شيلوا جثثكم من هنا.. فتاة تروي موقف محزن لنقل رفات والدها من مقابر السيدة نفيسة
سردت فتاة موقف محزن بإضطرارها نقل رفات والدها من مقابر السيدة نفيسة بعد إخطارهم بدخول المقابر ضمن عملية الإزالة.
وقالت الفتاة،" احنا حرفيًا بقالنا 3 سنين بنمر بظروف صعبة و بنتعرض لمواقف و صدمات احنا نفسنا مش مصدقينها .. بس الحمدلله علي كل حال و بنحاول نكابر و نكمل و صابرين الحمدلله و راضيين .. حتي يوم وفاة بابا اللي هو أصعب حاجة كان ممكن اتعرضلها في حياتي الحمدلله صبرنا و قولنا إنا لله و إنا إليه راجعون و تماسكنا - حتي لو ظاهريًا - بس احنا امبارح شوفنا يوم من أبشع ما يمكن أن يراه بني أدم علي وجه الأرض .
وتابعت ، " الواحد مابقاش فاهم ايه اللي بيحصل حواليه ولا مستوعب من هول الصدمة !
لو كان حد قالي في الخيال حتي إني بعد سنة و ٣ شهور من وفاة بابا إني هخرجه من قبره و اقعد جنبه تاني ! مش بس كده لا و هنقله و ادفنه في مكان تاني ! قسمًا بالله كنت قولت ده إلحاد مثلًا ! ولا حتي كنت هستوعب إن في خيال بالشكل ده … بابا و جدي و عماتي و أزواجهم و أقاربنا و أهلنا مدفونين في مقابر بالسيدة نفيسة .. واللي لأجل النصيب وقعت في خطة الإزالة ..
و فجأة تعالوا شيلوا الجثث بتاعتكم عشان المقابر هتتزال !! ".
و قالت ،" نجيب أكفان و عربيات دفن موتي و صناديق و نخرج جثث من أكثر من 100 سنة من سنة 1930 ! و نحملهم في عربيات و نروح بيهم مدافن في أكتوبر في طريق الفيوم ! في الصحراء .. بعد ما كنت تقريبًا كل شوية بروح أزور بابا بحكم قرب المكان و بحكم إنه في منطقة حية .. لا هتودوا أهلكم مكان مقطوع بعيد عنكم .. و هتاخدهم عظام ! ( و ده من لطف ربنا بينا ) لإن كان في جثث ناس ثانية لسه متحللتش تمامًا !! متخيلين بشاعة المنظر و الموقف ! متخيلين يعني إيه أطلع جثة شخص مرة ثانية ! اروح أدفن تاني ! أجدد حزن تاني ولو إنه أصلا الحزن ما انتهاش ولا قل واحد في المية حتي ! أخرج أبويا من قبره ثاني !!!
مقابر السيدة نفيسة ليها محبة خاصة في قلوبنا مرتبطة بعادتنا اللي ربانا عليها بابا من واحنا صغيرين بزيارة أحبابنا الدائمة و ارتباطه و حبه هو للمكان اللي فعلًا له في كل ركن فيه ذكري .. كنا نروح معاه و نقعد شوية و نقوله يالا بينا بقي يا بابا يقولنا لا استنوا شوية كمان نفضل قاعدين كان بيحب القعدة هناك و يسرح و يفتكر ذكرياته مع كل شخص عزيز عليه مدفون هناك مكنش بيكون عايز يمشي .. فهمنا شعوره ده بعد وفاته لما بقينا بنستنى نروح نقعد هناك عشان نكلمه و نحكيله و نحس بيه و بنكون واثقين في الله إنه حاسس بينا .. ده أنا كنت كل شوية اروح هناك راجعة من شغل رايحة امتحان راجعة من امتحان .. حد ضايقني .. في حاجة مفرحاني .. حاسة إني لوحدي .. كنت بسيبهم نايمين و انزل اروح و اقعد نص ساعة و ارجع و محدش بيحس أصلا “.
واستطردت ، "اروح احكي لبابا و اقوله و برجع مرتاحة و مبسوطة و سعيدة … حتي المكان ده اتاخد مننا .. الذكريات كلها .. الواحد حاسس إنه بيحلم .. يا عالم ده إكرام الميت دفنه ! احنا حاولنا قد ما نقدر نكرمه و نعززه و نريحه .. و يارب يجازي كل شخص من أهلنا تطوع و ساعد في نقل الرفات دي كل خير .. لكن ما باليد حيلة ! لله الأمر من قبل و من بعد .. وصف اليوم انا مش قادرة حتي اكتب عنه كلمة .. مش قادرة أوصف منظر الشباب المتطوعين من جمعيات بلدنا و قرايبنا و هما بيخرجوا الرفات .. مشهد لا يوصف حرفيًا!! منظر أخويا و هو شايل بابا و يقول إننا عرفناه ! منظر يشيب .. الواحد كان إمبارح بيقول كلام مش مصدق إنه بيتقال اقول لمصطفي هات بابا و هاجر تسأل بابا فين و اقولها بابا في العربية ! الواحد بيقول الكلمة و يقعد يسأل نفسه ايه اللي بيقوله ده !!! كنت بقعد اقول يارب ما توريني حاجة وحشة في أهلي .. يارب ما أشوف اليوم اللي ادفن حد فيه منهم .. ويشاء القدر إني أدفن أغلي شخص عندي في الدنيا ومش مرة واحدة .. لا مرتين ! لا نملك إلا حسبنا الله و نعم الوكيل .. نسألكم الدعاء لوالدي حبيبي بالرحمة و المغفرة و لأمواتنا جميعًا.".