100 سنة علي ميلاد آخر الرجال المحترمين
محمود مرسي العازف عن الشهرة و الناس و الأضواء المحب لوطنه و فنه ومبادئه.. ترك المال من أجل قضية بلده، "العملاق" ، ”زينب والعرش” ، ”الرجل والحصان” ، ”عصفور النار” ، ”بين القصرين” ، ”قصر الشوق” ، ”رحلة أبو العلا البشري” ، ”العائلة” " لما التعلب فات " " سفر الأحلام "
اعمالا تلفزيونية لن ننساها و اما اعماله السينمائية المتميزة فهي : ”فجر الإسلام” ، ”أغنية على الممر” ، ”أمير الدهاء” ، ”حد السيف” ، ”السمان والخريف” و”ليل وقضبان” و”شئ من الخوف” و"سعد اليتيم" و"طائر الليل الحزين" و”الباب المفتوح” ، "العنب المر" ، "أبناء الصمت" "الليلة الأخيرة" "الخائنة" "زوجتي و الكلب" .. اعمالا حفرت مكانتها في وجداننا .. اعمال العملاق محمود مرسي .
ولد محمود مرسي يوم 7 يونيو لعام 1923م في الإسكندرية، حصل علي ليسانس من قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة إسكندرية ، سافر إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي أمضى هناك خمس سنوات ، غادر بعدها إلي بريطانيا لاستكمال دراسته بمعهد السينما في لندن.
بدأ محمود مرسي عمله بهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، بعدها عاد الى مصر وعمل مخرجاً للبرنامج الثاني بالإذاعة المصرية عام 1957م، ثم مخرجا بالتليفزيون عام 1959م، و عمل ايضا مدرساً للتمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة ومديراً للمسرح الحديث.
أول أدواره الفنية كانت عام 1962م من خلال فيلم “أنا الهارب” للمخرج نيازي مصطفى، ثم قدم دور البطولة في فيلم “الباب المفتوح”، وقد برع “محمود مرسى” في أدوار الشر خاصةً في دور ضابط السجن بفيلم “ليل وقضبان”، ودور “بدران” في فيلم “أمير الدهاء”، وكذالك دور “عتريس” في فيلم “شئ من الخوف” ، و على الرغم من امتلاك “محمود مرسي” لموهبة فنية حقيقة إلا انه كان مقلاً في الأعمال التي قدمها وخاصةً الأعمال السينمائية لاهتمامه بالكيف عن الكم .
ويذكر أنه وقف أمام نجمات الشاشة العربية الكبار فاتن حمامة خافت منه لدرجة أنها كانت تحرص علي أن تعمل بروفات منفردة مع المخرج بعيدا عنه وأحب شادية في أشهر و أهم أعماله علي الأطلاق { شئ من الخوف } والذي توجد فيه واحدة من أشهر عبارات الشاشة العربية ( جواز عتريس من فؤاده باطل) وحبه لشادية كان حبا فنياً فكان لا يرفض لها طلب فأختارته في فيلمين آخرين فلم يعترض { إمرأة عاشقة } و { أمواج بلا شاطئ } وصفع سعاد حسني علي وجهها بحق و ليس تمثيل في فيلمها الوحيد معه { زوجتي و الكلب } وعندما تأخرت نادية لطفي أثناء التصوير في فيلم { السمان و الخريف } كاد أن يترك الفيلم لشدة التزامه و دقته.
وقف أمام عمالقة الفن من جميع الأجيال المختلفة و الكل كان يعمل له ألف حساب ولم ينل فناناً إحتراماً و تقديرا من الفنانين و النقاد و الناس و التاريخ مثل هذا الفنان العملاق
يكاد يكون الفنان الوحيد الذي لم يقدم أية تنازلات في فنه نهائي عرف عنه بالإلتزام لدرجة المرض وكان لا يجرؤ مخرج أيا كان أن يملي عليه أي شروط ضد رغبته و لهذا رفض العمل مع يوسف شاهين الذي رشحه قبل محمود المليجي في فيلم { الأرض } حينما إرتبط بفيلم { شئ من الخوف } مع حسين كمال فقال له يوسف شاهين أترك الفيلم و تفرغ لفيلمي { الأرض } فأرسل له السيناريو و رد عليه { أنا لست لعبة في يديك تحركها كيفما تشاء و العمل معي شرف لا تستحقه } مما آثار غضب يوسف شاهين و أقسم أنه لا يتعامل معه حتي لو حصل علي الأوسكار هكذا كان محمود مرسي لا يخشى في الحق لومة لائم بل و يخشاه عمالقة و رواد الفن بأكملهم
اما عن التكريمات فقد حصل الفنان الكبير علي جائزة التمثيل الأولى عن دوره في فيلم “الليلة الأخيرة” عام 1964م، وجائزة أحسن ممثل عام 1969م عن دوره في فيلم ” شيء من الخوف”، كما حصل على جائزة التمثيل الأولى عن دوره في فيلم "سعد اليتيم". كما تم تكريمه في مهرجان الفيلم الروائي عام 1998م . و حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2000 .
وعن حياته الاجتماعية تزوج الفنان محمود مرسي مرة واحدة فقط من الفنانة سميحة أيوب وله ابن واحد "علاء" يعمل طبيباً نفسياً ولم يستمر الزواج أكثر من عامين
و من المواقف الوطنية التي لا تنسى للفنان محمود مرسي انه عندما كان يعمل بإذاعة الBBC البريطانية القسم العربي و حين وقوع العدوان الثلاثي علي مصر فخرج علي الهواء قائلا : "إن هذه هي آخر حلقة أقدمها في هذه الإذاعة حيث أنه لا يمكنني أن أعمل أو أقيم في دولة تشن عدوانا علي بلادي وتلقي بقنابلها علي أهلي في مصر ولتلك الأسباب أقدم استقالتي علي الهواء وسأعود إلي بلدي أقاتل بجانب أهلي أعيش معهم أو أموت معهم " .
ومن أكثر أعماله التي أثارت الجدل مسلسل { العائلة } عام 1993 وكان يدور حول فكر ومنهج الجماعات الإسلامية مما أثار غضب هؤلاء الجماعات و علي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين وكان هذا المسلسل يحتوي على بعض الاحاديث النبوية الغير صحيحة مما اثار غضب الأزهر الشريف فكان مسلسلا ملئ بالاحداث الغير متعارف عليها الي جانب أنه أول الأعمال الفنية الذي تنبأ بما حدث فيما بعد من اعمال العنف و الارهاب، ولقى الفنان الكبير ربه في يوم 24 أبريل لعام 2004م عن عمر يناهز 81 عاما إثر إصابته بنوبة قلبية.