محكمة القضاء الإداري تلزم الداخلية بمحو السجل الجنائى لـ"ميت"
قضت محكمة القضاء الإدارى الدائرة الأولى برئاسة المستشار أحمد عبد الحميد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين مصطفى محمد وأحمد سليمان نائبى رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار وزارة الداخلية السلبي بالامتناع عن محو ورفع اسم شقيقة المدعية المتوفى عبد اللطيف أحمد يوسف من قاعدة بيانات التسجيل الجنائي وأجهزة الحاسب الآلي بوزارة الداخلية في القضايا المحددة بعريضة الدعوى، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الداخلية المصروفات.
محكمة القضاء الإداري تلزم الداخلية بمحو السجل الجنائى لـ"ميت"
قالت المحكمة أنه لا يجوز لأجهزة الشرطة عند قيامها بأعمال التسجيل الجنائي للمجرمين أو عند تسجيل المجرمين الخطرين أن تتخطى السياج المفروض والمحدد دستورياً وقانونياً لاحترام حقوق الإنسان وحرياته، فلا يجوز أن تخل بأصل البراءة المفترض في كل إنسان، ويحظر عليها أن تسجل اسم الشخص لمجرد تحرير محضر ضده، أو لاتهامه في قضية إذا كان الاتهام لا دليل عليه وتم حفظ التحقيق في شأنه، أو صدر أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضده، أو إذا قُدم الشخص للمحاكمة وقُضي ببراءته، وفى كل تلك الحالات لا يتوافر سبب صحيح لإدراج اسم الشخص ضمن المسجلين جنائياً.
وأضافت المحكمة أنه لا يجوز أن يُدرج اسم الشخص ضمن المسجلين جنائياً إلا إذا صدر ضده حكم جنائي يتضمن إدانته في جريمة، ويجب على جهة الإدارة محو ورفع اسم أي شخص لم يتوافر السبب الصحيح لإدراجه ضمن المسجلين جنائياً، كما أن عليها واجب رفع ومحو أسماء الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام جنائية وذلك إذا نفذوا العقوبة أو سقطت العقوبة بمضي المدة أو تم العفو عن العقوبة ورد إلى الشخص اعتباره بحكم القضاء أو بقوة القانون، أو في الحالات التي يُحكم فيها بوقف تنفيذ العقوبة إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بإلغاء الإيقاف واعتبر الحكم الصادر بالعقوبة كأن لم يكن ، ففي هذه الحالات قد زال سبب التسجيل.
وأشارت المحكمة أن التزام الداخلية بمحو أسماء من لم يتوافر سبب لإدراج أسمائهم ضمن المسجلين جنائياً مفروض عليها إعمالاً لمبادئ الدستور وأهمها مبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة، كما أن التزامها بمحو أسماء من صدرت ضدهم أحكام جنائية وزال سبب تسجيلهم ، يستند إلى أن تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة يطهره من آثار الجريمة، وأن تقرير المشرع لسقوط العقوبة بمضي المدة أو اعتبار الحكم الموقوف تنفيذه كأن لم يكن يتضمن إقرارا من جانبه بحق من أجرم في نسيان سلوكه المخالف للقانون، ليعود المحكوم عليه شخصاً صالحاً، يندمج في المجتمع، ليحيا حياة سوية، وقد كفل الدستور حق كل إنسان في الكرامة وحقه في الحياة الآمنة.وعلى الداخلية أن توفر الحقين المشار إليهما، حيث إنها ملزمة بالتحديث المستمر للبيانات التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يصدر بشأنها من أوامر جنائية أو أحكام قضائية، فترفع منه من صدرت لصالحه أحكام بالبراءة أو بسقوط الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة بمضي المدة أو برد الاعتبار.
واستطردت المحكمة أنه على الداخلية أن تراعي أن التسجيل الجنائي إجراء وقائي احترازي يتعين ألا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو أن يتخذ وسيلة للتنكيل بهم فتؤاخذ من أدرج بها بغير حق، أو تدمغ سمعته بالباطل، أو تضفي ظلالا من الشك حول سيرته، فإن استمر تسجيل متهم بعد ثبوت عدم إدانته فيما نسب إليه وامتنعت الوزارة عن رفعه من سجله وعدم ذكره في أية معلومات تطلب عنه، كان هذا الامتناع مخالفا القانون، حيث إنه لا يجوز أن يظل الحكم سيفاً مسلطاً فوق رقبة المحكوم عليه، يمنعه من الحياة في أمان، ولا يصح أن يبقى موصوماً بما يشين كرامته وكرامة أسرته، الأمر الذي يستوجب رفع اسمه من السجلات المعدة لحصر أسماء المسجلين جنائياً بعد زوال السبب برد الاعتبار إليه، أو سقوط الحكم الغيابي الصادر ضده .
كما أن قيام وزارة الداخلية بقيد محضر الاتهام بسجل المعلومات الجنائية دون متابعة مصير المحضر وتسجيل ما تم فيه سواء بالحفظ أو بتقديم الشخص للمحاكمة والحكم عليه سواء بالبراءة أو بالإدانة حتى تكون المعلومات كاملة عن الموضوع، يحول مجرد الاتهام ــ وقبل الحكم بقول فصل من القضاء المختص في صحة الاتهام من عدمه ــ إلى إدانة صاحب الشأن دون صدور حكم القضاء، ويظل الاتهام لصيقاً به طوال حياته، ورهيناً بإرادة الداخلية، وهو ما يخالف القاعدة الأصولية بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وأن ما يجب أن يكون في قاعدة البيانات الخاصة بوزارة الداخلية هي الاتهامات المستمدة من الأحكام النهائية فقط، وإلا غدا الاتهام المرسل حُكماً نهائياً دائماً غير قابل للمحو والشطب.
واختتمت المحكمة ان وزارة الداخلية ادرجت اسم شقيقها المتوفى عبد اللطيف أحمد يوسف بقوائم المسجلين جنائياً في ثلاث قضايا القضية رقم 357 لسنة 2001 جنح مركز دمنهور, ولا توجد اية بيانات او معلومات مسجلة بشأنها لدى النيابة العامة بسبب احداث ثورة 25 يناير 2011 ، والثانية القضية رقم 2452 لسنة 2001 جنح الدخيلة، المستأنفة برقم 4516 لسنة 2001 جنح مستأنف غرب الإسكندرية وصدر فيها قرار من النيابة العامة بتاريخ 10/8/2022 بسقوط العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها قبل شقيق المدعي للوفاة، والثالثة القضية رقم 4762 لسـنة 2010 جنح الدقي، امرت فيها النيابة العامة بتاريخ 12/10/2022 بانقضاء الدعوى الجنائية قبل شقيق المدعية للوفاة , بما يرتبه ذلك قانونا من وجوب عدم تسجيل هذه القضايا قرين اسم شقيق المدعية المذكور ، مما يُعد ذلك استخداما منها لكارت المعلومات الجنائية في غير الغرض الذي أعد له على نحو يحذوه الخروج على القواعد الأصولية في الدستور والقانون الضامنة لحقوق الأفراد وحرياتهم بجعلها ذوي المذكور دوماً في مرمى دوائر الاشتباه بدون سند قانوني أو واقعي ، ويكون من ثم مسلكها بالامتناع عن محو ورفع أسمه من قاعدة بيانات التسجيل الجنائي وأجهزة الحاسب الآلي بوزارة الداخلية في القضايا المشار اليها ، مُشكلا قرارا إداريا سلبيا مخالفا لأحكام القانون ، ونيله من الحرية الشخصية لذوي المذكور ، مما يتعين معه القضاء بإلغائه.