الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
محافظات

الصديق الوفي.. الطالب أحمد العائد من السودان يروي اللحظات الأخيرة في حياة صديقه المتوفى بالخرطوم (انفراد)

السبت 29/أبريل/2023 - 11:11 م
جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

  

بقلب ينزف دما حزناً على فراق صديقه، وعين كادت أن تبيض من كثرة البكاء، وروح كادت أن تنفطر، يروى الطالب أحمد نصر الدقائق الأخيرة في حياة صابر نصر سيد صديقه المتوفى فى السودان، عاش أيام مرعبة تحت أهوال الرصاص و توفي بالملاريا.

 

الصديق الوفي.. الطالب أحمد العائد من السودان يروي اللحظات الأخيرة في حياة صديقه المتوفى بالخرطوم (انفراد)  

 

قال أحمد محمد نصر، طالب بالفرقة الرابعة كلية طب أسنان بالسودان، فى تصريح خاص لـ"مصر تايمز": بدأت محنتنا أنا وصابر يوم عيد الفطر المبارك بعد نشوب القتال بين طرفي السودان، ارتفعت درجة حرارة صابر، وتوقف عن تناول الطعام والشراب مع خمول فى الجسم لمدة يومين، خرجت إلى الشارع لإحضار طبيب أو أدوية له فتم سرقة مالى 100 دولار، والايفون الخاص بى، وعدت دون جدوى، ومع انقطاع الكهرباء والماء الناتج عن حالة الحرب، ظننت أن عدم توافر الهواء هو السبب فى ذلك، فحملته إلى مكان آخر به تكييف ومراوح لم يتغير الوضع كثيراً، من شدة قلقى وخوفى عليه لم أشعر بخوف ولا رعب من الضرب سوى أن أفقده، هرولت هنا وهناك لإنقاذه، ساق الله لى جار من السودان له شقيقه تعمل طبيبة قام بالاتصال بها ووصفت حالة صديقى وكتبت لي العلاج اللازم له.

 

وأضاف “نصر”، أحضرت له الدواء وتم إعطائه له انخفضت الحرارة قليلا، لكن كان يجب نقله إلى مكان آخر لانقطاع الكهرباء مرة أخرى، حملته إلى منزل صديق لى ليستقر هناك تمهيداً لعودتنا فى صباح اليوم التالى، هيهات لما تمنينا بعد أن تناول صابر الدواء وخلد إلى النوم تنفست الصعداء وشعرت بالهدوء لأنه فى عناء منذ ثلاثة أيام، ونتيجة لتعبى أيضاً فقد غفلت بجواره واستيقظت مبكراً للاطمئنان عليه فوجدته فارق الحياة ولم أستطيع أن أصدق ما أرى، هرولت سريعاً مرة أخرى لإحضار طبيب والذى أكد صدق كلامى، وعلينا إخبار والده انا لا استطيع التحدث تماماً وكان لسانى قد أصابه الشلل، فقام الدكتور بالاتصال بوالد صابر واعلمه الخبر. 


يسرد أحمد نصر، وعدت استاذى أن أحضر له أبنه حيا او ميتا ولتحقيق ذلك كان من الواجب عليا أن أحافظ على الجسد ولدى بعض المعلومات لفعل هذا وضع الجثمان على السرير بدون مرتبة، شغلت التكييف والمراوح على أعلى درجة، وضع كمية كبيرة من الثلج حول الجثمان مع التغيير كل ٦ ساعات، لمدة يومين ونصف، بعد ذلك أخبرت أمام المسجد المجاور بما حدث فحضر معى ليرى الجثمان وابلغنى حتمية قرار الدفن ولكنه بيد أسرته لا حيلة لى فيه، فى هذا الوقت انقطعت جميع سبل التواصل مع الأهل والأصدقاء وعدم وجود نت نظراً لحالة الحرب، حاولت إيجاد وسيلة لنقله لمصر عن طريق صديق آخر من السودان وصلت إلى الهلال الأحمر متمثلاً فى عبدو مدحت الذى تواصل معنا لتوفير وسيلة لنقله لمصر وفعل كل ما فى استطاعته لذلك،  والحتمية النقل كان يتوجب علينا عمل شهادة وفاة مع غلق المستشفيات والوحدات الصحية لم نفعل ذلك بسهولة واستغرق وقت طويل، بعد إتمام تلك الإجراءات جاء وقت القرار الحاسم.


 

  

يردف أحمد هذا القرار ليس بيدى ولن أفرط فى صديقى ابدا حيا كان او ميتا، مع محاولات الوصول إلى أهله جاءنى إتصال من أحد المسؤولين أن عم صابر قد وقع على إقرار بالموافقة على دفنه، حملته إلى المسجد وتم غسله وتكفينه وقمنا انا وأربعة اصدقاء بدفنه، لم تتركه لحظة واحدة حتى دخلت معه القبر واطمئن قلبي عليه.

 

يواصل أحمد حديثه عانيت الكثير من هول الحرب ومحاولة طمأنت اصدقائى وزملائى الطلاب فأنا أكبرهم عمرا ولكننى كنت في حالة رعب عليهم وعلى نفسى، وبعد وفاة صابر قضيت معه وقت أو مع جثمانه أجهشت بالبكاء والصراخ وبعدها أخرج فى كامل قواى، كان ابنى وليس أخ أو صديق، فى ساعاته الأخيرة لم يكن يعلم أو يدرك اى شئ حوله سوى وجودى وسماع صوتى إلذى يشعره بالأمان، أسوأ مما يتوقع اى بشر أن يعيش تلك الأيام والليالي الحالكة السواد.

 

يضيف أحمد نصر، لقد تدمرت قواى ولا أستطيع أن أعود إلى هناك مرة أخرى واتمنى مساعدتي لتحويل اوراقى لأكمل كليتى فى بلدى مصر، لا يشعر بقيمة ولذة الأمن والأمان إلا من فقده، واشكر كل من ساعدنى وتواصل معي في محنتي وحدتى وغربتى وعلى رأسهم النائب يونس الجاحر، والمهندس محمد عادل ، رئيس مشروعات حياة كريمة، فقد قاما بفعل كل ما بوسعهم لمساعدتى لكن الأمر كان أكبر من الجميع.

 

اختتم نصر حديثه، عاش صابر فى طاعة الله ما بين صلاة وقرآن وذكر، ثم المذاكرة والاجتهاد، عمل على مساعدة الغير واسعادهم ولقى ربه نحتسبه شهيد العلم.

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الصور والمنشورات على موقع "الفيسبوك" للطالب المصري "صابر سيد" المتوفي في الأراضي السودانية، بعد إصابته بهبوط حاد بالدورة الدموية، داعيين الله بالصبر لوالده والرحمة له.


بعد دفن نجله بالخرطوم.. انهيار والد الطالب المصري المتوفى بالسودان: كان نفسي احضن كفنه وأدفنه في مصر

 

وبملامح شاحبة ووجه تظهر عليه علامات الحزن والأسى، أوضح والد طالب الطب المتوفي قي السودان أنه تلقي خبر وفاة نجله من أصدقائه، بعد ارتفاع درجة حرارته لساعات طويلة ومن ثم وفاته، قائلًا "اتصل بيا عيد عليا وقالي كل سنة وانت طيب، انا جبت بلح وزعته على الأطفال في الشارع بمناسبة عيد الفطر، وخد بالك من اخواتي وماما وقفل، بعتله صور اخواته وفرح بيهم في العيد ومكانش في اي حاجة، لدرجة اني مستوعبتش خبر وفاته فجأة".

 

وبدموع الحسرة على فراق نجله، يرثي الأب حالة الفقد التي يعيشها وحرمانه من وداع ابنه ودفنه في أرض غريبة، مضيفًا "اتصل بيا الضهر صاحبه قالي صابر حرارته مش بتنزل ومش عارفين نجيب له أدوية بسبب الحرب في السودان، غاب عليا كام ساعة حسيت فيهم ان روحه فاضت إلى بارئها، قولتله شوف النبض قالي مفيش نبض عرفت أنه في ذمة الله، وأكد ليا الخبر طبيب فحصه".

 

وكانت الحرب السودانية حائل بين دفن الابن في مقابر أسرته وسفره من السودان، وسعي أصدقاء الطالب إلى إنهاء كافة الإجراءات الخاصة بدفنه في السودان، واستكمل والده "قالولي لازم توافق على دفنه في السودان، اتحرمت اني اكفنه واضمه لصدري وادفنه، كان نفسي احضنه في كفنه وادفنه في مصر، احتسبه عند الله شهيد".