تفاصيل اجتماع البابا تواضروس وبابا الفاتيكان
التقى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبابا فرنسيس، أسقف روما وبابا الڤاتيكان، صباح اليوم، فى اجتماع ثنائى مغلق، بالمكتب البابوى فى القصر الرسولى بالڤاتيكان.
تفاصيل اجتماع البابا تواضروس وبابا الفاتيكان
وبدأت بعده صلاة مسكونية حضرها وفدا الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية حيث تبادل المشاركون فيها تلاوة بعض الصلوات.
وألقى قداسة البابا تواضروس كلمة، أعرب خلالها عن سعادته بزيارة الڤاتيكان، قائلا: "فرحى اليوم كبير بالتواجد بينكم وأصافحكم بقلبى لا بيدى فقط".
وقال: "أنا ممتن لأنى متواجد على هذه الأرض، التى كرز فيها الرسل، ويسكنها مرقس الرسول كاروز ديارنا المصرية، ومنها خرج الكثيرون فى طريق طويل للكرازة باسم ربنا يسوع للعالم كله فاديا ومخلصا".
وأضاف البابا تواضروس مخاطبا بابا الڤاتيكان: "أنا على العهد أذكركم فى صلاتى الخاصة يوميا كما تعاهدنا منذ زيارتى السابقة هنا" مضيفا: "أصلى معكم من أجل كنيسة الله على الأرض أن يثبتها إلى دهر الدهور، لترفع على الدوام التسبيح السماوى"
وعن المحبة التى صارت شعارا للعلاقات بين الكنيستين قال قداسته: "المحبة هى الأساس الدائم والطريق الرئيسى للكمال، والطريق الوحيد لله، لأن الله محبه، وكل من يعرفه يمشى خطوات المحبة معه وإليه"، وشدد: "مسؤوليتنا أن نصير مثله (أى الله) ونقدم المحبة غير المشروطة لبعضنا وللعالم كله".
ولفت: "إحدى علامات طريق المحبة لكل إنسان إصداركم الدستور الجديد "إعلان الإنجيل"، الذى أهنئكم عليه لأنه يشهد على الاهتمام بكل نواحى الإنسان".
وفيما يتعلق بالحوار اللاهوتى بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، قال قداسة البابا: "بجلسات الحوار بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية نسير فى طريق المحبة، "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع" (عبرانيين 12: 2) ".
وألمح: "فى 10 مايو 1973، وقع رئيسا كنيستينا بيانا مشتركا فيه تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة، مهمتها توجيه دراسات مشتركة فى عدة ميادين، حتى نستطيع أن نعلن معا رسائل الإنجيل التى تتطابق مع رسالة الرب الأصيلة ومع احتياجات عالم اليوم وآماله".
وثمن استمرار الحوار قائلا: "نشكر الله على استمرار الحوار اللاهوتى للجنة الدولية المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية (Oriental) والتى شرفنا باستقبال آخر اجتماعاتها فى مركز لوجوس بالمقر البابوى بمصر، والتى نحتفل العام القادم بالاجتماع العشرين لها"، وأكد: "الحوار طريق طويل لكنه آمن، تحميه ضفتان من المحبة، ضفة محبة المسيح لنا وضفة محبتنا لبعضنا، لذلك مهما واجهنا من تحديات فإن المحبة تحمينا، لنكمل مسيرتنا ونستمر من أجل الفهم المتبادل".
وتحدث قداسته عن ارتباط كل من الكنيستين بالقديسين، فقال: "إن القديسين أحد الدعائم الأساسية لكنيستينا، بدأت بالرسل بطرس وبولس ومرقس، والآن نكتب فى كتاب سنكسار الكنيسة شهداء جددا، حفظوا الإيمان وتمسكوا بالشهادة للمسيح".
وكشف عن الهدية التى أتى بها قداسته ليقدمها لبابا الڤاتيكان: "الـ 21 شهيدا فى ليبيا، إذ اعترفنا بقداستهم فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نقدم اليوم جزءا من متعلقاتهم المغمورة بدمهم المسفوك على اسم المسيح للكنيسة، لكى تذكر فى سنكسار كل الكنائس فى العالم ونعلم أن "لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا" (عب 12: 1).
ولفت إلى أنهم: "صاروا قدوة ومثالا معاصرا للعالم كله، يشهد بأن مسيحيتنا ليست مسيحية تاريخية فى الماضى، لكنها أمس واليوم وإلى الأبد."
وعقب انتهاء الكلمة، ألقى قداسة البابا فرنسيس كلمته التى استهلها بالآية "هذا هو اليوم الذى صنعه الرب، نبتهج ونفرح فيه" (مز 118: 24).
ونوه بأن هذا المدح الفصحى، استقبل القديس البابا بولس السادس، قبل خمسين سنة، سلفكم الموقر البابا شنودة الثالث، فى بازيليكا القديس بطرس، وبنفس المديح أرحب بك اليوم.
ووجه الشكر لقداسة البابا تواضروس واصفا إياه بـ "الأخ الحبيب والصديق العزيز": "أشكرك من كل قلبى لقبولك دعوتى لنحتفل معا باليوبيل لهذا الحدث التاريخى فى سنة 1973، وكذلك الذكرى العاشرة للقائنا الأول فى سنة 2013".
وثمن اللقاء التاريخى الذى عقد عام 1973 واصفا إياه بأنه: "بمثابة مرحلة تاريخية فى العلاقات بين كرسى القديس بطرس وكرسى القديس مرقس، وكان ذلك أول لقاء بين بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأسقف روما. كما أنه يمثل نهاية الجدل اللاهوتى الذى يعود إلى مجمع خلقيدونية، وذلك بفضل التوقيع، فى 10 مايو 1973، على إعلان كريستولوجى مشترك لا ينسى، وكان فيما بعد مصدر إلهام لاتفاقيات مماثلة مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الأخرى.
وعن العمل المسكونى قال بابا الڤاتيكان: "فى المسيرة المسكونية، من المهم دائما أن ننظر إلى الأمام، فنسأل أنفسنا باستمرار: ما هى المسافة المتبقية أمامنا بعد؟ ومع ذلك، من الضرورى أيضا أن تتذكر خاصة فى لحظات الإحباط، لكى نبتهج ونفرح فى المسافة التى قطعناها حتى الآن ونستفيد من حماسة الرواد الذين سبقونا".
وعن الوحدة المسيحية، أشار قداسة البابا فرنسيس إلى "المبادئ الرائدة لتوجيه البحث فى الوحدة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتى قبلها القديس البابا يوحنا بولس الثانى والبابا شنودة الثالث" وأضاف: "وفيها تم التأكيد بكلمات نبوية على أن الوحدة التى نتخيلها لا تعنى استيعاب الواحد للآخر أو سيطرة الواحد على الآخر. بل إنها خدمة كل واحد منا لمساعدته على عيش عطاياه الخاصة التى منحه إياها روح الله".
كما ثمن قداسته دور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الحوار اللاهوتى، وقال: "ثم فتحت هذه اللجنة المشتركة الطريق لولادة حوار لاهوتى مثمر بين الكنيسة الكاثوليكية وعائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية كلها، التى عقدت أول اجتماع لها فى سنة 2004 فى القاهرة، واستضافها قداسة البابا شنودة. أشكر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على التزامها بهذا الحوار اللاهوتى"
ووجه كلامه إلى قداسة البابا تواضروس: "أشكر قداستك أيضا على اهتمامك الأخوى الذى ما زلت توليه للكنيسة القبطية الكاثوليكية، وهى المودة نفسها التى أدت إلى إنشاء المجلس الوطنى للكنائس المسيحية فى مصر".
وعن الاحتفال بمرور خمسين سنة على عودة العلاقات بين الكنيستن وعشر سنوات على أول لقاء بينهما، قال: "وهى أيضا ذكرى لقاء سنة 1973، التى حملتكم على المجيء للقائى صاحب القداسة هنا للمرة الأولى فى 10 مايو 2013، بعد أشهر قليلة من تنصيبكم وبعد أسابيع من بداية حبريتى. فى تلك المناسبة، اقترحتم أن نحتفل فى العاشر من شهر مايو من كل سنة بـ "يوم الصداقة بين الأقباط والكاثوليك"، الذى تحتفل به كنائسنا فى موعده منذ ذلك الحين.
وواصل: "عندما تتكلم عن الصداقة، يتبادر إلى ذهنى الأيقونة القبطية الشهيرة التى تعود إلى القرن الثامن والتى تصور الرب يسوع وهو يضع يده على كتف صديقه الراهب القديس مينا من مصر. تسمى هذه الأيقونة أحيانا أيقونة الصداقة" لأن الرب يسوع يبدو فيها أنه يريد أن يرافق صديقه ويسير معه. وبالمثل فإن روابط الصداقة بين كنائسنا متجذرة فى صداقة يسوع المسيح نفسه مع تلاميذه كلهم الذين يدعوهم هو نفسه أصدقاء".
وعن هدية قداسة البابا تواضروس لقداسته، قال بابا الڤاتيكان: "لا أجد كلمات أعبر بها عن شكرى العميق للعطية الثمينة لذخيرة الشهداء الأقباط الذين قتلوا فى ليبيا فى 15 فبراير 2015، هؤلاء الشهداء عمدوا ليس فقط بالماء والزوح، بل بالدم أيضا، الدم الذى هو بذرة الوحدة لأتباع المسيح كلهم. يسعدنى أن أعلن اليوم، وبموافقة قداستك، أنه سيتم إدراج هؤلاء الشهداء الواحد والعشرين فى السنكسار الرومانى علامة على الشركة الروحية التى توحد كنيستينا".
كما أهدى قداسة البابا فرنسيس، فى ختام اللقاء لقداسة البابا تواضروس جزءا من رفات القديسة كاترين شهيدة الإسكندرية.