الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

صاحبة الصوت الذي أرعب العدو.. أقدم برلمانية في العالم و نصيرة المرأة

الأحد 17/ديسمبر/2023 - 02:07 م

لم تكن يوماً ما مطربة كبيرة ذات إسم فني لامع مثل بنات جيلها من المطربات أمثال شادية و فايزة احمد و صباح و وردة و نجاة 
وقد كانت تستطيع تحقيق هذا بنجاح و تفوق و تميز نظراً لقوة صوتها و قدرتها على غناء أصعب و أعقد الأغاني و القصائد 
ولكنها إختارت طريق آخر وهو السياسة
فقد أفنت عمرها في الخدمة العامة كأقدم برلمانية في العالم

 

 

عواطف محمود كامل عبد الرحمن الخطيب من مواليد 16 يوليو عام 1932 بدأت موهبتها الفنية تظهر منذ سن الثامنة كانت حينذاك بمدرسة البهية البرهانية الابتدائية بحي الخليفة بالقلعة أحد احياء القاهرة الشعبية ثم شاركت في برنامج «بابا شارو» في الإذاعة المصرية  

في سن الحادية عشرة التحقت بمعهد الموسيقى العربية مع الفنانة نجاة الصغيرة. ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية والغنائية وكان يزاملها الفنان المرحوم عبد الحليم حافظ والمرحوم أحمد فؤاد حسن والموسيقار الراحل علي إسماعيل، وحصلت على دبلوم المعهد العالي للموسيقى المسرحية. واثناء مسيرتها الفنية التحقت بكلية الحقوق وحصلت على ليسانس الحقوق.تعرفت على االملازم محمد نبوي اسماعيل  عن طريق بهيجة جاهين شقيقة الشاعر صلاح جاهين وتوطدت علاقتهما وتزوجا ودام زواجهما حتى وفاة اللواء محمد النبوي إسماعيل فى عام  2009 الذي أصبح فيما بعد واحداً من أشهر وزراء داخلية مصر

بدأت فايدة الغناء في الجامعة ثم مع فرقة ساعة لقلبك وبعدها اعتمد صوتها في الإذاعة وحققت شهرة واسعة.. خاصة أنها شاركت بالغناء في عدة أفلام هي: علي قد لحافك. أنا وانت. أرض السلام. ابن النيل.. وهو الفيلم الذي غنت فيه بطريقة الدوبلاج علي صورة الممثلة سميحة توفيق.. ومن أغنياتها العاطفية: أنا بنت 16 سنة. أنا عايزة قلبك. يا حلوة يا بيضة.

وكانت أول صوت غنائي يلحن له الموسيقار الكبير بليغ حمدي في اغنية " ليه لأ " 
تألقت المطربة فايدة كامل فى الخمسينات والستينات من القرن الماضي خاصة في مجال الأغنية الوطنية فى يوليوعام 1952 كانت فايدة كامل أحد الأصوات التي قدمت أغاني تؤيد ثورة يوليو المجيدة

نالت فايدة الكثير من الألقاب الفنية منها «صوت مصر» و«مطربة السلطة» وتعد واقعة «صوت مصر» واحدة من أهم القصص الفنية التي عاشتها مصر من خلال صوت فايدة كامل حيث يروى أن أغنيتها «دع سمائي» ألهبت حماس الشعب والجيش وقت العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ويومها وقف القائد البريطاني لجيوش الاحتلال في منطقة الشرق الأوسط وأعلن في محطة إذاعة «الشرق الأدنى» وقتئذ أنه سوف يرسل 21 طائرة لإسكات صوت فايدة كامل في الإذاعة المصرية.

أغارت بعض الطائرات على مبنى الإذاعة في أبو زعبل ومع ذلك فقد استمر الإرسال عبر إذاعة دمشق إلى أن تم إصلاح الإذاعة لتعود أقوى مما كانت عليه - وفق ما ذكرته الراحلة  فايدة كامل في حوار مع جريدة الشرق الأوسط

قدمت عدة اغاني وطنية من أشهرها أوبريت الوطن الأكبر، وعاد السلام يا نيل. لم تقتصر فايدة كامل على الغناء وإنما دخلت مجال السينما قدمت نحو خمس أفلام منها “أنا وأنت” و”سكة السلامة” و”على أد لحافك” و”أرض السلام” كان أخرها عام  1957

على الرغم من نجاح فايدة كامل في مشوارها الفني حيث قضت فيه عشر سنوات فقط إلا إنها تمكنت من تحويل مسارها الفني إلى مسار سياسي مثير للجدل على مدار 34 عاما الماضية وهو ما جعلها تدخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية العالمية كأقدم برلمانية في العالم لنجاحها في الاحتفاظ بمقعدها في البرلمان لمدة «34» عاما متصلة منذ 11 نوفمبر عام 1971 وحتى نهاية الفصل التشريعي في عام 2005.

فايدة كامل يا أمنا... الشعب يفديك بدمنا

عندما بدأت فايدة تخوض انتخابات البرلمان ردد أهالي دائرة الخليفة شعارا أقرب للوطنية حيث قالوا: "فايدة كامل يا أمنا... الشعب يفديك بدمنا "

فايدة كامل اقتحمت لأول مرة عالم السياسة عام 1966 وفي ذلك الوقت كانت مقررة التنظيم النسائي بقسم الخليفة ( موطن نشأتها ) ورشحت نفسها في الانتخابات البرلمانية أمام 13 رجلا وفازت عليهم وحصلت على 15 ألف صوت أي ما يوازي 93 في المائة من جملة الناخبين وكانت بذلك أول فنانة مصرية تدخل البرلمان فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر وظهرت الراحلة كمدافعة شرسة بما يسمى ( حقوق المرأة )

كانت فايدة كامل تقدم الخدمات الاجتماعية والإنسانية لأهل دائرتها بالإضافة إلى ممارستها لفنها الوطني وذلك قبل خوضها انتخابات العام 1966... حيث كانت أمينة التنظيم النسائي بحى الخليفة منذ العام 1965. ثم انتخبت عضوا في المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي عن محافظة القاهرة - قسم الخليفة العام  
1968
عندما أعلن عن الانتخابات عرض عليها بعض أهالي الدائرة أن تخوضها حيث لم تكن تفكر قبل ذلك في خوض الانتخابات البرلمانية مكتفية بنشاطها المحلي بالنسبة للدائرة وبدأت تستطلع آراء أهالي الدائرة بالمرور على الجمعيات السكانية بها وبالمقاهي وتعرض ترشيحها بأسلوب فني متطور حيث كانت تقول لهم: «هل أستأذنكم في ترشيحي للانتخابات؟».

هلل لها أهل دائرة حى الخليفة مرحبين وفرحين حتى خاضت الانتخابات البرلمانية بالفعل أمام «13» رجلا، وفازت عليهم وحصلت على «15» ألف صوت أي ما يوازي 93 في المئة من جملة الناخبين، الذين أدلوا بأصواتهم في دائرة الخليفة

طالبت أثناء عملها السياسي والنيابي بأحقية حصول المرأة على معاش في حال الزواج بعد سن الستين ورفعت شعار «المرأة نصف المجتمع» وكانت تؤكد دائما على أن المرأة تستطيع أن تربي نفسها سياسيا من خلال متابعة وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة وأيضا من خلال الوسائل التي يمكن أن تكوّن لها رأيها.

تقول فايدة كامل
" اختتمت مسيرتي الوطنية بالأغنية الدينية «إلهي ليس لي إلاك عونا فكن عوني على هذا الزمان» وباختصار كان عطائي الفني سواء وطني أو ديني. من أجل مصر وشعب مصر والعروبة وقد حصلت على وسام العلوم والفنون العام 1966 من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تقديرا لمساهماتي الوطنية من خلال عدة أغنيات أشعلت الحماس الوطني، ومنها «دع سمائي» و«عاد السلام يا نيل» و«الوطن الأكبر»، كما حصلت على وسام الأرز اللبناني العام 1956 ومن دول عربية أخرى شقيقة، وهم يعتبرونني رمزا من الرموز الفنية، التي دعمت الحريات في الوطن العربي وأفريقيا، وقد اعتزلت الفن نهائيا بعد حرب أكتوبر عام 1973، لأواصل رسالتي في البرلمان "

عندما بدأت فايدة كامل - حياتها النيابية كان عمرها 37 عاما وكان ذلك في 11 نوفمبر 1971 حيث كانت تقسم يومها بتخصيص 4 ساعات من 9 صباحا وحتى الواحدة ظهرا. للأعمال التي تتصل بحيّ الخليفة الذي تمثله في مجلس الشعب وكان أول شيء فكرت فيه بعد دخول قبة البرلمان هو إنشاء مستشفى يقدم أحدث الخدمات الطبية ويخدم 250 ألف مواطن على الأقل من سكان حيّ الخليفة، خاصة وأنها تأثرت بالجنود الذين كانوا يتساقطون بسبب العدوان الثلاثي كما أن المستشفيات كانت غير مجهزة لاستقبال هذا العدد الكبير من المرضى.

 


كانت  دائما تعلق قائلة: 
"الناخبون متمسكون بي وإلا ما كانوا انتخبوني "
داخل المجلس نالت فايدة ثقة النواب وانتخبوها وكيلة للجنة الثقافة والإعلام والسياحة، وتعتبر ثاني سيدة تتولى رئاسة اللجنة في تاريخ البرلمان المصري. حيث اختيرت عضوا باللجنة التأسيسية لدولة الوحدة بين مصر وليبيا العام 1973 ثم رئيسة لشعبه رعاية أسر المقاتلين والشهداء، بأمانة شؤون المرأة، هذا بجانب مشاركتها في العديد من المؤتمرات والندوات البرلمانية الدولية.

تُوفيت فايدة كامل في 21 أكتوبر عام 2011 عن عمر يناهز 79 عاما، في هدوء تام بعد أن عاشت فى صخب تام بعد إنتخبت نائبة في مجلس الشعب عن دائرة قسم الخليفة لعدة دورات: 1971. 76. 79. 84. 87. 1990 وانتخبت وكيلاً للجنة الثقافية والإعلام والسياحة بمجلس الشعب من 1984 إلي 1987 ثم رئيساً للجنة عام 2001 حتى عام 2005 " وكانت آخر أغنياتها عام 1998 عن "توشكي" تلحين عبدالعظيم محمد