لماذا أخفى وزير الدفاع الأمريكي دخوله المستشفى عن بايدن؟.. ودهشة خبراء لتأخر البنتاجون في الكشف عن حالة أوستن الصحية.. واستهداف القواعد العسكرية الأمريكية 6 مرات في ظل غياب قائدها
لا تزال إدارة الرئيس جو بايدن عاجزة عن كشف سبب انتظار وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن 4 أيام لإبلاغ البيت الأبيض وقادة الكونجرس والشعب الأمريكي بدخوله المستشفى، ووضعه في وحدة العناية المركزة بمركز "والتر رييد" العسكري في حي بيسازدا بمقاطعة مونتغومري بولاية مريلاند المجاورة للعاصمة واشنطن.
ويصرّ البيت الأبيض على أن الرئيس جو بايدن، الذي لم يعلم أن أوستن نُقل إلى المستشفى إلا بعد 3 أيام من دخوله، لا يزال لديه ثقة كاملة فيه.
وقال البيت الأبيض إن الرجلين أجريا محادثة "ودية" مساء السبت الماضي، قام فيها بايدن بإخبار أوستن أنه يتطلع إلى عودته للعمل.
وقال مسؤولون كبار في البيت الأبيض أمس الأحد إن "طبيعة حالة أوستن الطبية لا تزال لغزا للعديد من كبار العاملين في البيت الأبيض"، لكنهم أضافوا أنه من غير المرجح أن يؤثر الوضع على رأي بايدن الإيجابي في وزير دفاعه.
ودخل أوستن وحدة العناية المركزة في المستشفى بعد مضاعفات من جراحة أجريت له يوم 22 ديسمبر الماضي، حسبما قال مسؤولو البنتاجون.
مركز والتر رييد العسكري
علاقة خاصة
ولا يُعرف وجود أية خلافات سابقة بين بايدن وأوستن، ويتمتع الأخير بعلاقة خاصة بالرئيس لصداقة الوزير السابقة مع ابن بايدن الراحل بو، حيث كان الاثنان يحضران بانتظام القداس الكاثوليكي أثناء خدمتهما العسكرية في العراق.
وتشير تقارير إلى أن بايدن، وربما بحكم عمره الكبير إذ يبلغ 81 عاما، يرى أنه يجب السماح بالخصوصية وعدم الشفافية الكاملة في بعض المسائل الشخصية حتى بالنسبة للمسؤول العام الرفيع المستوى. لهذا يرجّح أن يتعاطف بايدن مع تستّر أوستن على حالته الصحية وعدم الإقدام على أي إجراءات عقابية مثل الإقالة أو الانتقاد العلني، على الرغم من الأزمة التي تسبب فيها بالأساس غياب الشفافية من جانب الوزير أوستن.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار مسؤول سابق بالبنتاجون، تحفظ على ذكر هويته، إلى أن اختيار الرئيس بايدن الجنرال المتقاعد لويد أوستن قبل 3 سنوات كان اختيارا عاطفيا بالأساس لإرضاء صديقه النائب الديمقراطي الأسود عن ولاية كارولينا الجنوبية جيمس كلايبورن، الذي قام بدور كبير في ترجيح كفة بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب في الانتخابات السابقة.
وأضاف المسؤول أن كلايبورن غضب من بايدن لعدم ترشيحه أي شخص أسود ضمن فريقه الوزاري الجديد قيد التشكيل آنذاك، مما استدعى مسارعة بايدن لاختيار سيدة ورجل من الأميركيين الأفارقة لشغل منصب سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة ومنصب وزير الدفاع. و"في الواقع يدرك العاملون في البنتاغون أن الجنرال أوستن يفتقد اللياقة والثقة اللازمة لشغل أكبر منصب عسكري في البلاد".
الشفافية المفقودة
وضاعف من دهشة الخبراء والمعلقين من تأخر البنتاجون في الكشف عن حالة أوستن الصحية، ما يقدم عليه الوزراء الأمريكيون تجاه القضايا الصحية المتعلقة بهم، فعندما أجرى وزير العدل ميريك غارلاند عملية جراحية في عام 2022، على سبيل المثال، أصدرت وزارة العدل بيانا مفصلا بشأن الإجراء والتشخيص الطبي الذي تطلب ذلك، بما في ذلك المدة التي ستستمر فيها الجراحة والفترة التي سيمكث غارلاند فيها بالمستشفى بعد ذلك.
وفي أغسطس 2022، أصدر أوستن بيانا في اليوم الذي ثبتت فيه إصابته بفيروس كورونا، حيث قدم تفاصيل عن إصابته، وعن اتصال الرئيس بايدن به للاطمئنان على حالته الصحية.
وفي حديث للجزيرة نت، قالت خبيرة في الشؤون الأميريكية، تحفظت عن ذكر هويتها، إن "غياب الشفافية من قبل الجنرال أوستن عن طبيعة حالته الصحية يرتبط بغياب الثقة بالنفس بالدرجة الأولى، وعدم رغبته في الظهور بالضعف الناتج عن المرض، مما يعتبر غريزة إنسانية بالأساس، لكن هذا لا يتفق مع التقاليد السياسية في إدارات الحكم الأميركية خاصة في المناصب العالية والحساسة في مجال الأمن القومي".
البنتاغون من دون قائد
وجاء دخول أوستن المستشفى متزامنا مع قضاء نائبته كاثلين هيكس عطلة عائلية في جزيرة بورتريكو بالبحر الكاريبي، وذلك وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وخلال وجوده بوحدة العناية المركزة، شنت الولايات المتحدة غارة جوية قتلت على إثرها زعيم أحد الفصائل المدعومة من إيران في بغداد، حيث كانت القواعد العسكرية الأمريكية هدفا للهجمات 6 مرات على الأقل خلال الأيام السابقة.
كذلك تدرس إدارة بايدن خيارات لضرب الحوثيين باليمن بسبب هجماتهم المستمرة على السفن في البحر الأحمر ردا على عدوان إسرائيل على قطاع غزة
ودفع ذلك النائب الجمهوري مايك والتز، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، لشن هجوم كبير على الوزير أوستن والرئيس بايدن.
وقال والتز في سلسلة تغريدات على موقع إكس "مَن كان يتواصل مع مجلس الأمن القومي بشأن التهديدات المستمرة ضد جنودنا في الشرق الأوسط؟ لا أعرف ما إذا كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن سلسلة القيادة لم تكن موجودة حرفيا لعدة أيام، أو أن البيت الأبيض على ما يبدو لا يتواصل إلا قليلا مع البنتاغون لدرجة أن أحدا لم يلاحظ وزير الدفاع المفقود في وقت نشهد فيه حربين كبيرتين".
من ناحية أخرى، أكد المتحدث باسم البنتاجون بات رايدر أن أوستن "ليس لديه أي خطط للاستقالة" بسبب الحادث. وليس من الواضح متى سيخرج من المستشفى وزير الدفاع البالغ من العمر 70 عاما، وهو جنرال متقاعد خدم 41 عاما في الجيش الأمريكي.
من جانبه، قال أوستن في بيان صدر السبت الماضي إنه "في تحسن، ويتطلع إلى العودة إلى البنتاجون قريبا"، وأضاف "أتفهم أيضا مخاوف وسائل الإعلام بشأن الشفافية، وأدرك أنه كان بإمكاني القيام بعمل أفضل لضمان إطلاع الجمهور بشكل أفضل" على وضعي الصحي.