حقائق حجاب المرأة
أولاً : فى الإسلام :
اتفقت الشرائع السماوية – فى الجملة – على خصال تتفق مع الفطرة السوية للمرأة المسلمة وأهمها فى الشريعة الإسلامية تغطية الأنثى لشعر رأسها ، وستر كل جسدها ، أمام الأجانب عدا الوجهة والكفين ، وتضافرت أدلة نصية وغيرها على ذلك منها :
1 ) القرآن الكريم : قول الله – سبحانه - : " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " ( ) .
وجه الدلالة : أن الله – عز وجل – نهى المرأة عن إبداء – أى إظهار الزينة ، واستثنى ما ظهر منها وهى الوجه والكفان ، فدل على أن غيرهما عورة وهى ما يحرم كشفه من الجسم ، وهى ما يجب ستره وعدم إظهاره من الجسم ويحرم النظر إليه ( ) .
قول الله – تبارك وتعالى - : " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " ( ) .
وجه الدلالة : يجب تجنب المرأة الزينة وتغير الهيئة إلى ما يكون داعية لنظر الرجال والاستمالة ( ) .
2 ) السنة النبوية : قوله - - : " لا يقبل الله صلاة حائض ( أى بالغة ) إلا بخمار ) ( )
قوله :"سيكون فى آخر أمتى نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كأسنمة البخت" ( ).
وجه الدلالة : دلت الأخبار الصحيحة على احتشام المرأة المسلمة فى سائر أوضاعها
وأحوالها .
ثانياً : الشرائع السماوية :
أ ) الشريعة اليهودية : فرضت اليهودية على الرأة ضرورة وضع غطاء على رأسها بهدف حشمتها وسترها ، فى نصوص منها :
أ ) " وضع العروس عند زفافها برقعاً أو نقاباً على وجهها من قبيل الاحتشام " ( ) .
ب ) " عن رفقة أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق فنزلت على الجمل وقالت للعبد : من هو الرجل الماشى فى الحقل للقائنا ، فقال العبد : هو سيدى ، فأخذت البرقع وتغطت " ( ) .
ونصوص أخرى ( ) تدل بمجموعها على أن الأصل : عدم كشف رأس المرأة .
ب ) الشريعة المسيحية : تحض المسيحية المرأة بفعل الاحتشام وكل ما يوجب احترامها ، وذلك فى نصوص منها : " وأنا كل امرأة تصلى أو تتنبأ ، ورأسها غير مغطى فتشين
رأسها .......... " ( ) ، " لا يليق أن يلبس الرجل غطاء على رأسه لأنه يكون علامة الخضوع ، وإنما بالنسبة للمرأة فهو آية عفتها وحشمتها ، ويليق بالمرأة أن تتقنع وهى فى محافل الرجال لتظهر الخضوع " ( ) .
بالإضافة إلأى تفاسير اللاهوتين المسيحيين بإيجاب تغطية شعر المرأة لأنه يرمز إلى ثلاثة
أمور :
1- إظهار الطاعة وقبولها قيادة الرجل .
2- إظهار النقاء فى حياتها ورفضها أنواع الدنس والشر ، سواء فى تعاملاتها أو مظهرها الخارجى .
3- غطاء شعر المرأة خاصة فى الصلوات رمز صلتها وارتباطها بالله ، وهو دليل الحكمة والعقل والبصيرة لديها .
ثالثاً : العصور القديمة :
دلت دراسات وأبحاث علمية على أن المرأة فى شتى العصور القديمة كانت تغطى شعر رأسها فى عهود : الفراعنة والأشوريين والإغريق ، وعصر بوذا ، وتشريع مانو ، وبلاد فارس ، والرومانيين ، والعصور الوسطى ( الجاهلية عند العرب ) وقال عنترة بن شداد :
جفون العذارى من خلال البراقع أحدّ من البيض الرقاق القواطع
وتأسيساً على ما ذكر : فالنصوص فى الشرائع السماوية ، وتراث العصور القديمة كلها ، تدل بمجموعها على مشروعية تغطية شعر رأس المرأة ، وتتفق الشريعة الإسلامية بنصوصها القطعية وروداً ودلالة ، والقاعدة الأصولية الفقهية : شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ .
ولمزيد من التوسع : دراسة بحثية ( حجاب المرأة بين الأديان والعلمانية ) للأستاذة
الدكتورة هدى درويش ، بمعهد الدراسات الأسيوية – جامعة الزقازيق – مصر .
حكم زواج القاصرات
من المعروف أن الزواج أعباء ومهام ، لذلك من شروط اختيار الزوجة أن تتمتع بالصحة الجسدية والنفسية التى تجعلها قادرة على إنجاب الأولاد دون عوائق طبية ولا مشكلات اجتماعية ، وأن يغلب على الظن أنها ستكون وادة لزوجها ، متفانية فى السهر على راحته ، ومحافظة على أمواله وشئونه ومصالحه ، وينبغى فهم مفاهيم تكون مدخلاً لحكم زواج الصغيرات من الإناث :
الصغر : وصف يلحق بالإنسان منذ مولده إلى بلوغه الحلم .
الصبا : الصغر والحداثة .
التمييز : أن يصير للصغير وعى وإدراك يفهم به الخطاب إجمالاً .
المراهقة : مقاربة الحلم .
الرشد : أن يبلغ الصبى حد التكليف صالحاً فى دينه مصلحاً لماله .
مراحل الصغير :
أ ) مرحلة عدم التمييز : تبدأ هذه المرحلة منذ الولادة إلى التمييز .
ب ) مرحلة التمييز : تبدأ هذه المرحلة منذ قدرة الصغير على التمييز بين الأشياء بمعنى أن يكون له إدراك يفرق به بين النافع والضار .
وللتمييز علامات أهمها : التفتح والنضوج .
أهلية الصغير :
أ ) أهلية الوجوب : هى صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة عليه وله ، ومناطها الإنسانية
ب ) أهلية الأداء : هى صلاحية الإنسان لصدور الفعل منه على وجه يعقد به شرعاً ، ومناطها التمييز .
البلوغ : قوة تحدث للشخص تنقله من حال الطفولة إلى حال الرجولة للذكور والأنوثة للإناث ( نساء ) .
وهو يحصل بظهور علامات طبيعية كالاحتلام ، والحبل والحيض للأنثى وإن لم يوجد شئ من هذه العلامات كان البلوغ بالسن .
وقدر الفقه الحنفى – إجمالاً – بثمان عشرة سنة للفتى ، وسبع عشرة سنة للفتاة ، والفقه المالكى بثمان عشرة سنة لكليهما .
وفى هذه المرحلة التى لا تقل عن سبعة عشرة سنة للأنثى حسب تقدير الفقهاء ، يكتمل فيها الإنسان نموه العقلى والبدنى ، فتثبت له أهلية الأداء الكاملة ، فيصير أهلاً لأداء الواجبات ، وتحمل التبعات ، ويطالب بأداء كافة الحقوق المالية وغير المالية ، سواء من حقوق الله – عز وجل – أو من حقوق العباد ، هذا إذا اكتمل نموه العقلى مع اكتمال نموه البدنى .
مرحلة الرشد : حسن التصرف فى الأموال
هذا الرشد قد يأتى مع البلوغ ، وقد يتأخر عنه قليلاً أو كثيراً تبعاً لتربية الشخص واستعداده ، وبساطة الحياة الإجتماعية وتعقدها قال الله – سبحانه وتعالى - : { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ }( ) .
والآية القرآنية الكريمة تدل على أن الصغر لا تدفع إليه أموالاً تخصه إلا بالاختيارات وتتبع أحوالهم فى الاهتداء إلى ضبط الأمور وتدربيهم على ما يليق ، ويعنى بالرشد الصلاح فى العقول والحفظ للأموال وشتى ما يحتاج إلى ضبطه وصيانته وحفظه .
إذا علم هذا : فقضية تزويج الصغيرات القاصرات دون السن التقديرى للفقهاء وهو أولى فى حسم المسألة – ثمانية عشرة سنة حسب الفقه المالكى - .
بالنظر إلى ما تم عرضه من المراحل التى يمر بها الإنسان – الولادة ، الطفولة ، عدم التمييز ، التمييز ، البلوغ ، الرشد – فإن عقد الزواج وهو نوع من عقود المعاملات يشترط لكونه نافذاً لازماً أهلية العاقد وهى لا تكون إلا بالرشد ، فهل من المقبول أو المعقول أن يمنع من ليس برشيد من الاستلام لأمواله الخاصة من ميراث وكسب وغيره ، بينما يتصرف فى جسده ومشاعره دون ضابط أو رابط ؟ أيهم أدعى للحفظ والرعاية والعناية : أموالاً نقدية أو عينية – قلت أو كثرت – أم جسد الآدمى المكرم وشئون حياته فى عملية التزويج ؟ .
نظرة إلى تقرير القرآن الكريم : {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء }( ) فإن المعنى الذى أورده مفسرون عديدون : إن خفتم فى نكاح اليتامى اللاتى فى ولايتكم فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم من النساء .
ودلالة ( ما طاب ) ظاهرة واضحة ، فلابد من مراعاة الطيب الجسدى والنفسى وهذا لا يتحقق إلا بالرشد .
من مجموع الآيات القرآنية دفع الأموال لمن يعلم فيهم ( الرشد ) و ( ما طاب ) ومن القواعد الفقهية مثل : " حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله – تعالى " ، " دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح " ، " إذا اجتمعت مفسدتان روعى ارتكاب اخفهما إتقاء لاشدهما " .
فزواج الصغيرات مفاسد فبداهة تكوينها الجسدى الداخلى خاصة ، وعدم القدرة على الأعباء المنزلية المعروفة ، وعدم تحملها فى سن مبكرة لتبعات الحمل والولادة وتربية صغار ، وعجزها عن التواصل الفكرى مع زوج يكبرها بسنوات ، وقد تترك الدراسة والتعليم ، مع حرمانها من مباهج حياتها ، وأحلامها ، وطموحاتها وهذه المفاسد تدفع بمنع وحظر تزويج القاصرات ، وفقه الموازيات بين " مصالح " و " مفاسد " يؤكد هذا فأى مصالح فى تزويج شبه صبايا .
أما التعلل بتزويج السيدة عائشة – رضى الله عنها – فى سن أدنى من سن الرشد فمرويات تاريخية محل شك ورد من أكابر علماء ، وعلى فرض حصول هذا ، فهى واقعة عين وما يماثلها تخضع لإعتبارات البيئة ولا تكون دليلاً شرعياً بحال ومن قواعد الفقه الإسلامى ( لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان ) .
إن العرف المعاصر ، والمواثيق الدولية ، والقوانين المنظمة ، مع قدرة الفقهاء فى الفقه التراثى الموروث يعمل به فى عدم تزويج قاصرات ، وحماية للنساء ، وصيانة للحياة الأسرية ، والنظم الإجتماعية ، وسمعة ومكانة المجتمع بين المجتمعات .