة الإمارات العربية المتحدة"، والتي عُرفت تاريخيًا باسم " حلف بني ياس".

طفولته وتعليمه
عاش الشيخ خليفة مع عائلته في قلعة المويجعي في مدينة العين، وتلقى تعليمه المدرسي بالمدرسة النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد في مدينة العين، وقضى الشيخ خليفة معظم طفولته في واحات "العين"، و"البريمي"، بصحبة والده الذي حكم منطقة العين في ذلك الوقت.

مرافقته لوالده وتأثره به
حرص الشيخ زايد رحمه الله على اصطحاب نجله الأكبر في معظم نشاطاته، وزياراته اليومية، في منطقتي العين والبريمي حيث كان للواحتين أهمية اقتصادية واستراتيجية لإمارة أبوظبي كأكبر منتج زراعي، وكمركز استراتيجي رئيسي لأمن المنطقة، وظل الشيخ خليفة ملازمًا لوالده الشيخ زايد آل نهيان في مهمته لتحسين حياة القبائل في المنطقة، وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليم الشيخ خليفة القيم الأساسية لتحمل المسؤولية والثقة والعدالة.




بداية انغماسه في الحياة السياسية
لازم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في المجالس العامة، والتي تعد مدرسة مهمة لتعليم مهارات القيادة السياسية في ذلك الوقت، مما وفر له فرصة واسعة للاحتكاك بهموم المواطنين، وجعلته قريبًا من تطلعاتهم وآمالهم، كما أكسبته مهارات الإدارة والاتصال، ولاحظ الشيخ خليفة تفاني والده لتحقيق الرخاء والرفاهية للقبائل، وحرصه على الحفاظ على أمنهم ووحدتهم الوطنية، ومبادراته في رعاية البيئة، والحفاظ على التراث الشعبي، حتى أصبح مؤمنًا أن القائد الحقيقي هو الذي يهتم برفاهية شعبه.

كما كان لجلوس الشيخ خليفة بن زايد في مجالس جده من جهة أمه، الشيخ محمد بن خليفة، والذي عرف وقتها بحكمته، إضافة مهمة لمهاراته القيادية، وتمتع الشيخ خليفة بن زايد برعاية والدته، بالإضافة إلى رعاية واهتمام خاصين من جدته "الشيخة سلامة" التي كانت تحظى باحترام كبير، لحنكتها وحكمتها.


بداية الحياة المهنية في مرحلة المراهقة
عندما انتقل الشيخ زايد آل نهيان إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة في أغسطس 1966، عين نجله الشيخ خليفة ممثلاً له في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها، حيث كان عمره 18 عامًا في ذلك الوقت، واعتبر هذا التفويض دليلاً على ثقة والده، وسار الشيخ خليفة على خطى الشيخ زايد، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى في المنطقة الشرقية، خاصة تلك التي تهدف إلى تحسين الزراعة، وكان نجاحه الملحوظ في "العين" بداية حياة مهنية طويلة في خدمة الشعب، وبداية تولي دوره القيادي بسهولة، ومهارة سجلتها إنجازاته الكبرى.

وعلى مدار تلك السنوات، شغل الشيخ خليفة عددًا من المناصب الرئيسية، وأصبح المسؤول التنفيذي الأول لحكومة والده الشيخ زايد بن سلطان، وتولى مهام الإشراف على تنفيذ جميع المشاريع الكبرى.

الشيخ خليفة ولي عهد إمارة أبو ظبي
في 1 فبراير 1969، تم ترشيح الشيخ خليفة كـ"ولي عهد إمارة أبوظبي"، وفي اليوم التالي، تولى مهام دائرة الدفاع في الإمارة، وأنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي، والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم تعيينه حاكمًا لأبوظبي ووزيرًا محليًا للدفاع والمالية في الإمارة، في 1 يوليو 1971.

وفي 23 ديسمبر 1973، تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني، وبعد ذلك بوقت قصير، تحديدًا في 20 يناير 1974، تولى الشيخ خليفة مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة.

وأشرف على المجلس التنفيذي في تحقيق برامج التنمية الشاملة في إمارة أبوظبي، وفي 1976 أمر الشيخ خليفة بتأسيس جهاز أبوظبي للاستثمار بهدف إدارة الاستثمارات المالية في الإمارة، لضمان توفير مصدر دخل ثابت للأجيال القادمة.




الخدمات التنموية التي أمر الشيخ خليفة بتفعيلها
شارك الشيخ خليفة على نطاق واسع في مجالات التنمية الأخرى في البلاد، وفي مايو 1976، عُين نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في أعقاب القرار التاريخي للمجلس الأعلى للاتحاد بدمج القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد، وانصب كل اهتمام الشيخ خليفة على جعل المؤسسة العسكرية معهدًا كبيرًا متعدد الاختصاصات، يتم فيه إعداد كوادر بشرية مدربة، فقام بإنشاء عدة كليات ومنشآت عسكرية، وأمر بشراء أحدث المعدات.

وبالإضافة إلى ذلك، قام الشيخ خليفة في عام 1981 بإنشاء دائرة أبوظبي للخدمات الاجتماعية والمباني التجارية المعروفة باسم (لجنة خليفة)، ويقدم القسم قروض البناء للمواطنين.

ومن المناصب المهمة التي شغلها الشيخ خليفة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي هو قيادة المجلس الأعلى للبترول، وتم نقل صلاحياته فيم بعد إلى المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية، ودخلت عملية تطوير المنشآت البتروكيماوية والصناعية في الإمارات ضمن أولويات الشيخ خليفة بن زايد، وأصبحت جزءًا من برنامج طويل الأمد.

وفي عام 1991، أسس الشيخ خليفة هيئة القروض لتوفير العقارات لمواطني الإمارة، لأغراض السكن والاستثمار على حد سواء، وشغل حتى عام 2006 منصب رئيس مجلس إدارة صندوق أبوظبي للتنمية الذي يشرف على برنامج المساعدات الخارجية الإنمائية لدولة الإمارات، وكان الشيخ خليفة أيضًا الرئيس الفخري لهيئة البيئة بأبوظبي.


إنتخاب الشيخ خليفة رئيسًا لدولة الإمارات
في 3 نوفمبر 2004 تم انتخاب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيسًا لدولة الإمارات، في أعقاب وفاة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 2 نوفمبر 2004.

بعد انتخابه رئيسًا لدولة الإمارات، أطلق الشيخ خليفة خطته الاستراتيجية الأولى لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، وضمان الرخاء للمواطنين، وكان من أهدافه الرئيسية كرئيس لدولة الإمارات السير على نهج والده الشيخ زايد آل نهيان، الذي آمن بدور دولة الإمارات الريادي كمنارة تقود شعبها نحو مستقبل مزدهر يسوده الأمن والاستقرار.

وأشرف الشيخ خليفة على تطوير قطاعي النفط والغاز، والصناعات التحويلية التي ساهمت بنجاح كبير في التنوع الاقتصادي في البلاد، كما أطلق مبادرة لتطوير السلطة التشريعية، من خلال تعديل آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بشكل يجمع بين الانتخاب والتعيين، مما يتيح اختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخابات مباشرة من شعب دولة الإمارات.

إعادة انتخاب الشيخ خليفة آل نهيان

في عام 2009، أُعيد انتخاب الشيخ خليفة بن زايد رئيسًا لدولة الإمارات، وقد تعهد بمواصلة تنفيذ استراتيجيات طموحة للتنمية السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية التي كان قد بدأ فيها، وأكد الشيخ خليفة على ضرورة إجراء تطويرات سياسية، لا تقتصر فقط على طرق الحوكمة، بل تشمل أيضاً إصلاحات مجتمعية ترفع من شأن الوطن والمواطن في كافة الميادين، وتعزز الانتماء الوطني.

العلاقات الخارجية
أظهر الشيخ خليفة التزامه بتعزيز العلاقات الدولية من خلال استقبال قادة من دول آسيا، وأوروبا، والدول العربية الأخرى، كما قام الشيخ خليفة بزيارات إلى دول آسيا الوسطى، لتوطيد علاقاته معها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، و انتهج الشيخ خليفة سياسات إغاثية وإنمائية تدعم الدول والشعوب المحتاجة، بالإضافة إلى المساعدات الحكومية لدولة الإمارات.

وتعتبر مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ثالث أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في دولة الإمارات، حيث وصلت مساعداتها المختلفة لأكثر من 70 دولة في مختلف أنحاء العالم، واستجاب للعديد من حالات الطوارئ والأزمات الإنسانية لتلبية نداء المتضررين والمنكوبين والمهجرين أينما كانوا سواء في مشارق الأرض أو مغاربها، مثل تقديم المعونات الإغاثية بعد كارثة تسونامي في المحيط الهندي عام 2004 وزلزال عام 2005 الذي دمر جزءًا كبيرًا من شمال باكستان، والمناطق المجاورة في الهند.



المبادرات التي أطلقها الشيخ خليفة آل نهيان

أطلق الشيخ خليفة العديد من المبادرات والقرارات التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين، وتشمل أبرز المبادرات ما يلي:

 - جائزة الشيخ خليفة للامتياز (SKEA)
هي جائزة أطلقتها غرفة تجارة وصناعة أبوظبي عام 1999 كخارطة طريق، بهدف تعزيز القدرة التنافسية لقطاع الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة.


- مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الانسانية
تأسست مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية في عام 2007 حيث تقوم بمبادرات رائدة لخدمة الإنسانية، وتتركز استراتيجيتها في مجالي الصحة والتعليم محليًا وإقليمياً وعالمياً.

 - جائزة خليفة التربوية
 بدأت جائزة خليفة التربوية منذ عام 2007 بهدف دعم التعليم، والميدان التربوي، وتحفيز المتميزين، وتهدف المبادرة إلى إبراز التربويين، والممارسات العلمية الناجحة محليًا، وإقليميًا، وعربيًا.

 - صندوق معالجة الديون المتعثرة
أمر الشيخ خليفة بإنشاء صندوق معالجة الديون المتعثرة في 2 ديسمبر 2011 بمناسبة اليوم الوطني الـ 40 لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحدد للصندوق رأس مال أولي قيمته 10 مليار درهم ليتولى دراسة ومعالجة قروض المواطنين المتعثرة.

- مبادرة إحلال المساكن القديمة قبل 1990
وجه الشيخ خليفة بمتابعة سرعة تنفيذ إحلال المساكن القديمة التي بنيت قبل عام 1990 لكافة المواطنين في جميع الإمارات، وذلك لضمان حصول المواطنين على مساكنهم الجديدة، وانتفاعهم بها في أقرب وقت ممكن، وبلغ عدد الوحدات السكنية التي تم حصرها 12,500 مسكن، بتكلفة تقدر بـ10 مليارات درهم.

- تطوير البنية التحتية 
في عام 2005، أمر الشيخ خليفة بتنفيذ بنية تحتية شاملة في جميع أنحاء دولة الإمارات، ووجه بتخصيص 16 مليار درهم لتطوير البنية التحتية، والمرافق الخدمية في الإمارات الشمالية، لتواكب ما شهدته الإمارات الأخرى من تطور حضاري وعمراني.
 
- مبادرة أبشر
أطلق الشيخ خليفة "مبادرة أبشر" في عام 2012، لتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتأهيلهم بالتدريبات اللازمة، وتشجيع المواطنين على الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص.

- حملة الإمارات ضد شلل الأطفال
في مبادرة عالمية للقضاء على الأوبئة والأمراض، أطلق الشيخ خليفة مبادرة لتطعيم ملايين الأطفال الباكستانيين، حيث تم إعطاء اللقاحات ضد شلل الأطفال في 66 منطقة من المناطق ذات الخطورة العالية في عدة أقاليم بجمهورية باكستان الإسلامية ، ومن خلال تلك الحملة قدمت الدولة نحو 116,177,794 مليون لقاح لأطفال باكستان ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وذلك من يناير 2014 وحتى نهاية مايو 2016.

- مبادرة العلوم والتكنولوجيا والابتكار
في نوفمبر 2015، اعتمد الشيخ خليفة السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بميزانية تزيد على 300 مليار درهم حتى العام 2021، بهدف الاستثمار في المواطن الإماراتي، والارتقاء بمعارفه في مجال العلوم والتكنولوجيا.

- إعلان عام 2015 عامًا للابتكار
أقر مجلس الوزراء 2015 عامًا للابتكار، بتوجيهات من الشيخ خليفة، ووجه كافة الجهات الاتحادية القيام بتكثيف الجهود، ومراجعة السياسات الحكومية، وتهدف هذه المبادرة إلى دعم جهود الحكومة الاتحادية، وجذب المهارات الوطنية، وزيادة البحوث المتميزة، وتعزيز الجهود لبناء كادر وطني قادر على قيادة الدولة نحو مزيد من التقدم، والازدهار، والابتكار.

 - 2016 عام القراءة في دولة الإمارات
وجه الشيخ خليفة بأن يكون 2016 عامًا للقراءة، وذلك إيمانًا منه بأن تغيير مسار التنمية، نحو اقتصاد معرفي قائم على العلوم والتكنلوجيا والابتكار يتطلب تنشئة جيل قارئ، ومدرك، ومواكب لتطورات العالم من حوله.

- مبادرة أقدر
أطلق برنامج خليفة لتمكين الطلاب، برعاية الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مبادرة "أقدر"، لتعزيز المهارات القرائية، بما يخدم عام القراءة ، لترسيخ مكانتها الدولية في مجالي الإبداع والابتكار.

- 2017 عام الخير
اختار الشيخ خليفة بن زايد عام 2017 عامًا للخير، نظرًا لتبني دولة الإمارات منهجية العطاء الإنساني وتقديم الخير للجميع بدون مقابل. 

- 2018 عام زايد
أعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أن عام 2018 في دولة الإمارات سيحمل شعار "عام زايد"، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالشيخ زايد آل نهيان بمناسبة ذكرى مرور 100 سنة على ميلاده، لإبراز دوره في تأسيس وبناء دولة الإمارات، إلى جانب إنجازاته المشهودة.

- 2019 عام التسامح
أعلن الشيخ خليفة عام 2019 عاماً للتسامح، ويهدف إلى إبراز دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها امتداداً لنهج زايد، وعملاً مؤسسياً مستداماً يهدف إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة.