الحب والموت في لندن (2)
الإثنين 21/ديسمبر/2020 - 11:36 م
كانت ليلةً لندنية عاصفة.. المطر يتساقط والبرق يضيء في السماء.. شقت سيارة الإسعاف طريقها مسرعةً إلى مستشفى "تشيرنج كروس"، ونُقِلَت مدام فهمي إلى سيارة البوليس.
في هذه الأثناء، كان العاملون في فندق "سافوي" قد أزالوا كل آثار جريمة القتل وخصوصـًا آثار الدماء على سجادة الفندق، الذي استضاف منذ افتتاحه في العام 1889 مشاهير مثل ونستون تشرشل، وتشارلي شابلن، وهمفري بوجارت، وجون واين، وريتشارد هاريس، وبرناردو برتولوتشي، وإلتون جون. ونامت في غرفه مارلين مونرو، وإليزابيث تايلور في إحدى مرات "شهر العسل"، ومارلين ديتريتش، وآفا جاردنر، وجان مورو، كما رسم فيه كلود مونيه مشاهد من نهر "تيمز"، ومن ذلك لوحة Waterloo Bridge.
في قسم الشرطة، قالت مارجريت: "قتلته، ولست أخشى شيئـًا"!.. لكنها بعد لحظةٍ انخرطت في بكاءٍ حاد، بعد أن وصلت قصة الحب الفاجعة إلى نهايتها.. فالقتيل علي كامل فهمي بك المشهور بالفشل والإسراف واللهو، وقع في غرام المطلقة الفرنسية ماري- مارجريت ليبير وأغرقها بالهدايا ليفوز على منافسيه من عشاقها، وذلك بعد أن زارت مصر في شتاء عام 1922، وقضى العاشقان أيامـًا بعد ذلك بين فرنسا وإسبانيا.
وعلي كامل فهمي، هو نجل الفريق علي باشا كامل، أحد ضباط الخديو العاملين في القصر. ورث الابن عن أبيه 800 ألف جنيه استرليني، أو ما يعادل 100 مليون جنيه اليوم.
والثروة زادت كثيرًا لارتفاع اسعار القطن المصري بشكل هائل بعد نشوب الحرب العالمية الأولى. كما ترك الأب ثروة طائلة من الأراضي والعقارات، كثيرٌ منها في مدينة الإسكندرية، وتحديدًا في مناطق سيدي بشر وميامي والعصافرة. وظلت تلك الأملاك لفترةٍ طويلة تحاط بأسوارٍ يُكتب عليها أنها ملك ورثة علي باشا كامل.
كان لدى الوجيه الشاب ثلاث أخوات، إحداهن عائشة فهمي. وإذا كنت داخلًا حي الزمالك الراقي في القاهرة، فعلى يمينك ينتصب قصرٌ منيف كانت تملكه عائشة فهمي، قبل أن تضع وزارة الثقافة المصرية يدها عليه، وكان أول من فعل ذلك وزير الثقافة في عهد الثورة د.ثروت عكاشة.
وكانت عائشة فهمي كثيرة الزواج، ومن أزواجها الفنان يوسف وهبي، وكان آخر أزواجها المنولوجست محمود شكوكو. من أقارب علي فهمي أيضـًا عائلة حسين بك عاصم، وكان جدهم يعمل لدى القصر، وبرز اسم ذريته في عهد النظام الملكي الأخير في مصر، ومنهم زوزو عاصم وشوشو عاصم والضابط إسماعيل عاصم، وكانوا أيامها من نجوم المجتمع الراقي.
بدا للجميع أن علي كامل فهمي ينفق ببذخ كأنه أمير، لدرجة أنه، ووفقـًا لجريدة "الأهرام"، أنفق في السنوات الأربع التي سبقت مقتله "نصف مليون جنيه على النساء والخمر والسيارات وكلفه القصر الذي بناه نحو 120 ألف جنيه، وكان يمنح هدايا قيمة إلى البوليس في كل مدينةٍ يحل فيها". باختصار، فقد كان وارثـًا يتسم بالرعونة، وهي رعونة لم تتوقف عند حد التبذير، وإنما امتدت لاختياره لزوجته الفرنسية التي تسببت في إنهاء حياته!