الست زينات صدقي المادة الخام لخفة الدم المصرية
هي زينب محمد سعد مواليد حي الجمرك بالاسكندرية عام 1913 تزوجت في الرابعة عشر من عمرها من طبيب جراح يكبرها 25 سنة ولم تذق معه طعم السعادة فتم الطلاق و عندما أراد والدها الزواج الثاني لها رفضت و فرت هاربه و إتجهت لعشقها الفن.
وبدأت راقصة و مغنية تتجول في الفرق المختلفة الي أن تبسم الحظ لها و رآها نجيب الريحاني عندما سمعها بالصدفة وراء الكواليس و هي بتتخانق مع أحد عمال المسرح و فطن بحسه الفني لموهبتها و بالفعل قدمها في فرقته و قدمت معه أدوارا خالدة في مسرح الريحاني و إنتقلت للسينما فكانت عبارة عن { تميمة النجاح } لأي فيلم في فترة الأربعينيات و الخمسينات مع فريد الأطرش و محمد فوزي و عبد الحليم حافظ حتي عبد الوهاب وأيضاً مع جميع نجمات العصر الذهبي من ليلي مراد إلي سعاد حسني وأشتهرت بخفة الدم و التلقائية مع الحضور وكانت لا تحفظ الحوار بل تعرف ما المقصود من الحوار و تقوله هي بطريقتها.
كونت ثنائي فني ناجح مع إسماعيل ياسين و عبد السلام النابلسي ومن أشهر أفلامها { إبن حميدو و القلب له أحكام و لسانك حصانك و بنت الأكابر و شارع الحب و الأنسه ماما و ايامنا الحلوة الي جانب سلسلة أفلام إسماعيل ياسين تزوجت للمرة الثانية من أحد رجال ثورة يوليو 1952 وأحبته فكان حب عمرها فاشترط عليها أن تترك الفن و تتفرغ له و أن تترك والدتها في أحد دور المسنين فقالت له { أنت كده وقفت قدام القطر } فطردته و ضربته بالتليفون وظلت مع أمها القعيدة تراعاها و تأتي لها بكل ما تشتهيه.
وكان هناك علاقة طيبة بينها وبين عبد الحليم حافظ الذي كان يحبها جداً وفي إثناء تصوير فيلم { شارع الحب } كانت معها أكلها عمود أكل فعزمت عليه بالطعام فقال لها { ده أكلي يا ماما زينات و أخرج من جيبه علبة دواء } فبكت و لم تأكل.
ويذكر لها أنها رأت منام كله مصاحف فقامت بشراء مصاحف كبيرة كثيرة في منزلها وكل من يأتي لها تهدي له مصحفا حتي لم يبقي لها إلا مصحف صغير حفظت فيه القرآن الكريم وكانت تضع ورقة فيها دعاء مختلف في كل سورة قرآنية.
و كان لها مدفن خاص كتب عليه " مدفن عابري سبيل " بناء علي رغبتها كانت تدفن فيه الغير القادرين كما وضعت فيه حنفية مياه لأهل المنطقة وكتبت عليها " لا تنسوا الدعاء لزينب محمد سعد " وهو إسمها الحقيقي الي جانب ما قدمته في قطار الرحمه مع جموع الفنانين ويذكر لها موقف أن أحد عمال الاستوديو مات ولم يمش في جنازته أحد إلا هي فكانت تنادي كل من يجلس علي المقاهي وتقول { قوموا في جنازة } وعندما عادت للاستديو عنفت زملائها الفنانين قائلة لهم { بقا ده لو يوسف وهبي و لا عبد الوهاب كنتوا عملتوا كده }
وقامت الست زينات بأداء فريضة الحج عام 1966 وكانت طايرة م الفرح وبعد ما عادت قررت تحفظ القرآن الكريم وقد كان.
في لفته إنسانية الرئيس محمد أنور السادات يكرمها بعد أن علم بمأساتها في المرض و الوحده وعدم القدرة على العمل ومنح لها معاش السادات وهمس في أذنيها إن إحتاجت شئ عليها بالإتصال به عن طريق يوسف السباعي و بكت أمام الرئيس محمد انور السادات قائلة " الفن أخدني لحم و رماني عضم " و تأثر السادات لحديثها و طبطب عليها.
بل وقام بالإتصال بها شخصياً في زفاف إبنته الكبري وكانت جالسه بالطاوله المجاورة له
وكانت قد إنحسرت عنها الأضواء فلم تعد مطلوبة مثل الاول فكانت تعمل في العام الواحد عشرة أفلام ثم أصبحت لا تعمل إلا قليلاً حتي أصبحت لا تعمل نهائي فكان آخر فيلمين لها { السراب } عام 1970 و الفيلم الآخر { بنت إسمها محمود} عام 1976
وظلت في أيامها الأخيرة وسط أولاد أختها ولم تبييع أثاث منزلها او تتسول كما أشاع عنها بل عندما كرمها السادات أعطي لها مكافأة مالية قدرها 1000 جنيه و معاش 100 جنية شهرياً يكفي احتياجاتها الضرورية
الا انها حزنت حزن شديد وظلت تبكي وحدها علي ما آل إليه حالها بعد الشهرة و المجد و الأضواء.
وفي يوم 2 مارس 1978 رحلت في هدوء وصمت ولم تكن جنازتها تليق بمكانتها الفنية
رحمها الله وغفر لها وأسكنها فسيح جناته.