الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

100 سنة على ميلاد الست زوزو نبيل

السبت 19/ديسمبر/2020 - 04:43 م

صاحبة أجمل صوت مٌعبر في المسرح و السينما، والإذاعة والتليفزيون.

ضربت أعظم مثل في الخير و الوفاء.

استشهد ابنها الوحيد في حرب أكتوبر، وقالت للسادات: "ابني مامتش ابني واقف منتظرني على باب الجنة"، فبكى الرئيس حتى انهمرت دموعه.

واشترت شقة كبيرة، وجمعت فيها ضرتها لتعيش معها، حفظت القرآن الكريم، وعمرها 70 عامًا، وجهزت بنات زوجها وعلاجت ضرتها على نفقتها  ورعايتها، وحجت 8 مرات منها 4 لابنها الشهيد، ومرة لضرتها.  

أرسل لها الزعيم جمال عبد الناصر، خطاب شكر وتقدير.

"بلغنى أيها الملك السعيد"..إنها زوزو نبيل، التي خطفت الأسماع والقلوب بصوتها  الحنون، الذي نقلته الإذاعة المصرية لآذان المصريين طوال سنوات، فظل محفورًا في وجدانهم، بينما تبدأ في سرد حكاية جديدة من حكايات "ألف ليلة وليلة"، وعندما كانت تنهى ليلتها بكلمة «مولاي» التي تقولها بأنوثة ودلال كانت تأخذنا إلى عالم ساحر جميل، لا ينسي مهما مر من زمن و أحداث. 

اشتهرت الفنانة الكبيرة زوزو نبيل، أو شهر زاد الفن بأدائها لهذه الشخصية، وحكاياتها في "ألف ليلة وليلة"، وكان يلعب أمامها دور شهريار عبدالرحيم الزرقاني، وكان التأليف لطاهر أبوفاشا، وأذيع المسلسل في ستينيات القرن الماضي، وامتاز بموسيقاه الكلاسيكية والتي أصبحت ماركة مسجلة لهذا العصر، ولأي مشهد يجمع بين شهريار وشهرزاد عشنا أجمل الذكريات جيل وراء الآخر حتى يومنا هذا ولولاها ما نجحت "ألف ليلة وليلة"،
وحتى عندما أراد المخرج فهمي عبد الحميد، أن يعمل "ألف ليلة وليلة"، بالتليفزيون تستعان بـ"الست زوزو نبيل".

هي عزيزة إمام حسين.. الشهرة .. زوزو نبيل.. مسقط رأسها المنوفية.. ولدت عام 7 يوليو 1920.

زوزو اختصار لاسم عزيزة

نبيل هو اسم ابنها الذي استشهد، فيما بعد في حرب أكتوبر المجيد.

فكان اسمها زوزو نبيل.

 كانت زوزو نبيل، دائمًا تقول إن الفنان الحقيقي لا يعتزل إلا عندما يموت، ورفضت الاعتزال حتى عندما تقدم بها العمر، وعندما انتشرت شائعة اعتزالها عام  1989،  لبلوغها سنّ الـ75، قالت: "أانا الآن في الـ75، والتمثيل يجعلني على الأقل أصغر بـ10 سنوات، وإذا اعتزلت التمثيل سأكبر 10 سنوات، فأكيد سأختار أن أصبح في الـ65 بدلاً من الـ85".

اشتهرت بأدوار الشر خاصة مع مخرج الراوئع حسن الإمام الذي قدمت معه تاريخها الفني الكبير فكانت إحدى أيقونات سينما حسن الإمام في أفلام:"كأس العذاب، و أنا بنت ناس، وقلوب الناس،  ووكر الملذات، وزمن العجايب، و أسرار الناس، وسجن العذراي، وفي شرع مين، وبين القصرين"، حتى أن من شدة إيمان مخرج الروائع حسن الإمام بموهبة زوزو نبيل، جعلها بطلة حتى على بطلة الشاشة الأولى فاتن حمامه في أفلام: "أسرار الناس، وزمن العجايب، وكأس العذاب"، بالرغم من وجود اسم فاتن حمامة قبلها إلا أن أهمية و مساحة الدور أكبر، و أهم حتى أن محور الفيلم كله يدور حول زوزو نبيل، قبل فاتن حمامة، وهذا لم يحدث من قبل مع فنانة بجحم فاتن حمامة، ونجوميتها. 

 بل و نجحت زوزو نبيل، أيضًا في أعمال أخرى كثيرة مثل: دورها في أفلام: "أنا حرة، و "جريمة في الحي الهادي"، و "رابعة العدوية"، وغيرهم من الأدوار المختلفة والمتنوعة التي أثبتت جدارتها خاصةً دورها في فيلم "سجن العذراي"، الذي نجح نجاحًا كبيرًا جعل الزعيم جمال عبد الناصر يشاهده، وبعد مشاهدة الفيلم أرسل لها خطاب تحية وتقدير، لدورها كأحد المعجبين بفنها ودورها في الفيلم، واحتفظت بهذا الخطاب حتى وفاتها.

وقفت أمام أم كلثوم "كوكب الشرق"، مرتين مرة في فيلم "دنانير"، ومرة أخرى وأهم في فيلم "سلامة"، واشتركت معها في أداء أغنية "غني لي شوي شوي".

وقفت أمام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، في أول أفلامه "لحن الوفاء".

 ووقفت أمام علي الكسار، في فيلم " نور الدين والبحارة الثلاثة".

وقفت أمام ليلي مراد، في فيلم "ليلي بنت الفقراء"، ومن أشهر أفلامها الكوميدية مع إسماعيل ياسين، و عبد السلام النابلسي، في فيلم "في الهوا سوا"، وقامت فيه بالتنويم المغناطيسي، وكان أشهر أدوارها في الكوميديا.

وقفت أمام عمر الشريف في فيلم "غلطة حبيبي". 

قدمت ما يزيد عن 200 فيلم، وغيرت من ملامحها الفنية مع اختلاف الزمن. 

قدمت في التليفزيون أشهر المسلسلات الدينية والتاريخية مثل: "محمد رسول الله، ولا إله إلا الله، و صقر قريش، وابن خلدون، وطارق بن زياد".

والمسلسلات الاجتماعية، مثل:"الحرملك، وغوايش، و رأفت الهجان، وعائلة شلش، و بنات زينب، وذئاب الجبل، وهند والدكتور نعمان". 

والمسلسلات الكوميدية، مثل: "رحلة المليون، وبكيزة و زغلول، ويوميات ونيس". 

إلى جانب، ما قدمته من مسلسل " ألف ليلة وليلة"، مع النجمة شيريهان طوال 3 سنوات.

تعد زوزو نبيل من الرعيل الأول في تاريخ المسرح و السينما، والإذاعة والتليفزيون، ففي عام ١٩٣٧ بدأت مسيرتها الفنية في المسرح في فرقة مختار عثمان، ثم فرقة يوسف وهبي وقدمت أروع وأصعب الأدوار على المسرح وكانت تتقاضي مبلغ 6 جنيهات، ثم 10 جنيهات، وقدمت في المسرح ما يزيد عن ٥٠٠ عرض مسرحي طيلة حياتها الفنية 

وظهرت في السينما في نفس العام ١٩٣٧ في فيلم "تيتا وونج"، أول أفلام حسين صدقي مع أمينة محمد خالة الفنانة أمينة رزق، ومنذ هذا العام، حتى كانت من أبرز وجوه السينما المصرية، وتعاونت مع جميع الأجيال التي مرت عليها وسطعت معهم و تألقت بل وكانت تخطف منهم الأنظار، وكان آخر فيلم لها "المرأة و الساطور" عام ١٩٩٦، ورحلت قبل أن تراه وقدمت في السينما ٢٠٠ فيلم.

وفي الإذاعة كان بيتها الدافئ و الحنون ونالت شهرة عريضة، بسبب صوتها المعبر في حكايات "ألف ليلة وليلة" التي عاش معها الصغير و الكبير، وكانت تعطل الشوارع أثناء إذاعتها في الراديو، حتى لقبت بـ"شهر زاد الفن"، وقدمت في الإذاعة ما يزيد عن  ١٠٠ مسلسل إذاعي .

وفي التليفزيون سطع نجم زوزو نبيل أكثر و أكثر سواء مسلسلات تاريخية، أو دينية، أو اجتماعية، أو كوميدية، وكونت ثنائي فني مع الفنان محمد صبحي، من مسلسل |رحلة المليون"، حتى |يوميات ونيس"، وبلغت مسلسلاتها التليفزيونية ١٥٠ مسلسلاً.

لم تكن زوزو نبيل مجرد ممثلة بارعة الأداء فقط، بل أيضًا كانت أستاذة في اللغة العربية والإلقاء، فقد تتلمذ على يدها كبار نجمات السينما المصرية في الإلقاء مثل: فاتن حمامة، وشادية، وماجدة الصباحي، ونادية لطفي، وسعاد حسني، ولبني عبد العزيز التي لم تكن تستطيع نطق اللغة العربية صحيحًا، واتعبت كل مدرسين الإلقاء الذين آتي بهم رمسيس نجيب لها، فكانت الست زوزو نبيل التي علمتها الإلقاء بطريقتها السهلة، حتى أن رمسيس نجيب قال لها: " إنتي ممكن تنطقي الأمريكان بالعربي". 

تقلدت زوزو نبيل، مناصب قيادية في مسارح الدولة، ففي الخمسينات عملت كرقيبه لمدة 3 سنوات في رقابة المصنفات الفنية بمصلحة الفنون، كما تولت إدارة المسرح الشعبي بوزاره الثقافة عام 1959، وبعدها عملت بمؤسسه المسرح بين عام 1962 إلى عام 1964، كذلك كانت تقوم بالتدريس لماده الإلقاء بمعهد السينما مع الفنان عبد الوارث عسر، وفي الثقافة الجماهيرية حتى وصلت لدرجه وكيل وزارة وأصبحت فنانة بدرجة وكيل وزارة. 

 تزوجت مرتين، الزواج الأول عندما كانت صغيرة السنّ وتوفى زوجها الأول واسمه سامي عاشور، بعد فترة قصيرة من زواجهما، وتقول زوزو نبيل عن هذه الفترة إنها كانت سجينة في منزل زوجها، وهي ابنة الـ13، و انجبت ابنها الوحيد نبيل، بعد عام ونصف من زواجها فعاشت مع زوجها مأمور سجن طرة في زانزانة داخل المنزل لم ترى الشارع طوال عام كامل، وتم الانفصال بينهما بعد عامين من زواجهما، ولها منه وحيدها نبيل الضابط في الجيش المصري، والذي استشهد في حرب أكتوبر 1973 ولها منه 3 أحفاد.

وعندما كرمها السادات قالت له: "ابني مامتش ابني واقف منتظرني علي باب الجنة"، فبكى السادات حتى انهمرت دموعه، وقبل جبينها وأبكى الحاضرون. 

أما زوج زوزو نبيل، الثاني فقد شغل منصب وكيل وزارة، وبعد الزواج انتقل للعيش مع زوجته الأولى وأولاده إلى بيت الفنانة الكبيرة، وزوجت زوزو ابنها  إلى ابنة ضرتهاالأولى.

توفى زوج  زوزو نبيل في العام 1980، وظلت زوزو نبيل مع ضرتها بل، وجهزت بناتها الـ3 للزواج، حتى أن بنات ضرتها يناودنها "ماما زوزو"، وراعت ضرتها في مرضها الأخير وتأتي لها بأكبر الأطباء حتيى أنها كانت تعتزر عن الكثير من الأدوار وذلك للتفرغ لرعاية ضرتها وقالت أنهما شقيقتين وليسا ضرتين  حتى رحلت ضرتها  عام 1989، وبكت عليها زوزو نبيل كثيرًا.

عكفت على حفظ القرآن الكريم، حتى أنهت حفظه، وعمرها جاوز الـ70 عامًا، وقامت بأداء فريضة الحج 8 مرات منهم 4 مرات، لابنها الشهيد، ومرة عن ضرتها.

 حصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة: التمثيل عن فيلم "أنا حرة"، وجائزة التمثيل الأولى في فيلم "الخرساء"، مناصفة مع بطلة الفيلم سميرة أحمد.
كما كرمها مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي العام 1995، وأيضًا من مهرجان الأفلام الروائية، كما كرم من قبل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للعام 1996، ولكنها لم تستطع الحضور،  لمرضها في آخر أيامها وتسلّمت الجائزة بدلاً عنها زوجة ابنها.

وكانت تعتز بدرع أم الشهيد، كأفضل جائزة في حياتها التي حصلت عليه من الرئيس محمد أنور السادات.

 توفيت في 3 مايو 1996، إثر التهاب رئوي حاد، وعجز في القلب،  رحمة  الله  عليها,