الثورة التي أقامت عيداً للفن والفنان
قد يختلف البعض علي أشياء كثيرة لكن لا أحد يختلف علي حب الوطن وفي كل أزمة يمر بها الوطن يكون لكل فرد من أفراد الوطن يكون له دور حتي وإن إقتصر دوره في حبه للوطن وهنا يظهر أهمية دور الفنان في أي أزمة أو محنة تجتاح الوطن.
و عندما هبت رياح ثورة يوليو 1952 كانت مصر كلها يد واحدة عمال و فلاحين و موظفين و مثقفين و جميع فئات الشعب المصري ولم يكن الفنان في معزل عن ثورة يوليو فكان الفنان دائما و ابدا في الصفوف الأولى خلف بلده خاصةً في العصر الذهبي للفن و الفنان.
أم كلثوم
كانت أم كلثوم هي أول من أيد ثورة يوليو قبل قيامها عندما غنت قصيدة " مصر تتحدث عن نفسها " عام 1951 ومنعتها السرايا لأنها تأجج الشعب خاصة بعد حريق القاهرة في يناير 1952 وعندما قامت الثورة وقفت أم كلثوم في الإذاعة تغني " الشعب قام يسأل علي حقوقه و الثورة زي النبض في عروقه " و ساندت الرئيس محمد نجيب و مجلس قيادة الثورة و عندما أراد أحد رجال الثورة الإطاحة بأم كلثوم لأنها مطربة العهد البائد قال له البكابشي جمال عبد الناصر " روح أهدم الهرم و أبو الهول لأنهم كانوا في العهد البائد" إشارة منه لمكانة و منزلة أم كلثوم التي ساندت الثورة و البلد في ثوراتها و انتكاساتها و انتصاراتها فلم تجد فنان ساند بلده في العالم مثلما فعلت أم كلثوم مع بلدها مصر.
فطن محمد عبد الوهاب لأهمية الثورة وهو مطرب الملوك و الأمراء و لكنه إبن الطبقة العامة الكادحة فجمع أهم مطربي العالم العربي ليقدم أعظم الأغاني الوطنية الخالدة مثل " وطني حبيبي الوطن الأكبر " و" الجيل الصاعد " مع شادية و وردة و نجاة الصغيرة و فايزة أحمد و عبد الحليم حافظ مغني الثورة كما أطلق عليه فلم يترك عبد الحليم حافظ مناسبة صغيرة وكبيرة تجري في البلد إلا وكان يرصدها بالغناء مثل " حكاية شعب " عن السد العالي واشتهر باعظم الأغاني الوطنية في تاريخ الغناء في أغاني كان و مازال العالم العربي يرددها مثل " صورة " و " اهلا بالمعارك " و " فدائي" و خللي السلاح صاحي " و حبيب الملايين " وكل هذه الأغاني الوطنية الخالدة كانت من كلمات شاعر مصر العظيم صلاح جاهين و ألحان موسيقار مصر العظيم كمال الطويل كانت هذه الأغاني لها وقع كبير و هام في قلوب و عقول المصريين بل زادت من وطنيتهم و إيمانهم بثورتهم و هذا هو دور الفن في بث روح الوطنية لدي الشعب.
ونجد أيضاً كوميدان مصر الأول إسماعيل ياسين بفطرته و حبه لفنه و لبلده و لإيمانه الشديد بأهمية الثورة قام بعمل سلسلة أفلام تدعم الجيش المصري مثل أفلام إسماعيل يس في الاسطول و الجيش و الطيران و بوليس حربي وبالطبع نظراً لشعبية اسماعيل ياسين في مصر و العالم العربي كانت لهذه الأفلام أكبر وقع لدي الشعب العربي كله و في شحذ الهمم و حب الجيش المصري نجد أيضا هناك فنانين كثيرين ساندوا ثورة يوليو مثل أنور وجدي وهو كان أكبر منافس للملك فاروق فنجده كان في الصفوف الأولى المؤيدة للثورة.
أيضاً محمد فوزي مع زوجته مديحة يسري و راح محمد فوزي يغني للثورة و للجيش المصري مؤيدا و داعما لها حتي قبل وفاته بأيام قال " أنه لا يخشي علي أولاده من بعده في ظل بلده و جيش بلده و قيادة بلده "
هذا عكس ما أشيع في ذلك الفترة.
أيضاً لا ننسي ما يسمي " قطار الرحمة "عقب الثورة مباشرةً الذي كان به جموع فناني مصر يلفون القطر المصري للتبرع لجيش الثورة المصري و مساندته وكان النجوم و النجمات لا يذهبوا حتي لبيوتهم من أجل التفرغ لهذا الواجب الوطني و إجتمع فيه جميع فناني مصر.
ليلي مراد بنت مصر أول من غنت للثورة بأغنيتها " النظام و العمل و الإتحاد فانهضي يامصر يا أم البلاد" فكانت أول من غنت و أبدعت بمبادىء الثورة النظام و العمل و الإتحاد.
سليمان نجيب الذي حصل علي البكاوية وكان أحد رجال السرايا تخلي عن كل هذا رافضا كل الرتب و الألقاب واقفا مع صفوف الشعب وذهب للقاء الزعيم جمال عبد الناصر بنفسه يساند الجيش المصري في ثورته
وأصبح هناك عيداً للفن في عهد الثورة يكرم فيه جموع فناني مصر بعد ما كان الفنان في عهد الملكية مشخصاتي ولا يكرم ولا ينال جوائز او تقدير رسمي من الدولة و بعد قيام ثورة يوليو أصبح الفن ركيزة أساسية في نهضة الأمم و أصبح الفنان ذو شأن عظيم و أطلقت عليه الثورة القوي الناعمة لما يتمتع به الفنان من حب كبير لدى الناس و هذا الحب الصادق يجعل الناس يلتفون حول الفن و الفنانين ، و أصبحنا نري عيد الفن سنوياً لتكريم رموز الفن و الإبداع و الثقافة والإعلام و الفكر
ولولا ثورة يوليو و إيمانها بدور الفن ما كنا نري هذا الإحتفاء بالفن و الفنان
ولم تكن هناك أغنية وطنية بالمعني المعروف إلا مع قيام الثورة فنجد جموع مطربي مصر يغنون لمصر و جيشها و ثورتها بوشوش كلها بهجه و فرح و سعادة حتي أصبحت الأغنية الوطنية لا تقل أهمية عن الأغنية العاطفية وأصبحت جواز مرور نجاح المطرب و المطربة مهما كان لامعا إلي جانب ظهور عدد كبير من الأفلام السينمائية العظيمة التي وثقت هذا الحدث الجلل مثل أفلام { الله معنا ، رد قلبي ، لا وقت للحب ، في بيتنا رجل ، حب من نار ، أنا حرة ، غروب و شروق ، الباب المفتوح }.
هذا قليل من كثير في مساندة أهل الفن لثورة يوليو المجيدة و لم تكن هذه المساندة إلا حباً لمصر و جيشها و ثورتها و إيماناً منهم بأن لهم دور كبير و مهم في شحذ الهمم لحب هذا الوطن و تأكيد لمبادئ ثورة يوليو المجيدة.