الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

عبد المنعم مدبولي.. الكوميديان الذي أبكي "عبد الوهاب" واكتشف عادل إمام وأحمد زكي

الأربعاء 31/أغسطس/2022 - 07:06 م

هو أحد أهم علامات الكوميديا في تاريخ الفن العربي قدم الكوميديا بأسلوب إجتماعي جعل منه أحد أفراد العائلة المصرية

 

الكوميديان الوحيد الذي يستطيع أن يضحكك ويبكيك في نفس الوقت.. وقف أمامه العمالقة فكانوا تلاميذ له.. صاحب مدرسة المدبوليزم مدرسة تفننت في الضحك دون إسفاف .


وُلد عبدالمنعم مدبولى بحي باب الشعرية في 28 ديسمبر 1921 يتيماً فقيراً جداً، حيث ظهرت موهبته التمثيلية منذ المرحلة الإبتدائية عندما تم ترشيحه ليقود الفرقة المسرحية بالمدرسة، ومارس التمثيل لأكثر من 50 عاماً، حتى آخر يوم في عمره.

 

عبد المنعم مدبولى لم يتخرج من الفنون التطبيقية فحسب وإنما عمل بها مدرساً في قسم النحت حتى منتصف السبعينيات في عز شهرته ومجده .

 

إلتحق مدبولى بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي ليتخرج فيه عام 1949 في ثاني دفعاته، وعقب تخرجه انضم إلى فرقة جورج أبيض ثم فرقة فاطمة رشدي وشارك بالتمثيل في برامج الأطفال بالإذاعة ضمن حلقات برنامج بابا شارو، ثم إستمر حتى بلغ رصيده نحو 60 فيلماً، 130 مسرحية، و 30 مسلسلاً.

 

تميز عبد المنعم مدبولى بكاريزما خاصة اكسبته حب الملايين في مصر والعالم العربي وشكل مع الراحل فؤاد المهندس ثنائي تمثيلى عجز عن تكراره الممثلون الحاليون .

 

المسرح 

شارك مدبولى في أول عمل مسرحي له من خلال دور أعرابي مع فرقة المسرح المصري الحديث التي شكلها زكي طليمات، ثم قام بتأسيس فرقة تحمل اسم المسرح الحر عام 1952، ومن أهم الأعمال المسرحية التي أنتجتها فرقة المسرح الحر: "الأرض الثائرة "، "حسبة برما"، "الرضا السامى"، "خايف اتجوز"، "مراتى بنت جن"، "كوكتيل العجائب"، "مراتي نمره 11"، "الناس اللي تحت" .

 
إضافة إلى ذلك شارك مدبولي في كتابة العروض المسرحية مثل كفاح بورسعيد، والتي كانت عبارة عن مجموعة من المسرحيات القصيرة أخرجها كلاً من سعد أردش وصلاح منصور.

 

انضم مدبولى بعد ذلك إلى فرقة التليفزيون المسرحية والتي كان يترأسها السيد بدير، بعدها تولى فرقة المسرح الكوميدي وأخرج أكثر من أربعين عرض منها: "جلفدان هانم"، "أنا وهو وهي"، "دسوقي أفندي"، "مطرب العواطف"، "أصل وصورة"، "حلمك ياشيخ علام"، "المفتش العام"، "السكرتير الفني" ، "وسط البلد"، "مطار الحب"، "نمره 2 يكسب" ، و"لوكاندة الفردوس" مع  أمين الهنيدي التي اشتهرت بجملة (بنات بابا) وكانت مجموعة بنات صغيرات أصبحن فيما بعد نجمات كبار هالة فاخر و بوسي و نورا  .

 

كما أخرج لفرقة إسماعيل يس عملين هما: 3 فرخات وديك، وأنا وأخويا وأخويا وكان يحبه إسماعيل ياسين جداً و يستبشر به، بل أنه قدم لماري منيب مسرحية خصيصاً لها بعد ما إنفصلت عن فرقة الريحاني قبل وفاتها بسنوات معدودة .

 

شارك مدبولى في تكوين فرقة الفنانين المتحدين، وقدم من خلالها أبرز العروض المسرحية وهي: "البيجاما الحمراء"، "الزوج العاشر"، "العيال الطيبين"، ثم إنفصل عنها عام 1973 ليكون في عام 1975 فرقته الخاصة "المدبوليزم" وقدم من خلالها عروض: "راجل مفيش منه"، "يامالك قلبي"، "مولود في الوقت الضائع"، "مع خالص تحياتى"، "حمار ماشالش حاجة" .

 

هو من جعل من فؤاد المهندس و شويكار ثنائي فني

شارك بالتمثيل والإخراج في عدد كبير من المسرحيات التي حققت نجاحاً كبيراً ومنها: "السكرتير الفني" بطولة كل من الفنان فؤاد المهندس وشويكاروهو من جمع بين فؤاد المهندس و شويكار في ثنائي فني يعد هو الأشهر والأهم في ثنائيات المسرح علي الإطلاق أثمر علي 12 مسرحية من أهم المسرحيات الكوميديا و25 فيلم سينمائي وزواج استمر 15 سنة .

 

 

أهم أعماله المسرحية

"ريا وسكينة" مع شادية التي تعد أحد أيقونات المسرح العربي لما فيها من مزج بين الكوميديا والمأساة والغناء حتي أن وجود شادية علي خشبة المسرح لأول مرة في مسيرتها كان له أكبر الأثر في نجاح العمل ولكن سرعان ما إكتشف الجمهور أن هذا النجاح ينقسم بين أبطال العمل وعلي رأسهم عبد المنعم مدبولي.

 

 

أستاذ الخروج عن النص بلا إسفاف او إبتذال

قد يتبادر للذهن أن من يخرج عن النص المسرحي فقد خرج علي الآداب العامة وإنما ليس في كل الحالات نجد ذلك فقد كان عبد المنعم مدبولي أستاذاً كبيراً في الخروج عن النص بإضافة تفيد النص نفسه وتخدم الدور دون أي إسفاف أو إبتذال نهائي فقد كان حريصاً علي إرساء قواعد المسرح التربوية والتثقيفية والترفيهية دون إسفاف، وظل يتواصل مع جمهوره في المسرح رغم تقدمه في العمر فقدم مسرحيات في ذلك الوقت منها (بحبك يامجرم) و (الجنزير) و (ريا وسكينة في مارينا) .


إشتهر عبد المنعم مدبولي بحبه الكبير للأطفال لذلك قدم العديد من أغاني الأطفال في أفلامه ومسلسلاته ومن خلال التلفزيون المصري والتي ظلت خالدة في ذاكرة التلفزيون والسينما المصرية، وحفرت داخل وجدان كل أطفال مصر خلال عقود من الزمان ومن أغانيه (توت توت، كان في واد أسمو الشاطر عمرو،  إن إن الشمس البرتقالي عليها ليا سنة) .

 

 

وقدم أيضاً فوازير في شهر رمضان المبارك للأطفال "جدو عبده زارع أرضه" و"جدو عبده راح مكتبته"، وكانت لها النجاح الساحق لدي الكبار قبل الصغار

السينما.

 

لم تكن السينما تستهويه مثله مثل معظم نجوم المسرح الذين يفضلون المسرح بكثير عن السينما وأن عملوا في السينما فقط لينفقوا منها علي المسرح ولكن الوضع هنا يختلف بعض الشئ مع عبد المنعم مدبولي فقد بدأها في وقت متأخر شهد عام 1958 أول فيلم لمدبولي وهو "أيامي السعيدة"، وتوالت الأفلام بعد ذلك والتي بلغ عددها ‏150‏ فيلماً منها: " بين السما و الارض" و "أصعب جواز" و "من أجل حفنة أولاد" و "شاطئ المرح" "ربع دستة أشرار"، "عالم مضحك جداً"، "غرام في أغسطس"، "مطاردة غرامية"، "المليونير المزيف"، "أشجع رجل في العالم"، وأخر أعمال الفنان عبدالمنعم مدبولي السينمائية "أريد خلعا" مع الفنان أشرف عبد الباقي وفيلم "عايز حقي" مع هاني رمزي في مشهد أبدع فيه كعادته مشهد صغير بالفيلم كله .

 

أهم أعماله علي الإطلاق 

ومن أهم الأدوار التي أبدع فيها وظلت عالقة بذاكرة السينما بل في حياته الفنية كلها فكانت للشخصيات التي لعبها في أفلام مثل‏:‏ "الحفيد" 1975 الذي يعد أهم فيلم اجتماعي عائلي في تاريخ الشاشة العربية بعد فيلم "أم العروسة".


" مولد يا دنيا " والذي قدم فيها أغنية {طيب ياصبر طيب} تلك الاغنية التي تعد علامة في تاريخه فقد تفوق فيها علي نفسه وأبكي الجماهير بعد ما كان سبباً في إضحكهم بل وكانت هذه الأغنية إحدي أهم أسباب نجاح الفيلم نجاحاً مدوياً حتي وقتنا هذا ويذكر أن هذه الأغنية أبكت الموسيقار محمد عبد الوهاب وكان منتج الفيلم مما جعله يقدمها علي شريط كاسيت أيضاً من إنتاجه.


" إحنا بتوع الأتوبيس" أحد أهم الأفلام الجريئة في تاريخ السينما المصرية مع الزعيم عادل إمام والذي نال فيه عبد المنعم مدبولي 3 جوائز دولية عن دوره في هذا الفيلم و لم يحصل عادل إمام علي أي جائزة وتم تكريمه من الرئيس محمد أنور السادات .

 

 

تخرج علي يده العمالقة 

تخرج على يديه العديد من نجوم الكوميديا مثل: عادل إمام فقدمه في بداياته في أول عمل مسرحي له معروف مع فؤاد المهندس مسرحية "أنا و هو و هي" 1963.
 

سعيد صالح في مسرحية {هاللو شلبي}

يونس شلبي في مسرحية {مدرسة المشاغبين}

محمد صبحي في مسرحية {هاللو شلبي}

أحمد زكي في مسرحية {هاللو شلبي} و {مدرسة المشاغبين}

 

سهير البابلي التي كانت ممثلة تراجيدي كبيرة بل وكانت تقدم مسرحيات باللغة العربية الفصحى لموليير و شكسبير فهو أول من قدمها في دور كوميدي دور عفت في مسرحية {مدرسة المشاغبين}

 

 

ومن الجدير بالذكر أنه كان ناظر مدرسة المشاغبين بالفعل وقدم هذا الدور علي مدار موسم كامل وكان اجره أعلي أجر في المسرحية بل هو من قدم أبطال المسرحية وتحمس لهم وساندهم بالفعل للمخرج جلال الشرقاوي وبسبب خلافات انتاجية أعتذر عن العرض ليحل مكانه حسن مصطفى ويتم تصوير المسرحية تليفزيونياً به وتكون فاتحة خير له وشهادة ميلاده الفنية .

 


التليفزيون

قدم في التليفزيون مسلسلات قليلة لكنها علامات فارقة في تاريخ الشاشة الصغيرة حتي وقتنا هذا المسلسلات أشهرها على الإطلاق منها "لا يا ابنتي العزيزة" و"عالم عم أمين" و"وكسبنا القضية" و"ماما نور" و "السجين" وغيرها من المسلسلات التليفزيونية، إلا أن دوره في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكراً" 1979 يعد أشهر عمل فني له في تاريخه الفني العريض فلم ينجح مسلسلاً مثل هذا المسلسل الذي جعل كل أفراد الأسرة المصرية تجتمع حوله بل وتتعاطف معه وتقف ضد أولاده.

 

حتي أنه قال عبد المنعم مدبولي "إن الناس في الشارع كانوا عايزين يضربوا يحيي الفخراني وفاروق الفيشاوي عشان اللي بيعملوه معايا في المسلسل"، وظل الناس يرددون "بابا عبده" لعبد المنعم مدبولي حتي وفاته وإلي وقتنا هذا أصبح إسمه "بابا عبده" من وقت عرض المسلسل عام 1979، ومن شدة نجاح المسلسل كرمه الرئيس الراحل أنور السادات تكريماً خاصاً و منحه شهادة تقدير خاصة له، وظل الكبير قبل الصغير ينادونه "بابا عبده" وكانت عالقة في أذهانهم من خلال مقدمة المسلسل نفسه .

 

 

في عام 1986 حصل على جائزة تكريم في مهرجان زكي طليمات.
في عام 1986 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
في عام 1984 حصل على جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله من الرئيس مبارك.

 

كما يعد أول فنان عربي كتبت عنه دائرة المعارف النمساوية ضمن 100 فنان عالمي من حيث عمله واستمرارية نجاحه مع بلوغه سن متقدم .

 

تزوج عبد المنعم مدبولي مرة واحدة فقط من خارج الوسط الفني وأنجب أمل ومحمد وأحمد .

 

 

وفي يوم الاحد 9 يوليو 2006 رحل عن عالمنا صانع البهجة والسرور بعد رحلة عطاء فني كبيرة إتسمت بالحب والضحك والدموع رحل بعد معاناة من قصور في القلب فقد أنهكه قلبه الذي أمتلأ بحب الناس والفن والحياة.