بعد الإطلاع.. أغاني المهرجانات غذاء العقول الفارغة
دعونا نعيش فى دهاليز موضوع هذا المقال والذي يدور فى فلك ما يسمى "أغاني المهرجانات" وهي من وجهة نظري يمكن أن يطلق عليها نوع من الأداء الصوتي يرتبط بإيقاع موسيقي صاخب راقص يكون مصحوباً بكلمات سوقية مبتذلة يؤديها أي شخص مهما كان بؤس صوته وردائته.
وإذا كان هذا التعريف لما يسمى بأغاني المهرجانات هو من وجهة نظري اجتهدت فى الوصول إليه باعتبار أن الذوق العام والقيم الفنية الجميلة هي الحاكم على هذا النوع من الأداء الصوتي الردئ والذي لا يمكن أن يطلق عليه فن أو نوع من أنواع الأغاني فهو بعيد كل البعد عن ذلك حتى لو نال استحسان نوعية معينة من الجمهور الذي يجد ضالته فيه وللأسف لم يعد منحصراً هذا الجمهور فى ما يسمى بالطبقات ذات الثقافة الدنيا وأعتقد أن باعث هذه النوعية من الجمهور هو الفراغ العقلي الذي يجد ضالته فى ذلك، وبخاصة فى ظل فساد الذوق الجمالي العام الذي يفتقر إلى الحد الأدني من الثقافة الفنية لأي عمل فني حقيقي، ولذلك فإن الأجيال التي عايشت فيما مضى روائع الأغاني على ألسنة الشعراء الكبار، وروائع النغم التي أبدعها أساطينة، وروائع الأصوات الغنائية التي لكل منها بصمة لا تخطئها الأذن، هي أجيال لا يمكن بأي حال أن تتقبل سماع هذا الأداء الصوتي الردئ الممزوج بالموسيقي الهمجية الراقصة.
وفى ذات السياق بات ضرورياً الرقي بالذوق الجمالي من خلال التركيز على الأعمال الثقافية الهادفة ولدينا تجربة رائعة جمعت البيوت المصرية صغيرها وكبيرها وهي الأعمال الفنية الوطنية مثل مسلسل الاختيار الذي جاء فى ثلاث أجزاء تمثل ثقافة وطنية جديدة هي غذاء حقيقي وصحي لكل العقول بعيداً عن الإنتاج الفني الرخيص الذي يروج للعنف والانحطاط، ولذلك نحتاج لتجربة مماثلة فى نوعية الأغاني التي يسمو معها الذوق العام والذي يتضمن مجموعة من القيم الفنية والجمالية.
وفى النهاية يجب أن نتذكر عصر الكبار فى الثقافة بصفة عامة والفن بأنواعه بصفة خاصة لمواجهة هذا التراجع فى الوعي الثقافي العام، وحتى لا تجد العقول الفارغة نفسها تائهة بين تريندات الفتاوى الإرهابية المتشددة وبين الكلمات الرديئة الممزوجة بالموسيقي الهمجية الصاخبة فيكون الضحية هو المجتمع الذي يتم سلبه من قيمة وتقاليده وهويتة.