الأحد 08 سبتمبر 2024 الموافق 05 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

بروفيسور في الشؤن الدولية: مستقبل نتنياهو السياسي على المحك بعد حرب غزة

الخميس 09/نوفمبر/2023 - 10:10 ص
صورة ارشيفية غزة
صورة ارشيفية غزة

ذكرت وكالة الانباء الالمانية ان  الهجوم المفاجئ لحركة حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي، اثار صدمة قوية في الداخل الإسرائيلي، أظهرت بدورها علامات استفهام حول مدى الاستعداد الأمني للتصدي لمثل هذه الهجمات. كما ألقى الهجوم بظلاله على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 

ويقول البروفيسور يوسي ميكيلبيرج، في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إن الخلافات العميقة قبل حرب غزة أدت إلى انقسام النظام السياسي الإسرائيلي، والذي تجلى على مدار العام في الاحتجاجات المنتظمة واسعة النطاق ضد الحكومة، وفي مشهد اجتماعي سياسي سام. ومع ذلك، وفي أعقاب الصدمة الناجمة عن هجوم حماس، تم تعليق كل الانقسامات.

 

ويضيف ميكيلبيرج أن نوعا من الوحدة أصبح ضرورة، لكنه جاء أيضا كاستجابة مناسبة، بينما شيعت البلاد أكثر من 1400 من مدنييها وجنودها الذين قتلوا يوم "السبت الأسود"، وفي الحرب التي تلته.

 

ويقول ميكيلبيرج إنه إذا كان هناك أي إجماع سياسي على مستوى البلاد الآن، فهو أنه بحلول نهاية الحرب، يجب أن تنتهي رئاسة بنيامين نتنياهو للحكومة.

 

 

ويوضح ميكيلبيرج أن هناك حجة قوية للغاية مفادها أنه كان يتعين الإطاحة بنتنياهو مباشرة بعد فشل حكومته الكبير في منع هجوم حماس. وإلى جانب التكلفة التي لا تحصى من الأرواح المفقودة، أضرت الهجمات بالردع في البلاد وبعلاقاتها المعقدة مع الدول الأخرى في المنطقة. كما تسببت في صدمة عميقة للمجتمع الإسرائيلي، ووجهت ضربة كبيرة للاقتصاد، وقوضت الثقة في الأجهزة الأمنية.

 

وكان نتنياهو هو الأب الروحي للتصور الخاطئ بأن خطر حماس في غزة قد تراجع، وكان يعتقد أن بعض التحسن المحدود في الظروف الاقتصادية في غزة من شأنه أن يهدئ حماس، أو يرضي سكان القطاع البالغ عددهم 3ر2 مليون نسمة، ومعظمهم لاجئون يعيشون في أكبر سجن مفتوح في العالم.

 

وفي الوقت الذي يتم فيه الضغط على الهجوم ضد حماس، ليس من المرجح أن يتم الطعن في موقف نتنياهو. ولكن بمجرد أن تعتقد إسرائيل أن التهديد قد تم تحييده، فإن فرصة رئيس الوزراء ضئيلة في النجاة من الدعوات بإقالته.

 

ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو السادسة، انقسمت إسرائيل بشدة بسبب هجوم رئيس الوزراء على استقلال القضاء، مدفوعا بمصالحه القانونية الشخصية.

 

وأعطت الانتخابات العامة التي أجريت العام الماضي الائتلاف الحالي أغلبية مريحة نسبيا داخل الكنيست، ولكن من حيث توزيع الأصوات، تم تقسيم الأرقام بالتساوي بين الائتلاف وأحزاب المعارضة.

 

وفي ظاهر الأمر، فإن الصلة بين إصلاحات نتنياهو الدستورية وافتقار إسرائيل للاستعداد العسكري ليست واضحة. لكن عمق الإلهاء والغموض الذي خلقته هذه العلاقة أضر على نحو واضح بقدرة إسرائيل على منع تسلل ثلاثة آلاف من مقاتلي حركة حماس.

 

وعلى مدى أشهر، كان الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين في المواقع العسكرية الرئيسية يخطرون الحكومة بعبارات لا لبس فيها بأنهم سيرفضون أي دعوة لأداء الواجب طالما استمرت حكومة نتنياهو في دفع البلاد على طريق الاستبداد.

 

وحذر وزير الدفاع يوآف جالانت وقادة الأمن الإسرائيليون من أن هذا يضر بالاستعداد العسكري للبلاد. ولكن بدلا من الدخول في حوار على مستوى إسرائيل حول الإصلاح القضائي والاستجابة لهذه التحذيرات، قام نتنياهو وحلفاؤه بتفعيل ما أصبح يعرف باسم "آلة السم"، متهمين جنود الاحتياط هؤلاء، ناهيك عن خصومهم السياسيين، بالخيانة.

 

وهؤلاء هم نفس جنود الاحتياط الذين انضموا على الفور إلى وحداتهم عقب 7 أكتوبر، وهم يخاطرون الآن بحياتهم في الحرب ضد حماس ، وقد أرسلتهم حكومة لم يخدم العديد من وزرائها في الجيش.

 

وكان نتنياهو يعاني بالفعل من عجز حاد في الشرعية بسبب محاكمته بتهمة الفساد، والتي قصرت اختياره لشركاء الائتلاف على الأحزاب الأرثوذكسية واليمينية المتطرفة.

 

ويقول ميكيلبيرج إنه كي يضمن رئيس الوزراء بقاءه السياسي، عين المسؤولين الأكثر تطرفا لحركة المستوطنات في مناصب حكومية رئيسية، وبينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، وبتسلئيل سموتريتش، الذي عين وزيرا بوزارة الدفاع إضافة إلى منصبه الرئيسي وزيرا للمالية.

 

ولا يتمتع أي من الاثنين بأي خبرة عسكرية أو أمنية، ويروج كلاهما لأيديولوجية تحتضن المواجهة مع الفلسطينيين وضم الضفة الغربية.

 

ولم يكن من قبيل المفاجأة إذن أنه عندما أصبح حجم الضربة التي وجهتها حماس واضحا، أضاف نتنياهو خصمين سياسيين إلى حكومته الحربية، هما بيني جانتس وجادي إيزنكوت، وقد شغل الاثنان منصب رئيس الأركان سابقا.

 

وبالتالي، يتم تهميش ائتلاف نتنياهو، وتضاءلت سلطته الشخصية. والتغيير غير مرجح في الوقت الذي تمر فيه الحرب بأكثر مراحلها إلحاحا، ولكن بعد ذلك يبدو موقفه مقوضا بشكل خطير للغاية.

 

ومع ذلك، فإن هذا لن يمنع نتنياهو من بذل كل ما في وسعه لمحاولة إقناع الشعب بأنه ليس مسؤولا عن فشل هجوم 7 أكتوبر وأن أي إنجازات عسكرية يتم تحقيقها في الحرب يجب أن تنسب إلى قيادته.

 

ومن الواضح أن معظم الإسرائيليين يتألمون مما حدث ويشعرون بقلق إزاء المستقبل. كما أنهم يرون أن الحكومة الحالية مسؤولة، ونتنياهو شخصيا، عن هذه الكارثة، وأنهما ليس لديهما القدرة على قيادة إسرائيل إلى ما بعد الحرب مباشرة.

 

وتشير جميع استطلاعات الرأي بوضوح إلى أنه حال إجراء انتخابات عامة اليوم، سيتم سحق الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحالي، وخاصة ليكود، مما يمنح انتصارا حاسما لأحزاب المعارضة الحالية، ويؤدي إلى حكومة يقودها بيني جانتس.

 

ولن تنتهي التداعيات بالنسبة لنتنياهو عند هذا الحد. ولا تزال هذه الأيام مبكرة، لكن الفشل التام لمجتمع الاستخبارات والجيش، وبشكل أساسي للقيادة السياسية، وهو ما سمح بحدوث مأساة 7 تشرين الأول/أكتوبر الرهيبة سيتم التحقيق فيه بدقة، وفقا لـ "ميكيلبيرج".

 

ومن الواضح أن التغيير مطلوب. وكانت استراتيجية نتنياهو هي تقوية حماس على امتداد السلطة الفلسطينية بهدف وحيد، وهو منع قيام دولة فلسطينية على الإطلاق.

 

ولكي تتعافى إسرائيل، فإنها تحتاج إلى رحيل نتنياهو وائتلافه للحفاظ على الذات. ولابد من الدعوة إلى انتخابات جديدة، ويجب المضي قدما في محاكمة نتنياهو بالفساد.

 

وخلص ميكيلبيرج إلى أن النظام السياسي برمته يتطلب إعادة تنظيم القوى وتحديد الأهداف، وهو النظام الذي يضمن أن يقود البلاد أولئك الذين يمثلون رؤية للديمقراطية الليبرالية الحديثة، تلك الرؤية التي تعطي الأولوية لمن يسهمون أكثر في أمن إسرائيل وازدهارها، والتي تؤدي إلى سلام عادل مع الفلسطينيين